طقس الثلاثاء: حرارة وأمطار متفرقة ورياح قوية    الإعلان عن موعد مقابلتين للمنتخب المغربي برسم التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026    عجز الميزانية المغربية يفوق 1,18 مليار درهم عند متم أبريل    العثور على باندا عملاقة نادرة في شمال غرب الصين    إسطنبول.. اعتقال أمين متحف أمريكي بتهمة تهريب عينات مهمة من العقارب والعناكب    بنموسى يكشف العقوبات ضد الأساتذة الموقوفين    قناة أرضية تعلن نقلها مباراة الإياب بين بركان والزمالك    اتفاقية مع "عملاق أمريكي" لتشغيل 1000 مهندس وباحث دكتوراه مغربي    إسبانيا ترد على التهديد الجزائري بتحذير آخر    كيف بدأت حملة "مقاطعة المشاهير" التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي؟    أمل تيزنيت يكتفي بالتعادل خارج ميدانه أمام إتحاد سيدي قاسم    بنموسى يعلن قرب إطلاق منصة رقمية لتعلم الأمازيغية عن بعد    لماذا يجب تجنب شرب الماء من زجاجة بلاستيكية خصوصا في الصيف؟    مخرج مصري يتسبب في فوضى بالمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة    الصحافة الإسبانية تتغنى بموهبة إبراهيم دياز    ميراوي محذرا طلبة الطب: سيناريو 2019 لن يتكرر.. وإذا استمرت المقاطعة سنعتمد حلولا بخسائر فادحة    القوات المسلحة الملكية.. 68 عاماً من الالتزام الوطني والقومي والأممي    انقلاب سيارة يخلف إصابات على طريق بني بوعياش في الحسيمة    "إسكوبار الصحراء".. هذه تفاصيل مثول لطيفة رأفت أمام محكمة الاستئناف بالبيضاء    وزير التربية متمسك بالمضي في "تطبيق القانون" بحق الأساتذة الموقوفين    المكتب المديري لأولمبيك آسفي يرفض استقالة الحيداوي    الأمثال العامية بتطوان... (597)    جماهري يكتب: هذه الحكومة لا بد لها من درس في الليبرالية...!    جائزة أحسن لاعب إفريقي في "الليغ 1" تعاكس المغاربة    تنظيم الدورة ال23 لجائزة الحسن الثاني لفنون الفروسية التقليدية "التبوريدة"    اليابان عازمة على مواصلة العمل من أجل تعاون "أوثق" مع المغرب    الجمعية المهنية تكشف عدد مبيعات الإسمنت خلال أبريل    أمن ميناء طنجة يحبط تهريب الآلاف من الأقراص الطبية    الاتحاد الأوروبي يرضخ لمطالب المزارعين ويقر تعديلات على السياسة الفلاحية المشتركة    المركز الثقافي بتطوان يستضيف عرض مسرحية "أنا مرا"    أضواء قطبية ساحرة تلون السماء لليوم الثالث بعد عاصفة شمسية تضرب الأرض    النيابة العامة التونسية تمدد التحفظ على إعلاميَين بارزَين والمحامون يضربون    أوكرانيا تقر بالنجاح التكتيكي لروسيا    المندوبية العامة لإدارة السجون تنفي وجود تجاوزات بالسجن المحلي "تولال 2" بمكناس    طقس الثلاثاء.. عودة التساقطات المطرية بعدد من الأقاليم    رشيد الطالبي العلمي في زيارة عمل برلمانية لجمهورية الصين الشعبية    شح الوقود يهدد خدمات الصحة بغزة    الطلب والدولار يخفضان أسعار النفط    الزمالك يشهر ورقة المعاملة بالمثل في وجه بركان    سي مهدي يثور في وجه بنسعيد    إضراب وطني يفرغ المستشفيات من الأطباء والممرضين.. والنقابات تدعو لإنزال وطني    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    الارتفاع يطبع تداولات بورصة الدار البيضاء    الدرس الكبير    السينما في الهوامش والقرى تشغل النقاد والأكاديميين بالمعرض الدولي للكتاب    هل انفصلت فاطمة الزهراء لحرش عن زوجها؟    مصر تُهدد بإنهاء "كامب ديفيد" إذا لم تنسحب إسرائيل من رفح    الأساطير التي نحيا بها    تراجع صرف الدولار واليورو بموسكو    فيلم الحساب يتوج بالجائزة الكبرى في برنامج Ciné Café    نقابة تُطالب بفتح تحقيق بعد مصرع عامل في مصنع لتصبير السمك بآسفي وتُندد بظروف العمل المأساوية    وفاة أول مريض يخضع لزرع كلية خنزير معدل وراثيا    مركز متخصص في التغذية يحذر من تتناول البطاطس في هذه الحالات    الأمثال العامية بتطوان... (596)    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المساء» تكشف حيل الاتجار في الشيكات البنكية التي تقودها مافيا «البازارات»
شيكات بنكية قديمة غير مؤرخة تقود المرشدين السياحيين إلى حبل المشنقة
نشر في المساء يوم 01 - 02 - 2013

في هذا التحقيق تنقل «المساء» قرّاءها إلى عالم يباع فيه كل شيء بطرق غير مشروعة، تكشف كيف اغتنت مافيا السياحة من فتات المرشدين السياحيين، الذين
يعملون ك«عبيد» ويوجّهون السياح إلى الوجهات التي يحتكرها كبار التجار في مجال الصناعة التقليدية» (أصحاب البازارات) مقابل عمولات مقترنة بشيكات يتسلموها من أجل ضمان زيارة كل وفد إلى محلاتهم، وكيف «أبدع» أصحاب هذه البازارات حيّلا للاتجار في الشيكات البنكية، متسببين لعدد من المرشدين السياحيين في السجن والإفلاس..
في هذا التحقيق تستمع «المساء» إلى مرشدين سياحيين كان حلمهم أن يصبحوا «سفراء للسياحة المغربية»، فيُعرّفون بتراث بلدهم ويدرّون عليه مداخيلَ مهمة من العملة الصعبة، بعدما اشتغلوا حتى «خانهم الزمن» ولم يعودا قادرين على العمل والتجول رفقة وفود السياح فكانت صدمتهم قوية.. فقد وجدوا أنفسهم يُسدّدون ضريبة أزيد من ربع قرن من العمل لصالح «مافيا السياحة»، التي «ابتلعت» مداخيلَ القطاع وقضت على صغار العاملين فيه..
بعد أن أنفضح أمرهم ووصلت بعض الملفات إلى القضاء، اخترع «لوبيّ السياحة» في مراكش حيلا وخُدعا جديدة لتبرئة أنفسهم من التّهم الموجهة لهم والتحايل على القانون بشكل أصبح معه القضاء عاجزا عن ضبطها.
أزيد من 100 مرشد سياحي فقط في مدينة مراكش وجدوا أنفسهم مرهونين بيد أرباب «البازارات» المحتكرين للقطاع، والذين يشتغلون معهم لمدد لا تقل عن 20 سنة، ولم يكتشفوا لعبة هؤلاء إلا في ما بعدُ عندما طرد عددهم أو وصلوا إلى سن لم يعودوا معها قادرين على العمل.
«المساء» قابلت عددا من المرشدين السياحيين ضحايا «لوبي السياحة» في المدينة الحمراء واستمعت إلى مشاكلهم ومعاناتهم، بعدما توقفت بهم العجلة في طريق ملغومة تنفجر في كل مرة من حيث لا يدرون..
الشيك.. حبل المشنقة
يقول أحد المرشدين السياحيين -التمس عدم ذكر اسمه- «خوفا من بطش اصحاب البازارات».. إن هؤلاء يتسلمون شيكات على سبيل الضمان من المُرشدين السياحيين ويقتطعون منها الفوائد، فهم يؤدّون الدورَ الذي تؤدّيه الأبناك، بعدما سلموا لهؤلاء المرشدين مَبالغ محددة.
وبعد مرور شهور يخبرونهم أنّ قيمة الشيك قد ألغيت وأنه تم تمزيقه حتى لا يطالب المرشد بإرجاع شيكاته إليه، والأخطر في الأمر أنهم يشترطون عليهم أن يحمل الشيك الاسم وتوقيع صاحبه فقط دون تحديد أيّ تاريخ أو أجَل..
يضيف المرشد ذاته أن الهدف من ذلك هو الاتجار في هذه الشيكات البنكية بعد مرور سنين وسنين، لأنه عندما تمضي سنة على الأجَل المحدد في الشيك يصبح غير ساري المفعول ويكون مُلغى قوة القانون، ولذلك فأصحاب «البازارات» كانوا «أذكياء» في تعاملهم وجعلوا من هذه الشيكات طريقة للاغتناء السريع عن طريق النصب والاحتيال، حيث يدفعون الشيكات دون سابق إنذار، الشيء الذي يهدد حياة عدد من المرشدين، الذين وصل جلهم إلى سن التقاعد، فتحوّلت حياتهم إلى كابوس يطاردهم في أي لحظة.
واستطرد المرشد ذاته قائلا: «هذه طريقة أصبحت مألوفة ومُتداوَلة في أوساط «المونوبول» المسيطر على قطاع التسويق السياحيّ في مراكش.. هؤلاء الذين يتوفرون على عدد كبير من الشيكات التي توظف، في نهاية المطاف، في «شنق» المرشدين، وتجعلهم بين نارين: إما تسديد قيمة الشيكات أو الزج بهم في السجن، أو أن يسلموا مصائرهم إلى «المافيا» التي تستغلهم بطرق أو بأخرى..

«من يملك الشيكات.. يملك السوق»
بهذه العبارة اختزل مرشد سياحيّ قيمة الشيكات التي يتوفر عليها عدد من أرباب «البازارات»، ذاكرا أنّ هناك تنافسا بينهم حول من يتوفر على أكبر قدْر منها، لأنها تقاس بمدى قدرتهم على التحكم في المرشدين السياحيين الذين يشتغلون لديهم كوسطاء.
أصرّ المرشد ذاته على سرد حكاية كان شاهدا عليها، عندما كان يشتغل مرشدا لدى صاحب «بازار» وشاءت الأقدار أن يربط علاقة جيدة مع صاحب محل آخر يملك «بازارا» في مدينة مراكش منذ 1977، كان الأخير يتوفر على أزيد من 800 مليون سنتيم من الشيكات، وفي فترة وجيزة أصبح يتوفر على رأسمال لا يقل على 50 مليون درهم..
يضيف المرشد أنه سأل صاحب المحل بعفوية، بحكم الصداقة التي تربطهما، عن مصدر كل هذه المَبالغ في ظرف وجيز وفي عزّ الأزمة، فقال له «الله يْعزّ لي كِيدْ (المُرشدين)».
والغريب في الأمر أنه بعد إصدار مذكرة تمنع أصحاب «البازارات» من الاحتفاظ بشيكات المرشدين، استقبل المرشد صديقه في منزله وكانت في حوزته عدد من الشيكات التي تتعدى قيمتها المالية 800 مليون سنتيم، مزّق نصفها واحتفظ فقط بشيكات بقيمة 150 مليون سنتيم، يعتزم «بيعها» لتجار آخرين من أجل السمسرة فيها..
يقاطعه حسن، زميله المرشد السياحي، قائلا إنه يتذكر قصة أحد المرشدين كانت تربطه به علاقة منذ مدة، والذي يعتبر أولَ مرشد يتحدث اللغة اليابانية ويُتقنها، وسبق له أن اشتغل في القنصلية اليابانية في المغرب..
قصة هذا المرشد، حسب ما أكده صديقه أنّ صاحب «البازار» الذي كان يعمل عنده كان قد غادر مدينة مراكش في اتجاه ميناء طنجة من أجل استقبال وفد من السياح، وعندما وصل المدينة حجز غرفة في فندق، وتم اعتقاله بتهمة دفع شيك ضمانة بمبلغ 5 آلاف درهم.
وتساءل المتحدث ذاته: إذا كان القانون يعاقب من يدفع ويتسلم شيكات على سبيل الضمان، فلماذا استثنيّ عدد من أرباب «البازارات» من المتابعة، علما أنهم يبتزّون المرشدين ويدفعون شيكات قديمة، في الوقت الذي يدّعون أنهم لا يحتفظون بأيّ شيكات.
أمام هذا التهديد والابتزاز، فضّل عدد من المرشدين الحديث في الموضوع دون الكشف عن أسمائهم، مخافة دفع شيكات أخرى من طرف مجهولين وتهديدهم بالسجن.. وذكروا أن بعض هؤلاء يرغبون في تسديد الشيكات التي سلموها على سبيل الضمان، إلا أنهم يجهلون من يحجزها، علما أنهم يؤكدون على أن شيكاتهم سُلمت لأشخاص مُحدَّدين.


«سياحة» النصب والاحتيال

قصة المرشد السياحي «م. ن. د.»، الذي التمس عدم ذكر اسمه، قصة غريبة وفريدة من نوعها.. أول ما نطق به «م. ن. د.» هو أنّ «السياحة في مراكش كلها نصب واحتيال، حيث حوّلوها إلى مدينة يباع فيها كل شيء ولو على حساب الآخرين»..
يحكي «م. ن. د.» أنه فوجئ، في نهاية أكتوبر من العام الجاري، عندما كان يزاول عمله، قبل أن يستوقفه أشخاص قدّموا أنفسهم على أنهم من الشرطة القضائية، وطلبوا منه مرافقتهم إلى ولاية الأمن في مراكش.. استجاب لطلبهم، وعند وصولهم طلبوا منه أداء مبلغ 88 ألف درهم موضوع شيكات بدون مؤونة واستعجلوه في أمر الدفع، قبل أن يهدّدوه بوضعه رهن الحراسة النظرية إذا لم يسدد المبلغ «حالا»..
وأضاف «م. ن. د.» أنه نظرا إلى كونه يعاني من مرض مزمن فقد اتصل بأبنائه وأخبرهم بما حدث، فساهم كل من جهته وفي حدود إمكانياته من أجل تسديد الدَّين وإطلاق سراح والدهم، دون أن يتمكنوا حتى من الاطّلاع على الشيكات أو يعرفوا مَن المستفيد منها..
عندما حاول المرشد «م. ن. د.» الاستفسار عن الشخص الذي تقدم بالشكاية ضده وطالب بالاطّلاع على الشيكات، رفضوا تمكينه من ذلك إلا بعد تسديد المبلغ سالف الذكر، والتي لم يتمّ داخل ولاية الأمن ولا في مقر إداريّ، بل تم تسليم المبلغ من طرف أبنائه إلى أشخاص أمام ولاية الأمن، حيث كان همّهم هو إطلاق سراح والدهم، الذي يعاني من تبعات مرضه المزمن..
بعد إخلاء سبيله، اكتشف «م. ن. د.» أن الشيكات المذكورة كانت بحوزة المسمى «س. ت.» مالك «بازار» كان يعمل فيه مرشدا سياحيا منذ أزيد من 20 سنة، وكان يتسلم منه الشيكات على سبيل «الضمان»، بشهادة الشهود..
وصرّح المرشد ذاته بأن الشيكات التي سدّد مبالغها تقادمت جنحيا، لأنها سُلمت منذ أن كان يعمل عنده في محله التجاري، ومضى على تسليمها أكثر من 12 سنة، واستطرد قائلا إن الخطير في الأمر هو أن الشكاية التي رُفِعت ضده كانت باسم شركة خاصة، وهي التي استفادت من قيمة الشيكات، إضافة إلى مبلغ 8 آلاف درهم التي تسلمتها الشركة في شخص مديرها، مدعيا أنها «أتعاب المحامي».
وادّعت الشركة في شكايتها، التي تتوفر «المساء» على نسخة منها، أنها تنوب في هذه الدعوى القضائية عن شخص أوردت اسمه دون الإشارة لا إلى صفته ولا إلى رقم بطاقته الوطنية ولا أي معلومات تثبثت هويته، باعتباره مالك الشيكات موضوع الدعوى، علما أن هذا الشخص لا تربطه أي علاقة أو معاملة تجارية بالمدّعى عليه.. الذي أكدا أنه لا يعرفه ولم يسبق له أن سمع «بهذا الاسم»، ليخلص في النهاية إلى أنه كان ضحية نصب واحتيال.

مرشد خمسة نجوم
ليس كل المرشدين في المدن السياحية مؤهَّلين للعمل مع أرباب «البازارت» الكبرى من أولائك الذين يطلق عليهم «راس السوق» أو «المونوبول» المهيمن في مجال الصناعة التقليدية، بل إنّ المرشدين الأكثر «حظوة» هم الذين يشتغلون مع الفنادق الفخمة، لأنهم يستقطبون زبائن «مصنفين» من فئة خمسة نجوم فما فوق..
يقول عدد من المرشدين السياحيين الذين قابلتهم «المساء» في المدينة الحمراء إن استهداف مرشدين من هذا النوع من طرف أرباب «البازارات» ليس مجانيا، وإنما لكون الذين يختارون فنادق ممتازة هم الأكثر إقبالا على اقتناء المنتوجات التقليدية وبأثمنة خيالية.. «ما كيضربوشْ حسبة للفلوس»..

«عبودية» من نوع آخر
كشف عدد من المرشدين والعاملين في القطاع خبايا وأسرارا مثيرة تفيد أنّ السائح الذي يأتي إلى المغرب، بشكل عامّ، وإلى المدينة الحمراء بشكل خاص، يؤدي ضريبة ثقيلة دون أن يدريّ، حيث «تُفرَض» عليه، بطريقة غير مباشرة، زيارة عدد من الأمكنة والمحلات التجارية، إذ يصبح لزاما على المرشد، الذي يتحول من «سفير سياحة» إلى «وسيط وعبد»، مرافقة وفده إلى «بازار» محدد مسبقا.. وهي «البازارات» التي «ابتلع» أصحابها الملايين، بل الملايير، على حساب المرشدين، ويحاربون أرباب المحلات الصغيرة في هذا المجال، والتي لا تقترن بالكمّ وإنما بالكيف، بمعنى أن تكون لديهم القدرة والسلطة على استقطاب الزائرين ولو بطرق غير مشروعة، وضمّ فئة محددة من المرشدين السياحيين.
ولم ينفِ عدد من المرشدين، في تصريحاتهم، أن المجموعات السياحية التي يرافقونها ليس الهدف منها هو التعريف بالمنتوج السياحيّ المغربي بالدرجة الأولى أو زيارة المآثر التاريخية.. وإنما يصبح السائح مُجبَرا على زيارة محل تجاريّ، احتراما للاتفاق السريّ بين المرشد وبين صاحب المحلّ..
صفقات سرية

لم يستهدف أرباب «البازارات» في مدينة مراكش، والذين يشكلون القوة الضاغطة -أو بتعبير المرشدين «مافيا» السياحة، فئة المرشدين السياحيين فقط، بل اتسع «أخطبوطهم» ليشمل أيضا سائقي الطاكسيات ووكالات الأسفار، وتحديدا الوكالات التي تتعامل مع زبناء من «العيار الثقيل»، مثل حاملي الجنسية الأمريكية..
وكشفت مصادر موثوقة لها علاقة بوكالات الأسفار، في مقابلاتها مع «المساء»، وجود أرباب بعض «البازارات» يدفعون ما بين 600 و800 مليون سنتيم لوكلاء الأسفار الذين تربطهم علاقة مباشرة مع المجموعات السياحية التي تنظم زيارات إلى المغرب، مقابل ضمان «زيارة» هذه الوفود لمحلاتهم التجارية..
وأضافت المصادر ذاتها أن هذا المبلغ يصل أحيانا إلى 100 مليون سنتيم في الفترات التي تعرف نشاطا سياحيا، والتي يصطلح عليها «لاسيزون»، وأن نسبة قليلة فقط من وكالات الأسفار هي التي لم يشملها هذا «الأخطبوط»..
واستطردت المصادر ذاتها قائلة إنه من الصعب على وزارة السياحة أو المندوبية ولا أي جهة التدخل أو التحكم في هذا الباب، لأنه يتم في سرية تامة..

جمعية المرشدين في قفص الاتهام
«ع. س.» مرشد مسن اشتغل في مجال الإرشاد السياحي منذ سنة 1969، أكد أن عددا من زملائه تعرّضوا للنصب والاحتيال من طرف مشغليهم، ووجه اتهامات للجمعية التي تمثلهم بالتدخل لصالح أرباب «البازارات»، لكونها تختار لهم المرشدين الذين يعملون في الفنادق الكبرى مقابل عمولة..
وأضاف «ع. س.» أنه بعد انتخاب الرئيس الحالي للجمعية تم الاتفاق على أنه سيكون هناك تناوب للمرشدين على الاشتغال في الفنادق المصنفة، وأنه سيتم تشكيل 30 فريقا للحد من مشكل الهيمنة وإقصاء العاملين في الفنادق «العادية»، موضحا أنه عندما وقع هذا «الانقلاب»، على حد تعبيره، والمتعلق بالتناوب على الفنادق وتغيير الأشخاص الذين كانوا يشكلون نواة الاغتناء للوبي «البازارات»، لم يرُقْ هذا القرار هؤلاء فأصبحوا يطلبون من المرشدين الذين تسلموا منهم الشيكات إرجاع المبالغ المؤداة، وبدؤوا يدفعون الشيكات «انتقاما» منهم..
واسترسل «ع. س.» قائلا: «إن هذه الشيكات تدفع لجهات أخرى، لأنّ صاحب «البازار» يخاف من المسّ بسمعته ويخشى من تهرب المرشدين من العمل معه.. واعتبر المتحدث نفسه أن «الجمعية لم تأت لجمع شمل المرشدين والدفاع عن مصالحهم وإنما لخدمة مصالح «مافيا» السياحة»، موضحا أن عدد من المرشدين يعدون بتفجير معطيات أخرى تورّط فيها منتخبون ومسؤولون في الأمن لخدمة لوبي السياحة.
من جهته، صرح المرشد السياحي «أ. ع.» بأن الجمعية لم تحترم المرشدين بعد وضعها قانونا جديدا تمت صياغته «على مقاسها»، بتنسيق مع لوبيات أخرى داخل الوزارة الوصية، إذ تم إقصاء المرشدين السياحيين، بل الأكثر من ذلك أنهم لم يُخبَروا بوجود قانون جديد..
واعتبر «أ. ع.» أن مسألة التكوين، التي تعتزم الجمعية في ظل قانونها الجديد تنظيمه لفائدة المرشدين السياحيين، والذي يتجلى في تنظيم دورات تكوينية، أمر مرفوض مسبقا على اعتبار أن الذين تخرّجوا من المعهد العالي للسياحة لن يقبلوا بهذا الأمر، لأنه لا يُعقل أن يتلقوا هذا التكوين إلى جانب بعض المحسوبين على المهنة وحصلوا على بطائق الاعتماد من طرف الوزارة، علما أنهم غير أكفاء لممارسة الإرشاد السياحيّ، ولا يتوفرون على مستوى دراسيّ يؤهلهم لذلك..
و«الكارثة -يضيف «أ.ع.»- هي أن هناك أميين لا يجيدون حتى كتابة اسمهم حصلوا على بطائق الاعتماد التي تسمح لهم بممارسة المهنة.. زيادة على أنهم يشتغلون في أفخم الفنادق، ما يدل على أن هناك رشوة ومحسوبية وزبونية تقودها الجمعية وأشخاص ينتمون إلى مندوبية السياحة»..
وفي سياق متصل، طالب عدد من المرشدين السياحيين بفتح تحقيق في ادّعاءات الجمعية التي تفيد أن وفودا من المرشدين استفادوا من دورات تكوينية، تصرف عليها الدولة مبالغ باهظة، علما أنه لا وجود لأيّ تكوين على أرض الواقع.
عن هذا الأمر أفاد عدد من المرشدين السياحيين، الذين التقتهم «المساء»، أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، إذ إن هناك ممارسات غير قانونية تعرّضوا لها، من قبيل الضغط عليهم لإجبارهم على الانخراط في الجمعية، كما وقع للمرشد (ح,ك)، الذي تقدم إلى مصالح مندوبية السياحية للحصول على شهادة العمل، كما جرت العادة بذلك، غير أنه فوجئ عندما طُلب منه الانخراط في إحدى جمعيات المرشدين السياحيين، وهو الأمر الذي يتنافى مع القوانين المعمول بها في ظهير الحريات العامة، الذي ينظم تأسيس وتسيير الجمعيات، خاصة أن (ح,ك) لا يريد الانخراط في الجمعية التي يسيّرها حاليا جمال السعدي.
وبناء على مراسلة المتضرر، التي تتوفر «المساء» على نسخة منها، والتي وُجّهت للوكيل العام للملك وعدد من الجهات المعنية، يتساءل هذا المرشد عن أسباب رفض مندوبية السياحة تسليمه شهادة العمل كحقّ من حقوقه.

==================================
السعدي: أرباب البازارات أصبحوا يشكلون «لوبيات» يصعب على الوزارة الوصية محاربتها

- ما هي المعايير التي يجب أن تتوفر في المرشد بعد تأسيس الجمعية، خاصة أن هذه المهنة تعرف نوعا من التمييع والتسيّب؟
قبل قانون 30 - 96 كان مرسوم 68 هو الذي ينظم مهنة الإرشاد السياحي.. ولم يكن يحدد معايير اختيار المرشد السياحي غير أنه بعد مجيء قانون 30 - 96، الذي أتى بنصّ واضح يفيد أن المرشد في المناطق الجبلية لا بد أن يكون حاصلا على باكالوريا وأن يتلقى تكوينا في مدرسة المرشد الجبلي المتواجدة في إقليم أزيلال، وأن المرشد المحلي يجب أن يكون حاصلا على باكالوريا وعلى شهادة الدراسات الجامعية وأن يتقن لغة من اللغات الأجنبية، بينما المرشد الوطني يجب أن يكون حاصلا على الإجازة..
فالقانون التنظيمي الجديد، الذي ننتظر المصادقة عليه، يجبر كل مرشد أن يكون مجازا وأن يتلقى تكوينا في المعهد العالي للسياحة، كما أن الجمعية ستنظم دورات تكوينية لفائدة المرشدين، والتي ستحدد تكوينا في أسبوعين مرة كل السنة.
- تحدتث عن التكوين على اعتبار أنه سيحدد في أسبوعين مرة كل السنة، هل هذا كافٍ بالنسبة إلى المرشدين، خاصة أنّ مهنة الإرشاد تتطلب الكثير من التتبع والمواكبة؟
صحيح أن مدة التكوين في أسبوعين غير كافية، لكنء كخطوة أولى فهي ستكون جد إيجابية بالنسبة إلى المرشدين الممارسين، والذين تلقوا تكوينات في المجال، أما بالنسبة إلى المبتدئين فستكون مدة التكوين أكثر.. بصراحة، من الصعب أن تقنع المرشدين بالالتزام بالتكوين المستمرّ، لأنه لا يمكن أن تفرض على شخص قضى حوالي 30 سنة في المهنة إعادة التكوين..
أقول، بصراحة، إنه رغم كل الانتقادات، فإنني أفتخر بمستوى الإرشاد السياحي في المغرب.. كنت شاركت في مؤتمر المرشدين العرب في تركيا ومصر وتونس، ولاحظت وجود فرق كبير في هذا المجال، حيث إن المرشدين السياحيين في هذه الدول لديهم تكوين تاريخيّ -ثقافي محض، ومحصور في باب واحد، على عكس المرشدين المغاربة، الذين يلعبون دورين اثنين، الدور الأول يتمثل في التكوين الثقافي والثاني في مجال إرشاد ومرافقة السياح..
فحتى المرافقون في هذه الدول التي تحدثت عنها ليس لديهم أيّ تكوين، علاوة على عدم توفرهم على أي ترخيص ويطلق عليه اسم «المنشّط»، كما أن الآثار التي تتواجد في هذه الدول تكون واضحة، حيث تجد بجانب كل المآثر نبذة تاريخية، بمعنى أنّ في إمكان كل سائح التعرف على هذه الآثار بدون الحاجة إلى مرشد.. وهو الأمر الذي لا نجده في المغرب، فكل المآثر التاريخية «فارغة»، وهنا يلعب المرشد الدور الأكبر في تأثيث الفضاء..
وفي هذا السياق فهناك ضغوطات كبيرة من طرف رؤساء الجهات وعدد من الجمعيات الفاعلة في مجال الإرشاد السياحي حول التأكيد على بند أساسيّ في النصّ التنظيميّ الذي ننتظر المصادقة عليه، والذي ينص على تكوين المرشدين، للدفع بمهنة الإرشاد السياحي.
- كيف يمكن تقنين قطاع المرشدين السياحيين أمام ما تطلقون عليه «لوبي أرباب البازارات» التي تتحكم في المرشد؟ أنتم كجمعية تمثلون هذه الشريحة، ماذا فعلتم لتحرير هؤلاء المرشدين من قبضة هذا اللوبي؟
باعتبار الإرشاد السياحي يدخل ضمن المهن الحرة، فنحن كجمعية ليست لدينا أي سلطة على المرشد ولا نتدخل في مهامه ولا يحق لنا التدخل في مجال عمله مع الجهة أو الأشخاص الذين يشتغل معهم.. فهو من يختار ومسؤول عن اختياره أمام القانون وأمام السياح.
ما لا نستطيع أن ننفيّه هو أن هذه اللوبيات تقوّت في اتجاه آخر: لقد استطاعوا إقناع أغلب وكالات الأسفار لإرشاد السائحين إلى الوجهة التي تحددها هذه اللوبيات، فأصبح المرشد فقط كوسيط لدى هذا اللوبي، الذي يفرض عليه أن يستقطب السائحين إلى متجره لاقتناء عدد من المنتوجات التقليدية، وإذا رفض المرشد يُطرَد من عمله..
أستطيع القول إن هذا اللوبي، الذي صار يسيطر على القطاع، استطاع استقطاع حوالي 80 في المائة من وكالات الأسفار.. ونسبة 20 في المائة فقط من هذه الوكالات ترفض الانضمام إلى هذا اللوبي.
- هل هناك مجهودات للجمعية بتنسيق مع الجهات الوصية لمحاربة هذا اللوبي، الذي يُقصي فئة عريضة من التجار وأرباب «البازارت»؟
-الوزارة الوصية والسلطة عاجزتان عن القضاء على هذا اللوبي، فبالأحرى الجمعية.. فهؤلاء يشتغلون بطرق ذكية، يصعب ضبط طرق اشتغالهم، فرغم تنديدنا بهذا الأمر لم نتمكن من القضاء على هذا المشكل، ولا أنسى أن أؤكد أن وكلاء الأسفار الذين يتعاملون مع أرباب «البازارات» تمكنوا من إقناع وزارة السياحة بأنّ المبالغ التي يتلقونها من طرف أرباب «البازارات» تصرَف في الإشهار..
من جهة ثانية، فالقانون المنظم يعطي الحق لوكالات الأسفار في اختيار المرشد الذي تريد، ولا دخل للوزارة أو الجمعية بهذا الشأن.. بوضوح، نحن لا نشكل قوة ضاغطة على هذا اللوبي، الذي سيطر على القطاع.
- هناك مشكل خطير يعانيه عدد من المرشدين السياحيين الذين دفعوا شيكات لأرباب «البازارات» على سبيل الضمان لاستقطاب السياح، والذي تحوّل إلى وسيلة لتصفية الحسابات في حال غادر المرشد أو وصل سنا لم يعد معها قادرا عن العمل.. ما هو تعقيبك على هذا الموضوع؟
صحيح أن هناك عددا من أرباب «البازارات» أعطوا مَبالغ مالية كسلف للمرشدين السياحيين مقابل شيك بنكيّ على سبيل الضمان، شريطة أن يلتزم المرشد باستقطاب السياح إلى محله التجاري مقابل عمولة، وأساس هذا المشكل يعود إلى عدم توفر المرشدين على عمل قارّ يسمح لهم بأخذ دَين من الأبناك، ما فتح الباب أمام أصحاب «البازارات» لدفع المبالغ مقابل أخذ شيك بنكيّ كضمانة.. فهذه الطريقة كانت هي البوابة الأسهل للحصول على مبالغ مقابل خدمة تمكن أصحاب «البازارات» من استقطاب عدد كبير من السياح عن طريق المرشد.
نحن كجمعية ليس من حقنا التدخل في هذا الأمر، لأن المسألة تتم في سرية تامة بين الطرفين، نحن نتدخل إذا كان هناك اعتداء على مرشد أو وكيل أسفار حرمه من أجره أو في حال وقوع شنآن بينه وبين الزبون، ما عدا ذلك لا دخل لنا فيه..
صحيحٌ أن هناك فوضى كبيرة في القطاع، ونحن نراهن على القانون الجديد للقضاء على «إرث قديم» من الصعب القضاء عليه.
جمال السعدي
رئيس جمعية المرشدين السياحيين في جهة مراكش تنسيفت الحوز

=================================
شركة خاصة تنتحل صفة محامين وتتاجر في الشيكات البنكية
مهمتها الوساطة والسمسرة ورفع دعاوى قضائية وتنصيب نفسها طرفا مدنيا


بعد أن أغلقت الأبواب في وجه أرباب «البازارات»، خاصة بعد أن استمعت إليهم الضابطة القضائية إثر شكاية رفعتها جمعية المرشدين السياحيين بمراكش، في عهد رئيسها السابق، لدى الوكيل العام للملك في محكمة الاستئناف بمراكش، في عهد عبد الإله المستاري، بخصوص احتفاظهم بشيكات بنكية قديمة تعود إلى ملكية عدد من المرشدين السياحيين الذين اشتغلوا لديهم لمدد طويلة تتعدى أحيانا ثلاثين سنة.. قد نفى أرباب «البازارات» توفرهم على أي شيكات بنكية ووقعوا على محضر الاستماع، ما دفعهم إلى البحث عن وسيلة أخرى لإصدار الشيكات البنكية التي ما زالت في ذمتهم من أجل «ابتزاز» المرشدين في فترات الأزمة.
بعد التحريات التي قامت بها «المساء» حول الموضوع، توصلت إلى معطيات تفيد وجود شركة خاصة تحمل اسم «المكتب القانونيّ لتحصيل الديون العامة والمنقولات»، والتي تتوفر الجريدة على رقم سجلها التجاري وعلى نسخة من شكاية رفعتها في الموضوع باسمها، غير أنه تبيّن من خلال التحقيقات أن هذه الشركة الخاصة لا تتوفر على الصفة القانونية وأنها تُنصّب نفسها كطرف مدنيّ وتقوم محل المحامي..
للتأكد من صحة تواجد الشركة في العنوان المتضمن في السجل التجاري، انتقلت «المساء» إلى عين المكان، لتكتشف أنه لا وجود لأيّ مكتب بهذا الاسم على أرض الواقع.. اتصلنا بالأرقام الهاتفية المحمولة، -في ظل غياب تام لأي رقم هاتفي ثابت- رد صاحب الشركة، وطلب منا الكشف عن هويتنا.. قدّمنا له نفسنا قائلين إننا نتوفر على شيك بنكيّ ورفعنا دعوى قضائية من أجل تسديده، لذلك نحتاج مقابلة بغية الاستشارة.. طلب منا صاحب الشركة الاتصال بمحاميهم وأمدّنا برقم هاتفيّ، قبل أن يتراجع عن إتمام بقية الأرقام، وقال: «صافي، بْلاش، بْلاش.. حْنا ما عندناشْ مقرّ»، قبل أن ينقطع الاتصال..
بعدما تعرفنا على هوية صاحب الشركة وتأكدنا من أنه يشتغل مع المحامي عبد الجليل المنصوري، انتقلنا إلى مكتب المحامي ففوجئنا بحقائقَ مثيرة، حيث أكد أنه بفضل شكاية أحد المرشدين تبيّن أن الشخص الذي يشتغل معه كساع هو الذي «أسّس» الشركة المذكورة، والغريب في الأمر أنه كان يدّعي أن زوجته من أسست شركة، وأكد المحامي أنه ليس على علم بطبيعة عمل الشركة، ما دامت في ملكية زوجته..
قصة اكتشاف المحامي لهذا الأمر جاءت عن طريق الصدفة، حيث رفعت هذه الشركة دعوى قضائية ضد أحد المرشدين، قدِم إلى مكتب المحامي وأخبره بمشكلته مع صاحب الشركة ظنا منه أن المحامي متورّط في القضية، غير أنّ الأخير أكد أنْ لا علاقة له بالموضوع..
وأضاف المنصوري أنه قبل هذا الحادث كان الساعي قد أخبره أن زوجته تبحث عن عمل، وبعدها أخبره أنها أسست شركة خاصة.. لم يسأله المحامي عن طبيعة الشركة، لأنّه اعتبر أن الأمر يدخل في عداد في الأمور الشخصية وأنه قد يكون «متطفّلا» إن طرح هذا النّوع من الأسئلة.
بعد مرور السنين اتصل دفاع المرشد السياحي الذي رُفعت ضده دعوى قضائية باسم الشركة المذكورة بالمحامي الذي يشتغل عنده الساعي ليخبره أن الشركة التي ادّعى الساعي أنها توجد في اسم زوجته، خبر كاذب، والحقيقة أنها تحمل اسمه هو، قبل أن يمده برقم السجل التجاري للتأكد من صحة الخبر.
أضاف المحامي أن هذا الخبر نزل عليه كالصاعقة، ما دفعه إلى القيام بالتحريات اللازمة في هذا الشأن، خاصة أنه يثق ثقة تامة في الساعي، بعد أن اشتغل معه لمدة تزيد على 20 سنة.. وأكد المنصوري، قائلا: «لقد تفاجأت.. خْلاني في دارْ غفلون وأنا خدمتْ في المحاماة 35 سنة».. قبل أن يضيف أنه قام بالتحريات اللازمة ووجد أن الشركة فعلا تحمل اسم «ب. د.» وطبع قانونها الأساسي، ما دفع المحامي إلى تعميق بحثه، فكان أول إجراء قام به هو استدعاء الساعي وسأؤاله عن سبب الافتراء، قبل أن يخبره أن ما أقدم عليه يتنافى مع طبيعة عمله، مضيفا أنه بعد إطلاعه على القانون الأساسيّ للشركة أخبره أن لها علاقة بالسمسرة والوساطة، وقانونها الأساسي يضمّ الكثير من البنود، مضيفا بسخرية: «لا ينقصه سوى إقحام المجال الطبيّ في الموضوع»..
والأخطر في الموضوع هو أن المحامي اكتشف أن الساعي يستغلّ علاقاته مع القضاة ووكلاء الملك، ويشتغل باسمه لصالح الشركة التي يديرها، مشيرا إلى أنه «من المفروغ منه أن يكون قد استغلّ اسمي وأسماء أخرى منذ تاريخ تأسيس الشركة»، مستطردا «والله أعلم ماذا سيكشف الزمن في ما بعد»..
لم يستسغ المحامي ما وقع، فوجّه رسالة لنقيب المحامين في مراكش يخبره بالموضوع، كما سحب نسخة بطاقته الوطنية من الساعي، مؤكدا أنه «لا يتحمل أي مسؤولية إذا ما أقدم الساعي المسمى «ب. د.» بملف ما.
من جهته، أحال النقيب الملف على الوكيل العام للملك في محكمة الاستئناف في مراكش قبل حوالي 15 يوما، في انتظار الإجراءات التي ستتخذها المحكمة، كما قام بإرسال إنذارين إلى الساعي، مبلغا إياه أنه لا يقوم بعمله كما ينبغي، لأنه منشغل بأمور الشركة وكان يبرّر غيابه بتواجده في المحكمة.
وأوضح المحامي أنه استدعى الساعي واشترط عليه أن يتنازل عن شركته إذا أراد أن يستمر في العمل معه، فرد عليه، في رسالة مكتوبة سلمها للمفوض القضائيّ، يستفسر فيها المحامي عن الضرر الذي يشتكي منه بتواجده على رأس الشركة..
وأشار المحامي إلى أن الساعي بدأ يحضر إلى المكتب بعد توصله بإنذارين، فطلب منه المحامي أن يسجل حضوره بشكل يوميّ قبل أن يعفيّه من مهامه مع توصله بأجره الشهريّ، إلى حين اتخاذ الإجراءات القانونية في حقه وصدور القرار الذي ستخرج به النيابة العامة التي تتداول الملف، موضحا أنه بعد اكتشافه الحقيقة لم يعد يثق فيه ويرفض تسليمه ملفاته ووثائقه..
ويبقى السؤال هو ما مدى قانونية هذا النوع من الشركات؟ وهو السؤال نفسه الذي توجهنا به إلى المحامي وأكد لنا أنه لم يسبق له أن سمع بها، مشيرا إلى أنها وإنْ كانت تتوفر على سجل تجاريّ فلا يعني هذا بالضرورة تمتعها بالصفة القانونية، موضحا أنه «لا يُعقل أن تأخذ هذه الشركة شيكا بقيمة 100 مليون سنتيم وتنصّب نفسها طرفا مدنيا أمام المحاكم وتنوب عن المواطنين.. هذا أمر غير قانونيّ ويدخل في إطار المنافسة غير المشروعة، لأنّ الجاري بهم العمل في النيابة هم المحامون وليس الشركات».
والأسوأ في الموضوع، يضيف المحامي، هو أن رب الشركة تسلم مبلغا من عند الضحية، مدّعيا أنها أتعاب المحامي، بعد أن طلب منه مبلغ 120 ألف درهم لحل مشكل الشيكات العالق لدى صاحب الدعوى، غير أن المحامي لم يتوصل بأي مبالغ ولم يكن على علم بالموضوع..
لم يتردد الأستاذ عبد الجليل المنصوري في استدعاء الساعي الذي يعمل عنده ويجمعه معنا حتى يؤكد لنا أنه لم يكن على علم أن الشركة التي أحدثها وسجلها تحت اسمه وجه له سيلا من الأسئلة بحضورنا دون الكشف عن هويتنا الصحافية، وطلب منه الرد بصراحة، حيث قال له المحامي: «مَن هو الشخص الذي يملك الشركة؟» فأخبره أنه «هو مالك الشركة»، على عكس ما كان يدّعيه، تم سأله مرة أخرى «من قلت لي عنه في السابق إنه صاحب الشركة؟» فرد: «قلت لك زوجتي»..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.