"تقدم إيجابي" فمفاوضات الهدنة.. محادثات غزة غتستمر وحماس راجعة للقاهرة    فيديو: هاتريك أيوب الكعبي في مرمى أستون فيلا    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    زلزال جديد يضرب دولة عربية    الفرقة الجهوية دالجندارم طيحات ريزو ديال الفراقشية فمدينة سطات    تكريم حار للفنان نعمان لحلو في وزان    ريم فكري تفاجئ الجمهور بأغنية "تنتقد" عائلة زوجها "المغدور"    انهيار طريق سريع جنوب الصين: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 48 شخصا    الدوري الأوربي: ليفركوزن يعود بالفوز من ميدان روما وتعادل مرسيليا واتالانتا    هذه وضعية سوق الشغل خلال الفصل الأول من سنة 2024    بلاغ هام من وزارة الداخلية بخصوص الشباب المدعوين للخدمة العسكرية    ماذا قال أمين عدلي بعد فوز ليفركوزن على روما؟    هل ما يزال مكيافيلي ملهما بالنسبة للسياسيين؟    رسالة هامة من وليد الركراكي ل"أسود" الدوريات الخليجية    للمرة الأولى منذ 2009.. "تواصل" الإسلامي في موريتانيا يتقدم للانتخابات الرئاسية    مناهل العتيبي: ما تفاصيل الحكم على الناشطة الحقوقية السعودية بالسجن 11 عاماً؟    عقب قرارات لجنة الأندية بالاتحاد الإفريقي.. "نهضة بركان" إلى نهائي الكونفدرالية الإفريقية    إقليم الصويرة: تسليط الضوء على التدابير الهادفة لضمان تنمية مستدامة لسلسلة شجر الأركان    مهرجان أيت عتاب يروج للثقافة المحلية    الإبقاء على مستشار وزير العدل السابق رهن الاعتقال بعد نقله إلى محكمة تطوان بسبب فضيحة "الوظيفة مقابل المال"    تطوان: إحالة "أبو المهالك" عل سجن الصومال    الكعبي يتألق في أولمبياكوس اليوناني    بوريطة يتباحث ببانجول مع نظيره المالي    عمور.. مونديال 2030: وزارة السياحة معبأة من أجل استضافة الفرق والجمهور في أحسن الظروف    تفكيك مخيّم يثير حسرة طلبة أمريكيين    الملك يعزي بن زايد في وفاة طحنون آل نهيان    وفاة المحامي والحقوقي عبد العزيز النويضي اثر سكتة قلبية    العقائد النصرانية    تنفيذ قانون المالية يظهر فائضا في الميزانية بلغ 16,8 مليار درهم    الأمثال العامية بتطوان... (588)    أمطار طوفانية تغرق الإمارات وتتسبب في إغلاق مدارس ومقار عمل    مركز دراسات.. لهذا ترغب واشنطن في انتصار مغربي سريع في حال وقوع حرب مع الجزائر    أوروبا تصدم المغرب مرة أخرى بسبب خضر غير صالحة للاستهلاك    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة    أزمة طلبة الطب وصلت ل4 شهور من الاحتقان..لجنة الطلبة فتهديد جديد للحكومة بسنة بيضاء: مضطرين نديرو مقاطعة شاملة    مجلس النواب يعقد الأربعاء المقبل جلسة عمومية لمناقشة الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة    المخزون المائي بسدود الشمال يناهز مليار و100 مليون متر مكعب    ها التعيينات الجديدة فمناصب عليا لي دازت اليوم فمجلس الحكومة    ارتفاع حصيلة القتلى في غزة.. واعتقالات في الضفة الغربية    بايتاس رد على لشكر والبي جي دي: الاتفاق مع النقابات ماشي مقايضة وحنا أسسنا لمنطق جديد فالحوار الاجتماعي    فوضى «الفراشة» بالفنيدق تتحول إلى محاولة قتل    باحثون يكتشفون آليات تحسّن فهم تشكّل الجنين البشري في أولى مراحله    بذور مقاومة للجفاف تزرع الأمل في المغرب رغم انتشارها المحدود    رسميا.. جامعة الكرة تتوصل بقرار "الكاف" النهائي بشأن تأهل نهضة بركان        النفط يتراجع لليوم الرابع عالمياً    إلقاء القبض على إعلامية مشهورة وإيداعها السجن    الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    مسؤولة في يونيسكو تشيد بزليج المغرب    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" يعلن عن أسماء الفائزات والفائزين بجائزة "الشاعر محمد الجيدي" الإقليمية في الشعر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الرئيس الكولومبي يعلن قطع العلاقات مع إسرائيل    "دراسة": زيادة لياقة القلب تقلل خطر الوفاة بنحو 20 في المائة    عبد الجبّار السحيمي في كل الأيام!    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    دراسة: مجموع السجائر المستهلكة "يلتزم بالثبات" في إنجلترا    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الأمثال العامية بتطوان... (586)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في غياب سياسة طاقية ..الاقتصاد المغربي يعاني‎
نشر في التجديد يوم 15 - 08 - 2005

يتواصل ارتفاع سعر البترول بشكل صادم، مخلفا أزمة نفطية جديدة في العالم، وخاصة في الدول غير المنتجة كالمغرب، لما لذلك الارتفاع من تداعيات كارثية على اقتصادياتها، وهو ما يجعلها وجها لوجه مع سؤال السياسية الطاقية التي تتبعها، وسبل تفادي الارتهان لتقلبات سوق النفط، وضمان ما يصطلح عليه بالأمن الطاقي لبلدانها؟
وقد ارتفع سعر البترول محطما رقما قياسيا لم يبلغه منذ سنوات، ويتوقع عدد من الملاحظين الاقتصاديين أن أسعار النفط ستواصل الارتفاع في الأسابيع القادمة، في ضوء احتمالات اضطراب الإمدادات من دول رئيسية من أعضاء أوبك مثل السعودية وإيران.
وخلق ارتفاع أسعار النفط حالة من الإرباك داخل البورصات الأوروبية والأمريكية نتيجة المخاوف من أثر أسعار النفط على أرباح الشركات، لتتراجع سوق الأسهم عن أعلى مستوى منذ ثلاثة أعوام. ومما يزيد حالة الارتباك احتدام المواجهة بين إيران والاتحاد الأوروبي بسبب البرنامج النووي الإيراني.
وقال محللون اقتصاديون إن مستهلكي النفط ربما يضطرون للتعود على التعايش مع سعر 70 دولارا للبرميل، الذي سيصبح ربما سعرا عاديا، إذ لا تلوح في الأفق أي بادرة على توقف الاتجاه التصاعدي الذي رفع الأسعار إلى ثلاثة أمثالها منذ نهاية 2001.
وإذا كان الملاحظون يعولون على دور منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في ضبط الأسعار، بضبط التوازن بين العرض والطلب، فإن منظمة أوبك تحمل مسؤولية ارتفاع الأسعار لعمليات التكرير، وتؤكد أنها تضخ ما يكفي من النفط لضمان استقرار السوق، مما سيجعل الدول غير المنتجة للبترول تحت رحمة التقلبات المستمرة.
وقد عانى اقتصاد المغرب ومايزال من مضاعفات التصاعد المستمر لأسعار النفط في الأسواق العالمية، لكونه بلدا غير منتج للبترول، الأمر الذي انعكس سلبا على ميزانيتة العامة وزاد من عجزها، حيث تضطر الحكومة لتغطية الفارق بين التقدير، الذي انبنت عليه الميزانية، والذي قدر بحوالي 40 دولارا للبرميل، وبين السقف الذي يصله سعر البرميل الواحد في الأسواق الدولية.
وحسب تصريحات سابقة لفتح الله ولعلو وزير المالية فإن الدولة تتحمل الفرق لحرصها على عدم الزيادة في الأسعار الداخلية، المرتبطة باستهلاك المواد النفطية ومشتقاتها، والمحافظة على المقدرة الشرائية للمستهلك المغربي، حيث تحملت مبلغ 2200مليون درهم لتغطية التحملات الناجمة عن هذا القطاع برسم سنة 2004على سبيل المثال.
غير أن توالي الزيادات في أسعار البترول دون وجود سياسة طاقية واضحة لدى الحكومة شكل أحد العوامل التي خلخلت الميزان التجاري المغربي، ورفع من نسبة العجز التجاري. الأمر الذي اضطر الحكومة مع الزيادات الأخيرة التي عرفها سعر البترول إلى رفع أسعار البيع الأساسية لمشتقات البترول مرتين، في ظرف شهرين.واعتبرت الحكوم أن تلك الزيادات تبقى جزئية، ورمزية، لم تشمل سوى المحروقات السائلة.
وللإشارة فقد وصل مبلغ تغطية الفارق بين الثمن الذي استند عليه تقدير وزارة المالية، وبين ثمن السوق الدولية الذي يؤديه صندوق المقاصة 4,3 مليار درهم، وذلك منذ بداية السنة الجارية.
وما سبق يفرض، حسب رأي عدد من المتتبعين للشأن الاقتصادي المغربي ضرورة وضع سياسة طاقية واضحة تتغلب بها الحكومة على تقلبات سوق النفط، وتتفادى بها إرباك الميزانية العامة للدولة، والانعكاسات السلبية لذلك على المواطنين، إذ من الوارد جدا أن أثمنة زيادات أخرى على الأبواب إذا استمر مسلسل صعود سعر النفط، حيث لن يصمد الحرص على ضمان التوازن بين القدرة الشرائية للمواطن وبين تحمل صندوق المقاصة ارتفاع أسعار البترول التي لم تأخذها تقديرات وزير المالية بعين الاعتبار، وكانت خارج التوقعات المطروحة، الأمر الذي يخلق التخوف لدى المواطنين من الزيادة في أسعار المواد والخدمات الأكثر استعمالا من لدن المواطنين من قبيل النقل على سبيل المثال.
وأمام هذا الوضع الحرج والتوقعات باستمرار ارتفاع سعر البترول، الذي قد يتجاوز 80 دولارا، لا تملك الحكومة المغربية إلا البحث عن سبل جديدة لتفادي التداعيات السلبية للوضعية على الفئات الاجتماعية ذات الدخل المحدود، وعلى وضعية الميزان التجاري الحرجة، والتي لم يسبق له أن عاشها منذ السبعينات من القرن الماضي، لأن التعويل على عائدات السياحة، والتحويلات البنكية للجالية المغربية، لن تقوى لوحدها على ترميم الكسور في الميزانية، نظرا لعدد من الطوارئ التي لم يأخذها واضعوها بعين الاعتبار من قبيل ضعف المحصول الفلاحي، والإكراهات التي تعانيها بعض القطاعات الصناعية كقطاع النسيج.
لقد أظهر الارتفاع المهول لسعر النفط حجم ارتهان المغرب لعواصف سوق الطاقة الدولية، وحجم معاناة ميزانية الدولة، وتدخل صندوق المقاصة لدعم أسعارالمواد النفطية ومواد أخرى كالزيت والسكر وغاز البوطان، وهو التدخل الذي سبق لخبراء صندوق النقد الدولي، أن دعوا المغرب لضرورة مراجعته في اتجاه تقليص حجم الدعم الذي يقدمه، في إشارة إلى تحميل المواطن لتداعيات ارتفاع أسعار النفط لتقلبات الأسعار.
إلا أن مستوى الدخل الفردي لفئات واسعة من المجتمع المغربي يحرج الحكومة في اتخاذ ذلك القرار بشكل واسع، خاصة بعدما لم تتوصل التنقيبات عن النفط بالمغرب لحد الساعة لشيء يذكر الأمر الذي يطرح على الحكومة ضرورة البحث عن سبل للتحكم في مستوى الاستهلاك وعن مصادر الطاقة المتجددة، بدل الاكتفاء فقط بالزيادة في سعر المحروقات.
إن المغرب معني بشكل كبير بهذا السؤال، فهل استطاعت الحكومة أن تسن سياسية طاقية تحمي مخططتاها وتوقعاتها من الانهيار على عواصف سوق النفط، أم أنها تركت الحبل على الغارب حتى جرفها طوفان الزيادة المهولة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.