لايزال ملف ضابط الشرطة المتقاعد، الذي نفذ هجوما ناريا على جيرانه بحي السلامة بمدينة المحمدية، وأصاب أحد جيرانه برصاصة في بطنه، عالقا داخل رفوف محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، بعد أن مرت أزيد من خمسة أشهر على الحادث الذي أرعب ساكنة المحمدية، ولايزال الضابط قيد الاعتقال يخضع للتحقيق، وقد أكدت مصادرأنه حصل على وثائق تثبت إصابته باضطرابات نفسية، بينما تماثل الضحية للشفاء وبدأ إجراءات مقاضاة الضابط. وكان ضابط شرطة سابق بميناء المحمدية أطلق النار على جيرانه، الذين صعدوا إلى شقته من أجل إقناعه بالعدول عن الضوضاء التي كان يحدثها. حيث أصاب أحد جيرانه الذي يعمل موظفا بشركة الفوسفاط باخريبكة، بعيار ناري من بندقية، على مستوى البطن كلفته حينها شهادة طبية مدة العجز بها 75 يوما قابلة للتجديد، وإخضاع المصاب لعملية جراحية بمستشفى ابن رشد بالدارالبيضاء دامت زهاء أربع ساعات لاستخراج الرصاصة التي استقرت على مستوى جانبه الأيمن. و أحالت حينها الشرطة القضائية بالمحمدية ضابط الشرطة الممتاز المتقاعد على محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، بتهمة حيازة سلاح ناري بدون ترخيص واستعماله في محاولة القتل العمد والسب والشتم والتهديد وإلحاق خسائر مادية بملك الغير. وتم حجز بندقية بدون ترخيص و43 خرطوشة وثلاثة أغشية للخراطيش التي أطلقها من بندقيته. وكانت الشرطة القضائية اعتقلت الجاني بعد اقتحام هوليودي لمنزله الكائن بإقامة السلامة العمارة نون الطابق الثالث الشقة ثمانية، وتفجير قنبلة مسيلة للدموع في وجه الجاني الذي كان في حالة توتر خطيرة ورفض تسليم نفسه للأمن الوطني. وسبق للضابط أن حكم ابتدائيا بتاريخ تاسع يناير 2008 بشهر حبسا موقوف التنفيذ وغرامة نافذة بقيمة 500 درهم مع الصائر الإجباري في الأدنى وكذا بألفي درهم للمطالب بالحق المدني كتعويض لجاره في نفس الطابق الذي فجر عجلتين مطاطيتين لسيارته وهدده بالاعتداء عليه. طلقات نارية لإبعاد الجيران كانت الساعة تشير إلى العاشرة ليلا، حين دوى ضجيج وصراخ داخل العمارة، زرع الرعب داخل بيوت الأسر العشر المقيمة بالعمارة، حيث خرج الجيران نساء ورجال لمعرفة مصدر الضجيج ولو أنهم شبه متأكدين من مصدره. اجتمعوا أمام الشقة مصدر الأصوات المزعجة، وكلهم قلق أن يكون صاحب الشقة قد تعرض لأذى، نادوه لكي يفتح الباب، وطرقوا الباب طويلا بعد أن ازداد الضجيج... لكنهم وبعد ثوان فوجئوا بضربتين قويتين توجهان إلى الباب، حيث برز ثقبان في وسط وأسفل باب شقته. فظنوا أنه كان يضرب الباب بمدية أو مطرقة، فزاد إلحاحهم له على ضرورة فتح الباب، ليفاجأ الجميع بالباب يفتح، ويظهر الضابط شاهرا بندقيته، قبل أن يطلق النار في وجه جموع الواقفين، فأصابت الرصاصة الضحية الذي أصيب إصابة بليغة على مستوى البطن. عندها أدركوا أنه كان يطلق النار عليهم من داخل الشقة، وأن الثقبين اللذين برزا في الباب هما نتاج طلقتين لرصاصتين كان من الممكن أن تخترقا أجسادهم. مباشرة بعد إصابة الضحية (صدقي) تحركت الهواتف النقالة في اتجاه الوقاية المدنية والأمن الوطني والسلطات المحلية. تدخل الأمن واعتقال الجاني في إحدى ليالي فبراير الأخير، وبينما كان رئيس المجموعة الأولى بفرقة الشرطة القضائية يشرف داخل مكتبه على دراسة بعض الملفات، تم إشعاره من قاعة المواصلات بضرورة الانتقال إلى عمارة بحي السلامة، وأن شخصا تعرض لطلقات نارية من بندقية وان إصابته بليغة. وبما أن الواقعة لا تحتاج إلى تأخير فقد ركن الضابط ملفاته وانتقل على وجه السرعة رفقة مساعديه وعناصر من مسرح الجريمة إلى مكان الحادث، ليتبين لهم أن الضحية تم نقله على متن سيارة خاصة إلى قسم المستعجلات بمستشفى مولاي عبد الله، لتنتقل المجموعة الأمنية إلى المستشفى حيث عاينت الضحية الذي لم يكن يقوى على الكلام، بسبب الرصاصة التي اخترقت بطنه، ليحال بعد ذلك إلى المستشفى الجامعي ابن رشد من أجل تكثيف العلاجات وإجراء عملية جراحية لاستخراج الرصاصة. بعدها عادت الفرقة الأمنية إلى مكان الحادث، حيث توصلت بعد البحث التدقيق مع ساكنة العمارة، الى أن الجاني لايزال داخل شقته يتأبط بندقيته. حلت بالعمارة عناصر الفرقة المتحركة للأمن الوطني مدعمة بعناصر من التدخل السريع مدججين بالسلاح، ليتم تطويق العمارة والشقة حيث كان الجاني يختبئ شاهرا بندقيته في وجه كل من حاول الاقتراب منه. لم تجد المجموعة الأمنية المسلحة من بد سوى ولوج الشقة التي كان بابها شبه مفتوح، والقاء قنبلة مسيلة للدموع تم بواسطتها إضعاف الجاني، وعمد ثلاثة عناصر من الفرقة الأمنية إلى الارتماء عليه ونزع سلاحه الناري. تصريحات الضابط الضابط من مواليد 1940 تقاعد منذ أزيد من 15 سنة، وقد اعترف بأن الوحدة وهجرة الأسرة أثرت في نفسيته وجعلته يتعرض لنوبات عصبية، مما جعله يحدث ضوضاء بغرفته وهوما أزعج سكان العمارة، موضحا أنهم أصبحوا يوجهون إليه عبارات اللوم والاحتقار، مما جعله يعرضهم للسب والشتم والتهديد. وعن الضوضاء التي أحدثها ليلة الجريمة قال الضابط إنه سمع ضوضاء عند الجيران أزعجته، فقرر الانتقام وبدأ يدق جدان شقته بمطرقة لديه، وهو ما جعل السكان يأتون إليه معاتبين، فلم يستسغ طرقاتهم القوية وصراخهم خلف باب شقته، مما جعله يأخذ بندقيته التي شحنها بثلاثة خراطيش، ويسدد اثنتين منها صوب الباب مهددا إياهم بالانسحاب قبل أن يفتح الباب ويطلب منهم الابتعاد ولما رفضوا أطلق الرصاصة الثالثة التي أصابت الضحية في بطنه. و تضاربت الآراء حول مدى صحة ما يشاع حوله من مرض نفسي وانفصام في الشخصية. بينما أفادت مصادر أمنية ومدنية أن الضابط يقوم بسلوكات غير طبيعية وأنه لا بد أن يكون مريضا نفسانيا حتى ولو أن الشرطة القضائية لم تتوصل حينها بأية شواهد طبية تثبت صحة ما يروج. ويعيش الضابط (م.م) وحيدا داخل شقته بعد أن هجرته زوجته التي فضلت الاستقرار بكندا رفقة بعض أبنائها، وتسهر إحدى الخادمات على توفيرمتطلبات البيت من طبخ وتنظيف، ويقول بعض الساكنة أن أقاربه أصبحوا لا يطيقون سلوكاته وأنهم أفصحوا لهم عن غضبهم وانتقادهم له في العديد من المرات. وهو ما أكدته أخت الجاني في محضر الضابطة القضائية، حيث صرحت أن شقيقها يعيش وحيدا منذ تقاعده وبعد أن هجرته زوجته وأبناؤه الثلاثة الذين فضلوا العيش خارج أرض الوطن، فيما يعيش ابنه البكر مستقلا عنه بمدينة الدارالبيضاء، وأكدت أن سوء معاملته وقسوته على أقاربه كانت من أسباب هجرتهم، موضحة أن بقاءه وحيدا أثر على سلوكه النفسي.