خلال افتتاح مؤتمره الأخير في ماي 2017، أعلن عزيز أخنوش، الرئيس المتوج على رأس حزب التجمع الوطني للأحرار، عن خطة تبدو طبيعية بالنسبة إلى أي حزب سياسي، وتتمثل في السعي إلى تصدر المشهد الحزبي في أفق الانتخابات التشريعية لسنة 2021. أخنوش قال للحاضرين، ومنهم قيادات في حزب العدالة والتنمية أمثال سعد الدين العثماني والحسن الداودي "نريد أن نكون حزبا قائما بذاته، وليس حزباً مكملاً للأغلبيات، حزبا للجميع، وتتوفر فيه النخب". أكدت تصريحات أخنوش تلك أحد السيناريوهات، التي راجت منذ تعيينه على رأس الأحرار عقب انتخابات 7 أكتوبر 2016، وإثر الدور المحوري الذي أداه خلال فترة "البلوكاج" الحكومي، الذي أفضى إلى إبعاد عبدالإله بنكيران من رئاسة الحكومة، سيناريو تعويض حزب الأحرار بالمهمة التي كانت منوطة بحزب الأصالة والمعاصرة، أي وقف زحف العدالة والتنمية والعودة إلى ما قبل الربيع المغربي لسنة 2011. عباس بوغالم، أستاذ العلوم السياسية، يرى أن خيار تعويض الأحرار لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة "مطروح بقوة"، لأن هذا الحزب "بات يحظى بالدعم والحظوة لدى السلطة مباشرة بعد انتخابات 2016″، ومضى بوغالم إلى القول إن الظروف مواتية أمام هذا الحزب لتحقيق طموحه "فالعدالة والتنمية تعرض لضربات قاسية، وبنيته التنظيمية لم تعد متماسكة بالقدر الذي كانت عليه قبل إعفاء أمينه العام السابق، عبدالإله بنكيران، ما أدى إلى تضرر صورته لدى الرأي العام، ويتوقع أن يتعرض لمزيد من الإضعاف والتآكل". أما المعطى الثاني، الذي يُسعف الأحرار في الوصول إلى هدفه "فهو تآكل حزب الأصالة والمعاصرة، الذي قد يفقد سنده الرئيس المتمثل في الأعيان، الذين بدأ جزء منهم بالفعل في الالتحاق بحزب أخنوش". ويعتبر بوغالم أنه مع قليل من دعم السلطة لحزب الأحرار، يمكنه الفوز بالمرتبة الأولى وإغلاق قوس الحكومة التي يترأسها حزب إسلامي، مؤكدا أن "هذا السيناريو بدأ الاشتغال عليه مبكرا، وبالضبط منذ عودة أخنوش إلى رئاسة هذا الحزب أياما قليلة بعد انتخابات 2021". ويلاحظ أن عزيز أخنوش، رئيس حزب الأحرار، يعمل بجد من أجل تحقيق هذا الهدف، فمنذ المؤتمر الأخير للحزب، يكاد أخنوش يكون الأكثر حركية من بين رؤساء الأحزاب، بحيث ترأس تجمعات تنظيمية لحزبه في 12 جهة، كرّر فيها طموحه في تصدر الانتخابات المقبلة، استنادا على خطة قائمة أساسا على المال، وحد أدنى من التنظيم. أمام تجمع تنظيمي لحزبه في أكادير، أعلن أخنوش عن الجانب التنظيمي في خطته، تتمثل في تأسيس هيئات موازية داخل الأحرار (الشباب، النساء، الأطر..)، وإلزام الوزراء بالنزول إلى الأقاليم والجهات لتأطير المواطنين، وتفعيل دور المنسقين الجهويين، وتكفل الحزب ماليا بفتح مقرات بعدما كان المنسقون هم من يتكفلون بذلك، وتقييم دوري لعمل هؤلاء المسؤولين، ما أفضى إلى الاستغناء عن بعضهم. أما ماليا، فقد شرع أخنوش في التركيز على استقطاب الأعيان ورجال الأعمال الأوفر حظا لنيل أصوات الناخبين، وهو التكتيك الذي سبق أن جرّبه حزب الأصالة والمعاصرة في بعض الدوائر سنة 2016، وحاز على أكثر من مقعد، كما حصل في وجدة وغيرها. لكن هل يمكن للأثرياء تأطير الفقراء وذوي الدخل المحدود؟ يركز عبدالعزيز أفتاني، قيادي في حزب العدالة والتنمية، على هذا المدخل للقول إن تصدر حزب الأحرار للمشهد الانتخابي في 2021 "سيكون صعبا، ويدخل ضمن المستحيل"، لأن الأحرار من وجهة نظره "لا يمكن أن يشكل بديلا، بسبب قياداته الثرية". وأضاف أنه "في وقت من الأوقات دخل هذا الحزب مسارا، على عهد مصطفى المنصوري، كان بإمكانه أن يشكل أحد الخيارات، لأنه حاول بالفعل القطع مع دعم الإدارة والاعتماد على ذاته، لكن هذا التوجه وقع الانقلاب عليه، وتم إبعاد المنصوري". ويرى أفتاتي أنه "يصعب على المترفين أن يؤطروا الشعوب، خاصة في ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة"، مستشهدا بقوله لابن خلدون "الترف يعوق الملك"، في إشارة إلى أن "المترفين من يعمقون الفوارق بين الفئات الحاكمة والمحكومة". وتساءل أفتاتي كيف لمن "أرباحهم في سنة واحدة تعادل استهلاك مدينة بأكملها مثل الناظور أو تازة أو خنيفرة، أن يخاطب الناس، ماذا سيقول لهم، وهم من يُعمّقون مأساة الناس. ما يقع هو محاولة إعادة البؤس إلى الواجهة، بعدما أفشلته الأمة المغربية سنة 2011، على يد فئة من المرجئة والقدرية الجديدة، وهذا لن يقع، ولا يمكن لأي جهة أن تعيد الأمة المغربية إلى الخلف".