انتهى أول أمس بمصر العمل بقانون الطوارئ في ظل عدم وضوح الرؤية حول ما إذا كان مجلس الوزراء سيطلب من البرلمان تمديد العمل بهذا القانون حين الانتهاء من الانتخابات الرئاسية، أم أن البرلمان ولجنة الدفاع والأمن ستبحث عن بديل لهذا القانون، ومن بين الأخبار الرائجة أن المؤسسة التشريعية ستسن قانونا يسمح ببقاء القوات المسلحة بشوارع المدن من أجل حماية المنشآت الحيوية والممتلكات العامة وحفظ النظام إلى حين تسلم رئيس الجمهورية المقبل مهامه, شريطة أن تتم إحالة القضايا التي استندت إلى قانون الطوارئ على المحاكم العادية. وقد تناولت وسائل الإعلام المصرية الخبر من مصادر متعددة تعكس التباين، فهناك صحف نقلت عن رئيس مجلس الشعب، سعد الكتاتني، قوله إنه ليس من سلطة الجهة التشريعية أخذ قرار في هذا الصدد، بل على المجلس العسكري التقدم بطلب بهذا الشأن إلى النواب، في حين هناك من أكد أن الحكومة «اقترحت على مجلس الشعب استمرار العمل بقانون الطوارئ إلى ما بعد انتخابات جولة الإعادة الرئاسية»، على اعتبار أن أمن البلاد لم يستتب بعد بشكل نهائي، وفي حال إجراء انتخابات الإعادة، فالأمر سيصبح أكثر خطورة في حالة إلغاء الطوارئ»، وللحكومة، حسب ما نقلت وسائل إعلام مصرية، رأيها الخاص الذي يدفع في اتجاه تمديد العمل بقانون الطوارئ لمدة 20 يوما على الأكثر، وأن الرأي الأخير للبرلمان والقوى السياسية والحزبية. إنهاء قانون الطوارئ مطلب شعبي للمصريين، ومطلب لمنظمات حقوقية دولية، ومنها منظمة هيومن رايتس ووتش، والتي قالت في بيان لها، صادر أول أمس، إن «البرلمان المصري الجديد أصبحت أمامه فرصة سانحة لإنهاء حقبة من الانتهاكات التي شهدتها مصر، بوضع حد لجميع الإجراءات المتعلقة بقانون الطوارئ». ودعت المنظمة الحقوقية إلى عدم الاكتفاء بتمديد العمل بالقانون بل بضرورة الإفراج عن جميع المحتجزين على ذمة قانون الطوارئ، أو إحالتهم إلى النيابة لنسب اتهامات إليهم، مع مطالبة النائب العام بإحالة قضايا محكمة الطوارئ على المحاكم المدنية الطبيعية. وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: «على البرلمان المصري القضاء على مستقبل حالة الطوارئ تماماً، التي تعتبر من أكبر مظاهر دولة مبارك البوليسية. كما يجب أن يفتح البرلمان تحقيقاً شاملاً في انتهاكات حقوق الإنسان الكثيرة التي شهدتها حقبة تفعيل قانون الطوارئ، وأن يعمل النائب العام على ملاحقة الأشخاص الأساسيين المسؤولين عن التعذيب المنهجي والاختفاءات القسرية». من بين الهيئات الدولية لحقوق الإنسان التي طالبت السلطات المصرية بإلغاء قانون الطوارئ، لجنة الأممالمتحدة لمناهضة التعذيب، التي ذكرت في ملاحظاتها الختامية في عام 2002 بشأن مصر أن «حالة الطوارئ مطبقة منذ عام 1981 وهي تعيق مراعاة سيادة القانون على نحو كامل في مصر»، كما أن مقرر الأممالمتحدة الخاص المعني بمكافحة الإرهاب، ذكر السلطات المصرية بعد زيارة إلى مصر في عام 2009 بأن «حالة الطوارئ لا تبرر أعمالا تخرق المعايير الآمرة للقانون الدولي، مثل حظر الحرمان التعسفي من الحرية». وقد خضعت مصر إلى حالة الطوارئ إثر اغتيال الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات سنة1981، وبعد مظاهرات يناير من سنة 2011 كان من بين المطالب الأساسية للثورة إنهاء حالة الطوارئ، فقرر مجلس الشعب إنهاء العمل بقانون الطوارئ يوم 31 ماي الماضي. وظل الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك، يمدد العمل بقانون الطوارئ طيلة فترة حكمه، إذ إن المادة 148 من الدستور تنص على أنه «يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ لمدة محدودة ولا يجوز مدها إلا بموافقة مجلس الشعب»، فكان مبارك يوظف القانون سياسا ضد معارضيه، سواء ضد التيار الإسلامي المتمثل في جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية المختلفة، أو ضد حركة كفاية و6 أبريل وغيرها من الحركات التي برزت في مصر وكانت معارضة للنظام المخلوع. وعرفت مصر تطبيق حالة الطوارئ في عدد من مراحل تاريخها، إذ إن الدساتير المصرية نصت على ذلك، فمثلا نجد أن دستور سنة 1923 نص في المادة 45 منه على أن «الملك يعلن الأحكام العرفية ويجب أن يعرض إعلان الأحكام العرفية فورا على البرلمان ليقرر استمرارها أو إلغاءها، فإذا وقع هذا الإعلان في غير دور الانعقاد وجب دعوة البرلمان للاجتماع على وجه السرعة». وكانت أول تسمية للطوارئ في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في دستور 1956 الذي نصت مادته 144 على أن «يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ على الوجه المبين بالقانون، ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس الأمة خلال ال15 يوما التالية له ليقرر ما يراه في شأنه، فإن كان مجلس الأمة منحلا يعرض الأمر على المجلس الجديد في أول اجتماع له»، وفرضت الطوارئ أثناء حرب عام 1967. ثم نص دستور سنة 1971, المعلق حاليا, في مادته رقم 148 على أن «يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ على الوجه المبين في القانون، ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس الشعب خلال ال15 يوما التالية ليقرر ما يراه بشأنه، وإذا كان مجلس الشعب منحلا يعرض الأمر على المجلس الجديد في أول اجتماع له. وفى جميع الأحوال يكون إعلان حالة الطوارئ لمدة محددة ولا يجوز مدها إلا بموافقة مجلس الشعب». وبالرجوع إلى قانون الطوارئ، فقد منح لرئيس الجمهورية، متى أُعلنت حالة الطوارئ، أن يتخذ بأمر كتابي أو شفوي التدابير الآتية: «وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور في أماكن أو أوقات معينة والقبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام واعتقالهم والترخيص بتفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية وكذلك تكليف أي شخص بتأدية أي عمل من الأعمال و«الأمر بمراقبة الرسائل أيا كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكافة وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها»، و«تحديد مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها، وكذلك الأمر بإغلاق هذه المحال كلها أو بعضها» و«الاستيلاء على أي منقول أو عقار والأمر بفرض الحراسة على الشركات والمؤسسات وكذلك تأجيل أداء الديون والالتزامات المستحقة، والتي تستحق على ما تستولي عليه أو على ما تفرض عليه الحراسة «وسحب التراخيص بالأسلحة أو الذخائر أو المواد القابلة للانفجار أو المفرقعات على اختلاف أنواعها، والأمر بتسليمها وضبطها وإغلاق مخازن الأسلحة» و«إخلاء بعض المناطق أو عزلها وتنظيم وسائل النقل وحصر المواصلات وتحديدها بين المناطق المختلفة، ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية توسيع دائرة الحقوق المبينة في المادة السابقة على أن يعرض هذا القرار على مجلس الأمة في أول اجتماع له».