الاعتداء الجنسي على الأطفال، موضوع كان يعتبر الى عهد قريب من الطابوهات المحرم الحديث عنها والخوض فيها. فيما أصبحت محاربتها اليوم من بين الأولويات الواجب مواجهتها بحزم لإعادة البسمة والثقة لفئة كبيرة من طفولتنا تجد نفسها عاجزة عن حماية نفسها سواء. وبالرغم من أن القانون صريح في باب الاعتداء على الطفولة، فإن مجموعة من العائلات لاتمتلك الشجاعة للتبليغ عن عمليات الاعتداء الجنسي التي يتعرض لها أطفالهم، بحيث قليلا ما يلاحظ بين الفينة والأخرى بعض القضايا المحالة على المحاكم والمتعلقة بجرائم اغتصاب ارتكبت ضد أطفال من دون تمييز بين ذكر أو أنتى. وإذا كانت الاحصائيات الرسمية حول ظاهرة استغلال الاطفال جنسيا بالمغرب تبين ان المغرب لايواجه بهذا الخصوص ما يمكن ان يسمى بظاهرة او اشكال مهيكل له ابعاد خطيرة وأن الأمر يتعلق بحالات منفصلة فيما بينه، فإن خطر انتشار الظاهرة لا يمكن التغاضي عنه، فجدار الصمت الذي يحيط بهذا الواقع يخفي مآسي ومعاناة تظل جراحها عالقة بأذهان الضحايا ولا ينكشف الأمر إلا عندما يواكب الاعتداء فعل إجرامي كالاعتداء الجسدي أو القتل مثلا. ظاهرة الاعتداء الجنسي على القاصرات اتخدت طابعا آخر، للسادة الولاة والمسؤولون الأمنيون اليد الطولى في تفشي الظاهرة ولو بشكل غير مباشر. فعلى امتداد مجموعة من المدن المغربية وبشكل خاص مدينة الدارالبيضاء تنتشر مقاهي الشيشة بشكل لافت للانتباه، أن تذخن الشيشا أو لا هذا نقاش آخر، لكن أن تصبح هذه المقاهي أو الحفر إن صح التعبير مجرد فضاءات لتجمع القاصرات والممارسات الشادة تحت حراسة مشددة، أن تصبح بعض هذه الفضاءات مجرد أماكن «لتأهيل !» التلميذات ورسم طريق الدعارة لهم فهذه هي الطامة الكبرى. من الحكايات التي كنت شاهدا عليها شخصيا، ما عاشته إحدى الأسر البيضاوية من معاناة بعد أن تم اكتشاف أن ابنتهم ذات الخمسة عشر ربيعا من رواد مقاهي الشيشة، لم يتم اكتشاف الأمر إلا بعد أن غابت عن المنزل لأزيد من أسبوع وعندما تحرك الأخ للبحث عنها لم يكن يدري أنه سيكتشف عالما غريبا كانت ترتاده شقيقته. كانت هي وزميلات لها من المواضبات على الحضور يوميا إلى إحدى هذه الحفر، سمع قصص مغامراتها.. صعق في أول الأمر إلا أنه واصل البحث ليتوصل إلى أن أخته وصديقة لها يعيشان مع مجموعة من المشردين في إحدى البنايات المهجورة، تربص بها وقادها قسرا إلى المنزل ومن تم إلى المصحة، وبطبيعة الحال اكتشف أنها فقدت عذريتها وأنها تعرضت لاغتصاب جماعي، لاتعرف بالضبط هوية هؤلاء الذين قضت معهم تلك الفترة، لم ينتشر الخبر بكل تفاصيله بين العائلة، فضل الكتمان على «الفضيحة». طفلات قاصرات يغرر بهم في هذه الحفر وتحت حراسة أمن خاص جدا، تلميذات وطالبات يرسمن طريقا لحياتهن بعيدا عن أعين الأسرة وتحت رقابة أعين الأجهزة الأمنية إنه عالم خاص جدا يؤسس لوضع اجتماعي لابد أن تكون له تبعات سلبية في المستقبل القريب...
