هم الحمالون أو ''العاملون المياومون، تجدهم في أسواق الجملة لبيع المواد الغذائية والخضر والفواكه والأثاث، همهم الوحيد توفير لقمة العيش، تقيهم مد اليد للغير، مما يجعلهم يقبلون العمل بأجر زهيد من دون أن يفكروا في الحديث عن حقوقهم. لم يكن سهلا الحديث إليهم والنبش في معاناتهم اليومية ولا تذكيرهم بالخطر الذي يتهدد صحتهم وخاصة ظهورهم ''المقوسة'' من شدة "الأثقال" التي يحملونها على ظهورهم والتعب طيلة اليوم صيفا وشتاء. من منا لم يصادف يوما "حمالا" أو حتى استعان بخدمته، علي ظهورهم وأياديهم وأكتافهم حمولة ثقيلة على مدار ساعات، ولا أحد فكر فيهم من أين أتوا ومن دفعهم لامتهان هذه المهنة التي تبقى رمزا للتعب والقهر والمخاطر الصحية المتعددة. فلا يمتهن حمل البضائع أو ما يعرف بمهنة"الحمالة"، إلا من لا حيلة له لتوفير" طرف الخبز" غيرها، ويركز من يرغب في ''توظيف'' العاملين فيها على البنية الجسدية وقوة التحمل وصغر السن وتبقى محنتها في ممارستها ومخاطرها الشديدة. شباب وقاصرون ''تعبت لكن لا خيار اليد قصيرة والعين بصيرة" جملة عبر بها قاصر في الخامس عشرة من عمره، فعلى الرغم من قصر قامته وصغر سنه يتحمل ظهره الأوزان والأكياس والحمولة ليعيل نفسه وعائلته، حيث يقول: ''نحن نعمل ونتمنى أن تزدهر التجارة ويزدهر معها أجرنا'' أما يونس، 19 سنة، والذي يعمل كحمال منذ سنتين، فيسرد جزءا من حياته قائلا: ''أوقفت الدراسة في السنة الأولى ثانوي، وكنت عندما أخرج في عطلة دراسية آتي إلى السوق للعمل، ووجدته، بعد تفرغي، الفضاء الوحيد لأكسب منه قوت يومي'' ويردف بالقول " نحن نعمل بأجرة يومية ولا حق لنا في المرض أو العطلة " مرضت برك في داركم.." وعن الأجر يقول ''هو قليل جدا مقارنة مع الجهد الذي يكلفني وكذا التعب" لكني يستدرك مجبر على التحمل في غياب البديل " اللهم نخدم ولا نسرق"، أصبر من أجل عائلتي المكونة من طفلين''. وقال بائع بالجملة في سوق بنجدية بالبيضاء هناك فئتان من "الحمالين"، حيث يعمل بعضهم بشكل مستقل وآخرون يشتغلون مع محلات بعينها ودون غيرها. مخاطر عديدة وعن المخاطر والحوادث المهنية التي تهدد حياتهم، يقول إن منهم من يتعرض لكسور ورضوض بسبب عدم تمكنه من حمل الأكياس الثقيلة للسلع''. وهناك من تنتهي حياته المهنية بسبب الحادث، ويضطر صاحب العمل إلى تأمينه وتمكينه من حقوقه. وأضاف المتحدث ''نحن نمنع على الأطفال أن يشتغلوا هذه المهنة، لأنها مخالفة للقانون نظرا لصغر سنهم، لأنه لا يعقل أن يتحمل جسم طفل في ال14 من عمره كيسا أو صندوقا يزن 50 كيلوغراما''، لأن الحمالين غالبا ما يكونون من مدن وقرى مجاورة للبيضاء، مما يجعل العديد منهم ينامون في محلات ومستودعات هي مكان العمل أصلا. كما يحلم هؤلاء بأن يحصلوا على تقاعد محترم ويمنحوا أجسادهم الراحة، بعيدا عن الشقاء والتعب والحمولة التي تكسر ظهورهم في اليوم ألف مرة. حقوق مجهولة وضائعة أغلب الذين تحدثتا إليهم من ضعيفي المستوى التعليمي، غير مصرح بهم لدى مصالح الضمان الاجتماعي، ولا جرأة لديهم للحديث أو حتى التفكير في تنظيمات مهنية أو نقابية، خوفا من خسارة مورد رزق لا بديل لهم عنه.