حماس تستعدّ لتقديم ردّها على مقترح هدنة جديد في غزة    العصبة الاحترافية تتجه لتأجيل مباريات البطولة نهاية الأسبوع الجاري    النعم ميارة يستقبل رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا    السكوري…المغرب استطاع بناء نموذج للحوار الاجتماعي حظي بإشادة دولية    الداخلة.. البحرية الملكية تقدم المساعدة ل81 مرشحا للهجرة غير النظامية    حريق ضخم يلتهم سوق المتلاشيات بإنزكان (فيديو)    وحدة تابعة للبحرية الملكية تقدم المساعدة ل81 مرشحا للهجرة غير النظامية جنوب – غرب الداخلة    ستة قتلى في هجوم على مسجد بأفغانستان    اش خذات الباطرونا واش خدات النقابات باش يتزاد فالسميك وفالصالير الف درهم: عرض قانون الاضراب فالدورة الربيعية والتقاعد على 65 عام فالخريفية    الوداد يحدد لائحة المغادرين للقلعة الحمراء    فتاة هندية تشتكي اعتداءات جنسية .. الأب والعم بين الموقوفين    ف 5 يام ربح 37 مليار.. ماسك قرب يفوت بيزوس صاحب المركز الثاني على سلم الترفيحة    الموانئ الأوروبية في حاجة إلى استثمار 80 مليار يورو لبلوغ التحول الطاقي    مع اقتراب افتتاح الاولمبياد. وزير داخلية فرانسا: خاص يقظة عالية راه وصلنا لمستوى عالي جدا من التهديد الارهابي    أسترازينيكا كتعترف وتعويضات للمتضررين تقدر توصل للملايين.. وفيات وأمراض خطيرة بانت بعد لقاح كورونا!    حمى الضنك بالبرازيل خلال 2024 ..الإصابات تتجاوز 4 ملايين حالة والوفيات تفوق 1900 شخص    معاقبة جامعة فرنسية بسبب تضامن طلابها مع فلسطين    يتقاضون أكثر من 100 مليون سنتيم شهريا.. ثلاثون برلمانيًا مغربيًا متهمون بتهم خطيرة    الصين تتخذ تدابير لتعزيز تجارتها الرقمية    بطولة اسبانيا: ليفاندوفسكي يقود برشلونة للفوز على فالنسيا 4-2    مطار الحسيمة يسجل زيادة في عدد المسافرين بنسبة 28%.. وهذه التفاصيل    مواهب كروية .. 200 طفل يظهرون مواهبهم من أجل تحقيق حلمهم    مغربية تشكو النصب من أردني.. والموثقون يقترحون التقييد الاحتياطي للعقار    الأمن المغربي والإسباني يفككان خيوط "مافيا الحشيش"    فرنسا.. أوامر حكومية بإتلاف مليوني عبوة مياه معدنية لتلوثها ببكتيريا "برازية"    طقس الثلاثاء.. أمطار الخير بهذه المناطق من المملكة    ميارة يستقبل رئيس الجمعية البرلمانية لأوروبا    أسماء المدير تُشارك في تقييم أفلام فئة "نظرة ما" بمهرجان كان    الجيش الملكي يرد على شكاية الرجاء: محاولة للتشويش وإخفاء إخفاقاته التسييرية    سكوري : المغرب استطاع بناء نموذج للحوار الاجتماعي حظي بإشادة دولية    وزارة الفلاحة: عدد رؤوس المواشي المعدة للذبح خلال عيد الأضحى المقبل يبلغ 3 ملايين رأس    مشروبات تساعد في تقليل آلام المفاصل والعضلات    تحديات تواجه نستله.. لهذا تقرر سحب مياه "البيرييه" من الاسواق    عملية جراحية لبرقوق بعد تعرضه لاعتداء خطير قد ينهي مستقبله الكروي    رسميا.. عادل رمزي مدربا جديدا للمنتخب الهولندي لأقل من 18 سنة    مجلس النواب يطلق الدورة الرابعة لجائزة الصحافة البرلمانية    برواية "قناع بلون السماء".. أسير فلسطيني يظفر بجائزة البوكر العربية 2024    الشرطة الفرنسية تفض اعتصاما طلابيا مناصرا لفلسطين بجامعة "السوربون"    غامبيا جددات دعمها الكامل للوحدة الترابية للمغرب وأكدات أهمية المبادرة الملكية الأطلسية    هذا هو موعد مباراة المنتخب المغربي ونظيره الجزائري    الرئاسيات الأمريكية.. ترامب يواصل تصدر استطلاعات الرأي في مواجهة بايدن    الدورة السادسة من "ربيعيات أصيلة".. مشغل فني بديع لصقل المواهب والاحتكاك بألمع رواد الريشة الثقافة والإعلام        الفنان الجزائري عبد القادر السيكتور.. لهذا نحن "خاوة" والناظور تغير بشكل جذري    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    وزارة الفلاحة…الدورة ال 16 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب تكللت بنجاح كبير    رسمياً.. رئيس الحكومة الإسبانية يعلن عن قراره بعد توجيه اتهامات بالفساد لزوجته    فيلم أنوال…عمل سينمائي كبير نحو مصير مجهول !        إليسا متهمة ب"الافتراء والكذب"    أسعار الذهب تتراجع اليوم الإثنين    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل مرحلتها الأخيرة    حكواتيون من جامع الفنا يروون التاريخ المشترك بين المغرب وبريطانيا    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    الأمثال العامية بتطوان... (583)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيرفانتيس طنجة يستغيث
نشر في المساء يوم 17 - 12 - 2013

قبل بضعة أيام، مرت الذكرى المائوية لافتتاح مسرح سيرفانتيس بطنجة في صمت أشبه بذاك الذي يخيم على رائد المسارح المغربية منذ بضعة عقود.
بدأت الحكاية مطلع القرن العشرين، عندما استقبلت طنجة المهاجر الأرجنتيني الثري مانويل بينا وزوجته إسبيرانزا، اللذين لاحظا أن المدينة التي كانت محصورة بين السوق دبرا والبحر، كانت بها حركة مسرحية نشطة تتقاسمها ثلاثة مسارح منبثة بين أزقتها الضيقة. وبعدما استقرت معاملاتهما التجارية والعقارية واستتب عشق طنجة في قلبيهما، قررا أن يهدياها معلمة فنية لم تخطر على بال أثرى أثريائها قبلا ولا بعدا.
هكذا اشتريا أرض أحراج مطلة على خليج طنجة، خارج ما كان يشكل المدار الحضري، ليقيما عليها معلمة مسرحية تعزز موقع عروس الشمال في المجال الثقافي بحوض البحر الأبيض المتوسط.
ففي ربيع 1911، تم وضع حجر الأساس لمسرح اختير له اسم الأديب الإسباني سيرفانتيس، وأوكل تصميمه إلى مهندس معماري تولى الإشراف على أشغال البناء المستوحى من أكبر مسارح أوربا القرن التاسع عشر، وتم إشراك خيرة الفنانين الإسبان في أعمال النحت والجبس، كما أسندت مهمة إنجاز سقف زاهر برسومات خيالية إلى فيدريكو ريبيرا، أكبر التشكيليين الإسبان مطلع القرن العشرين، بل وحتى الخشبة أوكل إنجازها إلى فنان متخصص. وتكفي الإشارة إلى أن تكلفة أشغال السقف وصواري الرخام والستارات النحاسية تجاوزت مصاريف أشغال البناء.
وبعد 32 شهرا من الأشغال، تم افتتاح مسرح سيرفانتيس يوم 2 دجنبر 1913 بعرض للفرقة الإسبانية دو كويل بحضور شخصيات مغربية وأجنبية، وهو الحدث الذي ترددت أصداؤه بين أعمدة الصحف الغربية.
تلك كانت بداية فترة فنية زاهرة استمرت أزيد من نصف قرن. أشهر الفرق المسرحية والأجواق الموسيقية الغربية والشرقية قدمت عروضها فوق خشبة سيرفانتيس، الذي يتوفر على 1400 مقعد، ويقصده كثير من رواد المسرح من إسبانيا وفرنسا وإيطاليا خاصة؛ كما استضاف سهرات راقصة، وعروضا لفنون البهلوان، ومباريات للملاكمة والجمباز والألعاب السحرية، إضافة إلى التجمعات الخطابية والمحاضرات والملتقيات الثقافية، فكان مقصدا لكبار الأدباء.
لكن بعد التراجع الكبير في أعداد الجالية الغربية في طنجة، بداية سبعينيات القرن العشرين، قررت إسبانيا تسليم هذا المسرح إلى الدولة المغربية، مقابل درهم رمزي. ومن غرابة الأقدار أن هذه الخطوة التي تعتبر مكسبا هاما، كانت بداية النهاية؛ فقد خفتت العروض قبل أن تتوقف نهائيا، ويغلق سيرفانتيس أبوابه ويلوذ بصمت القبور. ومع توقف الحركة توقفت العناية وأشغال الصيانة، وبدأت عوادي الزمان تظهر على المعلمة المهملة، أمام أعين المسؤولين المحليين والمركزيين الذين لم يحركوا ساكنا.
لم يكن ذلك ليمر دون تدخل فعاليات المجتمع المدني التي رفعت صوتها عاليا لإنقاذ سيرفانتيس.
الدولة المغربية، ممثلة بوزارة الثقافة والمصالح الجهوية المتعددة، لم تتفاعل مع الحدث بما يلزم من روح المبادرة، أو كأنها، على حد تعبير أحد الطنجويين، «ندمت على تقبل الهدية»؛ فقد ظلت أبواب سيرفانتيس مغلقة منذئد. وتردد أنه في حاجة إلى ترميمات وإصلاحات، لم تكن خارج حدود الاستطاعة.
في عام 1990، ظهرت المحاولة الأولى لإنقاذ هذا المسرح من الخراب. عندما احتضنت مدينة تطوان حفل توقيع اتفاق بين بلدية طنجة وإقليم الأندلس؛ لكن الاتفاق لم يعرف طريقه نحو التطبيق.
وعادت الفكرة إلى الظهور عام 1993، من خلال مشروع جديد، تم توفير اعتماداته المالية التي كانت في حدود 45 مليون درهم، ولم يبق غير الاتفاق على جهة مشرفة تحظى بثقة المسؤولين الطنجويين والجالية الإسبانية في مدينة البوغاز، وهي الحجرة التي تعثر عندها المشروع؛ وظل سبب ذلك تائها بين من قال إن المشروع كان بحاجة إلى قرار سياسي لم يحصل، وبين من حسبها على معارضة الإسبان المقيمين في طنجة الذين يعتقدون أن الاستثمار في هذا المشروع مجرد هدر للمال العام.
ويوجه بعض الفاعلين الجمعويين أصابع الاتهام صوب بعض من المسؤولين المتعاقبين على بلدية طنجة، ممن يفضلون لو يخلي سيرفانتيس مكانه لبناية من عدة طوابق.. سوق العقار في ذروة الانتعاش، وسوق الفن في كساد.
واليوم، في هذه الذكرى المائوية الحزينة، يتفجر السؤال: كيف تجد طنجة في مهاجر أرجنتيني غيرة البناء، ولا تجد في كبار الأثرياء من أبنائها غيرة الترميم؟
وعلى من يرغب في الاستفسار عن دور المسؤولين أن يتوجه إليهم بالسؤال، دون أن يطمع في تلقي جواب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.