لم تكد تمضِي 48 ساعة على انهيار عمارة سكنية عشوائية في الحي الحسني، الشعبي، في مقاطعة المرينيين في مدينة فاس حتى استيقظت ساكنة دوار «عين الدريسي»، العشوائي في مقاطعة جنان الورد، صباح يوم أول أمس السبت، على وقع انهيار عمارة عشوائية حديثة العهد بالبناء، مكونة من أكثر من 5 طوابق. ورغم أنّ الحادثين لم يخلفا أي ضحايا في الأرواح، فإنهما أعادا إلى الواجهة ظاهرة البناء العشوائي في الأحياء الهامشية، «في ظلّ صمت مُريب للسلطات المحلية وتواطؤ مكشوف للمجالس المنتخبة»، حسب تعبير مصادر جمعوية في المدينة تحدثت عن أنّ بعض العمارات العشوائية التي تعود ملكيتها إلى ما تسميه «مافيا البناء العشوائي» أصبحت عبارة عن سراديب لتخزين مواد مهرَّبة، ومنها البنزين المهرّب. وكشفت المعطيات أنّ العمارة العشوائية المنهارة في مقاطعة «جنان الورد»، أولَ أمس السبت، يعود الترخيص لبنائها إلى شهر فبراير من سنة 2008، موردة أن صاحب العمارة العشوائية توصل بعدة مراسلات حول مخالفات ارتكبها، لكنّ ورش تشييد أكثر من 10 شقق تحملها هذه العمارة، التي تحولت إلى ركام، لم تتوقف.. ومن أبرز المخالفات التي سُجِّلت ضد هذه البناية «توسيع» المساحة المرخص لها بالبناء من 180 مترا إلى 220 مترا، وإجراء تعديلات في تصميم البناية، وزيادة طوابق عدة بشكل مُخالف لتصميم التهيئة، الذي يمنع أن تتجاوز البنايات في هذا الحي الشعبي طابقين وسفلي. وقالت المصادر إن انهيار هذه العمارة قد ألحق خسائر بعمارات مجاورة أصبح الانهيار يلاحقها، بدورها، في كل وقت وحين. واستنكرت 7 جمعيات في المقاطعة وجود «استهتار وتواطؤ» في مصلحة التصميم في المقاطعة، وقالت إن هذه الأخيرة تحولت إلى شبكة تستهدف الربح السريع على حساب المستضعفين، ودعت الساكنة إلى «التجند لمحاربة مافيات البناء العشوائ في المنطقة»، والتي اتهموها بالسطو على أراضٍ بملكيات مزورة، وطالبت المسؤولين بفتح تحقيق في هذه القضية ومتابعة المتورطين. وكان دوار «عين الدريسي»، الذي استفاق يوم أول أمس السبت على وقع «زلزال» انهيار هذه العمارة بشكل زرع الرعب في أوساط المواطنين وجعل عددا منهم يغادرون مساكنهم خوفا، قد شهد في المدة الأخيرة مطاردات بين متهمين بالبناء العشوائي وبين رجل سلطة وبعض أعوانه، انتهت بإصابة عون سلطة وتكسير أنفه.. وعمد أصحاب البناء العشوائي في هذا الدوار إلى الاستعانة بالأحجار لرشق السلطات المحلية بغرض «إبعادها» عن الدوار، بينما عمدت السلطات المحلية إلى «إبعاد» رجل السلطة، في أقرب حركة انتقالية إلى ملحقة إدارية أخرى، وترك الوضع العشوائي على ما هو عليه.. ورغم أن تقارير حول تنامي ظاهرة البناء العشوائي في المنطقة قد رُفعت إلى عدد من المسؤولين المحليين، فإنّ السلطات لم تحرّك ساكنا لمواجهة هذه الظاهرة. وفي السياق ذاته، كشفت مصادر جماعية في مقاطعة «جنان الورد» أنّ عددا من البنايات العشوائية أصبحت تستفيد من رخص السكن ومن رخص إيصال التيار الكهربائي من قِبَل مسؤولين في المجلس الجماعي، دون الرجوع إلى الملفات التقنية لهذه البنايات لدى مقاطعة جنان الورد. وقالت المصادر إن بعض المنتخبين سبق لهم أنْ وجّهوا عدة شكايات في موضوع البناء العشوائي وظهور تجزئات عشوائية غير مرخصة إلى السلطات المحلية، لكنْ دون جدوى.