في أول خروج كبير لها منذ إحداثها وتنصيبها في السنة الماضية، أشرفت هيئة التأمينات والاحتياط الاجتماعي على توقيع اتفاقية بين خمس تعاضديات للموظفين، تنهي مأساة قرابة 6 آلاف شخص، وجدوا أنفسهم محرومين من معاشات التقاعد وباقي الخدمات التعاضدية، بسبب أخطاء تتمثل في توجيه اشتراكاتهم المالية إلى تعاضدية أخرى. معانات اجتماعية ظلّت منذ عقود تحوّل حياة الكثير من موظفي الإدارات العمومية إلى جحيم، حيث يفاجؤون بعد بلوغهم سن التقاعد، ورغم أدائهم كل الاشتراكات المالية طيلة فترة عملهم، بأن مساهماتهم تلك كانت توجه عن طريق الخطأ إلى تعاضدية أخرى. المتضررون كانوا يوجهون شكاياتهم إلى وزارة التشغيل، والتي تحيلها بدورها على التعاضديات المعنية، قبل أن يدخل وسيط المملكة (ديوان المظالم) على الخط، ويضع الملف على مكتب رئيس الحكومة السابق عبدالإله بنكيران. هذا الأخير دعا الهيئة المحدثة في السنة الماضية، إلى البحث عن حلّ نهائي لهذه المأساة، وهو ما تجسّد أمس في توقيع خمس تعاضديات معنية على اتفاقية بهذا الخصوص. يتعلّق الأمر بكل من التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، والهيئات التعاضدية لموظفي الإدارات والمصالح العمومية، والتعاضدية العامة للتربية الوطنية التي كانت لوحدها تواجه أكثر من 2000 حالة من هذا النوع، ثم تعاضدية الجمارك والتعاضدية العامة للبريد والمواصلات. رئيس الهيئة حسن بوبريك، الذي أشرف، أمس، على عملية التوقيع على الاتفاق، قال إن الخطأ الذي ظلّ يرتكب في حق بعض المنخرطين عبر توجيه اشتراكاتهم إلى تعاضدية غير تلك التي ينتمون إليها، "كان يدخلهم في مساطر معقدة، وقد أصبح لزاما علينا حل الإشكالية. وقد طرح الأمر أول مرة عن طريق وسيط المملكة وتعاملنا معه بايجابية، خاصة أن هناك حوالي ستة آلاف حالة". وأضاف بوبريك أن رئيس الحكومة كان قد طلب رأي الهيئة بعد توصله بالملف من وسيط المملكة، "وكان رأينا هو أن الحل لن يكون بالوسائل القانونية فقط، بل عبر اتفاقية بين التعاضديات". الاتفاق الذي جرى توقيعه صباح أمس، يقضي بشروع التعاضدية التي ينتمي إليها الموظف في صرف معاشه فور توصلها بملفه كاملا، على أن تسترجع اشتراكاته التي لم تتوصل بها، من التعاضدية الأخرى التي كانت توجه إليها. اتفاق قال بوبريك إن الهيئة ستطلع باقي الأطراف المعنية به، مثل خزينة المملكة، "والأمر شديد الأهمية لأننا إذا قمنا بحل مشكلة واحدة ستكون قفزة كبيرة وعملا مهما، بينما الأمر يهم 6 آلاف منخرط، والحل غالبا يكون بسيطا يكفي الاجتماع والتفكير في مصلحة المنخرط". من جانبه رئيس التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، عبدالمولى عبدالمومني، قال إن أهمية الخطوة تكمن في أنها متعلقة بمتقاعدين، "فنحن غالبا ما نعتني بالموظفين، لكن المتقاعدين لا أحد يفكر فيهم. لهذا أنا أحيي وأشكر رئيس الهيئة، ونحن في التعاضدية منخرطون في النهوض بالجانب الإداري والتقني والمالي لبناء شراكة حقيقية مع الهيئة لبناء التغطية الصحية الأساسية بالمجال التكميلي". ممثل وزارة التشغيل في حفل التوقيع على الاتفاق، قال إن الخطوة تحل إشكالا يعاني منه المنخرط دون أن تكون له يد فيه، "فقبل سنوات كنا نتوصل بشكايات في هذا الموضوع ونحيلها على بعض التعاضديات، ولما أتت مبادرة ديوان المظالم مع رئاسة الحكومة، تفاعلت الوزارة مع الموضوع وحضرت كل الاجتماعات التي انعقدت هنا في الهيئة، وهو ما توج بهذا الاتفاق بعدما قدمت التعاضديات تنازلات ومرونة، لكن لا بد من مجهود أكبر لتفعيل الاتفاق".