بعد أن أصبح المغاربة على رأس قائمة منفذي الهجمات الإرهابية في السنين الأخيرة، خاصة بعد الهجوم الإرهابي الدامي الذي عرفته مدينة برشلونة الإسبانية، والذي ظهر أن منفذيه مغاربة ثم بعده هجوم فنلندا، وقبله حوادث أخرى في فرنسا وبلجيكا واسبانيا نفسها سنة 2004، بدأت تُطرح تساؤلات تنصبّ حول أسباب هيمنة المغاربة على لائحة منفذي هذه الأحداث الدامية. وفي هذا الإطار، تناولت صحيفتان إيطاليتان، في آخر أعدادهما، هذا الموضوع بالتحليل وهما: "ليتيرا 43 Lettera"و"إل مانيفيستو Il Manifesto". وكتبت صحيفة "ليتيرا 43" موضوعاً مطولاً عنونته "المغرب، حليف أوربا وفرن الجهاد"، يبحث فيه كاتبه عن تفسير لظاهرة تربع المغاربة على قائمة منفذي الهجمات الإرهابية في أوربا، وعن كون المغرب أول بلد مصدّر للمقاتلين لتنظيم "داعش". وافتتحت الصحيفة مقالها بالإشارة إلى أن المغرب من "البلدان الأكثر أمناً وانفتاحاً في المنطقة المغاربية"، لكنه رغم ذلك فهو أيضاً "البلد الذي ينحدر منه إرهابيون كثيرون أدموا أوروبا وضمنهم المسؤولين عن تراجيديا برشلونة". وفي محاولة للعودة إلى جذور المشكلة، يربط كاتب المقال بين "التطرف" و"الفكر الوهابي والسلفي" الذي تعود جذوره في المغرب إلى فترة الحرب الأفغانية السوفياتية، التي ذهب فيها مئات المغاربة للقتال إلى جانب القوات الأفغانية، هذا الفكر "تسامحت معه السلطات في البداية لأنه كان ذو غطاء ديني فقط ولم يكن يكتسي طابعاً سياسياً، لكن الفقر والفوارق الإجتماعية غذّت هذا الفكر وجعلته ينتشر في صفوف الفئات الهشة وفي الهوامش في المدن الكبرى مثل طنجة والدار البيضاء". وتخلص الجريدة إلى أنه بالقدر الذي يتزايد فيه تعاون المملكة المغربية مع الغرب وتحكم القبضة على الفكر الجهادي الداخلي، بنفس القدر أيضا يتزايد هذا التطرف في صفوف الفئات المهمشة داخلياً. من جهتها، تناولت جريدة "إل مانيفستو" نفس الموضوع، وتحدثت عن "المغرب الذي ليس بالجزيرة السعيدة كما يصبغه كثير من الغربيين"، وعرج المنبر على العدد الكبير من المقاتلين المغاربة الذين غادروا البلد للقتال في سوريا. هؤلاء المقاتلون، يضيف كاتب المقال، خرجوا "بموافقة ضمنية" من السلطات المغربية، "للتخلص منهم ولدعم القوات المعارضة لنظام بشار الأسد". ونبه المصدر إلى أن من المقاتلين من " تطرف بالسجن بعد أن قضى به سنوات بدون سبب". ويشير المنبر ذاته إلى أن تضييق السلطات الخناق على التطرف وضبطه داخليا جعل "الجهاديون المغاربة لا يقاتلون داخل البلد بل فقط خارجه". ويضيف كاتب المقال بأن السلطات المغربية تتوفر على معلومات على عدد مهم من هؤلاء المتطرفين، وهذا ما "يجعل المغرب يروج لنفسه، كشريك رئيسي في محاربة الإرهاب في عيون الأوربيين". من جهة أخرى، تناول الصحفي في تحليله الوضعية الإقتصادية للمغرب "الذي يسير بسرعتين" : فمن جهة هناك شركات كبرى تقوم باستثمارات كبرى، في البنيات التحتية والطيران والصيد البحري والطاقة وتصدر جزءا كبيرا مما تنتجه إلى الخارج، وهذا ما تسبب في ارتفاع غير طبيعي للأسعار داخلياً. من جهة ثانية، يزيد نفس المصدر، هناك فئات كثيرة من المجتمع تعمل دون عقود ودون حقوق، وهناك أيضا فوارق اجتماعية كبيرة بين القرية والمدينة، وغياب التنمية في القطاعات الرئيسية إضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة والتهميش، وهذا ما دفع شبان عديدين للتطرف وإلى أحضان تنظيم "داعش".