"إغلاق المعبر يعني أن أفقد قدمي الثانية" شهادات لبي بي سي من مرضى ومصابين في رفح    ما الذي قاله مدرب نهضة بركان بعد الانتصار على الزمالك المصري؟    كرة اليد.. اتحاد طنجة يتأهل لربع نهائي كأس العرش    دفاتر النقيب المحامي محمد الصديقي تكشف خبايا مغربية عقب تحقيق الاستقلال    جهاز الإحصاء الفلسطيني: مقتل أكثر من 134 ألف فلسطيني وأكثر من مليون حالة اعتقال منذ نكبة 1948    مدرب بركان يشيد بالفوز على الزمالك    إبراهيم صلاح ينقذ "رين" من خسارة    لقاء لشبيبة حزب التجمع الوطني للأحرار بفاس حول الحصيلة المرحلية للعمل الحكومي    الانفصاليون في كاتالونيا يخسرون غالبيتهم أمام الاشتراكيين بقيادة سانشيز    طقس الإثنين.. أمطار رعدية مع هبوب رياح قوية بهذه المناطق    خلاف مروري بساحل أكادير يتحول إلى جريمة دهس مروعة (فيديو)    بلينكن يحذر إسرائيل من "الوقوع في فخ القتال مع حماس والانزلاق إلى الفوضى إذا لم يكن هناك خطة لحكم غزة في مرحلة ما بعد الحرب"    إقليم العرائش يستعد لاحتضان الدورة الثانية عشرة للمهرجان الدولي ماطا للفروسية    المنتخب المغربي للتنس يتوج بطلا لإفريقيا    رصيف الصحافة: سمك فاسد في "جامع الفنا" يودع 3 أشخاص الحراسة النظرية    الجيش المغربي ونظيره الأمريكي ينظمان الدورة ال20 من مناورات "الأسد الإفريقي"    مطلب ربط الحسيمة بشبكة السكة الحديدية على طاولة وزير النقل    النصيري في ورطة بإسبانيا وعقوبة ثقيلة تنتظره    تفاصيل محاولة فرار "هوليودية" لمغاربة بمطار روما الإيطالي        "إيقاعات تامزغا" يرفع التحدي ويعرض بالقاعات السينمائية الأسبوع المقبل    باريس سان جيرمان يودع مبابي أمام تولوز بالدوري الفرنسي الليلة    وفاة 5 تلاميذ غرقا بأحد شواطئ الجزائر    جيتكس إفريقيا المغرب 2024.. وكالة التنمية الرقمية في خدمة النهوض بالابتكار والتكنولوجيا الجديدة    عاصفة شمسية قوية تنير السماء بأضواء قطبية في عدة دول    حل مجلس الأمة الكويتي: إنقاذ للبلاد أم ارتداد عن التجربة الديمقراطية؟    وفاة أول مريض يخضع لزرع كلية خنزير معدل وراثيا    أسعار الطماطم تقفز بأسواق المغرب .. ومهنيون: تراجع الإنتاج وراء الغلاء    معرض الكتاب.. لقاء يحتفي بمسار الأديب أحمد المديني    افتتاح فعاليات الدورة الثالثة للمعرض الدولي للأركان بأكادير    "أسبوع القفطان".. فسيفساء من الألوان والتصاميم تحتفي بعبق الزي المغربي    "كوكب الشرق" أم كلثوم تغني في مهرجان "موازين" بالرباط    توقعات أحوال الطقس غدا الاثنين    الدرهم يرتفع بنسبة 0,44 في المائة مقابل الأورو    زلزال بقوة 6.4 درجات يضرب سواحل المكسيك    اليوتوبر إلياس المالكي يمثل أمام النيابة العامة    الصويرة : دورة تكوينية لفائدة أعوان التنمية بمؤسسة إنماء    المغرب الفاسي يبلغ نصف النهائي بفوزه على المغرب التطواني    الحسيمة تحتضن مؤتمر دولي حول الذكاء الاصطناعي    الإمارات تستنكر دعوة نتنياهو لها للمشاركة في إدارة غزة    طانطان.. البحرية الملكية تقدم المساعدة ل59 مرشحا للهجرة غير النظامية    عرض "قفطان 2024" في نسخته الرابعة و العشرين بمراكش    ورشة حول التربية على حقوق الانسان والمواطنة    مذكرة توقيف تلاحق مقدم برامج في تونس    بعد إلغاء حفل توقيع رواياته.. المسلم يعد جمهوره بجولة في المدن المغربية    الصين تطور أول نظام للهيدروجين السائل المركب بالسيارات من فئة 100 كيلوغرام    مركز متخصص في التغذية يحذر من تتناول البطاطس في هذه الحالات    ماذا يقع بالمعرض الدولي للكتاب؟.. منع المئات من الدخول!    النخبة السياسية الصحراوية المغربية عنوان أطروحة جامعية بالقاضي عياض    عائلات "المغاربة المحتجزين بتايلاند" تنتقد صمت أخنوش وبوريطة    الأمثال العامية بتطوان... (596)    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    المغرب يسجل 26 إصابة جديدة ب"كورونا"    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    الأمثال العامية بتطوان... (595)    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المساء تكشف حقيقة الأسباب التي أشعلت النار في مدينة الفوسفاط
السكان يطالبون ب«حصة الأسد» في ثروة مدينتهم والمكتب الشريف للفوسفاط في قفص الاتهام
نشر في المساء يوم 21 - 05 - 2011

ضربة ثانية تلقتها مدينة خريبكة في ظرف لا يزيد عن الشهرين عقب المواجهات التي وقعت، نهاية الأسبوع الماضي، بين قوات الأمن ومستخدمين تابيعن لشركات الوساطة
التي تشتغل مع المكتب الشريف للفوسفاط. وهي المواجهات التي تبادل فيها المحتجون الرشق بالحجارة مع قوات الأمن، فيما التي تم تخريب المجمع الشريف للفوسفاط في مركز التكوين عن آخره بعد أن أضرمت فيه النيران، وإحراق مكتبة عمرها نصف قرن. مرة أخرى اشتعل فتيل المواجهات بعاصمة الفوسفاط. مواجهات دامية بين رجال الأمن، بتشكيلاتهم المختلفة، بعد أن حاولوا تفرقة المعتصمين من عمال شركات المناولة، الذين احتلوا خط السكة الحديدية بعد أن قرروا «الانتحار الجماعي» وأقاموا صلاة الجنازة على أرواحهم بعد أن خاب أملهم في الإدماج بالمكتب الشريف للفوسفاط، الذي كان مقررا أن يتم الحسم فيه يوم الحادث بالرفض أو القبول. المواجهات خلفت إصابة حوالي 200 شخص، منهم رجال أمن ومدنيون، إضافة إلى اعتقال 15 شخصا وجهت لهم تهم ثقيلة.
إلى حدود الثلاثاء الماضي مازالت العديد من سيارات الأمن ترابط بعدة مناطق «حساسة» بعاصمة الفوسفاط خريبكة، خاصة بالقرب من السكة الحديدية التي اعتصم بها، الجمعة الماضي، مئات العمال من شركات المناولة للمكتب الشريف للفوسفاط احتجاجا على ظروفهم الاجتماعية ولحمل المكتب الشريف للفوسفاط على ترسيمهم ورفع أجورهم التي لا تتماشى وموجة الغلاء التي لا تستثني مدينة خريبكة، وهي المطالب نفسها التي جعلت هؤلاء العمال يصلون صلاة الجنازة على أنفسهم تمهيدا للانتحار الجماعي بعد أن احتلوا خط السكة الحديدية، إلا أن محاولتهم في الضغط على الجهات المسؤولة، وفق ما اعتبروه وسيلة للضغط، انقلبت إلى تهمة في حق أحد عشر منهم ممن تم اعتقالهم في اليوم نفسه، إلى جانب أربعة آخرين من خارج الشركات المعنية، بعد أن تحول الاعتصام إلى تراشق بالحجارة واستعمال الزجاجات الحارقة والعصي، بالإضافة إلى أن عددا ممن كانوا بساحة «المواجهة» استعملوا «مقالع» تقليدية من أجل رشق رجال الأمن بالحجارة، والحصيلة إصابة 191 شخصا من قوات الأمن، حسب مصادر أمنية مسؤولة، وعشرات من صفوف المحتجين، الذين لم يجرؤ عدد منهم على التوجه إلى المستشفى لتلقي العلاج مخافة الاعتقال، حسب مصادر شاركت في الاحتجاج، حيث أكدت «نحن أيضا نحمل العديد من الإصابات ولم نتوجه إلى المستشفى لأننا نعلم ما سيعقب ذلك».
مطالب اجتماعية
لم يكن يوم الجمعة (13 ماي 2011) يوما عاديا بالنسبة إلى عمال شركات المناولة بمدينة خريبكة، إذ كانوا يأملون أن يكون يوما يتأبطون فيه الفرحة بدل الحزن والزج بعدد منهم في السجن، لأنهم كانوا ينتظرون رد أحد المسؤولين بالمكتب الشريف للفوسفاط على طلبهم المتمثل في الإدماج والترسيم بمجمع المكتب الشريف للفوسفاط ماداموا يعملون بدون ضمانات في شركات المناولة، حسب تصريح محمد أسد، رئيس جمعية «وحدة الأجير للتنمية الاجتماعية والتضامن»، ل«المساء»، وإخراجهم بالتالي من دائرة الفقر الخانقة التي يعيش فيها أغلب العمال بسبب هزالة الأجور. يقول أسد:«ما قمنا به كان عفويا ولم تكن لنا أي أهداف خارجة عن القانون. عمال شركات المناولة لم يضربوا أحدا ونحن لا علاقة لنا بأعمال التخريب التي وقعت»، مضيفا أن «الرواتب هزيلة جدا، فعمال وعاملات النظافة مثلا لا تتجاوز رواتبهم 1200 درهم في الشهر، وما بين 900 درهم و1500 درهم يتقاضاها عمال البستنة، و1800 درهم لعمال الحراسة، وحوالي 2500 درهم بالنسبة إلى السائقين، وكلها أجور هزيلة، إضافة إلى أن جميع العمال غير مرسمين ولا يتوفرون على امتيازات كتلك التي يتمتع بها عمال المكتب الشريف للفوسفاط. أرى أنه من حقنا أن نعيش عيشة كريمة وهي لن تتأتى إلا بالإدماج في المكتب الشريف وبأجور جيدة وامتيازات كغيرنا، خاصة بعد أن تم إدماج عدد كبير من العمال الذين كانوا في مثل وضعيتنا».
لم يكن الهدف من الاعتصام، الذي قام به حوالي 2000 شخص من بينهم عمال شركة «سميسي»، بالإضافة إلى العشرات من حاملي الشهادات، الذين ضموا أصواتهم إلى صوت العمال تضمانا معهم ليس إلا، يؤكد أحد عمال ال«سميسي»، زرع الفوضى بالمدينة وإنما الهدف هو محاولة إثارة اهتمام الجهات المسؤولة إلى ما يعانونه على الرغم من المجهودات التي يقومون بها.
يقول نداه محمد من شركة المناولة «آنسي ماروك»: «حنا بغينا الإدماج، بغينا خبيز لوليداتنا. الكرا والضو والما راه الله اللي عالم بنا وكنتخلصو ب47 ألف ريال. آشنو غادين نديرو بها؟ أنا عندي 10 دراهم في النهار ديال التنقل من بوجنيبة لخريبكة. بغينا حل».
ويضيف عدد من العمال في تصريحات ل«المساء» أن «وسائل النقل غير جيدة إلى حد أننا نمتطي مع كلاب الحراسة وسيلة نقل واحدة. نحن نتزاحم مع الكلاب في حافة النقل الخاصة: 20 عاملا مقابل 20 كلبا. تخيلوا كيف سيكون وضعنا. إننا نجد صعوبة حتى في التنفس. كل هذا وغيره هو ما دعانا إلى الاعتصام وإلى المطالبة بإيجاد حلول تخرجنا من الوضع الذي نعمل فيه ونعيشه. لدينا مطالب اجتماعية وإنسانية ويجب على كل المسؤولين، وعلى رأسهم المكتب الشريف للفوسفاط، إيجاد حلول لنا».
كرونولوجيا الأحداث
وقف عمال من شركات المناولة (آنسي ماروك، كلونيت، داتا) أمام مركز التكوين بالمكتب الشريف للفوسفاط بخريبكة، حوالي ال10 صباحا. كانت أعين الجميع تترقب خروج المسؤول، الذي سبق أن وعدهم بأن يوم الجمعة سيكون موعدا للإعلان عن موافقة المكتب الشريف للفوسفاط أو رفضه لطلب إدماجهم. انقضت ساعة من الانتظار دون أن يتلقوا أي رد، فقرروا آنذاك التوجه إلى السكة الحديدية في اتجاه حي المسيرة ووضع حد لحياتهم، مقررين «الانتحار الجماعي»، ومرددين آيات قرآنية. كما أقاموا صلاة الجنازة على أرواحهم قبل أن يحتلوا السكة الحديدية. يقول أسد: «لم يدعوا لنا خيارا آخر، إما أن نعيش بكرامة وإما أن نضع حدا لحياتنا ونموت بكرامة». وأضاف: «عندما وصلنا إلى خط السكة الحديدية على مستوى حي المسيرة وجدنا قوات الأمن مرابضة بالمكان. مرت الأمور بشكل عادي في البداية، وقد حاول بعض المسؤولين المحليين إقناعنا بإخلاء المكان وفك الاعتصام، لكننا تشبثنا بحضور مسؤول من المكتب الشريف للفوسفاط للالتزام رسميا بإدماجنا فيما بعد، وأعطونا مهلة أسبوع للبحث في الأمر وإقناع مسؤول بمحاورتهم من جديد. كنا على وشك فك الاعتصام وحاولنا إقناع المحتجين، لكنهم رفضوا الامتثال لمطلبنا وظلوا متشبثين بمطلب الإدماج أو الموت دون أن يثيروا أي فوضى أو شغب».
استمر الاعتصام الذي كان يبدو عاديا إلى حدود الرابعة والنصف، بعد أن فشل المسؤولون الأمنيون ومسؤولون عن السلطة المحلية في تفرقة المحتجين من خلال الحوارات التي خاضوها معهم على مدى عدة ساعات. يقول مسؤول أمني ل«المساء»: «نحن لم نتحاور معهم، بل توسلنا إليهم بفك الاعتصام لأننا كنا نعلم أن الأمور ستتجه نحو الأسوأ، لكنهم رفضوا الامتثال واستمروا في احتلال خط السكة الحديدية».
كانت الساعة تشير إلى الرابعة والنصف بالتحديد عندما بدأت المواجهات بين الطرفين، استعملت فيها قنينات الزجاج الحارقة والحجارة والعصي، واستعملت فيها القوات الأمنية خراطيم المياه لتفرقة المحتجين، والحصيلة كنت ثقيلة: إصابة 191 عنصرا من الأمن نقلوا إلى المستشفى الإقليمي الحسن الثاني ومستشفى الفوسفاط، من بينهم حالتان خطيرتان بقسم الإنعاش والجراحة، بينما أحيلت أربع حالات على المستشفى العسكري بالرباط.
قسم المستعجلات بالمستشفى الإقليمي بالمدينة استقبل 33 مصابا من رجال الأمن و15 دركيا و51 من القوات المساعدة و31 من عناصر الجيش و6 مدنيين وعنصرا واحدا من قوات التدخل السريع، وتلقى مستشفى الفوسفاط 53 حالة إصابة برضوض وجروح متفاوتة الخطورة في صفوف رجال القوات العمومية، كما سجلت إصابة سيدة من المدنيين.
وانتهت هذه المواجهات أيضا باعتقالات في صفوف العشرات (حوالي 60 شخصا) أطلق سراح عدد كبير منهم، من بينهم قاصرون، بينما تم الاحتفاظ ب15 شخصا، من بينهم 11 من عمال الشركات المناولة، و4 أشخاص لا علاقة لهم بهذه الشركات، وهم الأشخاص الذين أودعوا السجن المحلي بالمدينة، الاثنين الماضي، بعد أن تم تأجيل جلسة محاكمتهم إلى غاية ال25 من الشهر الجاري. وتوبع هؤلاء بتهم، من بينها تكوين عصابة إجرامية، العصيان المدني، التجمهر المسلح، عرقلة سير قطارات عن طريق وضع أحجار ومتاريس بالسكك الحديدية، الضرب والجرح والرشق بالحجارة في حق القوات العمومية بسبب وأثناء ممارسة مهامها، إضرام النار عمدا، تخريب وتعييب منشآت عمومية.
المواجهات استمرت من حوالي الخامسة عصرا إلى الرابعة من فجر يوم السبت الماضي، وقد امتدت إلى حي البيوت.
أسباب الاعتصام
حالة من الغضب عمت صفوف عمال شركات المناولة بعدما انتهت إليهم أخبار تفيد بأن المكتب الشريف للفوسفاط، وخلال يوم الاعتصام بالضبط، منح امتيازات وتعويضات لفائدة العاملين به. ويتعلق الأمر بإضافة 1000 درهم في الراتب الأساسي وتعويضات جزافية قدرها 700 درهم على التنقل والولادة والمصالح الاجتماعية الأخرى، وهناك من العمال من بلغت الزيادة في أجورهم 2000 درهم في اليوم نفسه، في الوقت الذي رفض المكتب نفسه إنقاذهم من «جحيم» و«إجحاف» ما يتعرضون له بشركات المناولة، خاصة أنهم يطالبون بما هو مشروع، وعلى رأس ذلك الحق في الترسيم حتى لا يكونوا عرضة للطرد في أي وقت، وهو ما يخول لهم الاستفادة من التغطية الصحية وغيرها، بالإضافة إلى الرفع في الأجور.
وأكد أسد في تصريح ل«المساء» أنهم يتوفرون على وثائق تؤكد قيمة ما يقدمه المكتب الشريف للفوسفاط لكل عامل لفائدة هذه الشركات، وهو المبلغ الذي لا يتسلم منه العمال إلا الفتات، يضيف المصدر نفسه. وهو ما أثار حفيظة العمال، الذين رغم كل شيء هم من قبلوا العمل بهذه الشركات بالشروط التي عرضت عليهم مسبقا في إطار شركات المناولة.
مدينة على صفيح ساخن
من قال إن خريبكة سيتحول حالها إلى ما هو عليه اليوم. علامات استفهام كبيرة مرسومة على وجوه أغلب سكان مدينة عاصمة الفوسفاط بسبب كابوس مخيف عاشوه للمرة الثانية في ظرف شهرين فقط. دعوة إلى التريث والاحتجاج بشكل حضاري لا عنف فيه، ومناشدة للجهات المسؤولة بالتدخل بحنكة لخلق فرص للشغل وحل المشاكل العالقة حفاظا على أمن المدينة واستقرار السكان. جمعويون ومواطنون عاديون يقفون مشدوهين أمام ما حدث وهم يشعرون بالتوجس من مواجهات قد تحملها الأيام القادمة، مطالبين الجميع بالتبصر والحكمة قبل الإقدام على خطوات لا تكون محسوبة العواقب، والنتيجة أن المدينة أصبحت على صفيح ساخن.
يقول صالح قمران (مثقف وفاعل جمعوي) إن «ما وقع من مواجهات أساسه مطالب فئوية. هؤلاء يعملون وطالبوا بالإدماج وبتحسين وضعيتهم، وهو حق مشروع لهم، غير أنهم يجب أن يراعوا مجهودات السلطات الإقليمية، التي تتغيا توفير شغل للمعطلين، والإدارة والفاعلون الجمعوي,ن يراهنون على هذا الهدف، وأكيد أنه فيما بعد ستأتي الفرصة المناسبة لتحسين وضعية هذه الفئة».
«رهان خريبكة اليوم هو السلم الاجتماعي والحفاظ على أمن الجميع. هذه منزلقات خطيرة ستكون لها عواقب وخيمة على المدينة. نحن ندعو المسؤولين إلى جدولة برامجهم المتعلقة بهذا الشق، كما ندعو العمال والمعطلين إلى التريث في انتظار ما سيسفر عنه مشروع التشغيل الذي أقره المكتب الشريف للفوسفاط والذي جاء على ثلاث صيغ»، يضيف قمران.
بعض من استقت «المساء» تصريحاتهم بخصوص ما تشهده خريبكة أكدوا أن المكتب الشريف للفوسفاط يتحمل القسط الأوفر منه. يقول سعيد العيدي, فاعل جمعوي وحقوقي,: «خريبكة كانت هادئة وكثرة جحافل المعطلين هو ما ولد هذه المشاكل. إن المكتب الشريف هو الذي يتحمل المسؤولية الكبرى، فأبناء المدينة حرموا لثلاثين سنة من خيرات مدينتهم التي هي الفوسفاط، كما أنهم كانوا يصطدمون بالمصير نفسه عندما يتقدمون لاجتياز امتحانات خارج المدينة من باب أنهم أبناء مدينة خريبكة عاصمة الفوسفاط، وأنه من الأولى أن يشتغلوا بالمجمع الشريف للفوسفاط. كما أن العديد من الاختلالات سجلت على مدى سنوات بالمكتب».
تفاقمت أزمة الخريبكيين، خاصة الشباب منهم، بعد أن انقطع سبيل الهجرة السرية في الأربع سنوات الأخيرة، وانعدام فرص الشغل بالمنطقة زادت من حدة أزمة التشغيل. ويضيف العيدي «لو تم حل المشاكل بالمدينة لما وقع كل هذا الاحتقان والتوتر الذي تعيشه اليوم»، كما أن «الخطير في الأمر هو أن من قاموا بهذه المواجهات لا يعبرون عن وفائها للمدينة». وطالب عدد من الشباب العاطلين بالمدينة أن يكون نصيب خريبكة من فرص الشغل، التي وعد بها المكتب الشريف للفوسفاط -والتي حددها في 5800 منصب- الأوفر من غيرها، وأن تكون للمدينة حصة الأسد إنصافا لهم وتعويضا عن الأضرار التي تلحقهم من المجمع، لأن أغلب السكان مصابون بأمراض الحساسية والربو..
فشل في امتصاص الغضب
عملت السلطة الإقليمية على فتح باب الحوار والتشاور وجمع اقتراحات كل الفعاليات المحلية بخصوص عملية المجمع الشريف للفوسفاط لدعم التشغيل بالإقليم، وترأس محمد صبري، عامل الإقليم، كل هذه الاجتماعات، التي تم خلالها الاستماع إلى الفعاليات الجمعوية وحاملي الشهادات العليا وأبناء المتقاعدين والمتضررين من الاستغلالات المنجمية للمجمع المنتمين للجماعات الحضرية لخريبكة، بوجنيبة، حطان، أبي الجعد، وادي زم، الجماعات القروية المفاسيس، أولاد عزوز، الفقراء، بئر مزوي، الكفاف، أولاد عبدون وبني سمير. وقد تم ذلك بحضور السلطات المحلية، بالإضافة إلى مدير التنمية المستدامة بالمجمع الشريف للفوسفاط، ومندوب الشغل بخريبكة ومديرين مكلفين بمهام بالمجمع الشريف للفوسفاط.
وذكر مدير التنمية المستدامة بالمجمع الشريف للفوسفاط، في تقرير رسمي، توصلت «المساء» بنسخة منه، بأن المجمع يعقد العزم على تصحيح الأخطاء للتقدم إلى الأمام. وأفرزت النتائج الأولية للتسجيلات في إطار عملية المجمع الشريف للفوسفاط لدعم التشغيل حوالي 33253 طالب شغل، تقلصت بعد مرحلة التنقيح الأولي إلى 30594 طالب شغل، بعد أن تم التشطيب على أسماء تتعلق بموظفين ومهندسين ومهاجرين قانونيين بالخارج، حسب مصادر جد مطلعة. وتقدم المكتب الشريف للفوسفاط، في شخص طه بلا فريج، مدير التنمية الاجتماعية، وفق التقرير نفسه، بالصيغ الثلاث للمكتب الشريف في عملية دعم التشغيل هذه. وتتعلق الصيغة الأولى بالتشغيل المباشر للفئات التي تتلاءم مؤهلاتها مع حاجيات المجمع الشريف، والصيغة الثانية توفير تكوين متميز لفائدة مجموعات أخرى عبر العقد الذي أبرمه المجمع الشريف للفوسفاط مع كبريات المؤسسات والمعاهد العليا بالمغرب (المدرسة المحمدية للمهندسين، المدرسة الحسنية للمهندسين، الكلية متعددة التخصصات بخريبكة، معاهد التكوين المهني) مع تخصيص منح مالية كافية لفائدة المستفيدين. وتتعلق الصيغة الثالثة بتمويل المكتب الشريف لحاملي مشاريع صغرى ذاتية من خلال إحداث صندوق للمساعدة الاجتماعية.
كما وعد المكتب بالدعم اللازم لجمعيات المجتمع المدني العاملة في مجال التنمية البشرية، وحل مشكل شركات المناولة التي أفرزت عدة اختلالات، والتفكير في إيجاد صيغ لرد الاعتبار لفئة متقاعدي المجمع المعوزين، الذين تبقى رواتبهم هزيلة، والتفكير في إيجاد صيغ لجبر الضرر بالنسبة إلى الساكنة المجاورة للاستغلالات المنجمية المتضررة بشكل مباشر من التلوث الناجم عن هذه الاستغلالات, وغير ذلك من الوعود التي فتحت شهية الجميع إلى أن وقعت الأحداث الأخيرة التي اعتبرها الغالبية «خطوة إلى الوراء» عما تم الإعلان عنه من طرف الجهات المسؤولة.
«المساء» حاولت أخذ تصريحات بعض مسؤولي المكتب الشريف للفوسفاط بخريبكة، غير أن لا أحد منهم مدها بأي معطى بهذا الخصوص.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.