النقابات ترفع ورقة الاحتجاج والتصعيد لفرض تلبية مطالب الشغيلة الصحية بكل فئاتها        وزارة الثقافة تسعى لحماية "شباب التيكتوك" من الانحلال الأخلاقي    الصيباري يتوج بلقب الدوري الهولندي رفقة أيندهوفن    موجة حر مرتقبة من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المملكة    بمساعدة المغرب.. إسبانيا تحبط عملية تهريب طن ونصف من الشيرا ب"تينيريفي" (فيديو)    "محاولة تصفية سجين".. إدارة "عكاشة" تخرج عن صمتها    فيلم "من عبدول إلى ليلى" يفوز بالجائزة الكبرى لمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    الحكومة التايلندية توضح حقيقة اختطاف عشرات المغاربة واستعبادهم    وصل لأعلى مستوياته التاريخية.. التداول النقدي فات 400 مليار درهم    موجة حر مرتقبة بمناطق في المغرب    مؤتمر القمة الإسلامي يؤكد رفضه التام للمخططات الانفصالية التي تستهدف المس بسيادة الدول    نتنياهو يغلق مكتب الجزيرة في إسرائيل بزعم أنها شبكة "تحريضية"    الزمالك المصري يلعب ورقة المال للفوز على نهضة بركان    المغربية آية العوني تتوج ببطولة أنطاليا لكرة المضرب    هل يستسلم المحافظون لمصيرهم في الانتخابات البريطانية بالاستمرار تحت قيادة سوناك؟    جواد مبروكي: الحمل والدور الحاسم للأب    منظمة تدعو لفتح تحقيق في مصرع عامل بمعمل تصبير السمك بآسفي    المكتب الوطني المغربي للسياحة غيربط غران كاناريا بورزازات مع شركة بينتر للطيران    قتلى ومفقودون جراء فيضانات البرازيل    حماس تقول إنها "حريصة على التوصل لاتفاق شامل" بغزة وإسرائيل ترفض وقفا دائما للحرب    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    محكمة الحسيمة تدين شخصا افتض بكارة فتاة قاصر    زوجة الدكتور التازي تعانق الحرية في هذا التاريخ    فيدرالية ناشري الصحف تدعو لاستثمار تحسن المغرب في تصنيف حرية الصحافة العالمي    انطلاق عملية " العواشر" بساحة الهوتة بشفشاون    لشكر زعيم الاتحاد الاشتراكي: الشعب الجزائري يؤدي الثمن على دفاع نظامه على قضية خاسرة والعالم كله يناصر مغربية الصحراء    المغرب يسحب أول دفعة من قرض 1.3 مليار دولار من صندوق النقد الدولي    "نوستالجيا" تحصد جائزة الجم للمسرح    حقيبة يد فاخرة بسعر سيارة .. استثمار ذو وزن    نشرة إنذارية.. موجة حر مرتقبة من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المملكة    فينسيوس يسخر من لامين يامال    برلماني يسائل وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات..    وثائقي يسلط الضوء على 6 ألوان فنية شعبية بضفاف وادي درعة    التأكيد على أهمية تطوير الشراكة بين الإيسيسكو والسنغال في التربية والعلوم والثقافة    برنامج دعم السكن ومشاريع المونديال تنعش قطاع البناء خلال اوائل 2024    اختلاس وتبديد فلوس عمومية جرّات مسؤولين فمركز الاستشارة الفلاحية بالحسيمة لغرفة الجنايات ففاس    هل زيادة 1000 درهم في الأجور قادرة على مواكبة نفقات الأسر المغربية؟    وضعية الماء فالمغرب باقا فمرحلة "الإنعاش".. نسبة ملء السدود وصلت ل32 فالمية وبدات فالتراجع    رشق إيريك زمور بالبيض خلال حملته الانتخابية    الفنان الجم يكشف حقيقة إشاعة وفاته    قلعة مكونة تحتضن الدورة 59 للمعرض الدولي للورد العطري    ڤيديوهات    طنجة.. مهرجان "هاوس أوف بيوتيفول بيزنيس" يرفع شعار الإبداع والتلاقح الفني    قاتل والده بدوار الغضبان يحاول الانتحار بسجن سيدي موسى بالجديدة    بطولة انجلترا: إيبسويتش تاون يعود للدوري الممتاز بعد 22 عاما    جائزة ميامي للفورمولا واحد : فيرستابن يفوز بسباق السرعة    اللعابا د فريق هولندي تبرعو بصاليراتهم لإنقاذ الفرقة ديالهم    من هو الشاعر والأمير السعودي بدر بن عبد المحسن؟    إدارة المغرب التطواني تناشد الجمهور بالعودة للمدرجات    دراسة.. نمط الحياة الصحي يمكن أن يضيف 5 سنوات إلى العمر    الأمثال العامية بتطوان... (589)    المغرب يسجل 13 إصابة جديدة بكورونا    دراسة تربط الغضب المتكرر بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب    العقائد النصرانية    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المساء تكشف الوجه الآخر لسائقي سيارات الأجرة بليل البيضاء
حكايات سائقين «شاهدوا» الموت واتهامات لآخرين بالاتجار في المخدرات أو التوسط في الدعارة
نشر في المساء يوم 19 - 10 - 2014


حمزة حبحوب
لا يخفى على أحد فضل سيارة الأجرة من الحجم الصغير في تيسير عملية التنقل وتوفير شروط الراحة للزبون والمساهمة في تنشيط السياحة الداخلية والخارجية، ذلك أنها أوجدت لهذه الأغراض، فوضعت شروط خاصة لنيل رخصة سياقتها، علاوة على ذلك يشترط في سائقيها التوفر على مميزات معينة دون غيرهم من السائقين. لطالما كان الأصل في العلاقة بين الزبون والسائق هو الثقة، والأمر نفسه بين هذا الأخير والسلطات، لذلك اشترطت رخصة الثقة لهذا الصنف من سيارات الأجرة. في الدار البيضاء يوجد عدد هائل من سيارات الأجرة الصغيرة، لخدمة عدد سكان المدينة الكبير، فما تكاد تولي وجهك صوب شارع ما إلا وتلمح إحداها تجوبه تبحث عن زبناء محتملين أو تقلهم، وغالبا ما يكون ثمنها «ممنوعا» على الجميع، فهي ميسرة للخاصة فقط، لكن الليل يجعلها من نصيب خاصة الخاصة فقط. فسيارة الأجرة في الليل غير تلك التي تعمل نهارا، خاصة في مدينة كالبيضاء، وكذلك الأمر بالنسبة إلى سائقيها ونوعية زبائنها. «المساء» تسبر عالم سائقي «الحمراء» الليلي وتكشف حقائق مثيرة عن حوادث تعرض لها السائقون، كما تقربكم من أماكن اشتغالهم وطبيعة زبائنهم .
محمد.م أحد السائقين الذين دأبوا على الاشتغال في الفترة الليلية بمدينة الدار البيضاء، سبق له أن عاش ليلة في الجحيم ورأى الموت بعينيه، يحكي عن ذلك فيقول: «أنهيت عملي مثل كل يوم عند الساعة الثالثة صباحا، فهممت بركن سيارتي في المكان المخصص لها، أتت شابة فطلبت مني أخذها إلى أحد الأحياء، فأجبتها بأني أنهيت عملي، فجأة، باغتني شاب يحمل سلسلة من حديد (كرافاج) انهال بها على رأسي حتى أدماه، بعد ذلك تقدم صديقه حاملا هراوة وشرع في ضربني بواسطتها على ظهري، لم يجدِ صراخي وأنيني شيئا ولم ينفعني استعطافي، ولولا فراري لكنت الآن في عداد الموتى. عقب تواري عنصري العصابة علمت أن الفتاة كانت تعمل لصالحهما، وقال لي الحارس الليلي إنه لم يكن بمقدوره أن يساعدني، فالجاني معروف بإجرامه وسط الحي والكل يتقي شره».
معاناة محمد لم تقف عند هذا الحد، بل تضاعفت عند وصوله إلى مستشفى مولاي يوسف الذي وجده خاويا على عروشه، يقول: «استوحشت من خلو المستشفى إلا من شخص لا يرتدي بذلة العمل، فلم أجد بدا من عرض حالتي الحرجة عليه. طلب مني التوجه إلى قاعة مجاورة حيث رتق جروح رأسي بطريقة مؤلمة، وطلب مني الرجوع لأخذ الدواء عند قدوم الطبيبة المكلفة. عدت أدراجي وكل بدني ونفسي ألم وحسرة، عدت والدمع يغالب عيني خائبا في بلدي ووطني الذي أحببته من كل قلبي».
مغامرة محمد الليلية لم تنته بعد، ولكنها ستزداد تعقيدا داخل مركز الشرطة، يحكي عن ذلك قائلا: «وجدت معاملة أكثر غلظة، إذ انتظرت طويلا قبل أن يحضروا الجاني الذي تعرفوا عليه بسهولة لكثرة سوابقه العدلية والشكايات المقدمة ضده، أرسلوه إلى المحكمة دون إذني ودون إحضار باقي أفراد العصابة، فسابقت الزمن إلى المحكمة حيث متاهة أخرى وقصة معاناة جديدة، أجلت القضية وأجلت معها معاناتي».
ما حكاه محمد غيض من فيض ما يعانيه سائقو سيارات الأجرة بصنفيها في الدار البيضاء كل ليلة، فأبشع مما حكاه السائق السالف حدث حينما أقدم شاب ثلاثيني تحت تأثير أقراص الهلوسة على ذبح سائق سيارة أجرة كان متوقفا غير بعيد من محطة «الترامواي» المتاخمة لحي أناسي، إذ وجه طعنات إلى أنحاء مختلفة من جسمه، خرّ على إثرها السائق مضرجا في دمائه قبل أن يعمد إلى جز عنقه من الوريد إلى الوريد، ولحسن الحظ يسرت كاميرات المراقبة عملية القبض عليه بسرعة.
مسدس بلاستيكي
موقف غريب آخر حدث لأحد سائقي «الحمراء» أثناء مناوبته الليلية، يحكي تفاصيل الحادث ل«المساء»: «كنت متجها صوب فندق (فال أنفا) عندما استوقفني أحدهم مشهرا مسدسا في وجهي، انفطر قلبي وكاد يغمى علي من شدة الخوف، استسلمت له وهممت بتسليمه كل ما أملك لكني ما كدت أترجل من السيارة حتى باغته ثلاثة شبان أسقطوه أرضا وأخذوا منه المسدس، الطريف في الأمر أننا بعد التحقق من المسدس تبين أنه مصنوع من البلاستيك وأن الشاب يستعمله فقط لترهيب الناس وتهديدهم بالقتل، فسلمناه للأمن غير أن ضغطا كبيرا مورس علي لأقدم تنازلا، خاصة أن اللص من أقرباء مسؤول أمني كبير».
قصة الضغط هاته من أجل التنازل ليست الأولى التي تحدث للسائق نفسه، الذي رفض الكشف عن هويته، «ففي إحدى الليالي وسط شارع أنفا كنت أقلّ ثلاث فتيات أجنبيات عندما اعترض سبيلي مجموعة من الأشخاص حاولوا سرقتهن وتجريدهن من كل ما يملكن، وعند مثولهم أمام الشرطة طلب مني بعض رجال الأمن تقديم تنازل عن الشكاية لأن أحد الجناة من عائلة مسؤول أمني رفيع».
ما ذكر من حوادث، والتي يكون ضحيتها السائقون، في الغالب، لا تنفي بعض ممارسات السائقين السلبية والمشينة، وقد اعترف كثيرون منهم في حديثهم ل»المساء» بوقوعها، يقول أحد السائقين القدماء في المهنة رافضا الكشف عن اسمه «بعض السائقين.. يتوسطون في الدعارة ويجلبون المومسات للخليجيين وغيرهم من الأجانب، وبعضهم يروجون المخدرات ويبيعون الكحول أو يكلفون بإيصال كميات منها لمن يحبون التواري».
الساعة تشير إلى الواحدة ليلا، عتمة مخترقة بضياء حانات مكتظة في حي المعاريف الراقي، كل أصناف البشر اجتمعت على شر، مومسات في مقتبل العمر ونساء بلغن من الكبر ما استعصت على ستره مساحيق التجميل! في الجانب الآخر رجال في هيئة نساء ينتظرون زبناء غير طبيعيين! أمام الحانة ثلاث سيارات أجرة صغيرة سائقوها هم الآخرون ينتظرون زبناء، لا تهمهم طبيعتهم بقدر ما تهمهم أموالهم! ضحكات متعالية وأجساد مترنحة تكاد تقع من فرط السكر.. «يظهر لي أن الليلة جافة..» كلمات يائسة خرجت من فم أحد السائقين الذي اعتاد الاشتغال في المكان نفسه كل ليلة، لم يجد بدا من أخذ قسط من النوم بعد أن انتظر ساعة كاملة، عقبها أيقظته حسناء أنيقة وطلبت منه إيصالها إلى منزلها، بابتسامة عريضة أجابها بالإيجاب وقام مسرعا ليفتح لها باب السيارة ثم انطلق تاركا وراءه زملاء ينظرون وينتظرون.
عبد الإله السعيد، رئيس المصلحة الولائية للشرطة القضائية بولاية الدار البيضاء، ورئيس الخلية الولائية للتواصل، أكد ل»السماء» أن «المصالح الأمنية كثيرا ما أوقفت سائقي سيارات الأجرة متورطين في بيع المخدرات أو منتمين لشبكات منظمة تروجها أو تتوسط في الدعارة، فضلا عن هذا فعمليات نصب مجموعة من السائقين على الزبناء أو إيذائهم بشتى الوسائل موجودة على أرض الواقع ولا سبيل لنفيها».
جهود مشتركة
مصطفى شعون، الكاتب العام الوطني للنقابة المغربية لمهنيي النقل، أقر في تصريح ل«المساء» بوجود هذه الانحرافات، واصفا إياها بالحالات الشاذة، ومؤكدا على ضرورة محاربتها والتصدي لها، إذ قال: «لا ننكر أن مجموعة من السائقين يسيئون للمهنة من خلال سلوكات منحرفة لا تنم أبدا عن شرف المهنة، لكنها تبقى حالات قليلة نسعى بكل جهد لمحاربتها.».
شعون تحدث، كذلك، عن الإكراهات التي تواجه سائقي سيارة الأجرة من الصنف الصغير العاملين خلال الفترة الليلية، عندما قال: «لا توجد أي ضمانات أمنية لحماية سلامة السائق، ولعل الحوادث الكثيرة التي كان ضحيتها عشرات السائقين خير دليل على هذا، قدمنا مقترحات إلى الجهات الوصية لكن للأسف لم يكن أي تجاوب معنا، بل إننا قدمنا لولاية الجهة مقترحا بوضع منبه صوتي أو إشارة ضوئية تعلم بحالة الخطر داخل سيارة الأجرة غير أنه لا من مجيب ! اللهم تعاون بعض رجال الأمن المحدود. لقد عملت سائقا لسنوات عديدة واستشعرت غياب الأمن والمخاطر المحدقة بالسائق، لذا ننذر الجهات الوصية بإيجاد حلول لهذا الأمر قبل أن تقع المزيد من الكوارث».
من جهة أخرى، أكد عبد الإله السعيد، أن المصالح الأمنية تسعى جاهدة لتوفير الأمن لسائقي سيارات الأجرة وحمايتهم، منبها إلى ضرورة التفريق بين صنفين اثنين من المشاكل «الأول مرتبط بمشاكل بين السائق والزبون تحدث بشكل عفوي وتلقائي لا يمكن استباقها أو التدخل القبلي للحد منها، والثاني متعلق بجهات محددة تستهدف السائقين وتتربص بهم وهذه تبقى محدودة وقليلة».
يضيف السعيد قائلا: «سبق لنا أن اجتمعنا بالمسؤولين النقابيين وأرباب سيارات الأجرة، وناقشنا المشاكل التي يعاني منها السائقون، كما عرضنا على السائقين ملاحظات المواطنين وشكاياتهم في ما يخص بعض السلوكات التي تصدر من السائقين. بشكل عام، نحن نعمل وفق استراتيجية أمنية تهدف إلى حماية المواطن وتوفير الأمن وزيادة عناصره في مختلف البؤر والمناطق السوداء، وكذا التجمعات السكنية إضافة إلى محطات سيارات الأجرة، خاصة في الفترة الليلية).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.