"البسيج" يفكك خلية إرهابية خططت لتنفيذ أخطر عمليات إرهابية بالمغرب    بوريطة يتباحث ببانجول مع وزيرة الاندماج الإفريقي والشؤون الخارجية السنغالية    موزمبيق.. انسحاب قوات مجموعة تنمية افريقيا الجنوبية يفتح الطريق أمام حالة من عدم اليقين    "يونسكو" تحتفي بالصحافة الفلسطينية    قطاع الخدمات والصناعة والبناء.. إحداث 122 ألف منصب شغل في بداية 2024    أسعار الذهب تتجه للانخفاض للأسبوع الثاني تواليا    توقف أشغال طريق بين مكناس وبودربالة يثير غضب السكان بالمنطقة    النفط يتجه لتسجيل أكبر انخفاض أسبوعي في 3 أشهر    "الفاو": أسعار الغذاء العالمية تواصل الارتفاع للشهر الثاني في أبريل    احتجاجات أمام القنصلية الأمريكية بالدار البيضاء تضامنا مع طلاب الجامعات الداعمين لغزة    اليونسكو تمنح الصحافيين الفلسطينيين جائزة حرية الصحافة    عدلي يشيد بتألق "ليفركوزن" في روما    الكعبي يسجل "هاتريك" ويقود أولمبياكوس للفوز أمام أستون فيلا في دوري المؤتمر الأوروبي    نزار بركة… وضع خارطة طريق في مجال البنيات التحتية    توقعات طقس اليوم الجمعة في المغرب    المكتب المركزي للأبحاث القضائية يعلن تفكيك خلية إرهابية من 5 عناصر    المحامي عزوزي دفاع ضحايا مدير ثانوية التقدم ل"كود": القضية بانت فيها مستجدات جديدة والضحايا كيعيشو ضغوط نفسية والنيابة العامة تعطات مع الملف بسرعة    اختتام الدورة الثانية لملتقى المعتمد الدولي للشعر    برقية تعزية من الملك محمد السادس إلى رئيس دولة الإمارات إثر وفاة سمو الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان    برنامج مباريات المنتخب المغربي الأولمبي بأولمبياد باريس 2024    غامبيا.. بوريطة يتباحث مع نظيره الغابوني    حركة حماس تقول إنها تدرس "بروح إيجابية" مقترح الهدنة في قطاع غزة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    بنك المغرب…66 في المائة من أرباب المقاولات الصناعية المغاربة يعتبرون الولوج إلى التمويل "عاديا"    شمس الضحى أطاع الله الفني والإنساني في مسارها التشكيلي    إيقاعات الجاز تصدح بطنجة بحضور مشاهير العازفين من العالم    أوريد: العالم لن يعود كما كان قبل "طوفان الأقصى"    تركيا تعلن وقفا كاملا للتعاملات التجارية مع إسرائيل    "حرية الصحافة"..المغرب يرتقي في التصنيف والصحافة المستقلة مهددة بالانقراض بالجزائر    المرة اللولى منذ 2009.. واحد من الحزب الإسلامي المعارض كيترشح للانتخابات الرئاسية ف موريتانيا    "تقدم إيجابي" فمفاوضات الهدنة.. محادثات غزة غتستمر وحماس راجعة للقاهرة    الفرقة الجهوية دالجندارم طيحات ريزو ديال الفراقشية فمدينة سطات    زلزال جديد يضرب دولة عربية    ريم فكري تفاجئ الجمهور بأغنية "تنتقد" عائلة زوجها "المغدور"    تكريم حار للفنان نعمان لحلو في وزان    انهيار طريق سريع جنوب الصين: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 48 شخصا    الدوري الأوربي: ليفركوزن يعود بالفوز من ميدان روما وتعادل مرسيليا واتالانتا    بلاغ هام من وزارة الداخلية بخصوص الشباب المدعوين للخدمة العسكرية    هل ما يزال مكيافيلي ملهما بالنسبة للسياسيين؟    رسالة هامة من وليد الركراكي ل"أسود" الدوريات الخليجية    مناهل العتيبي: ما تفاصيل الحكم على الناشطة الحقوقية السعودية بالسجن 11 عاماً؟    إقليم الصويرة: تسليط الضوء على التدابير الهادفة لضمان تنمية مستدامة لسلسلة شجر الأركان    عقب قرارات لجنة الأندية بالاتحاد الإفريقي.. "نهضة بركان" إلى نهائي الكونفدرالية الإفريقية    مهرجان أيت عتاب يروج للثقافة المحلية    تطوان: إحالة "أبو المهالك" عل سجن الصومال    الإبقاء على مستشار وزير العدل السابق رهن الاعتقال بعد نقله إلى محكمة تطوان بسبب فضيحة "الوظيفة مقابل المال"    عمور.. مونديال 2030: وزارة السياحة معبأة من أجل استضافة الفرق والجمهور في أحسن الظروف    العقائد النصرانية    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة    باحثون يكتشفون آليات تحسّن فهم تشكّل الجنين البشري في أولى مراحله        الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    "دراسة": زيادة لياقة القلب تقلل خطر الوفاة بنحو 20 في المائة    عبد الجبّار السحيمي في كل الأيام!    دراسة: مجموع السجائر المستهلكة "يلتزم بالثبات" في إنجلترا    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الأمثال العامية بتطوان... (586)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المنطقة الصناعية بتيزنيت..حكاية مشروع ضخم تعثر في منتصف الطريق
مهنيون يتحدثون عن اختلالات وخروقات شابت المشروع والجهة المكلفة به تقول إنه في مراحله النهائية
نشر في المساء يوم 17 - 05 - 2012

منذ أن عرض مشروع المنطقة الصناعية لتزنيت على أنظار الملك، في شهر نونبر من سنة 2006،
أثناء زيارته عمالة إنزكان آيت ملول، استبشر حرفيو مدينة تزنيت خيرا، على أمل انتقالهم إلى فضاء رحب يستجيب لمواصفات الصناعة الحديثة، كما استبشر السكان المتضررون من المهن المزعجة والملوثة، معتقدين أن مشاكلهم مع الانتشار العشوائي للحرَف «المزعجة» باتت في خبر كان، بعد الإعلان عن إحداث المنطقة الصناعية، لكن آمالهم سرعان ما «تبخّرت»، بعد تأخر الافتتاح الرسمي للمشروع وتجاوزه آجال التسليم النهائي وبروز عدة خروقات واختلالات كانت محط تجاذب في الآونة الأخيرة في إقليم تيزنيت، بين الحرفيين وجميع المتدخلين، المباشرين وغير المباشرين.
واستنادا إلى الوثائق المتوفرة ل«المساء»، فإن مشروع المنطقة الصناعية لتزنيت يهدف إلى تنظيم الحرف في المدينة وضمان الاستقرار للمهنيين أصحاب الأوراش الملوثة والمزعجة، كما يهدف القائمون عليه إلى تحويل ونقل الأوراش المذكورة وسط التجمعات السكنية إلى مكان تواجد المنطقة الصناعية، لتفادي الشكايات الوافدة باستمرار على السلطات الإقليمية والمحلية والمجلس البلدي من طرف الساكنة المحلية. ويروم المشروع، إضافة إلى ذلك، إبراز الطابع النموذجي للمدينة وجعلها مثالا يحتذى به في مجال النظافة والبيئة السليمة، انسجاما مع مبدإ احترام قدسية المعطى التاريخي والسلطاني الذي يميز المدينة عن بقية مدن الجهة، وحفاظا على هدوء واستقرار ساكنتها وفتح مجال الاستثمار لأصحاب المشاريع الكبرى والمتوسطة.
كرونولوجيا منطقة صناعية تأخرت أكثر من اللازم
في سنة 1981 أطلق برنامج وطني لإحداث المناطق الصناعية من طرف صندوق الإيداع والتدبير، ومن بينها المنطقة الصناعية لتزنيت، وهو البرنامج الذي اقتنيت فيه بعد سنتين بقعة أرضية تصل مساحتها إلى 20 هكتارا لتشييدها، بعدما أكدت وزارة التجارة والصناعة، في جوابها عن سؤال لأحد البرلمانيين، أنها بصدد إنشاء منطقة صناعية في تزنيت، على غرار المنطقة الصناعية لمدينة سيدي إفني، مضيفة أن صندوق الإيداع والتدبير تخلّى عن المشروع بسبب عدم تحصيله المصاريف التي تحمَّلها إثر تجهيز مناطق صناعية أخرى وأن المؤسسة الجهوية للتجهيز في تانسيفت هي التي ستتولى إنجاز الدراسة التقنية للمشروع وتنفيذه على مساحة 20 هكتارا، منها 10 هكتارات كشطر أول، موزعة على 67 بقعة.
وأشار عقد التخلي إلى أنه في إطار السياسة الجهوية المتبعة من طرف السلطات العمومية، تم تحضير البرنامج الوطني للمناطق الصناعية سنة 1981، قصد تهييء الأرضية اللازمة لاستقبال المشاريع المتعلقة بالصناعات الصغيرة والمتوسطة. واعتبارا لما كان لهذا البرنامج من ردود إيجابية، عمدت الدوائر المختصة إلى تعيين صندوق الإيداع والتدبير كمُجهِّز لمعظم المناطق الصناعية، وعلى هذا الأساس قام الصندوق بتكوين احتياطيٍّ عقاري عبر عدد من المدن، من جملتها مدينة تزنيت، حيث عمل، بتنسيق مع السلطات المحلية، على اقتناء قطع أرضية غير محفظة من لدن بعض الخواص، بموجب عقود عدلية أشير فيها إلى أن ثمن البيع المحدد في خمسة دراهم للمتر المربع سيؤدى لهم بعد استكمال الصندوق عمليات التحفيظ.
لكنْ، وبعد ظهور توجيهات جديدة على صعيد السياسة العامة للدولة، أُشعِر صندوق الإيداع والتدبير من طرف السلطات العليا بضرورة إيقاف جميع التزاماته في هذا المجال، بينما تم إشراك الجماعات المحلية بطريقة مباشرة في إرساء قواعد التنمية الجهوية. وبالموازاة مع هذا الأمر، طرأ تغيير على مستوى تشغيل الأراضي المخصصة للمنطقة الصناعية لتزنيت، حيث تم رصدها لاحتواء مشاريع أخرى في إطار تصميم التهيئة الجديد، وبناء على ذلك، ارتأى صندوق الإيداع والتدبير -حسب الوثيقة التي في حوزة «المساء»- التخلي، يوم 24 دجنبر 1990، عن حقه في تملك البقعة الأرضية، التي تبلغ مساحتها 14 ألفا و201 متر مربع، وهي البقعة التي اقتناها سابقا دون أن يتمكن من أداء ثمنها، فيما تعهّدَ المستفيدون بعدم مطالبته بأداء أي تعويض عن استغلال البقعة المذكورة.
العمران على الخط
بعد سنوات من تخلي صندوق الإيداع والتدبير عن المشروع، أعلنت المؤسسة الجهوية للتجهيز والبناء في المنطقة الجنوبية (مؤسسة العمران حاليا) أنها تبنّت إنشاء منطقة صناعية في تزنيت، فاختارت، بمعية السلطات المختصة، جزءا من الجهة الشمالية الشرقية للمدينة لإنشاء المنطقة الصناعية، على مساحة إجمالية تقدر ب38 هكتارا و8600 متر مربع، تصل المساحة المتاحة فيها إلى 21 هكتارا و9900 متر مربع، وتحتوي على 5 مرافق اجتماعية، من المسجد ومقر للمقاطعة الحضرية، والمستوصف والسوق التجاري ومقر للوقاية المدنية. وحسب البطاقة التقنية للمشروع، التي تتوفر «المساء» على نسخة منها، فإن عدد البقع المقرر إحداثها في المنطقة الصناعية يصل إلى 459 بقعة، موزعة على 242 بقعة تتراوح مساحتها بين 140 مترا مربعا و888 مترا مربعا، و92 بقعة، تتراوح مساحتها بين 160 مترا مربعا و368 مترا مربعا، و109 بقع، تتراوح مساحتها بين 258 مترا مربعا و1010 أمتار مربعة، و11 بقعة، تتراوح مساحتها بين 2961 مترا مربعا و15167 مترا مربعا، و5 بقع فقط تتراوح مساحتها بين 3084 مترا مربعا و107887 مترا مربعا. أما المبلغ الإجمالي المرصود للمنطقة الصناعية فيصل إلى 61.16 مليون درهم، على أن تبدأ أشغاله في يونيو 2006 وتنتهي في شتنبر 2009.
اجتماعات بالجملة
منذ الإعلان عن إنشائها، عقدت عدة اجتماعات في المدينة، دون أن تسفر، إلى حدود الساعة، عن الاستفادة الفعلية للحرَفيين من هذه المنطقة، ففي سنة 2002 على سبيل المثال، عقد اجتماع في مقر عمالة تزنيت حول إحداث منطقة صناعية من طرف مؤسسة التجهيز والبناء (المنطقة الجنوبية) بحضور ممثلي المهنيين وعدد من الفعاليات الاقتصادية في مدينة تزنيت وأرباب الأملاك ومكتب الدراسات المكلف بالتصميم المديري ومدير المؤسسة الجهوية للتجهيز والبناء -المنطقة الجنوبية ورؤساء المصالح الخارجية، وهو الاجتماع الذي تقرر فيه إحداث منطقة صناعية من طرف مؤسسة التجهيز والبناء في إطار شراكة مع المجلس البلدي للجهة الشمالية الشرقية من المدينة، وطالبت خلاله صاحبة المشروع بإدماج مساحة الأملاك المقترحة لإنجاز المشروع، المقدرة ب39 هكتارا و34 آر و42 سنتيار، ذات الرسوم العقارية رقم 31/8748، 31/9021، 31/8757 و31/2401 إلى التصميم المديري المصادق عليه، والذي حدد مساحة المنطقة الصناعية في 200 هكتار. وبعد شهرين من القرار، وافق المجلس البلدي لمدينة تزنيت على توسيع المنطقة الصناعية في التصميم المديري للتهيئة العمرانية للمدينة، فأصبحت بذلك المساحة الإجمالية للمنطقة الصناعية المقترحة 240 هكتار.
طلبات الاستفادة
في بداية 2004، انطلقت عملية وضع طلبات الاستفادة بعد قبول إنشاء منطقة صناعية خاصة بحرفيي المدينة، وهي السنة التي توصلت فيها المندوبية الإقليمية للسكنى والتعمير بطلبات الاستفادة من مشروع المنطقة الصناعية، حيث وصل عددها في نهاية السنة 685 طلبا خاصة بالاستفادة من بقع أرضية اختيرت دون علم المهنيين ودون استشارتهم، علما أنهم كانوا سباقين إلى اقتراح فكرة تجميع كافة الحرف والمهن المزعجة في منطقة صناعية واحدة.
وبعد دراسة الطلبات، تم استدعاء بعض الأسماء من طرف اللجنة المكلفة بدراستها، فأرسلت الدعوات إلى 227 مهنيا من أصل 685 تقدموا بطلبات الاستفادة من المنطقة الصناعية، وطلب منهم الحضور في عملية سحب القرعة الخاصة بتوزيع البقع الأرضية في المنطقة الصناعية يومي 5 و7 يونيو 2005 في مقر عمالة تزنيت، لكن جمعية الحرفيين طالبت بتعميم الاستفادة على جميع أصحاب الأوراش المزعجة والملوثة بدون استثناء، لتحقيق تكافؤ الفرص والمساواة والعدالة الاجتماعية بينهم. وإثر ذلك، استجابت السلطات الإقليمية والمجلس البلدي ومؤسسة العمران لطلب الجمعية وكوّنت لجنة مختلطة برئاسة عامل الإقليم، عُهِدَ إليها تدقيق لوائح المستفيدين من المنطقة الصناعية، كما تقدمت بملتمس لبلدية تزنيت، يقضي بمراجعة الثمن المقترَح من قبل صاحبة المشروع، والمحدد أصلا في 415 درهما للمتر المربع، وهو ما استجابت له البلدية بعد موافقتها على تقليص الثمن إلى مبلغ 300 درهم من طرف صاحبة المشروع. كما وجّهت ملتمسا آخر لوزير الصناعة والتجارة وتأهيل الاقتصاد يقضي بدعم المشروع بعد استثناء 458 من مهنيي أصحاب الأوراش الملوثة والمزعجة من الاستفادة من البقع في المنطقة الصناعية لتزنيت، وعللت ملتمسها بعدم تناسب قيمة التفويت مع الإمكانات المادية المتواضعة للمستفيدين، ملتمسة في الآن نفسه تقديم دعم مادي لهذا المشروع وتمكين المستفيدين من اقتناء بقعتهم الأرضية بأثمنة مشجعة ومناسبة.
وفي نهاية شتنبر من سنة 2005، عُقد اجتماع في مقر مندوبية الإسكان والتعمير حول مطلب المهنيين بتعميم الاستفادة، خلُص إلى أن الثمن المرجعي لاقتناء البقع الأرضية يبلغ 300 درهم للمتر المربع ولا يمكن تخفيضه، على اعتبار أنه يقل بكثير عن ثمن التكلفة المتوقع. كما خلُص إلى أن عددا من التسهيلات ستمنح للمستفيدين الذين سيؤدون دفعة أولى بمبلغ 1000 درهم، على أن توزع باقي الأقساط في الشهور الموالية، كما يمكن للأبناك دعم المشروع عن طريق منح قروض للمستفيدين. وفي الشهر ذاته، راسلت شركة «العمران» 227 مستفيدا، تطلب منهم الحضور لأداء مستحقات البقع الأرضية المخصصة لهم، وهو ما جعل جمعية «الفتح للصناعة التقليدية» ترفع ملتمسا إلى وزير السياحة والصناعة التقليدية تلتمس منه دعم مشروع المنطقة الصناعية لتزنيت، بما يُمكّن الحرفيين من استغلاله بأثمنة مناسبة ومعقولة. كما تم الاتفاق بين المجلس البلدي وممثلي الحرفيين على السماح للمستفيدين على إضافة الطابق الأول، على أن يسلم المجلس البلدي الرخص والتصاميم مجانا لفائدتهم. كما وافق المجلس البلدي على رفع ملتمسات لدعم المنطقة الصناعية وعلى دعم إحداث محطة التصفية للمنطقة في دورته العادية لشهر أكتوبر من سنة 2005.
لكنْ، وبعد اعتراض الحرفيين على عدد البقع المخصصة للاستفادة، تم تكوين لجنة لإحصاء المهنيين والتأكد من توفر الأسماء الواردة في اللوائح من جميع شروط الاستفادة، حيث قامت بعدة زيارات ميدانية للتأكد من توفر جميع أصحاب الطلبات في اللوائح المقدمة على الشروط المذكورة. وفي الشهر الأخير من نفس السنة، اجتمعت اللجنة، مجددا، لدراسة النتائج النهائية للزيارات الميدانية وقامت بصياغة اللائحة النهائية للمستفيدين من المنطقة الصناعية، والبالغة -حسب الإحصائيات النهائية- 378 ورشا حرفيا في مختلف أحياء المدينة، مسجلة بذلك ارتفاعا في عدد المستفيدين، الذي كان محصورا في لائحة أولى لا تتجاوز 227 مستفيدا.
دفتر التحملات والإكراهات الجديدة
لم تقف مفاجآت المنطقة الصناعية لتزنيت عند هذا الحد، بل تجاوزتها إلى دفتر الشروط والتحملات، الذي رفع ثمن المتر المربع الواحد إلى مبلغ 415 درهما، بدل 300 درهم، مع إلزامية التقيد بآجال معينة لدفع الأقساط، التي لا تقل مجتمعة عن مبلغ 25 ألف درهم، تحت طائلة زيادة 3% عن كل تأخير، وهو ما اعتبره الحرفيون شرطا تعجيزيا، لكون القدرة الشرائية لغالبيتهم لا تسمح بالالتزام بهذه الشروط، بسبب الظروف المالية القاهرة التي يعمل في ظلها المهنيون في تزنيت، فطرقوا لأجل ذلك عدة أبواب إقليميا وجهويا ووطنيا، ملتمسين من جميع المتدخلين والفاعلين المحليين ومن السلطات الإقليمية والمجالس المنتخبة تفهم أوضاعهم المادية والاجتماعية والعمل على تقليص الثمن المرجعي، المحدد في 415 درهما عند بداية المشروع، فعقدوا إثر ذلك اجتماعات مع كل المتدخلين وبعثوا ملتمسات ومراسلات عديدة، إلى أن تمت الاستجابة لمطلبهم بتقليص السومة المقترَحة إلى 300 درهم للمتر المربع، مع الإبقاء على صفتها المرجعية، وفرض نفس الشروط في الأداء التي نص عليها دفتر الشروط والتحملات، فضلا على اشتراط ضرورة الانتهاء من أشغال البناء في حدود 24 شهرا، وهو ما أدى حينها إلى فتور حماس المهنيين، نتجت عنه ظهور تخوفات لدى المسؤولين، حيث لم يتقدم بإيداع الدفعة الأولى من المستفيدين إلا 94 مهنيا، أي 25% من أصل 378 المسجلين في لوائح المستفيدين. وبسبب ذلك، ظل المشكل قائما، لكون 75% من المهنيين لم يقوموا بإيداع الدفعة الأولى، بسبب مطالبتهم بتخفيض الثمن إلى 100 درهم للمتر المربع وتمسكهم بالصبغة الاجتماعية للمشروع، أسوة ببعض المناطق الصناعية المشابهة على الصعيد الجهوي والوطني، التي يتراوح ثمن المتر المربع فيها بين 60 و200 درهم، وهو ما لم تتجاوب معه الجهات المعنية ليظل الحال على ما هو عليه، فيما ارتفعت أصوات المهنيين منادية بضرورة دعم المشروع، نظرا لحالتهم الاجتماعية ولكون أغلبهم يعيلون أسرا لا يقل معدل عدد أفرادها عن 6، فضلا على ثقل فاتورة المناسبات والمواعيد السنوية المختلفة، (الدخول المدرسي وعيد الأضحى والضرائب والمواعيد الشهرية كالكراء والكهرباء والماء والمعيشة اليومية).
كما كشفت زيارة ميدانية بتاريخ 23 دجنبر 2005 لموقع المنطقة الصناعية من طرف المهنيين حقائق وُصِفت ب«الصادمة»، لبعد موقعها بما لا يقل على 4 كيلومترات عن وسط المدينة، وهو ما طرح لديهم جملة من التساؤلات حول مستقبل الرواج التجاري فيها والمبالغ الباهظة التي ستصرف لإيصال التجهيزات الأساسية، كالكهرباء والماء والصرف الصحي والطرق الخارجية. كما كشفت الزيارة ذاتها أن الموقع يقعب في منطقة مهددة بالفيضانات باختراق «وادي إيصوح» لجزءين منها، علما أن ثلثي حمولة «واد توخسين»، الذي يخترق مدينة تزنيت، تم تحويله إلى «واد إيصوح»، بعد سلسلة من الفيضانات التي عرفتها المدينة في ثمانينيات القرن الماضي. ويبقى مشكل الصرف الصحي والمياه العادمة محط تساؤلات حول كيفية تدبيره، لكون المشروع يقع في منطقة جد منخفضة عن تجهيزات التطهير السائل لمدينة تزنيت. كما تبيّنَ في نفس الزيارة أن أرضية الموقع هشة وأنها عبارة عن مرتفعات و منخفضات تطرح إشكالات أخرى بخصوص عمق الأساسات الواجب حفرها لتثبيت البنايات، وبالتالي الزيادة في تكلفة البناء.
ضمانات الانخراط
بعد الزيارة الميدانية وما تم الوقوف عليه من حقائق ميدانية صادمة، تحرّكَ المهنيون، من جديد، للتساؤل عن الضمانات للانخراط في إنجاح مشروع المنطقة الصناعية وراسلوا كل الجهات المتدخلة في المشروع دون جدوى.
وتحت ضغط الزمن على الجهات الرسمية الوصية على المشروع ورغبتها في استكمال لائحة المستفيدين النهائية لمتابعتهم بخصوص دفع الأقساط الشهرية بُغْيَة توفير السيولة المالية لتمويل المشروع، وأمام تحفظ غالبية المهنيين، الذين لم يؤدوا الدفعة الأولى والذين تم إحصاؤهم ضمن المستفيدين، البالغ عددهم 293 مهنيا دفعوا الدفعة الأولى، ومطالبتهم بالضمانات تجاه المشاكل سالفة الذكر المُكتشَفة في الزيارة الميدانية، اتخذت اللجنة الإقليمية لتتبع المشاريع الكبرى قرارا، في الاجتماع الذي انعقد بتاريخ 23 فبراير 2006، يقضي باعتماد الشباك المفتوح لتسويق بقع المشروع على الراغبين في اقتنائها. وبناء على ذلك، تم تسويق 104 بقع للمضاربين العقاريين، فتم «تهريب» المشروع عن أهدافه المسطرة منذ الوهلة الأولى..
وبناء على هذا الأمر، احتج المهنيون على قرار تسويق القطع الأرضية في المشروع عبر الشباك المفتوح لغيرهم وأكدوا أن هذا الفعل يؤدي إلى نسف الأهداف الاجتماعية والتنموية التي تأسست عليها المنطقة الصناعية منذ أول يوم، ومن بينها إخراج الحرف المزعجة والملوثة من الأحياء السكنية للمدينة وامتلاك المهنيين محلاتهم وضمان استقرارهم والتخفيف عليهم من أعباء الكراء.
لكنْ وبعد تفويت البقع الأرضية في المشروع للمضاربين العقاريين، عبر الشباك المفتوح، دخل ملف المنطقة الصناعية لتزنيت مرحلة ركود دامت حوالي سنتين، لم ينجَز خلالها أي شيء بخصوص أشغال التهيئة والتجهيز، باستثناء دراسات تقنية ومعمارية، تم إثرها رسم الطرقات بجرافة ونصب لوحة إشهارية سرعان ما تمت إزالتها، بعد توقف الأشغال، بسبب تعرض الوكالة الحضرية على اختراق خط السكة الحديدية موقعَ المشروع وتحفظ وكالة الحوض المائي لسوس ماسة على تواجد المشروع على منطقة مهددة بالفيضان.. وهذا ما طرح جملة من التساؤلات بخصوص جدية الدراسات المنجزة من طرف صاحبة المشروع حول الموقع الجغرافي قبل الاقتناء وعند انطلاق عملية التجهيز.
تقرير صادم
لم يكتفِ مناهضو المنطقة الصناعية في تيزنيت بالصراخ والاحتجاج ضد الاختلالات المرصودة، بل تجاوزوا ذلك إلى مستوى توثيق تلك الملاحظات عبر تقرير وُصِف ب«الصادم»، أعدّه أحد أعضاء الفرع المحلي للنقابة الوطنية للصناع التقليديين والمهنيين في تزنيت، ورفعته النقابة لكل من رئيس الحكومة الجديد، عبد الإله بنكيران، والمجلس الأعلى للحسابات وغيرهما من الدوائر المعنية بالمشروع.
ويسلط التقرير الضوء على واقع المنطقة الصناعية في مدينة تزنيت، من خلال إبراز أهم المراحل التي مرَّ منها منذ عدة عقود (1981-2012)، علاوة على إبراز جملة من الاختلالات والخروقات التي شابته على مستوى التجهيزات المرتبطة بالبنيات التحتية أو الاختيار غير الموفق لموقع المنطقة الصناعية، فضلا على تفويت البقع الأرضية لأشخاص لا علاقة لهم بالحرف المزعجة والملوثة (بينهم بعض المنتخبين المعروفين في إقليم تزنيت) وخرق البنود الواردة في دفتر الشروط والتحملات وعدم احترام معظم التصاميم المصادق عليها، ناهيك عن رغبة القائمين على المشروع في الرفع من المبالغ المالية المرصودة لهذا المشروع وإرهاق المهنيين بتكاليف مادية إضافية، رغم النقص الحاصل في جودة التجهيزات المنجزة.
آخر اجتماع
في يناير الماضي، عقد عامل إقليم تزنيت الحالي اجتماعا مع ممثلي الحرفيين بهدف إيجاد حلول للمشاكل التي تتخبط فيها المنطقة الصناعية، حضره عدد من المسؤولين الذي لهم علاقة مباشرة بالمشروع، وهو الاجتماع الذي أقر فيه المسؤول الإقليمي بأن المنطقة الصناعية تتخللها عدة عوائق وعرض جملة من الجهود التي قام بها في سبيل المعالجة، فيما قامت صاحبة المشروع -مؤسسة «العمران»- بعرض تقرير مصور لأشغال البنية التحتية المنجزة في المشروع، مؤكدة أن نسبة الأشغال وصلت 100% وأن المبلغ الإجمالي المرصود لإنجاز المشروع بلغ 8 ملايير و400 مليون سنتيم. كما أوضحت، في الاجتماع ذاته، أن الثمن الحالي لبيع المتر المربع هو 650 درهما عوض 300 درهم، موضحة أن ارتفاع الثمن راجع بالأساس إلى المبالغ الإضافية المرصودة للمنشآت الفنية، من قبيل حماية المنطقة من الفيضانات والقناطر، وأن دفتر التحملات سيتم تعديله.
من جهته، أوضح المكتب النقابي لنقابة الحرفيين أن ما تم عرضه من قبل العمران مجانب للحقيقة على الأرض، وطالب بتنفيذ التعاقدات والالتزامات السابقة بين المهنيين والمسؤولين، والتي تضمنتها المحاضر الموقعة. كما طالب بتعميم الاستفادة على جميع المهنيين أصحاب الأوراش المهنية المزعجة والملوثة في مدينة تزنيت بدون استثناء وبإشراك النقابة في تعديل دفتر التحملات الخاص بالمنطقة الصناعية.
وفي نفي الاجتماع، تقرر تشكيل لجنة تقنية مختلطة للوقوف على معاينة ما جاء به التقرير المقدم من طرف المكتب النقابي، مع تحرير محضر في الموضوع، كما تم قبول إشراك المكتب النقابي في تعديل دفتر التحملات باللغة العربية وتحديد ثمن المتر المربع في 300 درهم للذين تقدموا بالدفعة الأولى من المهنيين وفي 650 درهما للمتر المربع للراغبين في الاستفادة من المنطقة الصناعية، بمن فيهم المهنيون الذين تم إحصاؤهم، فضلا على تعميم الاستفادة على المهنيين، بتقديم طلبات الاستفادة إلى ملحقة المكتب الجهوي للاستثمار.
واستنادا إلى مصادر نقابية، فإن الحرفيين علموا، لأول مرة في الاجتماع المذكور، بقرار إنجاز محطة التصفية لمعالجة المياه العادمة إلى جوار المنطقة الصناعية على مساحة تقدر ب5 هكتارات وبمبلغ إجمالي يصل إلى 20.5 مليون درهم، تساهم فيه كل من وزارة التجارة والصناعة بمبلغ 7 ملايين درهم، وكتابة الدولة في الماء والبيئة، بمبلغ 9 ملايين درهم، وبلدية تزنيت بمبلغ 1.5 مليون درهم، ومؤسسة العمران بمبلغ 3 ملايين درهم.
واتفق المجتمعون على ضرورة إجراء خبرة شاملة للمنطقة الصناعية من طرف مختبر عمومي للتجارب والدراسات معتمَد رسميا من قبل الدولة، من أجل إثبات مدى جودة المواد المُستعمَلة واحترامها شروط الإنجاز الواردة في دفتر الشروط والتحملات، وخاصة في البنيات التحتية المتعلقة بالطرق والأرصفة والإنارة العمومية، والمنشآت الفنية، المتعلقة أساسا بالقناطر وقنوات الصرف الصحي. وبخصوص الفيضانات التي تهدد المنطقة الصناعية، اتفقت اللجنة على ضرورة معرفة رأي وكالة الحوض المائي لجهة سوس ماسة بخصوص هذا الجانب وتأثيراته المستقبلية على المشروع.
اختلالات بالجملة..
تتلخص أهم الاختلالات التي رصدها الحرفيون في المشروع، المثير للجدل في تزنيت، في اختيار موقع غير مناسب لإحداث المنطقة الصناعية، بعيد عن وسط المدينة بما لا يقل على 4 كيلومترات وموجود في منطقة مهددة بالفيضانات، علاوة على بعدها عن شبكة الربط بالتجهيزات الأساسية (الكهرباء، الماء، الهاتف، الصرف الصحي). كما تتمثل الاختلالات المرصودة في إقصاء مجموعة كبيرة من المهنيين أصحاب الأوراش المزعجة والملوثة في تزنيت من الاستفادة من المنطقة الصناعية، ب«تهريب» المشروع إلى الشباك المفتوح وتفويت 104 بقع أرضية في المنطقة الصناعية لتزنيت لفائدة «غرباء» وموالين لبعض الجهات النافدة وعدم التزام صاحبة المشروع (العمران) بإنهاء أشغال تهيئة البنية التحتية في الوقت المحدد لذلك (شتنبر 2009)، فضلا على عدم إلغاء البقع الأرضية المحادية لجنبات الوادي بمترين وعدم مطابقة التصاميم المصادق عليها، بعرض الطرقات التي تم تعبيدها في المنطقة الصناعية، وضعف وهشاشة المواد المستعملة في تهيئة البنية التحتية وعدم استقرار ثمن تفويت المتر المربع للبقع الأرضية وعدم استقرار التكلفة الإجمالية للمشروع، زيادة على أن المختبر الذي فوضت له عملية إجراء الخبرة هو نفسه المختبر الذي أشرف على إعداد الدراسات المختبرية للمنطقة الصناعية في تزنيت.
مطالب مستمرة بفتح تحقيق
توالت، في الآونة الأخيرة، مطالب التحقيق في مدينة تزنيت ضد الاختلالات التي شابت المنطقة الصناعية، فبعد أن بحَّت أصوات الحرفيين بضرورة إيفاد لجنة تحقيق مركزية مسؤولة، تفعيلا لمبدإ المسؤولية المقرونة بالمحاسبة، طالب عدد من منتخبي بلدية تزنيت، في دورة أبريل الأخيرة، بإيفاد لجنة للتحقيق في ما آلت إليه وضعية المشروع، فيما بدأ الحرفيون في إعداد مشروع آخر بديل يستند إلى معايير اجتماعية تساهم في إدماج الحرفيين وغيرهم من الفئات الاجتماعية الأخرى، كالمعاقين والمعطلين وذوي الدخل المحدود في مشروع جديد يطلق «رصاصة الرحمة» على المشروع الأول ويساءل القائمين عليه ويضعهم، بذلك، في موقف لا يحسدون عليه، خاصة أن هيئات الرقابة المُعتمَدة تستعد لسبر أغوار منطقة صناعية لاكتها الألسن وقيل بشأنها الكثير.



الحرفيون غاضبون
عبّر عدد من حرفيي مدينة تزنيت عن تخوفهم من حدوث فيضانات بسبب الأودية التي تخترق المنطقة من الوسط وتهدد الوحدات الصناعية بالضياع، كما تهدد أصحابها بخسارة ملايين الدراهم. وقال الحرفيون، الموزعون على عدد من الأحياء الشعبية للمدينة، إن السلطات المعنية أخطأت في اختيار الموقع المخصص لإنشاء المنطقة الصناعية في تزنيت، مما يفرض عليها بذل مزيد الجهد لاختيار موقع جديد يستجيب لتطلعات هذه الفئة الهامة من المجتمع ويحميها من خطر فيضانات الأودية المُحتمَلة في أي وقت.
وطرح الحرفيون جملة من التساؤلات بخصوص جدوى الدراسة التقنية التي أنجِزت حول المنطقة الصناعية، وأكدوا وجود عدة مشاكل تقنية تعرقل استفادتهم الطبيعية دون مشاكل، خاصة أن التصاميم الهندسية المصادَق عليها تُظهر بوضوح مرور واديين كبيرين في المنطقة، مما يهددها مستقبلا وينذر بحدوث كوارث محتمَلة ومفاجئة، ناهيك عن عدم قدرة الحرفيين المادية على الاستجابة للكلفة المادية الخاصة بتفويت البقع الأرضية المخصصة لهم ضمن المشروع وضعف الانخراط الفعلي للمجالس الجماعية المعنية به مباشرة وبُعْدِ المنطقة الصناعية عن مركز المدينة بعدة كيلومترات، الشيء الذي يطرح لدى الحرفيين صعوبات التنقل من المنطقة وإليها. كما أن قربها من المطرح البلدي الجديد يشكّل عائقا بالنسبة إلى العديد منهم، حيث تخوفوا من انتشار الأمراض التنفسية في صفوفهم.
من جهة أخرى، طالب الحرفيون عامل الإقليم بفتح هذا الورش الصناعي، من جديد، دون تحفظات وبتوسيع الاستشارة حوله مع كافة الفاعلين والمتدخلين المحليين وإعادة مناقشة المكان المخصص حاليا للمشروع والتكلفة المحددة لاقتناء القطع الأرضية، كما طالبوا بتخصيص حوافز إدارية للعمال المهاجرين في الخارج وتشجيعهم على الاستثمار في المنطقة، مؤكدين رفضهم المطلق فكرة إنشاء «المطمورات» في المنطقة، التي ينتظر أن تعرف رواجا اقتصاديا كبيرا، على غرار مجموعة من المدن الأخرى التي أنشئت فيها مناطق صناعية مماثلة.
وارتباطا بالموضوع، كشفت مصادر «المساء» أن جل الحرفيين المعنيين بالمشروع يعيلون أسرا مكونة من عدة أفراد، كما أن أغلبهم يكترون محلاته الحالية بمبالغ مالية متفاوتة لا تقل على 800 درهم للمحل الواحد، مما يشكل صعوبة بالنسبة إليهم في الجمع بين اقتناء البقعة الأرضية وتجهيزها وبنائها وكراء محل الاشتغال الحالي لتأمين المصاريف اليومية لعيش الأهل والأبناء، ناهيك عن مصاريف الانخراط في المشروع الجديد. كما كشفت مصادر أخرى أن أغلب الحرفيين «مثقلون» بديون السلفات الصغرى التي يؤدون التزاماتهم الشهرية تجاهها منذ سنوات، إضافة إلى معاناة البعض الآخر مع مصاريف الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة. وأشار المتضررون إلى أن عددا آخر منهم يعيشون على حافة الإفلاس، نتيجة غلاء السلع وارتفاع تكلفة المواد الأولية والمنافسة الشرسة التي تلقاها منتوجاتهم المحلية من طرف المنتوجات المستوردة من الخارج، ناهيك عن الصعوبات المتعلقة بالتسويق داخل المغرب وخارجه وكثرة الأعباء الضريبية التي يؤدونها سنويا لفائدة خزينة الدولة.
وبخصوص الثمن المخصص لاقتناء البقع الأرضية الحرفية، أكد المعنيون أنه مرتفع جدا بالمقارنة مع أي منطقة صناعية أخرى معتمدة في المغرب، مما يضرب عرض الحائط مسألة البعد الاجتماعي الذي يقف وراء فكرة إنشاء مثل هذه التجمعات الصناعية، وقالوا إنه لا يراعي ظروف المعنيين الاقتصادية والاجتماعية، حيث لا يتجاوز ثمن البقع الحرفية في مختلف مدن جهة سوس ماسة درعة مبالغ مالية في متناول الحرفيين الصغار، ففي سيدي إفني، مثلا، لا يتجاوز المبلغ 60 درهما، وفي أكادير لا يتجاوز 49 درهما وفي ورززات 25 درهما، أما في منطقة أولاد تايمة، التابعة لعمالة تارودانت، فإن البقع المذكورة توزّع على المعنيين مجانا دون مقابل..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.