كشف تقرير جديد للجنة الاقتصادية الإفريقية، التابعة للأمم المتحدة، أن الاتفاقيات الاقتصادية الجديدة، التي أبرمتها دول المغرب العربي ستحل محل اتحاد المغربي العربي، الذي أسس عام 1989 في مراكش، وهو ما سيجعل الدول الأعضاء، ومنها المغرب، تتخلى عن تسوية الخلافات فيما بينها، وعلى رأسها الخلاف القائم بين المغرب والجزائر حول الصحراء المغربية. التقرير، الذي من المرتقب أن يقدم، اليوم الخميس، خلال الاجتماع الثاني والثلاثين للجنة الخبراء الحكومية الدولية، المنعقد في الرباط إلى غاية نهاية الأسبوع الجاري، اعتبر أنه لا يمكن إنكار أن هذه الاتفاقيات تتيح آفاقا اقتصادية جذابة لهذه البلدان، غير أنه لا بد من الإشارة إلى أن مثل هذه الاتفاقيات ستحل بالضرورة محل اتحاد المغرب العربي، مردفا أن "التطورات الأخيرة، التي تخص اتحاد المغرب العربي، أصبحت تسائل الدول الأعضاء حول إيجاد مخرج إيجابي للصعوبات، التي تواجهها هذه الجماعة الاقتصادية الإقليمية". وتعليقا على التقرير قال سعيد الصديقي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أبوظبي، إن هذه الاتفاقيات ليست بديلا عن اتحاد المغرب العربي، وأضاف "لكن في ظل هذا الجمود الطويل لمؤسسات اتحاد المغرب العربي؛ اضطرت الدول الأعضاء إلى البحث عن قنوات أخرى لتعزيز تعاونها، إذ إن الأمر لا يتعلق ببديل، أو إلغاء للتعاون، بل هو إجراء مؤقت إلى أن تحل المشاكل العالقة، ويستأنف الاتحاد عمله". وأضاف الصديقي في تصريح ل"أخبار اليوم" أن "المغرب العربي يعاني أعطابا كثيرة ما دام أن الخلافات العميقة بين المغرب والجزائر، ودول أخرى قائمة"، مردفا أن "الدول تسعى إلى البحث عن اتفاقيات فردية تنعش من خلالها اقتصادها لأنه ليس في مصلحتها انتظار حتى يتم إخراج الاتحاد إلى الوجود". معدو التقرير اعتبروا أن الفضاء المغاربي يتسم بالبط، ويعاني نقصا في الإرادة السياسية الضرورية للتغلب على الخلافات فيما بين الدول الأعضاء، كما أن الوضع السياسي، والأمني المضطرب، الذي مرت به بعض البلدان خلال السنوات الأخيرة يؤدي إلى بطء العملية، وهو ما جعل هذه الدول تبحث عن فضاء آخر للاشتغال". وأردف التقرير أن المنطقة الإقليمية لشمال إفريقيا شهدت في الآونة الأخيرة تغيرات سريعة في مجال الاتفاقيات التجارية، إذ انضم المغرب، أخيرا، رسميا، إلى الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا أثناء انعقاد قمتها الحادية والخمسين، في يونيو الماضي، وهو ما يسمح له بالانفتاح على فضاء يزيد عن 300 مليون نسمة. وعلى المنوال نفسه، وقعت موريتانيا، أخيرا، اتفاقية شراكة مع الجماعة. وتستعد تونس من جهتها إلى الالتحاق بأكبر تكتل تجاري في إفريقيا، والسوق المشتركة لشرق إفريقيا، والجنوب الإفريقي، وتتوقع السلطات التونسية الانتهاء من المفاوضات، في أكتوبر الجاري، لتفعيل انضمام البلاد إلى سوق من 475 مليون نسمة. أما الجزائر، فباشرت بدورها مفاوضات بالانضمام إلى الكوميسا، وأضاف معدو التقرير أنه "إدراكا من الدول الأعضاء بتأخرها في بناء المغرب العربي، فقد بدأت تعمل على التقرب من الجماعات الاقتصادية الإقليمية الأخرى في القارة، غير أن عملية الاندماج الفردي تضعف عودة الحياة إلى اتحاد المغرب العربي".