شرد بفكره في عيون محبوبته العسليتين ؛ هو حتما رجل محظوظ ؛ هكذا يردد كل اصدقائه ؛ حين تزوج بفدوى ؛ فدوى جميلة الجميلات .ما زال يتذكر كيف تردد طويلا قبل ان يفاتحها في الزواج ؛ كان يدرك انها رفضت عروضا كثيرا ؛ و كم كانت دهشته كبيرة حين اومأت براسها موافقة و اهدته اجمل ابتسامة في العالم ؛ تبدو أمامها ابتسامة الموناليزا باهتة ؛ تمنى حينئذ لو كان يملك جناحين و طار بها في عنان السماء ؛ و هو منتشي بفرحته تردد صدى دعوات امه الحاجة في أذنيه :سير اولدي سعيد انا راضية عليك دنيا و اخرة و الله يرزقك القبول و العز و النصر ؛ حتما استجاب الله لدعوات الحاجة ؛ ما دامت فدوى التي رفضت رجالا كثر قبله قبلت به هو .لم يستفق سعيد من شروده الا على وقع منبهات السيارات ؛ لانه يعيق السير بعدما اطال التوقف عند الضوء الاحمر .تابع قيادة سيارته بعد ان قدم اعتذارا للسائقين المنزعجين .اليوم هو يوم مميز عنده ؛ انه عيد ميلاد زوجته الفاتنة فدوى ؛ و هو في حيرة من امره ؛ لو كان بمقدوره لقطف نجوم السماء و جعلها عقدا يزين جيد حبيبته ؛ او لقطف الشمس و جعلها تاجا يرصع هامتها ؛ لكن بما انه لا يملك العصا السحرية ؛ قرر ان يقتني لها عطرها الباريسي المفضل مع اجمل باقة ورد لاحلى وردة.عرج على بائع العطور و بعده على بائع الورود و اختار الاجمل و الابهى و اقفل عائدا الى بيته حيث تنتظره زوجته و امه الحاجة امينة ؛ نعم امه تعيش معه فهو معيلها الوحيد بعد الله ؛ هو وحيدها الذي ضحت من اجله و افنت زهرة شباببها ليشتد عوده ؛ و اشتغلت خادمة في البيوت و تحملت الوانا شتى من الاهانات ؛ ليحضى ابنها بفرصة الدراسة و الحصول على احسن الدبلومات .هكذا كان درس سعيد بجد و كد ليحقق امنية والدته و اصبح مهندسا كبيرا يشتغل في احسن الشركات .ادخل المفتاح في قفل الباب ؛ و فجأة تناهى اليه صوت انين مبحوح ؛ هرع الى غرفة والدته ؛ لعلها مريضة او تعاني من شئ ؛ وجد امه قابعة في زاوية من الغرفة ؛ و هي تكفكف دموعا احس بانها دموع الم و حرقة كبيرين ؛ اسرع بالجلوس عند قدميها و بعد ان قبل جبينها و استفسرها :ما بك يا ست الحبايب ؟ رمقته بنظرة غريبة ملؤها الالم و العتاب ثم تمتمت :لا عليك ابني فقط مجرد مغص بالمعدة اخذت دوائي و ساتحسن حتما .تنفس الصعداء و راح يقبل يديها و يكيل الحمد و الشكر لله ؛ ثم بادرها نعم ستتحسنين امي و سترافقينا انا و فدوى الى المطعم و سنحتفل جميعا بعيد ميلاد فدوى .هنا تذكر الهدية و فدوى ؛ و انصرف الى غرفتهما ليعطي لزوجته الحبيية ؛ هديتها و يتمنى لها كل السعادة و الحب معه .دخل الغرفة ووجد فدوى ممدة على الفراش ؛ رمقته بنظرة غاضبة ؛ و تعجب للامر ؛ لما لا ترتدي احلى فستانها و تضع اجمل مجوهراتها ؛ كما وعدته صباحا ؛ ما بك عزيزتي و قرة عيني و مهجتي ؟ انظري جلبت لك عطرك المفضل ؛ و وورودك المفضلة التي تغار من بهائك و رونقك يا اجمل وردة .نظرت الى زوجها بدلال و غنج و اقتربت منه و همست له في اذنيه :هل تحبني فعلا يا سعيد ؟ وهو يقاوم اغرائها الذي لا يقاوم اجابها :و هل عندك في ذلك شك يا معشوقتي يا حياتي اطلبي ما شئت فانا رهن اشارتك يا وردتي ؛ فاسترسلت و هي تتغنج و تتلوى :اذن هدية عيد ميلادي لا اريدها عطرا اريد ان تضع امك في دار للعجزة لا اتحمل تواجدها معنا ؛ اريد ان احس باني سيدة البيت ؛ حرة فيه ؛ صعق لكلامها ؛ و اندهش كيف لها ان تطلب منه هذا و هي تدرك تمام الإدراك مكانة امه لديه و انه معيلها الوحيد بعد الله ؛ نظرت اليه و هو يصارع الصدمة و دنت منه اكثر فاكثر ؛ هي تدرك مدى السحر الذي يعبث به جمالها و غنجها فهمست له في أذنه :حبيبي انا او لا احد في هذا البيت .و صوبت اليه نظرة ساحرة ؛ نعم هزمت امه ؛ هو لا يستطيع ان يعيش بدون فدوى ؛ هي اكسير حياته ؛ تعلقت به اكثر فاكثر و هو بداخله انطلق صراع مرير :امه ام حبيبته ؟ امه التي ضحت من اجله ام زوجته التي جعلت منه أسعد رجل في العالم؟ ربما امه ستتفهم الامر ستقبل ان تضحي مرة اخرى من اجل سعادته ؟ وهو يتلوى من فرط الم الموقف ؛ شرعت فدوى تنتشي بفرحة الانتصار ؛ من نظرات سعيد الزائغة حتما الجولة لصالحها ؛ فراحت تدق اخر مسمار في نعش تردده :حبيبي لن نتخل عنها سنقوم بزيارتها كل جمعة .نظر اليها سعيد و كانه يراها لاول مرة ؛ و لف ذراعيه حول خصرها ؛ و همس في اذنيها:احبك يا قرة عيني بل اعشقك لحد الوله يا نجمتي ؛ لكن اعذريني فالجنة تحت اقدام الامهات و ليس تحت أقدام الزوجات بيني و بينك المحكمة ساطلب الطلاق