تتحدث بعض الأوساط الطبية في مستشفى بن سينا التابع للمركز الاستشفائي الجامعي بالرباط عن اختفاء مبالغ مهمة من صندوق جمعية الأعمال الاجتماعية للمستشفى المذكور. وقال مصدر طبي مطلع إن حسابات الجمعية لم تكن مدققة بالشكل المطلوب طيلة مواسم 1996 / 1997 و 1997 / 1998 و1998 / 1999. وحسب تقارير الخبير المحاسب عبد السلام براهمي، الذي راقب مالية الجمعية طيلة المواسم المذكورة، فإن هناك فرقا غير مبر ر (EQUART NON JUSTIFIE) قدره 10.584.59درهم (عشرة آلاف وخمسمائة وأربعة وثمانون درهما) في موسم 1996 / 1997، وفرقا ثانيا غير مبرر قدره 23.407.88درهما (ثلاثة وعشرون ألفا وأربعمائة وسبعة دراهم) في موسم 1997 / 1998. كما تضمن تقرير موسم 1998 / 1999 توصيات بضرورة تبرير فرق حاصل في مصاريف ومداخيل المقتصدية التابعة للجمعية. ويستفاد من التوصيات الصادرة في تقارير الخبير المحاسب المذكور للمواسم الثلاثة المشار إليها أن جمعية الأعمال الاجتماعية لمستشفى ابن سيناء تعاني من سوء التدبير، حيث تشير إلى أن الجمعية لم تقدم للخبير المحاسب كل الوثائق المتعلقة بالمحاسبة ككشوف الحسابات البنكية ولائحة ممتلكات الجمعية، كما أن التوصيات المذكورة ألحت على ضرورة مطالبة مكتري المقصف بمبالغ الكراء التي على ذمته، وتحدثت التقارير نفسها عن عبثية وعشوائية في الاستدانة من مالية الجمعية وكذا في المساعدات التي تقدمها، حيث لاحظت أن مبالغ الديون المستحقة للجمعية وكذا المساعدات التي تقدمها غير مبررة بالوثائق. وقد لوحظ رد فعل مفاجيء من الجمعية خلال موسم 1999/ 2000 حيث عمدت إلى رفض إجراء الخبرة المحاسباتية من طرف الخبير المحاسب عبد السلام براهمي، الذي كانت تربطه بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا عقدة ينجز بموجبها الخبرة المحاسباتية لكل المستشفيات التابعة للمركز، فاستقدمت محاسبا آخر هو عبد اللطيف تركتي عن شركة "كلوب أكونتين" (GLOB ACCOUNTING ). يذكر أن جمعية الأعمال الاجتماعية لمستشفى بن سينا يسيطر على مكتبها أشخاص معدودون أغلبهم عناصر من المكتب المحلي للنقابة الوطنية للصحة التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل. ومن جهة أخرى قالت مصادر عليمة للتجديد إن قضية التلاعب في ملفات التوظيف المشهورة، والتي وقعت سنة 1999، كانت من تدبير عناصر نقابية من نفس النقابة المذكورة، وأن المتهم الذي "أدين" في هذه القضية لم يكن سوى كبش فداء، وتعود فصول هذه الفضيحة إلى سنة 9991 حيث تواطأ بعض الموظفين من المستشفى المذكور، منهم نقابيون، على تقديم وعود وهمية بالتوظيف مقابل مبالغ مالية مهمة، وكانت ثلاث ضحايا (لطيفة بوشريف رشيدة عطاف فاطمة لمغاري الإدريسي) تقدمن بشكاية إلى مدير المركز الاستشفائي ابن سيناء آنذاك ، الذي أحالها بدوره على وكيل الملك ومن الملفات الشائكة أيضا في مستشفى ابن سيناء ما تتداوله الأوساط الطبية من كون المستشفى له ديون على العصبة المغربية لمقاومة أمراض القلب والشرايين تفوق ثلاثة ملايير سنتيم كمصاريف للكهرباء والماء والأدوية والطعام. وتبلغ المصاريف الشهرية التي تستهلكها العصبة على حساب مستشفى ابن سيناء ما بين 15 و20 مليون سنتيم، دون احتساب الأطر الطبية التي تستفيد منها (حوالي 60 طبيبا وأستاذا)، بالإضافة إلى زحفها على مقر مصلحتي الأمراض الجلدية وأمراض الأنف والأذن والحنجرة، وهكذا أصبحت العصبة تحتل ربع البناية المركزية لمستشفى بن سيناء. والعصبة المغربية للتذكير هي جمعية مستقلة عن وزارة الصحة تأسست سنة 1977 بظهير ملكي من أجل مقاومة أمراض القلب والشرايين وتطوير البحث العلمي فيها بتعاون مع وزارة الصحة، وكذا تكوين الأطر الطبية. وكان مجلس إدارة المركز الاستشفائي الجامعي ابن سيناء قد اتخذ سنة 1998 قرارا يقضي بضرورة إجراء عمليات جراحية بالمجان لثلاثة مرضى محتاجين كل أسبوع، وهو ما لم يحترم، يقول مصدر طبي. وكانت مصحة العصبة عرفت وفاة القاضي المجدوبي سنة 2001، حيث أصيب بأزمة سببت له سكتة قلبية أثناء زيارته لأحد أصدقائه، حيث تماطل المكلفون في المصحة المذكورة في إنجاده بدعوى أنه كان لابد أن يؤدي ثمن العلاج مسبقا، كما عرف المستشفى وفاة السيد خليفة بوشعيب في بداية شهر ماي 2001، بسبب تماطل طبيب القلب المكلف بالحراسة في تقديم الإسعافات اللازمة. يذكر أن مستشفى ابن سيناء يستهلك لوحده حوالي نصف مصاريف المركز الاستشفائي الجامعي وتوجه له أكثر من 80 بالمائة من مجهودات التسيير، ويضم أكثر من ألف سرير، ولكنه يعاني رغم كل ذلك يعاني من سوء التدبير والتسيير. محمد أعماري