الحوار الاجتماعي المركزي بالمغرب: المرجعيات والمنجزات    الدكتور هشام المراكشي يصدر مؤلفه الجديد 'نوازل العقار في الفقه المالكي والعمل بأحكامها في القضاء المغربي    مؤلف جديد يناقش الذكاء الترابي وسبل تحقيق التنمية الجهوية بالمغرب    حريق مهول يندلع داخل سوق المتلاشيات بإنزكان    موسيقى الجاز و كناوة .. سحر ووصل ولغة عالمية تتجاوز حدود الزمان والمكان    مدينة طنجة توقد شعلة الاحتفال باليوم العالمي لموسيقى "الجاز"    تكريم الممثل التركي "ميرت أرتميسك" الشهير بكمال بمهرجان سينما المتوسط بتطوان    تسارع نمو الاقتصاد الإسباني خلال الربع الأول من العام    بورصة الدار البيضاء تفتتح تداولاتها بأداء سلبي    التلسكوب الفضائي"جيمس ويب" يلتقط صورا مفصلة لسديم رأس الحصان    الناصيري ل"الأيام 24″: أشغال ملعب "دونور" تسير بوتيرة سريعة ومعالم الإصلاح ستظهر قريبا    "مصير معلق" لاتحاد الجزائر وعقوبات قاسية في انتظار النادي    بطولة إفريقيا للجيدو.. المنتخب المغربي يحتل المركز الثالث في سبورة الترتيب العام    سفيان رحيمي يوقع عقد رعاية مع شركة رياضية عالمية    ثمان نقابات بقطاع الصحة تعلن عن سلسلة إضرابات وتحشد لإنزال بالرباط    البحرية الملكية تقدم المساعدة ل81 مرشحا للهجرة غير النظامية    ثلاث وفيات وعشرون حالة تسمم بأحد محلات بيع المأكولات بمراكش    ثلاثيني يُجهز على تلميذة بصفرو    هل تحول البرلمان إلى ملحقة تابعة للحكومة؟    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    رئيسة الجمعية العامة لليونيسكو تطلع على ورشة لتكوين صناعة الزليج التقليدي التطواني    العصبة الاحترافية تتجه لتأجيل مباريات البطولة نهاية الأسبوع الجاري    حماس تستعدّ لتقديم ردّها على مقترح هدنة جديد في غزة    وحدة تابعة للبحرية الملكية تقدم المساعدة ل81 مرشحا للهجرة غير النظامية جنوب – غرب الداخلة    النعم ميارة يستقبل رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا    فتاة هندية تشتكي اعتداءات جنسية .. الأب والعم بين الموقوفين    الوداد يحدد لائحة المغادرين للقلعة الحمراء    ستة قتلى في هجوم على مسجد بأفغانستان    اش خذات الباطرونا واش خدات النقابات باش يتزاد فالسميك وفالصالير الف درهم: عرض قانون الاضراب فالدورة الربيعية والتقاعد على 65 عام فالخريفية    الموانئ الأوروبية في حاجة إلى استثمار 80 مليار يورو لبلوغ التحول الطاقي    ف 5 يام ربح 37 مليار.. ماسك قرب يفوت بيزوس صاحب المركز الثاني على سلم الترفيحة    مع اقتراب افتتاح الاولمبياد. وزير داخلية فرانسا: خاص يقظة عالية راه وصلنا لمستوى عالي جدا من التهديد الارهابي    أسترازينيكا كتعترف وتعويضات للمتضررين تقدر توصل للملايين.. وفيات وأمراض خطيرة بانت بعد لقاح كورونا!    حمى الضنك بالبرازيل خلال 2024 ..الإصابات تتجاوز 4 ملايين حالة والوفيات تفوق 1900 شخص    معاقبة جامعة فرنسية بسبب تضامن طلابها مع فلسطين    الصين تتخذ تدابير لتعزيز تجارتها الرقمية    مطار الحسيمة يسجل زيادة في عدد المسافرين بنسبة 28%.. وهذه التفاصيل    بطولة اسبانيا: ليفاندوفسكي يقود برشلونة للفوز على فالنسيا 4-2    يتقاضون أكثر من 100 مليون سنتيم شهريا.. ثلاثون برلمانيًا مغربيًا متهمون بتهم خطيرة    مغربية تشكو النصب من أردني.. والموثقون يقترحون التقييد الاحتياطي للعقار    مواهب كروية .. 200 طفل يظهرون مواهبهم من أجل تحقيق حلمهم    فرنسا.. أوامر حكومية بإتلاف مليوني عبوة مياه معدنية لتلوثها ببكتيريا "برازية"    أسماء المدير تُشارك في تقييم أفلام فئة "نظرة ما" بمهرجان كان    مشروبات تساعد في تقليل آلام المفاصل والعضلات    تحديات تواجه نستله.. لهذا تقرر سحب مياه "البيرييه" من الاسواق    مجلس النواب يطلق الدورة الرابعة لجائزة الصحافة البرلمانية    برواية "قناع بلون السماء".. أسير فلسطيني يظفر بجائزة البوكر العربية 2024    الشرطة الفرنسية تفض اعتصاما طلابيا مناصرا لفلسطين بجامعة "السوربون"    الرئاسيات الأمريكية.. ترامب يواصل تصدر استطلاعات الرأي في مواجهة بايدن    رسمياً.. رئيس الحكومة الإسبانية يعلن عن قراره بعد توجيه اتهامات بالفساد لزوجته    إليسا متهمة ب"الافتراء والكذب"    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل مرحلتها الأخيرة    حكواتيون من جامع الفنا يروون التاريخ المشترك بين المغرب وبريطانيا    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    الأمثال العامية بتطوان... (583)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القصة الكاملة للخلية التي تصدر « مجاهدين» بينهم ناظوريون إلى سوريا
نشر في أريفينو يوم 07 - 09 - 2013

الخبر كان متوقعا منذ شهور، فالحديث عن مغاربة أو أشخاص من أصول مغربية، يتحدرون من شمال المملكة، بدأ يتكرر في وسائل الإعلام، حين التقطته أذن الأمن في الضفتين، مخافة أن يتحول هؤلاء الجهاديون إلى «إرهابيين»،
«تكون البداية، رشق حافلات بالحجارة، فيكون المتهم ارتكب مخالفة، ثم يتطور الأمر فيهجم على قوات الأمن، هنا يتحول إلى زعيم عصابة، ثم قد نجده يقود عمليات تهريب المخدرات، وبعد هذا كله يظهر له نور الله «se ve luz de dios «، هذا التصريح هو لمسؤول أمني إسباني، عندما كان يجيب على تساؤلات إحدى الصحفيين حول نشأة «خلية سبتة».
«خلية سبتة» التي أزعجت المخابرات الإسبانية، تتلخص مهمتها في تجنيد مقاتلين وإرسالهم إلى سوريا، من أجل القتال مع الجيش الحر، وكان نفس المسؤول الإسباني قد صرح بأن الخلية قامت بتجنيد حوالي 50 شخصا تم استقطابهم من مدن الشمال، طنجة وتطوان والناظور، والفنديق على وجه الخصوص.
تساؤلات كثيرة ظلت مطروحة حول هذه الشبكة، أبرزها كيف سمحت المخابرات الإسبانية لأفراد الخلية بالتحرك، واستقطاب كل هذا العدد من المغاربة، بينما كانت مكالمات أعضاء الخلية، حسب تصريح المسؤول الإسباني، تحت النصت، ذلك أن مكالماتهم الهاتفية كلها مراقبة، بل أكثر من ذلك، كانت عناصر محسوبة على المخابرات الإسبانية مدسوسة وسط الخلية؟
مسؤول أمني إسباني قال جوابا على هذا السؤال الذي طرح عليه في الندوة الصحفية على خلفية تفكيك الشبكة: «كنا ننتظر جمع كل المعطيات حول الخلية الخطيرة، وقمنا بالتنسيق بذلك مع الشرطة المغربية، لتقديم معلومات تتعلق بهوية الأشخاص الذين استقطبتهم الشبكة».
ويضيف نفس المسؤول بأن أفراد الشبكة كانوا يتحركون كثيرا، بينما الخطة الأمنية كانت تهدف إلى إلقاء القبض عليهم جميعا، لأن فرار أي أحد منهم يمكن أن يسبب مشاكل ومتاعب إضافية.
أحد أفراد الشبكة، كان يتردد كثيرا على مدينة الفنيدق، مهمته كانت محددة، وهي جلب بطائق التعبئة المغربية، إذ كانوا يستعملونها في ربط اتصالات مع المجندين، سواء أولئك الذين تم إرسالهم إلى سوريا أو أولئك الذين مازالوا لم يقرروا في أمرهم بعد.
هذه المعلومة أكدها مصدر أمني مغربي، الذي أوضح ل « اليوم 24» أن عناصر الفرقة الوطنية كانت تتعقب هذا العنصر، وهو إسباني من أصول مغربية.
سرية التحركات
من بين الأشياء المثيرة ل»خلية سبتة» والتي كانت تختلف عن خلايا إرهابية سابقة تم تفكيكها سواء في المغرب أو إسبانيا، هو أن تحركاتها كانت تتم في سرية غير معهودة.. كيف ذلك؟
مصدر داخل سبتة المحتلة، يقول إن الخلية تسربت إليها معلومات بأن الشرطة الإسبانية تراقبهم، لذلك قامت بعمليات تمويه كثيرة، منها مثلا أنه يتم تكليف عنصر من عناصر الخلية بالتوجه نحو مستقطَبين جدد، بعدما تكون هذه المعلومات قد وصلت إلى المخبرين الإسبان، فيقومون بتعقب هذا العنصر، لكن شخصا آخر، وفي مكان سري آخر، هو من يقوم بهذه المهمة. هكذا كانت تتم عمليات تمويه الشرطة الإسبانية، التي كانت تدرك جيدا أنها تتعامل مع خلية تعتمد أساليب متطورة في عملها وكافة تحركاتها.
ولأنها قادرة على التحرك وتغيير مواقعها، في أي لحظة، فإن الشرطة الإسبانية أعدت خطة محكمة من أجل تفكيك هذه الخلية، فكان الحل هو محاصرة حي الأمير بأكمله، وفي الساعات الأولى من الصباح، حتى يقللوا من فرص فرار عناصر هذه الخلية.
السلطات الأمنية المغربية، لعبت دورا محوريا في هذه العملية الأمنية، «عملية التنسيق بيننا استمرت لأكثر من أربعة أشهر، يقول مصدر أمني ل «أخبار اليوم» قبل أن يضيف:» قدمنا للإسبان جميع المعطيات المتعلقة بهوية الأشخاص الذين نجحت خلية سبتة في إرسالهم إلى سوريا».
قبل تفكيك الخلية
«تفكيك خلية سبتة، تطلب أزيد من أربعة أشهر من العمل والتنسيق بين الأمن المغربي والإسباني»، يقول مصدر أمني مغربي، الذي أضاف بأن تكثيف التنسيق تم بعد اعتقال تسعة سلفيين جهاديين يتحدرون من الفنيدق، كانوا يرغبون في التوجه نحو سوريا.
التحقيقيات التي قادتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية مع هذه العناصر بداية يناير الماضي، كشفت عن وجود خلية تعمل بشكل مكثف مركزها مدينة سبتة المحتلة، ويتمركز أعضاؤها بحي «برانسيبي»، وبمقابل التحقيقات التي كانت تقودها الفرقة الوطنية، كانت عين الحرس المدني الإسباني، على هذه الخلية وكل تحركاتها.
مصدر مسؤول بسبتة المحتلة، أكد ل « اليوم 24» أن الوضع داخل هذا الحي كان يزداد سوءا، وكان بعض أفراد الخلية يُعتبرون بمثابة عصابات تحكم سيطرتها على الحي، الذي يقع فوق هضبة يقطنها آلاف من المسلمين المغاربة.
واستفحل الوضع بسبب ممارسات عناصر الخلية، إذ قام أحدهم بعزل إمام مسجد «أُحد» على طريقته الخاصة، يقول نفس المصدر وهو يروي واقعة الاعتداء على الإمام:» كان كثيرَ الانتقاد للإمام بسبب طريقة تلاوته للقرآن التي لم تكن تَرُق السلفي، في أحد الأيام، وبعد انتهاء الصلاة وخروج الناس، قام بالاعتداء على الإمام، متسببا له في جروح خطيرة».
ويسترسل نفس المصدر في الحكي عن ممارسات أعضاء هذه الخلية، يقول:» إنه جرت العادة أن يقرأ الناس الوِرْدَ اليومي من القرآن بعد صلاتي المغرب والصبح، وهذا الأمر كان يزعج السلفيين لأنهم كان يعتقدون أن هذه القراءة بدعة، فقاموا بإحكام سيطرتهم على المسجد وطبقوا ما يعتقدونه ممارسات تعبدية صحيحة».
«الأمن الإسباني لم يكن يكترث لهذه الأشياء، كان يعتبر ذلك شأنا دينيا داخليا لا علاقة له به، ما يهمه هو أمن المدينة وسكانها». يضيف مصدرنا.
وعاد نفس المصدر ليؤكد أن الأمن الإسباني بتنسيق مع الحرس المدني، قرر بعد أشهر من عملية التصنت وتبادل المعلومات مع نظيره المغربي، اقتحام الحي واعتقال الخلية. «اعتقال الخلية كان أمرا في غاية الأهمية والخطورة في نفس الوقت». يؤكد مصدر قضائي مغربي.
أين تتجسد خطورته، تسأل «أخبار اليوم» نفس المصدر، فيجيب:» هؤلاء كانوا يخضعون لتدريبات على أعلى مستوى في إحدى المعسكرات الموجودة على الحدود التركية السورية، وكان يتدربون على حمل أسلحة خطيرة ومتطورة، فالخطورة تكمن في عودتهم سواء إلى المغرب أو إسبانيا، لأن ذلك سيشكل خطرا على البلدين».
مداهمة «الأمير»
كان يوم جمعة، وكانت الساعة تشير إلى السابعة صباحا بتوقيت سبتة المحتلة، عندما سُمع هدير المروحيات وهي تحلق في حي «الأمير» أو «البرانسيبي»، كما هو معروف بين السبتيين. لم يفهم السكان سبب تحليق المروحيات، وفي ساعة مبكرة من الصباح.
«كانت معلوماتهم دقيقة ومركزة، كان يدركون جيدا أن المتهمين موجودين في هذا التوقيت في بيوتهم، وقد عادوا لتوّهم من صلاة الصبح» يؤكد مصدر مسؤول بسبتة المحتلة:» قبل أن يضيف ساخرا:»هم أيضا (يقصد الشرطة) جندوا مخبرين وسط هذه الخلية يأتونهم بالأخبار وكافة المعلومات عن تحركات الخلية».
«هدير المروحيات خلق فزعا كبيرا وسط السكان» يقول محمد حاج علي رئيس جماعة المسلمين بسبتة المحتلة، ل « اليوم 24» قبل أن يضيف:» وما زاد من حجم الخوف هو إقامة الحواجز الأمنية عند مداخل ومخارج الحي».
حلت كتيبة الأمن الإسباني بالحي، مدعومة بفرقة خاصة جيء بها من العاصمة مدريد، مندوب وزارة الداخلية الإسبانية قال إن حوالي 400 عنصر أمن وحرس مدني شاركوا في هذه العملية التي تعتبر أضخم عملية أمنية قامت بها الشرطة الإسبانية بالمدينة المحتلة.
مداهمة الحي استهدفت بيوت المتهمين الثمانية، ستة منهم حسب المصادر، تم إيقافهم داخل بيوتهم فيما اثنان آخران حاولا الفرار، لكن تم إيقافهما عند الحواجز التي وضعتها الشرطة في مداخل الحي، وحتى في بعض المسالك الضيقة التي تؤدّي إليه، «فلا مفر من الاعتقال» هكذا كان يقول لسان حال الشرطة الإسبانية في ذلك الصباح الذي يصفه سكان «برانسيبي» ب»الأسود».
عملية المداهمة كانت توثقها الشرطة الإسبانية، التي بثت شريط فيديو على موقع وزارة الداخلية، يوثق طريقة اقتحام البيوت، وكيف ألقي القبض على المتهمين، الذين تم نقلهم جميعا عبر طائرة مروحية، إلى العاصمة مدريد، هناك حيث سيخضعون للتحقيق والمحاكمة.
من هم المتهمون ؟
المتهمون الثمانية، أعضاء «خلية سبتة» الذين حكم عليهم قاضي التحقيق بالاعتقال الاحتياطي 24 شهرا على ذمة التحقيق، يتحدرون من المغرب، وبالضبط من أقاليم الشرق، الناظور والحسيمة، وفق ما أكده مصدر أمني، الذي أضاف بأنهم مقيمون بمدينة سبتة المحتلة، منذ أن قدموا إليها صغارا، بل منهم من وُلد فيها.
في بيت مساحته 216 مترا مربعا، يقطن كريم عبد السلام، الملقب ب» markito»، عمره يناهز الأربعين عاما، يقول المسؤولون الإسبان، إنه رأس الشبكة بمدينة سبتة، ليس له عمل رسمي محدد، لكنه استطاع أن يمتلك منزلا، يؤكد الإسبان أنه يمتلكه بصفة غير قانونية، لكنهم لم يقدموا تفاصيل كثيرة حول هذا الموضوع.
ويواجه كريم 14 سنة سجنا، بسبب تزعمه لهذه الخلية، التي لها علاقات واسعة مع أتراك وسوريين نافذين، وبلجيكيين.
اثنان من المتهمين كانا يعملان بإحدى مندوبيات حكومة سبتة المحتلة، ومتهم آخر كان يعمل بمركز استقبال المهاجرين في وضعية غير قانونية بسبتة، أو ما يسمى بمركز اللجوء.
التحقيقات مع المتهمين كشفت أيضا أن أحدهم كان يعمل بإحدى الشركات المعروفة بالمدينة، وكانت وضعيته الاجتماعية جيدة، فيما هناك من المتهمين من يملكون سيارات وعقارات وممتلكات، يشك المحققون الإسبان في كون مصدرها، تجارة في المخدرات.
ومن المتهمين المعتقلين أيضا، أحد الأشخاص الذي كان ينشط في عملية التجنيد وكان يستقدم المتطوعين والراغبين في القتال بسوريا، من الفنيدق، هذا المتهم كان يعمل بإحدى المراكز المتعددة الاختصاصات في المدينة المحتلة.
ارتباطات الخلية على مستوى الخارج، تتم عن طريق إسباني آخر من أصول مغربية، هذا المتهم المبحوث عنه يُدعى اسماعيل، يوجد حاليا بالديار البلجيكية، لكن ما هي مهمة هذا الشخص؟ وما هي طبيعة العلاقة التي تربطه بالخلية الموجودة في سبتة؟
مصدر أمني إسباني يجيب على هذا السؤال فيقول:» هذا الرجل يلعب دور الوسيط بين الجهاديين وأسرهم وعائلاتهم، سواء بسبتة أو بالمغرب». ويضيف بأن اسماعيل يقوم بربط الاتصالات ويطمئن عائلات «الثوار»، ويبلغهم إذا استشهدوا، وتكون طريقة الإخبار، بزفّ البشرى إلى العائلة بأن قريبهم «نال الشهادة»، وهو في «جنة الخلد مع الشهداء».
وبحسب نفس المصدر، فإن الخلية استطاعت أن تجند قاصرين، كما تمكنت من تجنيد أربعة أشخاص يعانون من اضطرابات عقلية.
هنا كانوا يتجمعون
في أحد المنازل بحومة «خادو»، كانت الخلية تقدم دروسا للمجندين الذين سيتوجهون عما قريب نحو الحدود التركية. الشرطة أثناء عملية التدخل، حجزت كتبا وأشرطة فيديو وحواسب كانت تستعملها الخلية لتقديم دروس نظرية إلى المجندين، الذين سوف يلتحقون بمعسكرات التدريب قبل الدخول إلى الأراضي السورية.
«كانوا يدرّسونهم الكتب التي تدعو إلى الجهاد والنصرة، وكان حديثهم كله بشرى وأمل، وبأنهم مقبلون على مهمات عظيمة، وإن الشهادة التي يتوق إليها المجندون تنتظرهم داخل الأراضي السورية» يقول مصدر قريب من خلية سبتة.
وإذا كان هذا البيت هو مكان تجمعهم، فإن عملية التعئبة، كانت الخلية تقوم بها في الخارج، داخل المساجد، وفي بعض الأحيان، داخل الشواطئ، كما أكد ذلك مندوب وزراة الداخلية الإسبانية.
مصاريف الخلية والمجندين، كان يتكفل بها شخص لم يكن سوى إسماعيل، ذاك الذي كان يقوم بربط الاتصالات مع المجندين في سوريا ومع عائلاتهم بكل من الفنيدق وسبتة.
المصادر الإسبانية المسؤولة، لم تكشف طريقة تحويل الأموال من بلجيكا نحو سبتة، لكنها أكدت أن إسماعيل لم يكن سوى ناقلا ومحولا لتلك الأموال إلى المسؤول الأول عن المجندين في سبتة، أما مصدرها الحقيقي، فما يزال البحث متواصلا بشأنه لكشف هذا الموضوع. المصادر توضح أيضا، أن عملية التجنيد كانت تتم وسط سرية تامة، حتى إن الشخص المجند يغادر أهله وزوجته ولا يخبرهم عن مكان تواجده، إلى حين وصوله إلى سوريا، بعد ذلك يعمل على طمأنتهم عبر الوسيط إسماعيل.
«تكلفة المجند منذ دخوله إلى سبتة وإلى أن تطأ قدماه أرض المعركة، تتراوح ما بين 10 إلى 15 ألف يورو، تتضمن مصاريف الإقامة والأكل والسفر»، يؤكد مصدر أمني مغربي، الذي أوضح بأن بعض أفراد الخلية الموجودين في سبتة والذين جرى اعتقالهم يوم الجمعة، مطلوبون للعدالة المغربية.
وأضاف المصدر ذاته أن الشرطة المغربية طلبت من السلطات الأمنية بمدريد تسليمها بعض العناصر، لأن أسماءهم وردت في بعض المساطر التي يتم التحقيق فيها، سيما تلك المتعلقة بعمليات تهريب المخدرات.
مكاوي: خبير في القضايا الأمنية والاستراتيجية
الإسبان جنوا ثمار مجهوداتِ الاستخبارات المغربية
{‬ ما هي أبرز العنوانين التي قرأتَها كخبير أمني واستراتيجي حول عملية تفكيك خلية سبتة ؟
العنوان البارز في ملف «خلية سبتة»، هو التعاون الاستخباراتي الإسباني المغربي، فالمغرب كان سباقا إلى معرفة خيوط الخلية التي كانت متمركزة بسبتة، وتعمل بين المغرب وإسبانيا، ذلك أن أجهزة الاستخبارات المغربية لها تجربة في إجهاض الخلايا التي تكون في مهدها، من خلال الضربات الاستباقية لكل عمل جهادي.
تعلمون أن مفجّر أكبر قاعدة جوية بسوريا كان من أبناء سبتة، وهنا يظهر جليا أن جبهة النصرة التي تنتمي إليها «خلية سبتة» تعتمد المغاربة بالدرجة الأولى، ثم الجزائريين فالتونسيين، ويكون تخصصهم هو العمليات الانتحارية ضد الجيش النظامي.
{‬ الأجهزة الأمنية المغربية هي من اشتغلت على الخلية لكنها قدمت حصاد عملها إلى الإسبان كيف تفسر ذلك؟
بالفعل، الاستخبارات المغربية توصلت بمعلومات من سوريا، حيث توجد الاستخبارات العالمية بسبب الحرب الدائرة هناك، وكانت هذه المعلومات تفيد بوجود 20 مغربيا قَدِموا إلى إدلب، وهم من سبتة، هنا بدأت عملية التنسيق والتعاون الاستخباراتي المغربي الإسباني من أجل تفكيك هذه الخلية التي ترسل المجندين إلى سوريا.
إذن الأجهزة المغربية هي التي نبهت السلطات الإسبانية إلى هذه الشبكة، أما الإسبان، فجنوا ما قامت به الأجهزة الاستخباراتية المغربية، وكما لاحظتم، فالمغرب لم يقم بالبهرجة الإعلامية، تاركا ذلك للإسبان.
{‬ تفكيك الشبكة استغرق أربعة أشهر بينما كانت للإسبان معلومات عن هذه الخلية ولم يتم إيقافها؟
تعلمون أن إسبانيا كدولة، لا يمكنها القيام بأي عمل إلا بدلائل أو حجج قانونية، وعندما ثبت لديها أن أركان الجريمة اكتملت، قامت بمداهمة الخلية واعتقلت أفرادها، وهنا نؤكد أن الأجهزة الاستخباراتية المغربية كان لها الدور الأكبر في هذه العملية، فهي من قادت إليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.