كشفت وثيقة رسمية حصلت «المساء» على نسخة منها أن تصميم مشروع السوق البلدي الذي تسبب في غضبة ملكية أدت لإلغاء انطلاق المشروع الوطني لتجارة القرب، كلف358 مليون سنتيم سلمت لمهندس معماري محظوظ، كمستحقات مالية، نظير تصميم مبنى من ثلاثة طوابق، يضم 804 محلا تجاريا ضمن مشروع بقيمة سبعة ملايير سنتيم. وبينت هذه الوثيقة أن الواقفين وراء المشروع هربوا صفقة التصميم إلى مهندس من القطاع الخاص، بالنظر لضخامة الغلاف المالي للمشروع، هذا رغم أن البلدية تتوفر على أزيد من 80 مهندسا، منهم ثمانية مهندسين معماريين يتمتعون بالخبرة، كما يتوفر مجلس العمالة والجهة والولاية على جيش من المهندسين. وأثار هذا التعويض السمين جدلا كبيرا بالنظر لضخامته وعدم تناسبه مع طبيعة المشروع، وهو ما طرح عدة علامات استفهام لدى عدد من المستشارين حول كيفية توجيه صفقة اختيار المهندس المكلف بالتصميم، والظروف التي تم فيها اختياره، علما أن المشروع في رمته أصبح في مهب الريح بعد مقاطعة الملك للزيارة التي كانت مقررة لليوسفية من أجل إعطاء انطلاقة أشغاله. وحسب الوثيقة ذاتها فإن مستحقات المهندس المعماري التهمت 358 مليون سنتيم، فيما وصلت قيمة صفقة الدارسات الهندسية إلى 90 مليون سنتيم، وتكلفة صفقة مكتب المراقبة إلى 60 مليون، كما خصص مبلغ 300 مليون سنتيم لصفقة تهيئة المرافق الخارجية من أماكن توقف وتوسيع الطرقات، على أساس رصد أزيد من ستة ملايير لبناء السوق. الوثيقة ذاتها كشفت عن فضيحة أخرى بعد أن اتضح أن المشروع كان سيقدم للملك رغم عدم وجود الاعتمادات المالية اللازمة للشروع فيه، ورغم عدم تسوية وضعيته والمرتبطة أساسا بوضعية السوق القديم، وتوفير المسح الطبوغرافي للوعاء العقاري، والحصول على رأي الوكالة الحضرية، إضافة لشهادة ملكية حديثة العهد وعدد من الوثائق الأخرى. هذه المعطيات التي كانت طي الكتمان رصدتها مذكرة التقديم التي أعدت من طرف بلدية الرباط تمهيدا لعرض الملف على المنتخبين بعد أن احتكرت الولاية تقديم المشروع والإعداد له بشكل حصري تمهيدا لعرضه على الملك. ويبدو أن كلا من وزارة الداخلية وولاية الرباط قررتا رفع اليد عن السوق الذي اتخذ كغطاء له، شعار تحسين ظروف الباعة المتجولين، وإخلائهم من شوارع وأزقة التقدم واليوسفية، من خلال بناء 804 متجرا في إطار بناية تضم سفليا وثلاثة طوابق. هذه الخطورة ربطتها مصادر مطلعة بمحاولة السلطات التخلص من ملف جر عليها غضبة ملكية غير مسبوقة، وورطها في احتجاجات لازالت متواصلة لعشرات من التجار الذين لجأووا للاعتصام بعد هدم محلاتهم القصديرية. وحسب الوثيقة ذاتها، فإن هذا المشروع الذي ألغي تدشينه في آخر لحظة كان سيقام فوق وعاء عقاري تصل مساحته إلى 7000 متر مربع، منها 1400 متر تم اقتناؤها ب 100 درهم للمتر المربع من أملاك الدولة. وكان الملك قد ألغى في آخر لحظة، وفي سابقة من نوعها بالعاصمة، حضور إطلاق المشروع الوطني لتجارة القرب الذي كان مقررا أن يحتضنه مقر ولاية الرباط. وظل عدد من الوزراء والبرلمانيين، إلى جانب عدد من كبار المسؤولين، ينتظرون حوالي أربع ساعات، بعد اتخاذ كافة الترتيبات لاستقبال الملك، قبل أن يصل وزير الداخلية ويعلن إلغاء النشاط بسب غضبة ملكية على طبيعة المشروع.