المدير العام للوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات : المغرب مركز أعمال من الطراز العالمي    بركة: مناورات الخصوم لإحداث اتحاد مغاربي بدون المغرب محكومة بالفشل وخيانة للشعوب المغاربية    الصحراء تغري الشركات الفرنسية.. العلوي: قصة مشتركة تجمع الرباط وباريس    على هامش المعرض الدولي للفلاحة.. إطلاق هاكاثون الذكاء الاصطناعي للفلاحة القادرة على الصمود أمام التغير المناخي    فضّ الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية: ماذا تقول قوانين البلاد؟    رئيس بركان يشيد بسلوك الجمهور المغربي    مؤتمر الاستقلال.. الصراع على رئاسة المؤتمر بين قيوح والقادري كتهدد بحرب بين تيار ولد الرشيد وتيار فاس    شبكة جديدة طاحت فالشمال كتبيراطي شبكات الاتصالات الوطنية وها المحجوزات    اكتشف أضرار الإفراط في تناول البطيخ    أكبر صيد أمني منذ عشر سنوات.. 25 طنا من الحشيش المغربي تدخل أوروبا    "طوطو" يشرب الخمر أمام الجمهور في سهرة غنائية    فيديو.. زياش يواصل تألقه ويقود غلطة سراي للفوز في الدوري التركي    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    ابتداء من الليلة.. أمطار ورياح قوية بهذه المناطق من المملكة    البطولة الوطنية الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (الدورة ال27).. الشباب السالمي يتعادل مع ضيفه مولودية وجدة 0-0    بركة: مرتاحون داخل التحالف الحكومي ونعتز بحصيلة الوزراء الاستقلاليين    رئيس اتحاد العاصمة صدم الكابرانات: المغاربة استقبلونا مزيان وكنشكروهم وغانلعبو الماتش مع بركان    السعودية تحذر من حملات الحج الوهمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي    عاجل... توقف أشغال مؤتمر حزب الاستقلال بسبب خلاف حول رئيس المؤتمر    تفريغ 84 طنا من منتجات الصيد البحري بميناء مرتيل خلال الأشهر الثلاثة الأولى لسنة 2024    في ظل الوضع المائي المقلق ببلادنا.. حملة تحسيسية واسعة للتوعية بضرورة الحفاظ على الماء    المغرب يعتزم بناء مزرعة رياح بقدرة 400 ميغاوات بجهة الشمال    تتويج 9 صحفيين في النسخة الثامنة للجائزة الكبرى للصحافة الفلاحية والقروية    الأمثال العامية بتطوان... (583)    الملك محمد السادس يعود لأرض الوطن بعد زيارة خاصة لفرنسا    أنشيلوتي يدعم استمرار تشافي مع برشلونة    قميص بركان يهزم الجزائر في الإستئناف    عطلة مدرسية.. الشركة الوطنية للطرق السيارة تحذر السائقين    مندوبية السجون تغلق "سات فيلاج" بطنجة    للجمعة 29.. آلاف المغاربة يجددون المطالبة بوقف الحرب على غزة    مقتل 51 شخصا في قطاع غزة خلال 24 ساعة    مصرع 10 أشخاص في حريق بفندق برازيلي    بيدرو روشا رئيساً للاتحاد الإسباني لكرة القدم    مكتب الوداد يعلن عن تعيينات جديدة    هل ستعتمدها مديرية الناظور؟.. مذكرة تمنع تناول "المسكة" في المدارس    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    طلبة الطب يعلقون كل الخطوات الاحتجاجية تفاعلا مع دعوات الحوار    الأمير مولاي رشيد يترأس بمكناس مأدبة عشاء أقامها جلالة الملك على شرف المدعوين والمشاركين في المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب    الصين تؤكد التزامها لصالح علاقات مستقرة ومستدامة مع الولايات المتحدة    بايتاس : الحكومة لا تعتزم الزيادة في أسعار قنينات الغاز في الوقت الراهن    بوطازوت تفتتح فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان الشرق للضحك    سعر الذهب يتجه نحو تسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    تطوان .. احتفالية خاصة تخليدا لشهر التراث 2024    "شيخ الخمارين ..الروبيو ، نديم شكري" كتاب جديد لأسامة العوامي التيوى        العرائش : انطلاق أشغال مشروع تهيئة الغابة الحضرية "ليبيكا"    احتجاجا على حرب غزة.. استقالة مسؤولة بالخارجية الأمريكية    الشرقاوي يسلط الضوءَ على جوانب الاختلاف والتفرد في جلسات الحصيلة المرحلية    محمد عشاتي: سيرة فنان مغربي نسج لوحات مفعمة بالحلم وعطر الطفولة..    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    السعودية قد تمثل للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون    عرض فيلم "أفضل" بالمعهد الفرنسي بتطوان    مؤسسة (البيت العربي) بإسبانيا تفوز بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها ال18    الأمثال العامية بتطوان... (582)    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموقف الصحيح من المقاومة والضحايا والدمار
نشر في التجديد يوم 31 - 07 - 2014

مع هدنة الاثنتي عشرة ساعة في 26 تموز/ يوليو وصلت صور الدمار الواسع الذي سوّى عمارات وأبنية مع الأرض، ودفن تحتها ربما أكثر من 14 شهيداً كان من بينهم الأطفال والنساء والشيوخ وآباء وأمهات.
وقد صحب ذلك تصعيد في الحديث عن آلاف الضحايا من قتلى وجرحى وعن الدمار الواسع إلى جانب التركيز الشديد على إبراز السمة الإجرامية المفرطة لدى الكيان الصهيوني.
طبعاً لا أحد يستطيع أن يمنع الدموع من الهطول أو القلوب من التصدّع وهو يرى مشاهد أشلاء القتلى، أو تمزق أجساد الأطفال المضرجة بالدماء، ولا أحد يمكنه أن يقلل من فداحة الدمار في عدد من أحياء مخيمات قطاع غزة وبلداته ومدينته أو أخبار إبادة عائلات بأسرها.
ولكن، السؤال كيف نتعامل مع هذه الحالة التي لا بدّ من أن يطغى فيها القلب والأعصاب على التعامل المناسب والوعي الصحيح.
والسؤال الثاني، هل نجعل مشهد الضحايا يطغى على مشهد المقاومة وإنجازاتها القتالية البطولية أو على مشهدالصمود الشعبي ولا سيما النساء الثكالى والآباء المكلومون الذين يتعالون على فداحة المصاب فيعلنون وقوفهم وراء المقاومة ويطالبونها بالثبات والمزيد من الضربات ضدّ العدو.
بالنسبة إلى السؤال الأول: لا يجوز أن نسمح للعين وهي تدمع وللقلب وهو يتصدّع بأن ننسى أن سقوط الضحايا لا مفرّ منه في مواجهة عدو اغتصب الأرض وهجّر أهلها ومحى اسم الوطن وهويته وصادر حق شعبه في تقرير المصير وحق إنسانه في الوجود الحر الكريم، وكان خنجراً في الجسم العربي أو سرطاناً.
ولهذا إذا استسلمنا للخوف من التضحيات فما علينا إلاّ أن نُهاجر من فلسطين جميعاً ونتركها له، وإلاّ لاحق نقطة ضعفنا بالإضطهاد والتضييق والتهديد بالقتل والتنكيل حتى نرحل، وهذه كانت قصته مع من تبقى من فلسطينيين في مناطق ال48 ومن نزلوا تحت الاحتلال في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، ولولا الصمود والمقاومة في وجه كل ذلك أي الاستعداد لتقديم التضحيات لما أبقى في فلسطين عربياً مسلماً أو مسيحياً منذ أمد بعيد.
ولهذا يتوّهم من يظن بإمكان التعايش مع العدو الصهيوني لأنه سيكون ساذجاً لا يعرف جوهر المشروع الصهيوني وما يمكن أن يصل إليه إذا خفنا من المقاومة ولم نحتمل طريقها وما يحمله بالضرورة من تضحيات. بل أن ما نراه اليوم من دمار وضحايا هو أقل بكثير مما فعله في السابق وما كان سيفعله لولا امتشاقنا لسلاح المقاومة واستعدادنا لتحمّل التضحيات ومختلف الصعاب (في عدوانه عام 1982 وصل عدد الشهداء من فلسطينيين ولبنانيين 16 ألفاً والجرحى 32 ألفاً).
هذا ما يجب أن ندركه ونذكره ونحن نواجه المشاهِد التي تدمي القلب فنرتفع إلى مستوى أعلى في الوعي والممارسة، وهو ما فعله آباؤنا وأجدادنا ومن سبقونا على درب المقاومة والصمود دفاعاً عن الوجود. فقضيتنا ليست قضية عدل فحسب وإنما هي قضية وجود ووطن وهوية وحياة.
فإذا كانت شعوب العالم، بمن فيها شعوب عربية دفعت من أجل استقلالها من استعمار أو من احتلال مئات الألوف وحتى الملايين من الشهداء والجرحى فلا يحق لمن يواجه عدونا الذي اغتصب فلسطين وهجّر غالب أهلها ولم يزل يمعن في مشروعه الاستيطاني التهويدي، وقد جعل من الساعين للتسوية والتعايش أضحوكة ومن مروّجي أفكار المنظمات "غير الحكومية" مسخرة، إذ كيف يحق لهم أن يجعلوا مشهد الدمار في الشجاعية أو الأطفال الضحايا صوتاً يعلو على صوت المعركة أو يطغى على مشهد الصواريخ التي أغلقت مطار بن غوريون أو على مشهد إنجازات المقاومة والأنفاق والقتال القريب، أو على مشهد الثكالى والمكلومين وهم يعلنون الصمود ويطالبون المقاومة بالاستمرار والتصعيد، وقد احتسبوا كل الضحايا شهداء أحياء عند الله ومن أُصيب في جسده أو بيته مأجوراً وإلاّ أين يذهب بالإيمان.
هنا يجب أن نُسْكِتَ أصوات المتواطئين مع العدوان من الذين يسعون إلى تجريد المقاومة من أسلحتها وأنفاقها حين يبالغون في الحديث عن الدمار والضحايا ويجعلون المشهد مندبة ولطماً فتخفى مآثر المقاومة.
وهؤلاء ينطبق عليهم قول المتنبي: "إذا اشْتَبَهَتْ دُموعٌ في خُدودٍ ** تَبَيّنَ مَنْ بَكَى مِمّنْ تَباكَى".
إن الموقف الصحيح يتطلب أن يطغى أولاً وضع العدو في قفص الاتهام وإبراز ذلك الوجه المشرق الذي لم يسبق له مثيل على الأرض الفلسطينية ونحن نرى أبطال المقاومة يخرجون من الأنفاق لينقضوا على دبابات الميركافا ويثخنوا بقوات العدو ويجعلوا قطاع غزة منتصراً في ميدان القتال البري، وطويل باع في ميدان حرب الصواريخ. مما جلب له إعجاب أمته وحبّها وقد اخترق الرأي العام العالمي بتعاطف معه سوف يعزز انتصاره، فالرأي العام العالمي يتعاطف مع المظلومين الأقوياء وليس مع المظلومين الأذلاء.
وعندما تجتمع بطولة المقاومة بالرغم من الخلل في كثافة النيران مع مظلومية ضحايانا ومع شجاعة شعبنا فسوف تكتمل أسباب الهزيمة النازلة بالعدو لا محالة. وقد شاء الله ذلك منذ جاء الرد بالصواريخ وعززت بالمواجهات في الهجوم البري.
صحيح أن الموقف المصري – العربي الرسمي عموماً شكل نقطة ضعف خطرة في مصلحة العدوان وقد وصل الأمر بالبعض إلى حد تسويغه والتواطؤ معه تحت حجة محاربة حماس وهي حجة تصل حدّ السخف والبهتان. ولكن لم يعد ذلك حاسماً في نتائج المعركة وإن أطال من أمدها.
فحرب العدوان الذي يشنه العدو الصهيوني على قطاع غزة جاء امتداداً للمواجهات في القدس والضفة الغربية ومناطق ال48 إثر ردود الفعل على قتل الشهيد الفتى محمد أبو خضير بالحرق حيّاً وبعد تعذيبه والتنكيل في جسده.
ثم ماذا يقولون عندما انتفضت القدس والضفة الغربية الأسبوع الفائت كله وما تزالان تضامناً مع المقاومة والشعب في قطاع غزة. مما اضطر جيش الاحتلال لفتح جبهة ثانية والدليل اقتران المواجهات بإطلاق الرصاص الحي وسقوط الشهداء.
وبهذا أصبحت، بل يجب أن تصبح مقاومة العدوان واحدة في كل من القطاع والضفة والقدس. بل يجب أن توحّد مطالب المقاومة في القطاع مع المطالبة بدحر الاحتلال وتفكيك المستوطنات وتحرير الضفة والقدس وإطلاق كل الأسرى وبلا قيد أو شرط، لتبقى البوصلة نحو تحرير كل فلسطين.
من ذا الذي لا يستطيع أن يرى الآثار السلبية الخطرة للغاية على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ولا سيما على الضفة الغربية والقدس والأسرى إذا ما فشلت المقاومة لا سمح الله في قطاع غزة. وهو ما يريده العدو والذين يظنون أن الحرب العدوانية على قطاع غزة تشن ضد حماس أو الجهاد أو ضد السلاح والأنفاق فقط. وليس ضد الشعب الفلسطيني كله وضد القضية ومستقبل الصراع.
فحماس والجهاد والجبهة الشعبية وكل فصائل المقاومة ومن ضمنها ألوية الناصر صلاح الدين وكتائب شهداء الأقصى وكتائب عبد القادر الحسيني وكتائب المقاومة الوطنية متحدون قيادة وكوادر ومقاتلين في صف واحد. ويذهب مَدْغولاً، أو عبثاً، من يحاول التفريق أو الفرز بينهم.
الشعب الفلسطيني كله موحد خلف المقاومة في قطاع غزة وخلف الانتفاضة في الضفة الغربية والقدس.
وأخيراً ستكون خسارة فادحة إضاعة الفرصة الراهنة بالإحجام عن الذهاب بالانتقاضة إلى أقصى مدى إلى جانب المقاومة والشعب في قطاع غزة. فالنصر بانتظار فلسطين إذا اجتمعت الانتفاضة والمقاومة المنتصرة في غزة.
مع هدنة الاثنتي عشرة ساعة في 26 تموز/ يوليو وصلت صور الدمار الواسع الذي سوّى عمارات وأبنية مع الأرض، ودفن تحتها ربما أكثر من 14 شهيداً كان من بينهم الأطفال والنساء والشيوخ وآباء وأمهات.
وقد صحب ذلك تصعيد في الحديث عن آلاف الضحايا من قتلى وجرحى وعن الدمار الواسع إلى جانب التركيز الشديد على إبراز السمة الإجرامية المفرطة لدى الكيان الصهيوني.
طبعاً لا أحد يستطيع أن يمنع الدموع من الهطول أو القلوب من التصدّع وهو يرى مشاهد أشلاء القتلى، أو تمزق أجساد الأطفال المضرجة بالدماء، ولا أحد يمكنه أن يقلل من فداحة الدمار في عدد من أحياء مخيمات قطاع غزة وبلداته ومدينته أو أخبار إبادة عائلات بأسرها.
ولكن، السؤال كيف نتعامل مع هذه الحالة التي لا بدّ من أن يطغى فيها القلب والأعصاب على التعامل المناسب والوعي الصحيح.
والسؤال الثاني، هل نجعل مشهد الضحايا يطغى على مشهد المقاومة وإنجازاتها القتالية البطولية أو على مشهدالصمود الشعبي ولا سيما النساء الثكالى والآباء المكلومون الذين يتعالون على فداحة المصاب فيعلنون وقوفهم وراء المقاومة ويطالبونها بالثبات والمزيد من الضربات ضدّ العدو.
بالنسبة إلى السؤال الأول: لا يجوز أن نسمح للعين وهي تدمع وللقلب وهو يتصدّع بأن ننسى أن سقوط الضحايا لا مفرّ منه في مواجهة عدو اغتصب الأرض وهجّر أهلها ومحى اسم الوطن وهويته وصادر حق شعبه في تقرير المصير وحق إنسانه في الوجود الحر الكريم، وكان خنجراً في الجسم العربي أو سرطاناً.
ولهذا إذا استسلمنا للخوف من التضحيات فما علينا إلاّ أن نُهاجر من فلسطين جميعاً ونتركها له، وإلاّ لاحق نقطة ضعفنا بالإضطهاد والتضييق والتهديد بالقتل والتنكيل حتى نرحل، وهذه كانت قصته مع من تبقى من فلسطينيين في مناطق ال48 ومن نزلوا تحت الاحتلال في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، ولولا الصمود والمقاومة في وجه كل ذلك أي الاستعداد لتقديم التضحيات لما أبقى في فلسطين عربياً مسلماً أو مسيحياً منذ أمد بعيد.
ولهذا يتوّهم من يظن بإمكان التعايش مع العدو الصهيوني لأنه سيكون ساذجاً لا يعرف جوهر المشروع الصهيوني وما يمكن أن يصل إليه إذا خفنا من المقاومة ولم نحتمل طريقها وما يحمله بالضرورة من تضحيات. بل أن ما نراه اليوم من دمار وضحايا هو أقل بكثير مما فعله في السابق وما كان سيفعله لولا امتشاقنا لسلاح المقاومة واستعدادنا لتحمّل التضحيات ومختلف الصعاب (في عدوانه عام 1982 وصل عدد الشهداء من فلسطينيين ولبنانيين 16 ألفاً والجرحى 32 ألفاً).
هذا ما يجب أن ندركه ونذكره ونحن نواجه المشاهِد التي تدمي القلب فنرتفع إلى مستوى أعلى في الوعي والممارسة، وهو ما فعله آباؤنا وأجدادنا ومن سبقونا على درب المقاومة والصمود دفاعاً عن الوجود. فقضيتنا ليست قضية عدل فحسب وإنما هي قضية وجود ووطن وهوية وحياة.
فإذا كانت شعوب العالم، بمن فيها شعوب عربية دفعت من أجل استقلالها من استعمار أو من احتلال مئات الألوف وحتى الملايين من الشهداء والجرحى فلا يحق لمن يواجه عدونا الذي اغتصب فلسطين وهجّر غالب أهلها ولم يزل يمعن في مشروعه الاستيطاني التهويدي، وقد جعل من الساعين للتسوية والتعايش أضحوكة ومن مروّجي أفكار المنظمات "غير الحكومية" مسخرة، إذ كيف يحق لهم أن يجعلوا مشهد الدمار في الشجاعية أو الأطفال الضحايا صوتاً يعلو على صوت المعركة أو يطغى على مشهد الصواريخ التي أغلقت مطار بن غوريون أو على مشهد إنجازات المقاومة والأنفاق والقتال القريب، أو على مشهد الثكالى والمكلومين وهم يعلنون الصمود ويطالبون المقاومة بالاستمرار والتصعيد، وقد احتسبوا كل الضحايا شهداء أحياء عند الله ومن أُصيب في جسده أو بيته مأجوراً وإلاّ أين يذهب بالإيمان.
هنا يجب أن نُسْكِتَ أصوات المتواطئين مع العدوان من الذين يسعون إلى تجريد المقاومة من أسلحتها وأنفاقها حين يبالغون في الحديث عن الدمار والضحايا ويجعلون المشهد مندبة ولطماً فتخفى مآثر المقاومة.
وهؤلاء ينطبق عليهم قول المتنبي: "إذا اشْتَبَهَتْ دُموعٌ في خُدودٍ ** تَبَيّنَ مَنْ بَكَى مِمّنْ تَباكَى".
إن الموقف الصحيح يتطلب أن يطغى أولاً وضع العدو في قفص الاتهام وإبراز ذلك الوجه المشرق الذي لم يسبق له مثيل على الأرض الفلسطينية ونحن نرى أبطال المقاومة يخرجون من الأنفاق لينقضوا على دبابات الميركافا ويثخنوا بقوات العدو ويجعلوا قطاع غزة منتصراً في ميدان القتال البري، وطويل باع في ميدان حرب الصواريخ. مما جلب له إعجاب أمته وحبّها وقد اخترق الرأي العام العالمي بتعاطف معه سوف يعزز انتصاره، فالرأي العام العالمي يتعاطف مع المظلومين الأقوياء وليس مع المظلومين الأذلاء.
وعندما تجتمع بطولة المقاومة بالرغم من الخلل في كثافة النيران مع مظلومية ضحايانا ومع شجاعة شعبنا فسوف تكتمل أسباب الهزيمة النازلة بالعدو لا محالة. وقد شاء الله ذلك منذ جاء الرد بالصواريخ وعززت بالمواجهات في الهجوم البري.
صحيح أن الموقف المصري – العربي الرسمي عموماً شكل نقطة ضعف خطرة في مصلحة العدوان وقد وصل الأمر بالبعض إلى حد تسويغه والتواطؤ معه تحت حجة محاربة حماس وهي حجة تصل حدّ السخف والبهتان. ولكن لم يعد ذلك حاسماً في نتائج المعركة وإن أطال من أمدها.
فحرب العدوان الذي يشنه العدو الصهيوني على قطاع غزة جاء امتداداً للمواجهات في القدس والضفة الغربية ومناطق ال48 إثر ردود الفعل على قتل الشهيد الفتى محمد أبو خضير بالحرق حيّاً وبعد تعذيبه والتنكيل في جسده.
ثم ماذا يقولون عندما انتفضت القدس والضفة الغربية الأسبوع الفائت كله وما تزالان تضامناً مع المقاومة والشعب في قطاع غزة. مما اضطر جيش الاحتلال لفتح جبهة ثانية والدليل اقتران المواجهات بإطلاق الرصاص الحي وسقوط الشهداء.
وبهذا أصبحت، بل يجب أن تصبح مقاومة العدوان واحدة في كل من القطاع والضفة والقدس. بل يجب أن توحّد مطالب المقاومة في القطاع مع المطالبة بدحر الاحتلال وتفكيك المستوطنات وتحرير الضفة والقدس وإطلاق كل الأسرى وبلا قيد أو شرط، لتبقى البوصلة نحو تحرير كل فلسطين.
من ذا الذي لا يستطيع أن يرى الآثار السلبية الخطرة للغاية على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ولا سيما على الضفة الغربية والقدس والأسرى إذا ما فشلت المقاومة لا سمح الله في قطاع غزة. وهو ما يريده العدو والذين يظنون أن الحرب العدوانية على قطاع غزة تشن ضد حماس أو الجهاد أو ضد السلاح والأنفاق فقط. وليس ضد الشعب الفلسطيني كله وضد القضية ومستقبل الصراع.
فحماس والجهاد والجبهة الشعبية وكل فصائل المقاومة ومن ضمنها ألوية الناصر صلاح الدين وكتائب شهداء الأقصى وكتائب عبد القادر الحسيني وكتائب المقاومة الوطنية متحدون قيادة وكوادر ومقاتلين في صف واحد. ويذهب مَدْغولاً، أو عبثاً، من يحاول التفريق أو الفرز بينهم.
الشعب الفلسطيني كله موحد خلف المقاومة في قطاع غزة وخلف الانتفاضة في الضفة الغربية والقدس.
وأخيراً ستكون خسارة فادحة إضاعة الفرصة الراهنة بالإحجام عن الذهاب بالانتقاضة إلى أقصى مدى إلى جانب المقاومة والشعب في قطاع غزة. فالنصر بانتظار فلسطين إذا اجتمعت الانتفاضة والمقاومة المنتصرة في غزة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.