إسرائيل تقصف مخازن مساعدات بالجانب الفلسطيني من معبر رفح    "حماس" توافق على المقترح المصري القطري لوقف إطلاق النار مع إسرائيل    الضريبة على الدخل برسم الأرباح العقارية: إمكانية طلب الرأي المسبق للمديرية العامة للضرائب    شركة "OLA Energy Maroc" توقع اتفاقية جديدة لمزج زيوت التشحيم في المغرب لعلامة "Mobil"    ارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر في المغرب ب56,2% عند متم مارس 2024    مرصد: الحكومة جعلت من الحوار الاجتماعي مؤسسة منتجة للقرارات والمكتسبات والإصلاحات    بسبب تصرفات مشينة وعنيفة.. تأجيل محاكمة محمد زيان في قضية اختلاس أموال الحزب الليبرالي    الفيفا تصدر أول تصنيف عالمي لمنتخبات الفوتسال.. وأسود الأطلس في المرتبة السادسة عالميا    لاعبين الزمالك كاعيين قبل الفينال ضد بركان ومدربهم كيحاول يكالميهم    ماكرون يطالب بمشاركة مبابي في أولمبياد باريس    عاجل.. القضاء يعزل رئيس الرجاء محمد بودريقة من رئاسة مقاطعة مرس السلطان    ملف "التوظيف مقابل المال".. دفاع اليملاحي يلتمس السراح المؤقت والقاضي يؤجل الجلسة    المحرشي ..الخياط لي عندو قصر فالرباط رجع من الغربة وبغا يدير وساطة والتمس من الحكومة دير حل لإضرابات طلبة الطب: وها كيفاش تجاهلو وزير الصحة    وفاة المقدّم التلفزيوني الفرنسي الشهير برنار بيفو    تطويق أمني بالعاصمة يحول "مسيرة الصمود" لأطباء الغد إلى "وقفة الحشود"    عن اللغة الأمازيغية في البطاقة الوطنية والوثائق الإدارية    البرجاوي للدار: حكومة اخنوش تمكنت من إرساء الركائز القانونية والمؤسساتية واللوجستيكية للدولة الاجتماعية    ارتفاع حصيلة قتلى الفيضانات في البرازيل إلى 83    إسرائيل تغلق مكتب الجزيرة وألمانيا تنتقد القرار    حصيلة منجزات وكالة بيت مال القدس فاقت 13,8 مليون دولار خلال الخمس سنوات الأخيرة    تطوان: إطلاق طلب عروض لإنجاز منطقة الأنشطة الاقتصادية والحرفية "كويلمة"    الضمان الاجتماعي الإسباني يتحاوز عتبة 21 مليون منتسب    بلقصيري: أجواء افتتاح مهرجان سينما المرأة والطفل في دورته الأولى    اختتام القمة ال15 لمنظمة التعاون الإسلامي باعتماد إعلان بانجول    هذه تفاصيل موجة الحرارة المرتقبة في المغرب ابتداء من يوم غد الثلاثاء    وثائقي فريد من وزارة الثقافة والتواصل يبرز 6 ألوان فنية شعبية على ضفاف وادي درعة    اللي كيمشي لطريفة وعزيز عليه الطون والسربيسة والسينما: ها مهرجان وها الافلام المغربية المعروضة فيه    إضراب جديد يشل محاكم المملكة    لأول مرة.. تاعرابت يحكي قصة خلافه مع البرازيلي "كاكا"    بسبب الهلال.. لجنة الانضباط تعاقب فريق الاتحاد السعودي وحمد الله    تسجيل بقوة 2.5 درجات على سلم ريشتر بإقليم تاونات    مبادرة التنمية البشرية تمول 4174 مشروعا بأكثر من ملياري درهم بجهة طنجة    المغرب يحتضن الدورة 16 للبطولة الإفريقية للدراجات الجبلية    حماة المال العام: "حفظ طلبات التبليغ عن الجرائم من شأنه أن يوفر الحصانة لمتهمين متورطين في مخالفات جنائية خطيرة"    الدوري الإسباني .. النصيري يواصل تألقه    أسعار النفط العالمية تعود إلى الارتفاع    تفاصيل جديدة حول عملية نقل "درب عمر" إلى مديونة    بعشرات الصواريخ.. حزب الله يستهدف قاعدة إسرائيلية في الجولان    الذهب يصعد وسط توترات الشرق الأوسط وآمال خفض الفائدة في أمريكا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    وفاة مدرب الأرجنتين السابق لويس مينوتي بطل مونديال 1978    مهرجان الجونة السينمائي يفتح باب التسجيل للدورة السابعة من "منصة الجونة السينمائية"    "الثّلث الخالي" في القاعات السينمائية المغربية إبتداء من 15 ماي الجاري    دراسة: السجائر الإلكترونية قد تسبب ضررا في نمو الدماغ    المشاهد الجنسية في أفلام هوليوود تراجعات بنسبة 40% وها علاش    فيدرالية ارباب المقاهي تنفي الاتفاق على زيادة اثمان المشروبات وتشكو ارتفاع الأسعار    باحثة: الضحك يقدر يكون وسيلة واعرة لعلاج الناس    رأي حداثي في تيار الحداثة    دراسة مواقف وسلوكيات الشعوب الأوروبية تجاه اللاجئين المسلمين التجريد الصارخ من الإنسانية    اعتصامات طلاب أمريكا...جيل أمريكي جديد مساند لفلسطين    دراسة حديثة تحذر المراهقين من تأثير السجائر الإلكترونية على أدمغتهم    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    جواد مبروكي: الحمل والدور الحاسم للأب    منظمة تدعو لفتح تحقيق في مصرع عامل بمعمل تصبير السمك بآسفي    الأمثال العامية بتطوان... (589)    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدخول المدرسي، العيد، رمضان، العطلة... مناسبات تؤزم وضعية الأسر المغربية ماديا
شركات السلف تشجع على الاقتراض بواسطة إعلانات تكون غالبا خادعة
نشر في المساء يوم 06 - 10 - 2010

تتخوف الكثير من الأسر المغربية من عدم قدرتها على تغطية المصاريف، التي يحتاجها الدخول المدرسي بعد تصادفه مع ثلاث مناسبات أخرى ارتبطت فيما بينها خلال هذه السنة،
ففي ظرف لا يتعدى ثلاثة أشهر اجتمعت أربع مناسبات في فترات متقاربة، وهو ما جعل صيف وبداية خريف هذه السنة أكثر صعوبة مقارنة بما كان عليه الحال في الأعوام الماضية.إذ لن تكتفي الأسر المغربية ذات الدخل المحدود برصد ميزانية خاصة لتغطية مصاريف العطلة الصيفية التي ابتدأت في يوليوز، بل انضافت إليها في شهر غشت مناسبة أخرى تتطلب من الأسر دعما خاصا، سواء ماديا أو معنويا، فرمضان المبارك هو الشهر الذي ينفق فيه المغاربة أكثر من أي شهر آخر من السنة، كما أن الاستعداد لحلول عيد الفطر يستوجب مزيدا من الإنفاق، خصوصا عند شراء ألبسة جديدة للأطفال، إضافة إلى أن تزامن هذه المناسبات مع الدخول المدرسي زاد من حسابات العائلات ذات الدخل المحدود وحتى المتوسط أمام غلاء الأدوات والكتب المدرسية التي تتغير من سنة إلى أخرى.
وأمام هذه الوضعية نجحت شركات التمويل والبنوك في تشجيع المغاربة على اللجوء إلى الاقتراض مدفوعين بالارتفاع الكبير لأسعار المواد الاستهلاكية مقابل استقرار المداخيل، ومعتمدين على إعلانات تكون في الغالب خادعة.
مبادرة ال«مليون محفظة»
سيكون من حظ أربعة ملايين تلميذ خلال الدخول المدرسي 2010 - 2011 الاستفادة من مبادرة «مليون محفظة»، حيث تم تحيين العملية خلال هذه السنة بإضافة 300 ألف محفظة، بعدما لم يكن العدد يتعدى3.7 ملايين محفظة في 2009، بغلاف يفوق 437 مليون درهم، في حين لم يتم توزيع سوى مليون حقيبة خلال انطلاق المبادرة في عام 2008، وبالتالي تعتبر المبادرة- رغم ما شابها من اختلالات خلال السنتين الماضيتين مثل عدم توصل العديد من التلاميذ الفقراء بالمدن والقرى بمحافظهم، وكذا تمايز جودة بعض المحفظات من منطقة لأخرى- متنفسا للعائلات المستفيدة من تأزم ميزانيتها جراء اجتماع أربع مناسبات في فترة وجيزة. ويبلغ الغلاف المالي المخصص للمبادرة خلال هذه السنة حوالي 400 مليون درهم، ويتميز الدخول المدرسي 2010-2011 بتوسيع دائرة المستفيدين لتشمل تلاميذ السنة الثانية والثالثة إعدادي بالعالم القروي، الذين سيستفيدون لأول مرة خلال هذه السنة، و كذا توفر محفظة المبادرة، التي انطلقت منذ 3 سنوات، على طاقم مدرسي كامل يتضمن محفظة تضم الأدوات المدرسية الأساسية والكتب المدرسية المقررة لفائدة كل التلاميذ المسجلين بالسنة الأولى من التعليم الابتدائي بالمؤسسات التعليمية العمومية.
كما سيتم توفير الكتب المقررة والأدوات المدرسية الأساسية للتلاميذ المسجلين من السنة الثانية للتعليم الابتدائي إلى السنة الثالثة من التعليم الإعدادي بالمؤسسات التعليمية العمومية في المناطق القروية، فضلا عن توفير الكتب المقررة للتلاميذ المسجلين من السنة الثانية للتعليم الابتدائي إلى السنة السادسة ابتدائي بالمؤسسات التعليمية العمومية في المناطق الحضرية.
وحسب تقديرات وزارة التربية الوطنية، فإن ثمن المحفظة الواحدة التي تحتوي على الأدوات والمقررات الدراسية يبلغ 174 درهما بالنسبة إلى تلميذ في السنة الثانية ابتدائي، وحوالي 302 درهم لتلميذ في السنة الثالثة. ورغم أن الهدف المعلن من هذه العملية هو تشجيع التمدرس وتوفير جميع الشروط الداعمة للإقبال على الدراسة، فإن تخفيف العبء عن العائلات المعوزة يبقى أهم ما جاءت به هذه المبادرة.
ويؤكد مسؤولو الوزارة الوصية أن ما على آباء وأولياء تلاميذ التعليم الابتدائي والسنة الأولى والثانية والثالثة إعدادي بمؤسسات التربية والتعليم العمومي سوى أخذ المعطيات والمستجدات المذكورة بعين الاعتبار قبل اقتناء لوازم الدخول المدرسي ومراجعة الإدارة التربوية للمؤسسات التعليمية بهذا الشأن عند الضرورة.
مصائب قوم عند شركات السلف فوائد
تؤكد خديجة، وهي أم لثلاثة أطفال متمدرسين، أن رمضان والدخول المدرسي والعيد خلطت الكثير من الحسابات، «فبعد التجهيز لرمضان قررنا أن نشتري ألبسة للأطفال وخيرناهم بين ارتدائها يوم الدخول المدرسي أو يوم العيد، أما أن نشتري ملابس متعددة للمناسبتين معاً، فهذا أمر مستحيل وليست لنا القدرة على ذلك». وبالمقابل أكد زوجها أن مرتبه الشهري الهزيل «لا يكفي للأيام العادية فما بالك بتزامن ثلاثة أحداث مع بعضها: رمضان والدخول المدرسي والعيد، دون ذكر العطلة الصيفية، التي لم ينعم بها أبناؤنا لأننا لم نسافر إلى أي جهة، نظرا لتزامنها مع الشهر الكريم»، وهو ما يدفعه مرغما إلى الاستفسار عن أحسن العروض التي تقدمها شركات السلف، خصوصا خلال هذه الفترة من السنة.
وبسبب ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والمواد الأساسية وتوالي المناسبات، التي تتطلب ميزانيات استثنائية، بدءًا بالعطلة الصيفية، مرورًا بشهر رمضان وعيد الفطر، وانتهاء بالموسم الدراسي، خصوصًا لدى الطبقتين الفقيرة وحتى المتوسطة، والتي تمثل الأغلبية الساحقة من الشعب المغربي، يلتجئ المغاربة خلال هذه الفترة إلى الاقتراض من أجل سد العجز في الميزانية المتهالكة أصلا للأسر، وهي الوضعية التي تساهم في زيادة أرباح شركات القروض، حيث يشير محمد بنقدور، رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلكين بالمغرب، إلى أن العديد من الأسر اتجهت خلال السنوات الأخيرة نحو قروض الاستهلاك تعويضا عن نقص الأجور وغلاء الحياة اليومية، وصعوبة مواجهة مصاريف ضرورية على الخصوص في مجال التعليم والتطبيب والمواسم الدينية كرمضان وعيدي الفطر و الأضحى.إذ تجد العائلات نفسها مضطرة للجوء إلى القروض الاستهلاكية لتحقيق نوع من التوازن بين ضعف مقدرتها الشرائية وغلاء الحياة اليومية. ومع إقبال العائلات على هذه القروض تعددت شركات السلف، حيث بلغ عددها حاليا أكثر من 20 شركة متخصصة في قروض الاستهلاك. وقد وجدت هذه الأخيرة في ظل هذا الواقع فرصة مواتية لتوسيع أشكال الاقتراض بأسعار فائدة مرتفعة جدا تفتح لها الباب واسعا من أجل الزيادة في أرباحها، تماشيا مع مقولة «مصائب قوم عند قوم فوائد»، وهو ما يلاحظ عند الإعلان عن النتائج السنوية لشركات التمويل حيث تزداد أرباحها سنة بعد أخرى.
80 مليار درهم وزعتها شركات التمويل
ارتفع جاري مبلغ القروض الموزعة من طرف شركات التمويل خلال السنة الماضية بنسبة 9,9 في المائة ليصل إلى ما يقارب 80 مليار درهم. ولا تزال شركات القروض الاستهلاكية وشركات القرض الإيجاري تشكل أكبر مانح لهذه القروض، إذ بلغت حصصها51,5 في المائة و 45,2 في المائة على التوالي، منها 24 مليار درهم قروض شخصية مقابل 21 مليار درهم في 2008، بارتفاع 12 في المائة، حسب إحصائيات بنك المغرب. ونتيجة تباطؤ وتيرة نمو استهلاك الأسر، سجلت القروض الممنوحة من طرف شركات القروض الاستهلاكية، التي بلغت 41 مليار درهم سنة 2009، ارتفاعا بنسبة 7,1 في المائة مقابل 14,8 في المائة سنة قبل ذلك. أما القروض الممنوحة من طرف شركات القرض الإيجاري أو الليزينغ، فقد نمت بنسبة 13,5 في المائة لتبلغ 36 مليار درهم. ورغم مواصلة الديون معلقة الأداء تراجعها الملحوظ منذ سنة 2005، فإنها مازالت تسجل مبالغ مهمة بلغت 31 مليار درهم سنة 2009.
ويشير مصطفى ملسة، الكاتب العام للجمعية المهنية لشركات التمويل، إلى أنه من خلال دراسة قامت بها الجمعية تم استنتاج أن حوالي 70 في المائة من طالبي القروض يريدون أموالا للشراء المباشر، أي عدم تقييدهم بسلف موجه مثل سلفات التجهيز أو السكن... فمنهم من يطلب سلفا شخصيا من أجل شراء سيارة، رغم أن شركات التمويل لديها سلف خاص بالسيارات، وهو ما يحيل على ثقافة «التفاوض في الثمن» لدى المغاربة، أي أخذ الأموال من شركة السلف والتصرف فيها، حسب رغباته. كما أن الزبون لا يقبل على السلفات الخاصة بالتجهيزات المنزلية، ويفضل عليها أخذ قرض شخصي ليتصرف كما يحلو له، أي أن يشتري من المتجر الذي يراه مناسبا، وليس الاقتصار على المتاجر الكبرى التي تفرض نوعا معينا من السلف.
وأرجع ارتفاع أسعار الفائدة في قروض الاستهلاك، التي قد تصل إلى 14 في المائة، عكس القروض العقارية مثلا التي لا تتعدى 6 في المائة، إلى قصر مدة سلف الاستهلاك، الذي لا تتعدى في الغالب السنتين. كما أن بعض شركات التمويل ليست تابعة لأي تتبع مجموعة بنكية، وبالتالي فهذه الشركات تشتري المال وتبيعه بالتقسيط، عكس البنوك، التي تتوفر على السيولة من أجل تنشيطها في سوق السلفات عبر شركات للقروض تابعة لها، وهو ما يجعل نسب الفائدة على قروض الاستهلاك مرتفعة في شركات التمويل غير التابعة لأي بنك.
لا وجود لما يسمى «قرض مجاني»
تقترح شركات التمويل والأبناك على الزبائن في مثل هذه المناسبات قروضا يمكن اعتبارها مغرية بالنظر إلى الإعلانات والإشهارات التي تصاحبها، فهناك شركة للقروض تقترح هذه الأيام سلفا يبلغ 20 ألف درهم يسدد على فترات تصل إلى 24 شهرا، وما على الزبون سوى دفع 833 درهما في الشهر. وبعملية حسابية بسيطة يتبين أن الزبون سيأخذ قرضا بسعر فائدة 0 في المائة. وعندما طرحنا السؤال على مصطفى ملسة، أكد بشكل قاطع أنه ليس هناك شيء اسمه «قرض مجاني»، رغم أن الشركات تموه الزبون على أن الأمر كذلك، بل الصحيح هو أن القرض بهذه المواصفات هو قرض بسعر فائدة قليلة قد لا تتعدى 6 في المائة، لكون الأقساط الشهرية المعلن عنها تنضاف إليها بعض العمولات، وخصوصا مصاريف الملف، وبالتالي إذا انضافت هذه المصاريف غير المعلن عنها في إشهار هذه الشركة على الأقساط الشهرية المعلن عنها، فإن القرض سيكون بفائدة تختلف من شركة إلى أخرى.
ويتراوح سعر الفائدة على القروض والسلفات الخاصة بالاستهلاك ما بين 6 في المائة و14 في المائة، وهو أعلى سعر مرخص له من طرف بنك المغرب حاليا. ورغم أن بعض الشركات تفرض على زبنائها أعلى نسبة مرخص لها وبالتزامات موقع عليها، لكنها غالبا لا تقرأ، فإن الزبون الذي يكون في أمس الحاجة إلى القرض لا يفكر في العواقب التي قد تظهر فيما بعد، فقانون الالتزامات والعقود الذي يعود تاريخه إلى سنة 1913 هو الذي يقنن العملية بين شركة القرض والزبون، حيث يشترط أن يتم القرض بفائدة عبر عقد مكتوب بين الطرفين. ومادام العقد محررا من لدن شركة القرض، فإن هذه الأخيرة تحرص من خلاله على ضمان كل حقوقها، وتضمينه العديد من البنود، التي قد تكون مجحفة وتعسفية وتجعل الزبون تحت رحمتها.
وإذا أراد هذا الزبون الاطلاع على محتوى العقد قبل التوقيع عليه، سيحتاج إلى عدسة مكبرة، حتى يتمكن من التمييز بين الحروف الصغيرة جدا التي كتب بها العقد، والنتيجة أن الزبون سينتهي به المطاف إلى التوقيع على العقد دون الاطلاع عليه. وتلجأ بعض شركات القروض إلى تقنيات تسويقية جديدة للتحايل أكثر على الزبون بهدف إغراقه بالديون لأقصى مدة ممكنة وبفوائد مرتفعة، أهمها إدماج مجموع ديونه في قرض واحد بدعوى أن ذلك سيخفض الأقساط الشهرية، والحال أن تخفيض الأقساط الشهرية لن يتأتى في أغلب الحالات إلا من خلال إطالة مدة سداد الدين.
تدابير جديدة للحد من الاقتراض المفرط
من خلال بحث قامت به، كشفت الجمعية المهنية لشركات التمويل حول «الإفراط في الاقتراض من طرف موظفي القطاع العام» أنه أمام عدم وجود معلومات دقيقة لدى شركات السلف حول مديونية الموظفين، تمكن هؤلاء من شراء العديد من القروض، بل إن من الموظفين من تمكن من أخذ 15 سلفا في آن واحد، حيث فاق مجموع المدفوعات أجره الشهري.
ومن أجل الحد من هذه الظاهرة، عمدت الجمعية، بتنسيق مع الخزينة العامة للمملكة، إلى عقد اتفاقية تخول للطرفين مراقبة مدى احترام الموظف وشركات قروض الاستهلاك لالتزاماتهما مع إمكانية التعرض على الموظف الذي يعاني من «الاقتراض المفرط» إذا ما ثبت أن راتبه قد بلغ حدا أقل من 1500 درهم، وهو الحد الأدنى الذي يجب على الموظف أن يحتفظ به بعد الاقتطاعات الخاصة بالقروض .
وبذلك أصبح مبلغ 1500 درهم منذ بداية شهر يناير 2009 هو الحد الأدنى الذي يجب على الموظف أن يبقى عليه من أجل مصاريفه اليومية والعائلية، بعد الاقتطاعات، بعد أن كان هذا المبلغ لا يتعدى 1000 درهم في السابق، وهو ما اعتبرته الجمعية المهنية لشركات التمويل ضمانا لكرامة الموظف حتى يدبر معيشه اليومي، وبالتالي الحد من ظاهرة «الإفراط في الاقتراض»، الذي يؤدي بصاحبه إلى إضعاف مداخيله والاعتماد المستمر على الاقتراض لتسديد الديون.
من جانب آخر، ستعمل الخزينة العامة للمملكة، التي يخول لها القانون دفع رواتب الموظفين من خلال قاعدة بيانات محينة، متابعة قروض موظفي الدولة والتحقق من التزامات الموظف، وما إذا كانت بذمة الشخص الراغب في الحصول على قرض جديد قروض سابقة، مما يخول لشركات التمويل معرفة البيانات العامة الخاصة بالقروض التي لجأ إليها الموظف، وبالتالي إمكانية التدخل إذا ما تم خرق المقتضيات الجاري بها العمل.
وتشير نشرات الجمعية إلى الانخفاض الهام في عدد الموظفين الذين يعانون من «الإفراط في الاقتراض»، إذ كان عددهم يفوق 80 ألف مقترض يعيشون بما تبقى من أجر لا يزيد عن 500 درهم سنة 1999، فانتقل خلال 2008 إلى أقل من 4500 مقترض بأجر أدنى محدد في 1000 درهم. وتأمل الجمعية أن يقل العدد بعد الرفع من الحد الأدنى للأجر المتبقي إلى 1500 درهم .

وسيط لحل خلافات المستهلك مع شركات التمويل
لحل خلافات النزاع بين المستهلك وشركات التمويل قبل الالتجاء إلى المحاكم، أنشأ بنك المغرب لجنة للوساطة مكونة من أعضاء يمثلون بنوكا ومؤسسات مالية وأعضاء خارج المؤسسات المالية. إذ عينت وسيطا خاصا بالأبناك ووسيطا خاصا بالمؤسسات المالية لقروض الاستهلاك والليزينغ (القرض الإيجاري) مهمته الاقتصار على إيجاد حلول للخلافات، التي من الممكن أن تقع بين هذه المؤسسات المالية وزبنائها قبل اللجوء إلى القضاء.
ويجب أن يعرض الزبون الخلاف مسبقا على شركة التمويل، وفي حال ما لم يتوصل بأي رد خلال 21 يوما، أو كان الزبون غير راض عن الحل المقترح، إذّاك يمكن للمشتكي الاتصال بالوسيط الذي يوجد بمقر الجمعية المهنية لشركات التمويل بحي المستشفيات بمدينة الدار البيضاء، حيث يدرس الملف خلال فترة لا تتجاوز شهرا واحدا وفي سرية تامة، وبعد نهاية دراسة الطلب يقترح الوسيط الحل الذي توصل إليه، وفي حالة ما رفض المشتكي هذه الاقتراحات يمكنه اللجوء آنذاك إلى المحاكم، مع التذكير بأن أتعاب الوسيط مجانية.
وأشار محمد طهراوي، وهو الوسيط الذي عينته الجمعية، إلى أن مؤسسة الوسيط بدأت في استقبال المشتكين ابتداء من شهر يناير المنصرم، حيث تم حل لحد الآن حوالي 50 ملفا عالقا بين شركات التمويل والزبائن، وأهم الشكايات التي توصل بها «الوسيط» تخص بعض الاقتطاعات غير المستحقة ونزاعات حول الأقساط الشهرية أو رفض طلبات الزبون الذي يريد بعض الوثائق من شركات التمويل.
لكن رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلكين بالمغرب له رأي آخر فيما يخص هذه المؤسسة، حيث أشار إلى أن «الوسيط» يجب أن يتفق عليه الطرفان في القضية، أي المشتكي والمشتكى به، وبالتراضي وليس أن يكون معينا من جانب واحد، ألا وهو الجمعية المهنية لشركات التمويل، وبالتالي أخلاقيا، فذلك الوسيط سيكون من جانب الجمعية وليس من جانب المستهلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.