لكرابة واحد من أحياء مدينة عين بني مطهر و أقدمها على الإطلاق، يعود بناؤه إلى عشرينيات القرن الماضي، قطنته العديد من الأسر التي تحولت بشكل تدريجي إلى أحياء أخرى بالمدينة فيما غادر البعض الآخر البلدة بشكل نهائي، هو اليوم ظاهرة بكل المقاييس، يعيش واقعا لن نختلف اليوم على توصيفه، عنوانه البارز البؤس والتهميش في أبشع صوره، وأنت تتجول مرغما بين أزقته ودروبه التي لا تحمل من الكلمة سوى الاسم ، تستوقفك تلك البنايات المهترئة و الجدران المتآكلة التي قد تتهاوى وتسقط على رؤوس ساكنيها في أية لحظة، فالساكنة بهذا الحي تعيش هواجس عديدة، وأنت تحاورهم و تحاول انتزاع كلمات منهم تستشعر حجم الخطر الذي يتهددهم خاصة وأن الحي يقع على مسافة أمتار من الدائرة السقوية ٍرأس العين ، فيما بعض الدور أو الكهوف إن جاز لنا وصفها، أصبحت قبلة لبائعات الهوى اللائي يفدن على هذا الحي من عدد من المدن المغربية في دعارة عابرة مرتبطة بحجم الحملات الأمنية التي تقوم بها مصالح الشرطة بعين بني مطهر، والتي تعمل وفق إمكانياتها البشرية ، للحد من الظاهرة التي أصبحت لصيقة بهذا الحي الذي هو اليوم ضحية تجاذبات لا مبرر لوجودها ولا حتى لاستمرارها بهذا الشكل، خاصة في ظل هذا الواقع اللانساني الذي تعيشه ساكنة حي لكرابة أو فيلاج نيكر، الاسم القديم الذي كان يحمله، والذي تحول إلى بؤرة خصبة لممارسة الدعارة من نساء دفعتهن الحاجة إلى بيع أجسادهن من أجل دريهمات لا تغني و لا تسمن من جوع رغم المخاطر الصحية التي تتهدد كل من يلج هذا الماخور والذي قد ينهي حياة إنسان من أجل متعة عابرة، كما أن الحديث عن مأساة حي لكرابة يقودنا بالدرجة الأولى إلى التساؤل عن مآل مشروع إسكان قاطنيه والذي مر على إقراره ما يزيد عن خمس سنوات دون أن ينجز ولو جزء بسيط منه رغم أن الاعتمادات المالية المرصودة متوفرة وكذا الأرض التي سيقام عليها المشروع. بل الأكثر من هذا أن إحدى المقاولات شرعت في حفر الأساسات قبل أن تتوقف عن الأشغال وتغادر بصفة نهائية ليبقى السؤال قائما حول الأسباب الحقيقية وراء تعثر المشروع وعن مصير مشروع إعادة إسكان قاطني حي لكرابة والذي كان محور سؤال كتابي من النائب البرلماني عن دائرة جرادة المختار راشدي إلى وزير الداخلية، ناهيك عن عدد من المراسلات التي رصدت الواقع المر لهذا الحي. توقف إذن المشروع وتستمر معه المأساة والمعاناة التي تعيشها الساكنة مكرهة في ظل غياب بديل يأخذ بعين الاعتبار وضعيتها الاجتماعية، والتي تطالب بحقها في سكن لائق يحفظ لها أدميتها و يصون كرامتها ويخرجها من واقع هو اليوم منبوذ ومحط إدانة من الجميع. فهل تنتصر الحكمة والمسؤولية في إعادة الروح إلى هذا المشروع الاجتماعي، أم أن الأمر سيبقى على ما هو عليه بإدامة المأساة، وعلى متضرري الحي الإكثار من الدعاء ليفرج الله همهم و يخلصهم من منتخبين لا يحسنون سوى صناعة الألم وتبرير المأساة.