منيب تتضامن مع طلبة الطب وتنتقد لجوء الحكومة إلى أسلوب التهديد من أجل تخويفهم    حماية ‬الأمن ‬القومي ‬المغربي ‬هو ‬الهدف ‬الاستراتيجي ‬الأعلى    فتح بحث قضائي حول تورط شرطي في ترويج الكوكايين    انتخاب المكتب التنفيذي للمرصد المغربي لمكافحة التشهير والابتزاز    توسيع 6 مطارات مغربية استعدادا للمونديال    تطوان تستضيف الدورة 25 للمهرجان الدولي للعود    بما في ذلك الناظور والحسيمة.. 2060 رحلة أسبوعية منتظمة تربط المغرب ب135 مطارا دوليا    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يتوقع نمو الاقتصاد المغربي ب 3 بالمائة في 2024    مدينة محمد السادس طنجة تيك تستقطب شركتين صينيتين عملاقتين في صناعة مكونات السيارات        تأجيل القرار النهائي بشأن الغاز الطبيعي بين نيجيريا والمغرب    إضراب كتاب الضبط يؤجل محاكمة "مومو"    تصفيات المونديال.. بعثة المنتخب المغربي النسوي تحت 17 سنة تشد الرحال صوب الجزائر    "فيفا" يعتمد برمجة جديدة للمسابقات    الملك محمد السادس يهنئ الباراغواي    دراسة: صيف 2023 الأكثر سخونة منذ 2000 عام    مطالبة للحكومة بمضاعفة الجهود لتحسين ولوج المغربيات إلى سوق الشغل    تسجيل أزيد من 130 ألف مترشح بمنصة التكوين على السياقة    التويمي يخلف بودريقة بمرس السلطان    وفاة "سيدة فن الأقصوصة المعاصر" الكندية آليس مونرو    "الصحة العالمية": أمراض القلب والأوعية الدموية تقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    جمعية علمية تحذر من العواقب الصحية الوخيمة لقلة النوم    دراسة: الحر يؤدي إلى 150 ألف وفاة سنويا على مستوى العالم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على أداء سلبي    الفيفا يحسم موقفه من قضية اعتداء الشحات على الشيبي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    طاقات وطنية مهاجرة … الهبري كنموذج    الرئيس السابق للغابون يُضرب عن الطعام احتجاجا على "التعذيب"    قصيدة: تكوين الخباثة    زلزال قوي يضرب دولة جديدة    الإعلان عن طلبات العروض لتوسيع مطارات مراكش وأكادير وطنجة خلال الأسابيع المقبلة    زنيبر: رئاسة المغرب لمجلس حقوق الإنسان ثمرة للمنجز الذي راكمته المملكة    الجيش الملكي ومولودية وجدة يواجهان الدشيرة وأولمبيك خريبكة للحاق بركب المتأهلين إلى المربع الذهبي    وفاة عازف الساكسفون الأميركي ديفيد سانبورن عن 78 عاما    رجوى الساهلي توجه رسالة خاصة للطيفة رأفت    معرض الكتاب يحتفي بالملحون في ليلة شعرية بعنوان "شعر الملحون في المغرب.. ثرات إنساني من إبداع مغربي" (صور)    الجديدة: حجز 20 طنا من الملابس المستعملة    بلاغ جديد وهم من وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة    معرض هواوي العالمي "XMAGE" ينطلق لأول مرة بعنوان "عالم يبعث على البهجة"    احتدام المعارك في غزة وصفقة أسلحة أمريكية جديدة لإسرائيل بقيمة مليار دولار    عملاق الدوري الإنجليزي يرغب في ضم نجم المنتخب المغربي    رسالتي الأخيرة    كيف يعيش اللاجئون في مخيم نور شمس شرق طولكرم؟    الرئيس الروسي يزور الصين يومي 16 و17 ماي    بلينكن في كييف والمساعدات العسكرية الأمريكية "في طريقها إلى أوكرانيا"    لقاء تأبيني بمعرض الكتاب يستحضر أثر "صديق الكل" الراحل بهاء الدين الطود    دعوات لإلغاء ترخيص "أوبر" في مصر بعد محاولة اغتصاب جديدة    شبيبة البيجدي ترفض "استفزازات" ميراوي وتحذر تأجيج الاحتجاجات    المنتخب المغربي يستقبل زامبيا في 7 يونيو    هل يتجه المغرب إلى تصميم المدن الذكية ؟    الأمثال العامية بتطوان... (598)    بعد القضاء.. نواب يحاصرون وزير الصحة بعد ضجة لقاح "أسترازينيكا"    السعودية: لاحج بلا تصريح وستطبق الأنظمة بحزم في حق المخالفين    دراسة: البكتيريا الموجودة في الهواء البحري تقوي المناعة وتعزز القدرة على مقاومة الأمراض    الأمثال العامية بتطوان... (597)    الأمثال العامية بتطوان... (596)    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحكومة تترك البلاد كما وجدتها يوم تنصيبها..أزمة اجتماعية شاملة واقتصاد بتنافسية ضعيفة وهشاشة في المالية
نشر في التجديد يوم 07 - 08 - 2002

عقب تقديم الوزير الأول للتصريح الحكومي الخميس الماضي أمام مجلس النواب فتح المجال أمام الفرق البرلمانية لتقول فيه كلمتها ورأيها. وقام فريق العدالة والتنمية يوم الاثنين الماضي ليقدم قراءة متكاملة للحصيلة الحكومية. وأعاد الفريق التذكير في مستهل كلمته بالأجواء التفاؤلية التي جاءت فيها حكومة التناوب إلى تسيير دواليب الشأن العام وكيف اختار الحزب مساندة التجربة ودعمها حتى حان حين من الوقت تبين فيه أن خيبة الحكومة واقعة لاريب فيها وأن الآمال المعقودة عليها تبخرت وأن الالتزامات المقدمة انتكست وسقطت، فاختار الحزب يومها أن ينعطف إلى المعارضة البانية.

في هذه المناقشة التي ننشرها كاملة يظهر فريق العدالة والتنمية فشل الحكومة في الوفاء بعهودها والتزاماتها وعلى رأسها تخليق الحياة العامة والهوية الإسلامية والنهوض الاجتماعي والتمنية الاقتصادية، وغيرها، وفيما يلي النص الكامل لتدخل الفريق:

السيد الرئيس
السيد الوزير الأول
السادة الوزراء
السادة النواب المحترمين
لقد سبقت فترة التناوب التوافقي هذه، جملة من الإجراءات والتدابير التمهيدية لتيسير عملية الانتقال الديمقراطي حيث عرفت البلاد تحولات توجت بالإصلاحات الدستورية لسنة 1996 وتعديلات قوانين الانتخابات وتوقيع ميثاق الشرف بين مختلف الفرقاء السياسيين، حرصا من أغلب الأطراف على الخروج من معطف الاحتقان السياسي وخوفا مما سماه الملك الراحل رحمه الله : "السكتة القلبية". التي حرص شخصيا على تفاديها عبر إجراءات نوعية، منها رغبته الأكيدة في تحقيق فكرة "التناوب" وسعيه للمبادرة بالإجراءات الميسرة لها، رغم كل العراقيل الحاضرة بثقلها وقوتها.
ولم يكن لحزب العدالة والتنمية أن يبقى بمنأى عن هذا المسار المتفائل، رغم الحصار والإقصاء والتزوير الذي عاناه لحرمانه من المشاركة الفاعلة في هذا المشهد السياسي.
وهكذا فقد دعونا فور إعلان نتائج الانتخابات التشريعية ليوم 14 نونبر 1997 إلى أن يتم تعيين الوزير الأول من حزب الاتحاد الاشتراكي بصفته الحزب الذي يتوفر على أكبر عدد من النواب، ليقوم بتشكيل حكومة ذات أغلبية نيابية وذلك من أجل تكريس التقاليد الديمقراطية في بلادنا، بالرغم من أننا كنا من أكبر المتضررين من الخروقات الكثيرة التي شابت تلك الانتخابات. وذلك حرصا منا على إبقاء شعلة الأمل متقدة في نفوس المغاربة جميعا. كما تعاملنا بطريقة إيجابية مع المراحل التي تلت ذلك من أجل المساهمة في تطوير الممارسة الديمقراطية وتحسينها.
وهكذا وبالرغم من اعتذارنا عن المشاركة في الحكومة فقد أعلنا فور تكليفكم، السيد الوزير الأول، أن موقفنا هو المساندة النقدية دعما لتجربة التناوب، آملين أن يكون برنامج حكومتكم مستجيبا لتطلعات الشعب المغربي في تثبيت دعائم الحريات العامة في واقعنا ومواجهة التسيب والفساد الذين يشوبان حياتنا العامة معتمدين في ذلك على المرتكزات الإسلامية والأسس الحضارية التي انبنت عليها الدولة المغربية، فكان مما جاء في نص البلاغ الذي أصدره الحزب بالمناسبة: "الإعلان عن تمسكنا بمبدأ المساندة والتعامل البناء مع كل الخطوات الإيجابية للحكومة المرتقبة في ضوء المبادئ الإسلامية والمصالح العليا للبلاد."
ولقد كان اختيارنا للمساندة النقدية اختيارا مشروطا بدعم الإيجابي ورفض السلبي من القرارات والإجراءات الحكومية حرصا على مصلحة البلاد والعباد ومراعاة للمقاصد العليا لشرعنا الحنيف، دافعنا إلى ذلك الرغبة الملحة في المساهمة في تطوير الممارسة الديمقراطية ومجاوزة الوضعية المزرية التي تعاني منها البلاد.
ونذكر هنا بالآمال العريضة التي علقت على تكليفكم برئاسة الحكومة من قبل فئات الشعب المغربي، خصوصا وأن تصريحكم الحكومي جاء مفعما بالوعود بحل المشاكل التي تتخبط فيها البلاد، وهو ما جعلنا في حزب العدالة والتنمية بعد إبداء جملة ملاحظات وتحفظات نصوت إيجابيا عليه من منطلق ما أعلنا عنه من مساندة نقدية
إلا أنه مع توالي الأيام والشهور بدأ يظهر على الحكومة ضعف الفاعلية وانعدام الجرأة الكافية للتصدي للمشاكل ووضع الحلول، وبدا عليها عجز واضح في فتح أوراش الإصلاح الموعودة مما جعلها محل انتقاد حتى بين بعض مكوناتها.
ولم تكن خيبة آمالنا في الحكومة التي ساندناها بأقل من خيبة باقي مكونات الشعب المغربي، خصوصا في محطات فاصلة وقضايا حاسمة خرقت بشكل مستفز الشرطين الكبيرين الذين علقنا بهما موقف المساندة وهما: مراعاة المصلحة العليا للبلاد واحترام المرجعية الإسلامية مما اضطرنا مكرهين إلى الانتقال من المساندة النقدية إلى المعارضة الناصحة، بعدما شاهدناه من خروقات فظيعة تمثلت في قمع الحريات ومنع الصحف والاعتداء على المعطلين والإصرار على ضرب الهوية الإسلامية عن طريق تشجيع كل التوجهات المعادية لها، ومواجهة كل التدابير والاقتراحات التي تدعمها أو تراعيها، والأمثلة في الاتجاهين كثيرة.
ولم تكتف حكومتكم بذلك، بل انزلقت من معالجة ما حوله إجماع وطني، كالتنمية والشغل والإصلاح الإداري والقضائي، بعدما فشلت فيه، وانحرفت إلى إثارة أمور إيديولوجية مغرضة وخلافية كادت تمزق وحدة الشعب المغربي بين قلة متغربة ومنتفعة تمالئكم، وكثرة بدأت تتوجس خوفا على كيانها وهويتها وعلى الحد الأدنى من المكتسبات الضئيلة التي حافظت عليها أو راكمتها في الفترات السابقة المنعوتة دائما في خطبكم بأسوء النعوت.
وفي مرحلة ثانية دخلت حكومتكم مرحلة أسوأ من البطء والارتباك بل والتخبط ، مما كشف عوار حكومة تعاني من تفكك مكوناتها، وتضارب مصالح أعضائها وأحزابهم، واستفراد توجه وحيد بمقاليد الأمور، بشكل لم يتوان حلفاؤكم في الحكومة عن التنديد به في أكثر من منبر ومناسبة.
إلا أن معارضتنا لم تكن معارضة آلية، إذ لم يكن شعارنا أبدا في كل الأحوال هو شعار العرقلة، واستمررنا في دعم الحكومة في مبادراتها الإيجابية على قلتها وكأنه لم يكن يفصلنا عن موقف المساندة النقدية سوى خيط رفيع، كما تقيدنا بالأخلاقيات والضوابط التي يمليها علينا ديننا بكل اعتزاز فاستحضرنا قيم التعاون والإنصاف والصراحة والحذر، بل والعذر والصبر يحدونا الأمل في المساهمة في تحقيق إنجاز إيجابي مهما كان ضئيلا.

السيد الرئيس،
إن القراءة المتمعنة لخطاب السيد الوزير الأول بمناسبة تقديم حصيلة العمل الحكومي تدعونا إلى التساؤل:
هل فعلا يتعلق الأمر بتقديم حصيلة حكومية أم بشن حملة انتخابية سابقة لأوانها ؟
إن الحصيلة تستوجب جردا شاملا لكل الالتزامات التي حفل بها التصريح الحكومي الأول الذي نالت على أساسه الحكحومة الثقة البرلمانية وبيان ما تحقق وما لم يتحقق، ما أنجز وما تعذر إنجازه، أما ما نناقشه اليوم فلا علاقة له بالحصيلة، إنه استعراض لمنجزات حقيقية وأخرى وهمية، وعرض لأرقام صحيحة وأخرى مغلوطة، وتبرير للعجز والإخفاق في كثير من التدابير والسياسات ...
لقد أراد الوزير الأول بهذا التصريح أن يقوم بإخفاء حقيقة الأزمة بغربال الصياغات الفضفاضة والتعابير الملتوية، ولكن هيهات أن ينطلي ذلك على شعب يطحنه الفقر والحاجة في الواقع اليومي ولا يزال يعاني المرض والبطالة ...
فهل نصدق هذه الحصيلة المتفائلة أم نصدق الواقع المزري الذي يعاني منه الشعب المغربي والواقع لا يرتفع كما يقال،
لقد شاءت الأقدار أن يكون اليوم الذي تقدم فيه الوزير الأول بخطابه الذي يشيد فيه بالذات ويختلق الإنجازات، هو يوم اكتشاف جثث المغاربة على الضفة الأخرى قذف بهم البحر بعد أن فروا من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتأزمة وفضلوا مواجهة الموت غرقا.
هل هي مجرد مصادفة أن يقترن هذا الخطاب الذي يتحدث عن قفزة وطنية نوعية في مجال تثمين الموارد البشرية تربية وترسيخا للحقوق الاقتصادية والاجتماعية مع ما نشر من احتلال المغرب الرتبة 123 بالنسبة لباقي بلدان العالم في سلم مؤشرات التنمية البشرية،
والغريب أن تتحدثوا عن الارتقاء بمؤسسة الوزير الأول إلى مستوى الصلاحيات المخولة لها بموجب أحكام الدستور في مجال مهام تأطير العمل الحكومي وتنشيطه ومهام التنسيق والتحكيم مع أن الجميع يعلم أن حكومتكم كانت حكومات، اختلفت في كثير من الأحيان آراء أعضائها، وتضاربت مواقفها بل وتناقضت سياساتها.
والعجيب أيضا أن تتحدثوا عن علاقات تعاون بناء مع البرلمان على أساس الحوار في الوقت الذي يعلم الجميع أنكم لم تكلفوا أنفسكم يوما عناء الحضور إلى البرلمان بغرفتيه للجواب عن سؤال شفوي واحد يهم السياسة العامة للحكومة خلافا للمادة 278 من النظام الداخلي لمجلس النواب ...
بل ورفضتم أحيانا الجواب على أسئلة تهم سياسة الحكومة ولو بواسطة أحد وزراء حكومتكم، كما حدث أخيرا بالنسبة للسؤال المتعلق بالسماح لوفد صهيوني بدخول بلادنا بمناسبة مؤتمر الأممية الاشتراكية الذي انعقد بالدار البيضاء، وما فتئت حكومتكم ترفض اعتبار الكثير من الأسئلة الشفهية ذات طابع آني وبالتالي تتهرب من المراقبة البرلمانية في الوقت المناسب.
بل ولطالما ماطلت في الجواب عن الأسئلة الشفهية داخل الأجل الدستوري الذي هو 20 يوما ...
أما الأسئلة الكتابية فلدينا في فريق العدالة والتنمية الكثير مما لم تتم الإجابة عنه إلا بعد شهور طويلة قد تتجاوز أحيانا السنة الكاملة، أما مضمون الأجوبة ففي كثير من الأحيان لا يزيد عن أن يكون ترديدا لرواية مسؤول محلي دون تمحيص أو تدقيق أو مراقبة ... أو عبارة عن جواب عام فضفاض مما جرد الأسئلة الكتابية من أهميتها وفاعليتها الرقابية.
تتحدثون عن التعاون بين المؤسستين في الوقت الذي طالما ماطل وزراء حكومتكم في الحضور لمناقشة مقترحات القوانين ... ولطالما رفضوا تعديلات وجيهة من لدن فريقنا وغيره دون سبب أو تعليل ... فعن أي تعاون وحوار تتحدثون ؟

السيد الرئيس،
لقد كنا من المصوتين على التصريح الحكومي الأول في الظروف التي سبق بيانها ولما زخر به من جميل الوعود وعريض الآمال ... وعود وآمال طرب لها المغاربة واستبشر بها الجميع، فقراء وأغنياء ... معطلون ومستثمرون، عمال وموظفون، مرضى وأصحاء. وبقي الشعب ينتظر تحقيقها في واقعه وترجمتها في محيطه، لكن الذي وقع كان عكس ما كان مأمولا ومنتظرا !
لقد وعدتم بإصلاح الإدارة وعصرنتها، ووعدتم بالمساعدة على أن تصبح الإدارة فعالة ومنكبة على مهامها الحيوية، متوفرة على موارد في مستوى حاجاتها الحقيقية، مهتمة بتقديم خدمات عمومية جيدة وبأقل تكلفة ... ويؤسفني أن أؤكد لكم، إن كان الأمر يحتاج إلى تأكيد، أن إدارتنا أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها بقيت هي هي... فيها الرشوة والمحسوبية والبيروقراطية والبطئ والتعقيد...
ووعدتم بميثاق حسن التدبير فلم يجد المغاربة سوى سوء التدبير بما يعنيه من انحراف واستغلال للنفوذ وتسيب !
أين هو تطبيق القانون المتعلق بالممتلكات العقارية والقيم المنقولة الذي وعدتم بمراجعته لسد ما يعتريه من ثغرات ؟
ما مصير الوعد باتخاذ التدابير الصارمة لمنع الموظفين من تعاطي مهن حرة تجارية أو صناعية بالموازاة مع وظائفهم ؟
أين هو النظام البديل لنظام الأجور الجاري بها العمل في الوظيفة العمومية ؟ وما هو مصير التوقيت المستمر الذي أجمعت جميع المكونات البرلمانية أغلبية ومعارضة على الحاجة إليه، ووعدت حكومتكم بإخراجه إلى الوجود ؟
وأين هو التعريب الذي دفعت الحكومة بعدم قبول مقترح القانون الخاص به بدعوى أنه يدخل في سلطتها التنظيمية ووعدت بإخراجه إلى الوجود ؟ هل يعقل أن تعدوا بالتعريب وتصدروا في ذلك منشورا، ومع ذلك تصدر عن المصالح التابعة لكم وللكثير من وزارات حكومتكم مذكرات باللغة الأجنبية موجهة إلى المواطنين المغاربة؟
ماذا كان سيتطلب تعريب المرافق الإدارية من اعتمادات حتى تعجزوا عن الوفاء بوعودكم المتكررة ؟

ولقد وعدتم بأن تعمل الحكومة يدا في يد مع كل مهنيي ومكونات قطاع العدل على خلق تعبئة وطنية حول برنامج لإصلاح وتخليق نظامنا القضائي من منطلق أنه لا ينبغي أن يحوم الشك حول قدرة العدالة على الشفافية والإنصاف وسرعة القضاء، فهل تستطيعون اليوم أن تؤكدوا أن عدالتنا فعلا عدالة منصفة وشفافة وسريعة ؟
هل تستطيعون الإدعاء بأنكم قمتم بتعبئة وطنية حول برنامج إصلاح وتخليق النظام القضائي ؟
إن الوعد بتخليق الحياة العامة لم نر منه سوى وصلات وصورا إشهارية لم تزد فيها الحكومة بشيء عما تقوم به بعض جمعيات المجتمع المدني، حتى إن المرء ليخال أن الحكومة استحالت إلى جمعية ليس بيدها سلطة فتلجأ إلى وعظ جاف وأحيانا بلغة أجنبية وعبارات لا تجد طريقا إلى وجدان الإنسان المغربي لأنها لا تستند على مخزونه الثقافي والحضاري، فعن أي تخليق تتحدثون ؟
إن صفقات بالملايين أجرتها وتجريها مصالح تابعة لحكومتكم في غياب الوضوح والشفافية !
وإن توظيفات وترقيات مشبوهة تمت في عهد حكومتكم على أساس من المحسوبية والزبونية !
فهل بعد هذا يحق أن تقولوا أن مسلسل التخليق قد انطلق ؟ متى ؟ وكيف ؟

إن الفشل الواضح البين في إصلاح الإدارة والقضاء عنوان عريض على فشل هذه الحكومة التي لطالما عللت تقاعسها وعجزها بضعف الموارد المالية، والحقيقة أن مشكلتها الكبرى هي ضعف إرادتها السياسية عن اتخاذ القرارات الحاسمة في القضايا الحيوية.
نعم لقد أحالت الحكومة مشروع قانون المسطرة الجنائية على البرلمان، والجميع يعرف أن هذا المشروع كان محل صياغة أولية منذ أكثر من عشر سنوات... وأن صيغته التي أقرتها الحكومة كانت محل استنكار وتنديد من قبل الجميع ولولا المجهود البرلماني الذي غير كثيرا من مقتضيات المشروع لما حق لكم اليوم أن تفتخروا بإنجاز قانون المسطرة الجنائية، لكن أين هو الوعد بوضع مدونة جديدة للقانون الجنائي وأين هي المحاكم الاستئنافية الإدارية وأين هو مجلس الدولة الموعود؟
والسجون: أين هو الوعد بتحسين الظروف الإنسانية والمعيشية داخلها في وقت يعرف الجميع اكتظاظها وسوء التغذية فيها؟
* * * * *
إنها عينات من وعود بإصلاح القضاء بقيت حبرا على ورق وكلاما في الهواء !
لقد تحدتثم عن إرادتكم في فتح ورش سياسي قوامه إحداث قطيعة مع الماضي، وأشرتم إلى أن إعادة الاعتبار للحقوق الفردية الأساسية تصدرت واجهة التزاماتكم في مجال حقوق الإنسان... إذا كانت هذه بعض التزاماتكم فما تقولون في الاختطافات التي تعرض لها ويتعرض لها مواطنون في كثير من مدن المملكة ؟
ماذا تقولون في الاحتجاز التعسفي الذي يستمر أياما وأسابيع؟ ما الفرق إذن بين اليوم والأمس القريب إذا كانت الممارسات نفسها مازالت مستمرة ؟
وماذا تقولون في قيامكم شخصيا بمصادرة صحف ومجلات تخالفكم الرأي ؟
ما قولكم قي مصادرة حق المواطنين في الاستجمام بالشواطئ المغربية في ظروف من الحشمة والوقار؟
ماذا تقولون في القمع الذي لطالما تم صبه على الفئات المختلفة من الشباب المطالبين بالشغل دكاترة ومهندسين ومعاقين وحتى خريجي دار الحديث الحسنية ؟
ما قولكم في منع تأسيس جمعيات ومنع تجمعات مستوفية لكافة شروط التأسيس والانعقاد؟
لقد تحدتثم عن تكريس حرية التأسيس في قانون الصحافة والحقيقة أن المشروع الذي قدمته الحكومة كان بخلاف ذلك، لقد كان يعتمد على منطق الترخيص، لكنكم تحت ضغط المعارضة وضغط المكونات الحقوقية تراجعتم إلى ما نوهتم به وهو ما وقع أيضا بالنسبة لقانون الجمعيات.
ومرة أخرى ماذا تقولون في عدم تصفية ملف الاعتقال السياسي كاملا وفي التمييز في إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ؟
بم تبررون بقاء حكيمي بلقاسم ومصطفى عوقيل والعشرات من أمثالهم في السجون؟
* * * * *
ولقد وعدتم بالسعي إلى تعزيز الآليات والمؤسسات الكفيلة بتعميق وتوسيع مجال دمقرطة الحياة السياسية والاجتماعية لبلادنا ووعدتم بتحسين طريقة التعبير في الاقتراعات على المستوى الوطني والمحلي، وإبعاد كل مصدر للاعتراض السياسي على نتائجها بصفة نهائية.
لكن الجميع يعلم أن كل الانتخابات التشريعية الجزئية التي جرت في عهد هذه الحكومة كانت محل اعتراض سياسي من قبل أغلب أطرافها بما في ذلك حزبكم من خلال وسائل الإعلام التابعة له لما شابها من استغلال للنفوذ واستعمال للمال وسط حياد مريب للإدارة. واعتراف وزير الداخلية السابق بذلك ...
نعم ! لقد تقدمت الحكومة مشروع قانون تنظيمي لمجلس النواب جاء بمقتضيات إيجابية جديدة لكن البطء الحكومي في الإعداد وضعف الإحكام جعل هذا النص يتأخر كثيرا في الصدور مما سيؤثر سلبا على الإعداد الجيد للانتخابات المقبلة، بل نسجل وقوف أحزاب الحكومة ضد كثير من الإصلاحات القانونية والتنظيمية الضرورية لانتخابات شفافة ونزيهة. وهكذا وقفتم ضد المراجعة الجذرية للوائح الانتخابية، وضد مقترح حزب العدالة والتنمية بتخفيض سن التصويت إلى 18 سنة، مع أنكم ضللتم لسنين طويلة تدافعون على هذا المطلب. وعارضتم تفعيل اللجنة الوطنية لتتبع الانتخابات وغيرها.
هذا فضلا عن غياب مقاربة شمولية لموضوع دمقرطة الحياة السياسية والذي يعتبر عدم صدور قانون خاص بالأحزاب السياسية أحد تجلياته.

السيد الرئيس،
لقد وعد التصريح الحكومي الثاني بتحقيق أكبر حجم من القيمة المضافة في مجال القطاع السمعي البصري بالشروع في إصلاحه على أساس الحرية والتعددية والمهنية والحوار والانفتاح، فأين هو مشروع القانون الموعود به؟
أين هو المجلس الأعلى للإعلام السمعي البصري الذي طالما وعدتم به؟
بل أين هي توصيات المناظرة الوطنية للإعلام والتي وعدتم بتطبيقها؟
إن إعلامنا هو انفتاح في اتجاه واحد وهو الاتجاه الحكومي، وإقصاء ما سواه من المواقف والاتجاهات السياسية والفكرية .... وانغلاق كامل في وجه البرامج والإبداعات الجادة !
إن له من الحرية ما يجعله ينشر الفساد الفكري والأخلاقي وليس له أن يسهم في تكريس الثقافة البانية.
هل يعقل أنه وحتى وقت صلاة الجمعة لا تجد في القناة الثانية من البرامج إلا ما يناقض قداسة هذا اليوم وهذا الوقت بالذات؟ هل يعقل أن لا تعلن هذه القناة حتى عن أوقات الصلاة؟
هل يعقل أن لا تجد فيها برنامجا دينيا واحدا طوال جميع أيام البث ليلها ونهارها ؟
هل يعقل أن يكون حظ اللغتين العربية والأمازيغية في إعلامنا أقل بكثير من حظ اللغة الفرنسية ؟
أين هو المجلس الأعلى للإعلام السمعي البصري الذي طالما وعدتم به؟ بل أين هي توصيات المناظرة الوطنية للإعلام والتي وعدتم بتطبيقها ؟
وفي سؤال واحد: هل فعلا لدينا إعلام بصري يعكس قيم بلادنا ويستجيب لمتطلبات التنمية الاجتماعية والأخلاقية لمواطنينا ؟

السيد الرئيس،
إن الأرقام التي قدمت باعتبارها دليلا على تحسن المؤشرات الاقتصادية والمالية للاقتصاد الوطني لم تخل من اتباع منهجية انتقائية مبنية على تجنب الأرقام المزعجة تلميعا لصورة الحكومة على حساب الحقيقة التي يعرفها رجال الاقتصاد حق المعرفة ويحس بها الشعب حق الإحساس.
وعلى سبيل المثال فإن تصريحكم السيد الوزير الأول حينما يؤكد على نسبة عجز مقداره 3 % أقل ما يقال عنه أنه يتضمن مغالطة واضحة، إذ من المعلوم أن ما ميز فترة ولاية حكومتكم هو الارتفاع غير المسبوق لمداخيل الخوصصة وهي موارد استثنائية تصنف ضمن موارد تمويل العجز وليس ضمن الموارد العادية، وبالتالي لم يكن في محله اعتبارها في حساب نسبة العجز، وبناء عليه فإن النسبة الحقيقية للعجز كما تؤكد ذلك التقارير المحايدة تتراوح بين 5% و7% أما نسبة 3% التي تزعمون، فباعتبار موارد الخوصصة التي أسست عليها نسبة أغلب ميزانيات حكومتكم، وهذا يدل على هشاشة المالية العمومية التي أصبحت رهينة بتحقيق الموارد الاستثنائية وهو ما نبهت إلى خطورته المؤسسات ووكالات التنقيط الدولية.
فأين نحن من الوعد بتوسيع هامش التصرف في الميزانية التي وعدت به الحكومة ؟
وكيف سيكون مصير المالية العمومية إذا لم تكن هناك موارد خوصصة ؟
والجواب الأكيد هو أننا سنكون أمام مالية مفلسة لا قدر الله إذا ما بقيت السياسات هي السياسات والمعطيات هي المعطيات.
نعم لقد سبق للحكومة في تصريحها الأول أن وعدت بالسهر على توجيه الموارد المحصلة عن طريق الخوصصة إلى الاستثمار وإلى تحديث الهياكل. لكن ماذا فعلت في الواقع ؟
في سنة 2001 بلغت الموارد الاستثنائية الخاصة بالخوصصة 23 مليار درهم رصد منها 6 ملايير درهم لصندوق الحسن الثاني للتنمية، بينما تم تحويل 17 مليار درهم للميزانية العامة حيث التهمت أغلبها ميزانية التسيير، وهذه السنة سنة 2002 برمجت الحكومة ضمن مداخيل الخوصصة ما يفوق 12 مليار درهم، لا نعلم هل فعلا سيتم تحصيلها ؟
وإذا تم ذلك، لا نعلم نحن نواب الأمة كم سيتم رصده لفائدة التجهيز والاستثمار وكم سيتم رصده لسد العجز الكامن في ميزانية التسيير ؟
ومن جهة أخرى وفي إطار الحديث عن العجز دائما فإننا ننبه إلى أن تصريحكم السيد الوزير الأول لم يشر من قريب أو بعيد إلى الأرقام المتعلقة بالميزان التجاري الذي يعتبر بحق مرآة تعكس الوضع الاقتصادي وخصوصا من حيث قوته التنافسية، كما أن الحديث عن العجز في الميزانية يستوجب الحديث عن العجز التجاري إذ هما مؤشران توأمان.إن هذا الإغفال المتعمد جاء نتيجة المعطيات السلبية المتعلقة به، إذ عرف تدنيا مستمرا منذ مجيء هذه الحكومة حيث انتقل هذا العجز من 28.9 مليار درهم سنة 1998 إلى 43.6 مليار درهم سنة 2001 أي بزيادة تفوق 50% . أما نسبة تغطية الصادرات بالواردات فقد تراجعت في الفترة نفسها من 69.5% إلى 64.8% حسب الأرقام الرسمية.
فعن أي تحسين للمؤشرات الاقتصادية تتحدثون ؟ ولقد تحدتثم في تصريحكم بأنكم استطعتم: "خلال الأربع سنوات الأخيرة التحكم في التضخم وحصره في مستوى منخفض بأقل من 1.5 % كمعدل سنوي حفاظا على القوة الشرائية للمواطنين أكثر احتياجا".
والحقيقة أن عدم ارتفاع الأسعار مرده بالأساس إلى تدهور القدرة الشرائية للمواطنين وعجزهم عن الاستهلاك في ظل ركود اقتصادي واضح تدل عليه المعامل التي تغلق والعدد الوفير من العمال الذين يسرحون والبطالة المتفشية.
أما بخصوص الزعم بارتفاع الاحتياطي من العملة الصعبة، فكان حريا بكم أن تذكروا الأسباب الحقيقية التي لا دور لكم فيها والتي ترجع بالأساس إلى عاملين أساسيين:
أولهما: دخول العملة الموحدة للاتحاد الأوربي حيز التداول الرسمي، مما أدى إلى تدفق العملة الصعبة غير المصرح بها من بلدان الاتحاد الأوربي نحو المغرب وبعض البلدان الأخرى.
ثانيهما: انحسار الواردات من السلع التجهيزية نظرا لتراجع القدرات الاستثمارية للمقاولات بفعل الركود الاقتصادي ، وارتفاع كلفة التمويل وفقدان الثقة لدى الفاعلين الاقتصاديين.
وبمناسبة ذكر تراجع استثمار المقاولات يمكن التأكيد على أن ذلك أكبر دليل على الفشل الحكومي في توفير شروط التنمية المستديمة والمنتجة لمناصب الشغل، ولذلك نقول لكم: إن ارتفاع احتياط العملة الصعبة لن يغطي على هذا الفشل الذريع.

السيد الرئيس،
إن أهم ما تتبجح به الحكومة هو الزعم بتقليص المديونية العمومية الإجمالية، والتركيز بالخصوص على المديونية الخارجية التي تراجعت من 19.1 مليار دولار سنة 1997 إلى 14.1 مليار دولار سنة 2001 والحقيقة أن المديونية الخارجية بدأت منحاها الانخفاضي منذ سنة 1993 والحقيقة الأخرى أن المديونية الإجمالية لم يقع بشأنها أي انخفاض، ذلك أن مقابل انخفاض المديونية الخارجية ارتفاع المديونية الداخلية بشكل مهول لم يسبق لم مثيل.
وهكذا وحسب تقارير بنك المغرب السنوية فإن المديونية العمومية الإجمالية ارتفعت من 270 مليار درهم سنة 1998 إلى 293.5 مليار درهم سنة 2001 أي بزيادة نسبتها 8.5% وحتى لو تم اعتماد حجم المديونية العمومية بالنسبة للناتج الداخلي الخام، فإن هناك ارتفاعا من 74.6% سنة 1998 إلى 76.1% في سنة 2001 حسب التقديرات الرسمية. فعن أي تخفيض للدين العمومي تتحدثون؟
أما خدمات الدين العمومي فقد ارتفعت بنسبة 11.7% ما بين 1995 و2001، ولو استثنينا موارد الخوصصة فإن النتائج تنذر بالخطر، إذ أن خدمات الدين سجلت بالنسبة للموارد العادية ارتفاعا من 18.2% سنة 1998 إلى 26% سنة 2001، وهو ما يعني أن خدمات الدين العمومي تستهلك أكثر من ربع الموارد العادية للميزانية العامة.
أليس هذا وجه آخر من أوجه الإرث الثقيل الذي ستتركونه لمن سيأتي بعدكم ؟

لقد سبق لنا في فريق العدالة والتنمية أن نبهنا في مناسبات متعددة، ومن على هذه المنصة وغيرها، إلى المنحى الخطير الذي انزلقت إليه المديونية العمومية وأثرها السلبي على الاستثمار بسبب استحواذ الدولة على السيولة البنكية، ونبهنا إلى خطورة اقتصاد الريع الذي أصبح يوظف لفائدة الأبناك التي تستفيد من موارد الدولة وطالبنا بتشريع سقف للدين الداخلي حتى لا تتمادى الحكومة في سياسة استدانة لا مسؤولة ولكن اقتراحنا قوبل بالرفض.
ولأن حكومتكم تمادت في إرضاء اللوبي البنكي فهي لم تكتف بذلك بل رفضت كل مقترحاتنا الرامية إلى اعتماد صيغ جديدة للتمويل كالسلفات اللاربوية طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية. فانظروا إلى النتائج الوخيمة لسياساتكم على صعيد المعاناة المالية للمقاولات في مقابل الربحية العالية للأبناك.

وأكثر من هذا لم نجد أي صدى لما صرحتم به سنة 1998 من عزم على إصلاح النظام البنكي والمالي بغية تعبئة أفضل للادخار.

السيد الرئيس
ومرة أخرى يغفل تصريحكم الجوانب الدينية والأخلاقية من تقويم عملكم الحكومي، من منطلق تصوركم العلماني للتنمية والتي تغفل الأبعاد التربوية والدينية والخلقية في بلورتها والدفع بها.
إن بلادنا تموج بأنواع من المشاكل الخلقية والآفات الاجتماعية كتعاطي المخدرات والمسكرات والزنا والعهارة وهتك الأعراض ومختلف أشكال الاعتداء على حرمات المواطنين، ومع ذلك لم تحظ بأي عناية في البرنامج الحكومي، فضلا عن الممارسة الحكومية.
بل شهدنا في عهد هذه الحكومة ازديادا ملحوظا في رخص الخمر والكازينوهات وضربا للمقومات الإسلامية في الإعلام والثقافة والشارع مما يفرز توترات وحالات قلق اجتماعي حول مصير هذه المقومات وظواهر لا أحد يرغب فيها.

السيد الرئيس،
مرة أخرى يبدو واضحا تلميع الأرقام بل والتدليس فيها من خلال ما جاء بالحرف في تصريح الوزير الأول من " أن الاستثمار الخارجي عرف قفزة مهمة حيث بلغ ما يقارب 7 ملايير دولار استقطبتها بلادنا خلال فترة 1998 إلى 2001، مما يعني أن ما تم استقطابه في ظرف أربع سنوات يفوق ما تم تجميعه خلال العشرين سنة الماضية..."
ومعلوم أن قيمة الاستثمار ما كان لها أن تكون بهذا الحجم لولا مداخيل الخوصصة التي عرفت أرقاما قياسية في هذه الفترة -4ملايير دولار- عن بيع رخصة الخط الهاتفي الثاني وتفويت نسبة 35% من اتصالات المغرب، وهي مداخيل استثنائية تشكل فرصة نادرة لم تتوفر لحكومة من قبل.
ولذلك فإننا إذ نقدم هذه الحقيقة فإننا نتساءل عن حجم الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية المقابلة لهذا الاستثمار الخارجي بحجم 7 ملايير دولار الذي يتبجح به التصريح الذي نناقشه.
إن مقارنة بسيطة لمعدلات النمو السنوي لأربع سنوات الأخيرة قبل مجيء هذه الحكومة والتي تبلغ 3.5% مع الأربع سنوات التي قضتها هذه الأخيرة في سدة الحكم والتي تبلغ 3.8% ، يبين أن مستوى المعدلات متقاربة، لذلك يحق لنا أن نتساءل عن آثار الموارد الاستثنائية الهامة على التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا.
أما الإدعاء بأن الاستثمار الوطني ارتفع بنسبة 23 % خلال الفترة ما بين 1998 و2001 مقارنة مع فترة 1993 و1997 فهو يتجاهل التراجع الخطير الذي سجلته الاستثمارات الخارجية هذه السنة، ويتجاهل التراجع الخطير الذي عرفه الاستثمار العمومي بين 2001 و2002 بنسبة 8.5%.
إن الأرقام الخادعة التي قدمها الوزير الأول لا ينبغي أن تنسينا ظاهرة إفلاس المقاولة بسبب ضعف قوتها التنافسية في غياب سياسة واضحة وإرادية لتأهيل المقاولات المغربية ورفع الإكراهات التي تثقل كاهل القطاع الخاص، ونذكر على سبيل المثال النظام الجبائي الذي لم يعرف أي تطور يساير التحديات التي تواجه المقاولات ببلادنا حيث نجد أن هذا النظام يعرقل الاستثمار بدل تشجيعه، ونذكر على سبيل المثال أيضا الضريبة المهنية -البتانتا- التي تفرض على كل استثمار جديد قامت به المقاولة، وتبقى مصاحبة لهذا الاستثمار، كما أن تكلفة التمويل مازالت مرتفعة دون مبرر اقتصادي إضافة إلى إحجام الأبناك عن إقراض المستثمرين وتفضيلها لإقراض الخزينة كما سبق بيانه.
وفي هذا السياق أذكركم السيد الوزير الأول بما وعدتم به في التصريح الحكومي الأول من "وضع استراتيجية للنمو تعتمد على اختيارات قطاعية تستهدف تحسين فعالية النسيج الإنتاجي، وجعله أقل خضوعا للتقلبات المناخية وترتكز هذه الاستراتيجية على سياسة لإنعاش الصادرات وتنمية السوق الداخلي، وذلك على أساس توسيع الفرص وإعادة تحديد الإجراءات التحفيزية، وترشيد نظام المبادلات الخارجية".
إن شيئا مما ذكر لم تفوا به وبقي وعودا معلقة مما انعكس سلبا على الأوضاع الاجتماعية التي ازدادت تأزما، ويكفي أنكم السيد الوزير الأول حينما تحدتثم في خطابكم عن موضوع البطالة قلتم "انخفض معدل البطالة في الوسط الحضري إلى 19.5% سنة 2001 مقابل 22% سنة 1999" .
اسمحوا لي السيد الوزير الأول أن أسألكم، هل من المعقول في موضوع في غاية الحساسية والذي هو موضوع البطالة الذي يعكس مستوى عافية الاقتصاد الوطني، أن تقارنوا بين سنوات تتصل بعهد حكومتكم بين سنتي 1999 و2001 ؟ لماذا أعرضتم عن اعتماد سنة 1997، وهي السنة المرجعية المعقولة لمقارنة الوضع الذي وجدتموه مع الوضع الذي ستتركونه ؟
والجواب بسيط: إنكم لم تعتمدوا سنة 1997 للمقارنة لأن نسبة البطالة بالوسط الحضري كانت 16.9% وفي سنة 1998 ارتفعت إلى نسبة 19% وفي سنة 1999 إلى نسبة 22% وفي سنة 2000 بلغت 21.5% وفي سنة 2001 بلغت 19.5%، وإذن فقد ارتفعت نسبة البطالة في الوسط الحضري من 16.9% سنة 1997 إلى 19.5% سنة 2001 ومن المتوقع أن تزداد ارتفاعا برسم هذه السنة ...
إنكم السيد الوزير الأول باعتمادكم سنوات لا تعتبر مرجعا سليما للمقارنة تدلسون على الشعب ويحق لنا أن نقول مرة أخرى أنكم لم تقدموا حصيلة حكومية، ولكنكم تقدمون في الغالب خطابا دعائيا لا يستند إلى معطيات صحيحة.
ومرة أخرى نسألكم السيد الوزير الأول عن مصدركم فيما يخص نسبة حاملي الشهادات العاطلين والتي حددتموها في 27% مع أن الوثائق الرسمية تشير إلى أن نسبتهم تصل إلى 28.4%.
إن الوضعية الاجتماعية متفاقمة، نعم لقد تفاقمت في عهد هذه الحكومة ويكفي أن أقول أن عدد المغاربة الذين يعيشون تحت عتبة الفقر قد ارتفع من خمسة ملايين ونصف سنة 1998 إلى ستة ملايين سنة 2001، فكيف لكم أن تتحدثوا عن مجهود هام بذلتموه ؟ وعن بوادر إيجابية تعدون بها ؟
لقد وعدت الحكومة في المخطط الخماسي بنسبة نمو 5% وعلى أساس ذلك بنت توقعاتها والآن تعترف بأن نسبة النمو لم تتجاوز معدلها 3.8% مع أن مشاكل البلاد المستعصية تتطلب في الحقيقة معدل نمو بنسبة 7% على الأقل.
ونختم مداخلتنا هذه بعد الاختصار الشديد لكثير من المعطيات ذات الدلالة على ضعف أداء هذه الحكومة بما قلتم السيد الوزير الأول في خطابكم الذي نناقشه في هذه اللحظة.
لقد قلتم: إنكم واجهتم وضعية كان يتجلى لكم يوما بعد يوم طابعها المقلق، فبلدنا حسب تعبيركم كان على عتبة أزمة اجتماعية شاملة، وكان اقتصادنا ذا تنافسية ضعيفة، أما الادخار والاستثمار فكانا دون المستوى بسبب انعدام أي رؤية واضحة وفقدان الثقة لدى الاقتصاديين، وكانت المالية العمومية على جانب كبير من الهشاشة بفعل عبئ نفقات التسيير وحجم المديونية العمومية، بتلازم على صعيد العجز العمومي، بينما كان القطاع العمومي يسير نحو الانهيار نتيجة سوء تدبير بعض المؤسسات والمقاولات العامة التي تحولت إلى قلاع منيعة كما لا يخفى عليكم.
هذا هو تشخيصكم للوضعية الاقتصادية والمالية التي وجدتم عليها البلاد. ولنا أن نلقي على ضميركم وعلى كافة المغاربة سؤالا واضحا وهو :
أليست هذه هي الوضعية التي ستتركون البلاد عليها اليوم :
أزمة اجتماعية شاملة،
اقتصاد ذو تنافسية ضعيفة،
ادخار واستثمار دون المستوى المطلوب بسبب انعدام الرؤية الواضحة وفقدان ثقة الفاعلين الاقتصاديين.
مالية عمومية على جانب كبير من الهشاشة بفعل عبء نفقات التسيير وحجم المديونية العمومية.
ولائحة الإختلالات طويلة لكن حسبنا ما أوردنا باختصار ومع ذلك فإننا موقنون بإرادة شعبنا وإمكانات بلادنا في مواجهة كل التحديات وتجاوز كل الصعوبات.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.