أعلن جلالة الملك محمد السادس أمس في خطاب العرش بمناسبة الذكرى 15 لاعتلاء العرش عن إطلاق ورش جديد، وكبير. إنه ورش التقييم، والحكم على مدى تأثير الأوراش التي جرى إطلاقها منذ 1999 على المواطن. انطلاقا من المبدأ المنصوص عليه من قبل جلالة الملك " من الطبيعي أن يتساءل الإنسان مع نفسه، في كل مرحلة من حياته، فإن إجراء هذه الوقفة مع الذات، تعد ضرورية بالنسبة لخديمك الأول، الذي يتحمل أمانة أكثر من 35 مليون مغربي". أعلن جلالة الملك عن قرار "وقفة مع الذات". وقد أشار جلالة الملك إلى أن نموذج التنمية المغربي قد بلغ "درجة من النضج، تؤهلنا لاعتماد معايير متقدمة وأكثر دقة، لتحديد جدوى السياسات العمومية، والوقوف على درجة تأثيرها الملموس على حياة المواطنين". وبعد أن ذكر بما يهم جلالته "لا تهمني الحصيلة والأرقام، فقط، وإنما يهمني قبل كل شيء التأثير المباشر والنوعي، لما تم تحقيقه من منجزات، في تحسين ظروف عيش جميع المواطنين"، ودعا جلالة الملك المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بتعاون مع بنك المغرب، ومع المؤسسات الوطنية المعنية، وبتنسيق مع المؤسسات الدولية المختصة، للقيام بدراسة لقياس القيمة الإجمالية للمغرب، ما بين 1999 ومتم 2013. "وقفة وطنية" جديدة مع الذات بعد مثيلتها لسنة 2005 التي توجت بتقرير الخمسينية الذي مكن من "تقييم المنجزات، وتحديد الاختلالات، ومعرفة مستوى التطلعات، منذ بداية عهد الاستقلال، بهدف وضع سياسات عمومية أكثر نجاعة". بهذا القرار، المعلن في مناسبة رمزية للغاية تتمثل في خطاب العرش، جدد جلالة الملك تأكيد الإرادة المستمرة لجلالته، لضمان أن ما تحقق من إنجازات في التنمية والتحديث وخلق الثروة لصالح جميع المواطنين في جميع مناطق المملكة. وليس هناك طريقة أفضل لقياس مدى تأثير هذه الإنجازات على الحياة اليومية للمغاربة من إجراء تقييم شامل مع مقاربة علمية موضوعية بتشاور مع المؤسسات الوطنية والتعاون مع المنظمات الدولية. التقييم الذاتي مع جميع مقومات النجاح التي من شأنها أن تسمح بالدقة والمصداقية. هذا يعني أنه لا ينبغي الاقتصار على تقييم الوضع الراهن، بل استخلاص النتائج لتأمين سير البلاد نحو مزيد من الازدهار. وأكد جلالة الملك أنه "وحتى لا يبقى التقرير الختامي لهذه الدراسة حبرا على ورق، أو مادة للاستهلاك الإعلامي فقط، فقد قررنا أن يتم نشره على أوسع نطاق، داعين الحكومة والبرلمان، وكل المؤسسات المعنية، والقوى الحية للأمة للانكباب على دراسة التوصيات البناءة التي يتضمنها، والعمل على تفعيلها". معلوم أن المغرب حقق قيمة إجمالية وحدد ما يجب القيام به كسياسات عامة لتعميم "استفادة جميع المغاربة من ثروات وطنهم". إنه الغرض من هذه الدراسة التي يرغب فيها جلالة الملك "وقفة تأمل وتساؤل مع الذات، بكل صراحة وصدق وموضوعية، حول ما طبع مسيرتنا من إيجابيات وسلبيات، للتوجه نحو المستقبل، بكل ثقة وعزم وتفاؤل". لا مجال للشك في اختيارات الوطن، فقد أكد جلالة الملك أن هذا النهج والاستقراء والتساؤلات المرغوب في الجواب عنها "لا يعني الشك أو التردد، أو عدم وضوح الرؤية، بل على العكس من ذلك، فطريقنا واضح، واختياراتنا مضبوطة. فنحن نعرف أنفسنا، ونعرف ماذا نريد، وإلى أين نسير". إن الرؤية المعتمدة واضحة، والاختيارات ذات جدوى، والإنجازات مؤكدة، والرغبة هي بلوغ أداء أفضل عبر نهج عملي وعلمي. إنها مقاربة تؤكد من جديد المنهجية البراغماتية لجلالة الملك، التي تهدف إلى التقدم بخطوات واثقة نحو الأهداف المسطرة عبر المشروع المجتمعي، الذي يدعمه جلالة الملك بضمان تحسين العمليات وتسريع الوتيرة.