مؤتمر حزب الاستقلال يستعيد الهدوء قبل انتخاب الأمين العام واللجنة التنفيذية    الملك: علاقات المغرب والطوغو متميزة    "حماس" تعلن ارتفاع عدد القتلى في غزة    ندالا يدير لقاء نهضة بركان بكأس الكاف    وزير الصحة يدشن مستوصفات جديدة    إسبانيا تعترض 25 طنا من المخدرات    طعنات تسلب حياة تلميذة بمدينة صفرو    إسدال الستار على فعاليات "ليالي الفيلم السعودي" في الرباط    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    الأمور مضبوطة: بركان لاعبين بالتوني اللي فيه خريطة المغرب ضد اتحاد العاصمة الجزائري    بدء أشغال المؤتمر السادس للبرلمان العربي بالقاهرة بمشاركة المغرب    الملفات الساخنة في حقيبة وزير الخارجية الفرنسي خلال زيارته إلى الجزائر !    التلميذة فاطمة الزهراء ضحية مدير ثانوية "التقدم" فمولاي يعقوب فتصريح ل"كود": هادي 3 سنين والمدير كيتحرش بيا وكيدير هادشي مع بزاف دالبنات    منتوج العسل المغربي يطرق أبواب السوق الأوروبية    تتويج شعري في ملتقى الشعر والفلسفة    نادية فتاح: المغرب يتيح الولوج إلى سوق تضم حوالي مليار مستهلك بإفريقيا    العلماء يعثرون على قبر أفلاطون بفضل الذكاء الاصطناعي "صورة"    جاري القروض الصغرى المستحقة يصل إلى 8,4 مليار درهم في متم 2022    بايتاس: حكومة أخنوش هي أكثر حكومة وسعت الحوار الاجتماعي وعملت على مأسسته منذ تنصيبها    توقيف متورطين في ترويج مخدرات وحجز 8955 قرص مهلوس    وفد ألماني يطلع بتطوان على العرض البيداغوجي للمعهد المتوسطي للتدبير    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    هذا تاريخ عيد الأضحى لهذه السنة بالمملكة    رحلة الجاز بطنجة .. عودة للجذور الإفريقية واندماج مع موسيقى كناوة    مظاهرة حاشدة في مدريد لدعم رئيس الوزراء وحثه على البقاء    بلغت تذاكره 1500 درهم.. حفل مراون خوري بالبيضاء يتحول إلى فوضى عارمة    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون أخذ تصريح وآثم من فعل ذلك    فرنسا تعلن استعدادها تمويل خط كهرباء يربط الدار البيضاء بالداخلة    مجلس الأمن .. حركة عدم الانحياز تشيد بجهود جلالة الملك لفائدة القضية الفلسطينية    المغرب يواجه واحدا من أكثر المواسم الفلاحية كارثية في تاريخه    الخارجية البريطانية: ملتازمين بتعزيز وحماية حقوق الإنسان فالصحرا وكنشجعو الأطراف باش يواصلوا جهودهم فهاد الصدد    مؤتمر الاستقلال يمرر تعديلات النظام الأساسي ويتجنب "تصدع" انتخاب القيادة    تفاصيل وكواليس عمل فني بين لمجرد وعمور    ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بالمغرب    بنتايك ضمن التشكيلة المثالية للجولة ال34 من دوري الدرجة الثانية الفرنسي    قناة عبرية: استقالة رئيس الأركان الإسرائيلي قريبا وجميع الضباط المسؤولين عن كارثة 7 أكتوبر سيعودون إلى ديارهم    زلزال بقوة 6.1 درجات يضرب هذه الدولة    تواصل حراك التضامن مع الشعب الفلسطيني في المغرب.. مظاهرات في 56 مدينة دعما لغزة    السعيدية.. افتتاح النسخة الثامنة من تظاهرة "أوريونتا منتجعات السعيدية – حكايات فنية"    خمسة فرق تشعل الصراع على بطاقة الصعود الثانية وأولمبيك خريبكة يهدد حلم "الكوديم"    مجلس أمناء الاتحاد العربي للثقافة الرياضية يجتمع بالدوحة لمناقشة خطة 2025    سيناريوهات الكاف الثلاث لتنظيم كأس إفريقيا 2025 بالمغرب!    مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة    زفاف العائلات الكبيرة.. زواج ابنة أخنوش من نجل الملياردير الصفريوي    هجوم روسي استهدف السكك بأوكرانيا لتعطيل الإمدادات د مريكان    سامسونغ تزيح آبل عن عرش صناعة الهواتف و شاومي تتقدم إلى المركز الثالث    تطوير مبادرة "المثمر" ل6 نماذج تجريبية يَضمن مَكننة مستدامة لأنشطة فلاحين    الأكاديمية تغوص في الهندسة العمرانية المغربية الإسبانية عبر "قصر الحمراء"    الرابطة الرياضية البيضاوية يؤكد ان الوحدة الترابية قضيتنا الاولى    جمارك الجزائر تجهل قانون الجمارك    اكتشف أضرار الإفراط في تناول البطيخ    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    الأمثال العامية بتطوان... (582)    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليس للكولونيل من يذكره ؟!
نشر في التجديد يوم 20 - 10 - 2016

ودعنا يوم الأحد 16 أكتوبر 2016 في الساعة الثالثة صباحا آخر رجالات الكفاح الوطني الذي ارتبط إسمه بالأمير المجاهد محمد ابن عبد الكريم الخطابي، المقاوم الكبير الهاشمي الطود. ذلك الرجل الاستثنائي الذي وصف بالقنبلة الموقوتة تحت خطوات المستعمر الفرنسي "سي الهاشمي" الذي اعتبر دائما مفخرة المغرب وتاريخا يمشي على قدمين.
ازداد الهاشمي الطود سنة 1930 في مدينة القصر الكبير ، شمال المغرب . وهناك التقط أنفاسه الأولى . وقد ظل وفيا للأرض ، للوطن وللقضية فعاش ومات وطنيا . لم يكن الرجل يؤمن بشيء قدر إيمانه بأن المستعمر الذي دخل إلى المغرب بالقوة لن يخرج إلا بالقوة ، وليس بمفاوضات مشروطة يملي فيها المنتصر ما يريد .
ظل العقيد الهاشمي الطود يحمل في قلبه الكبير حلم المغرب ووحدته وهو يردد : "أنا رجل أؤمن بالبندقية والرصاص" .
صادف ميلاده صدور الظهير الاستعماري التمييزي الذي وصف ب "الظهير البربري" . وكان ذلك الحدث لحظة فاصلة في تاريخ المغرب المعاصر، وخصوصا ميلاد الحركة الوطنية المغربية التي خرجت من رحم تلك اللحظة .
درس وتعلم في المغرب القرآن واللغة ، وخطا خطواته الأولى على طريق التعلق بالوطن والانتماء إلى أفقه الواسع . ثم انتقل بعد ذلك لمتابعة دراسته في المشرق ، تحديدا في مصر التي كان يعتبرها رحمه الله منهل العلم ونبع الفكر والأدب والثقافة . وهناك تخصص تخصصا عسكريا ليتخرج لاحقا من المدرسة العسكرية في بغداد عام 1951 بدرجة ملازم في سلاح المدرعات .
لم يكن العقيد الهاشمي الطود رمزا من رموز الكفاح العربي ضد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين فقط ، بل كان واحدا من أبرز الدعاة إلى الكفاح الوحدوي المسلح ضد الاستعمار في الشمال الإفريقي .
كان الهاشمي يؤمن بالحرية والمبادئ الصادقة ويفتدي المستضعفين بروحه التي سخرها لخدمة القضايا النبيلة والعادلة كما شهد بذلك رفاق دربه واللذين عايشوه . فكان في طليعة الملبين اللذين استجابوا لنداء الجهاد العربي في فلسطين نونبر 1947 .
ويذكر اللذين عرفوه رحلته المثيرة مشيا على القدمين إلى مصر . وهي رحلة ما زال يتحدث عنها عدد من أصدقائه ضمن الغرائب التي ظلت توثر عنه ، إذ دامت هذه الرحلة التي انطلقت من المغرب بغية اللحاق بصديقه عبد الكريم الخطابي أنذاك . ثلاثة أشهر تقريبا .
ومعروف أن العقيد الهاشمي الطود لم يكن يحكي مثل هذه القصص القريبة من عالم الخيال والأساطير بعنجهة أوتكبر أو ادعاء . ورغم أنه عاشها مثل بطل أسطوري ، ظل دائما بسيطا متواضعا قلما يشرك فيها الآخرين كما يفعل عادة المحاربون القدامى .
كان يجلس في المقهى ويخرج لقضاء أغراضه اليومية بنفسه حتى يكاد ينسى الآخرون أن الرجل الذي يجالسونه بأريحيته البالغة المعهودة هو الرجل الجسور ذاته الذي عاش سنوات السجن والنفي من أجل كلمة الحق . كان صامدا صمودا يكاد يكون خرافيا في تاريخه وفي ذاكرته وكأنه اقتبس من اسمه العائلي بعض صفاته ، طودا راسخا في الوطنية والنبل لا تهزه الرياح .
بابتسامة لافتة مرسومة على محياه الوضيء، كان الهاشمي الطود يستقبل الشدائد كما كان يثور ويتألم عندما يحكي أو يتذكر حدثا ما أو وجها يعود إليه من بعيد . وتدريجيا مع سيرورة العمر والزمن ، أصبح الرجل عاطفيا ممتلئا بفيض وجداني جعله هشا أمام هول الذاكرة التي عبرها في لحظات عزلته الأخيرة مع نفسه ومع ذاكرته وتاريخه كان صوت أم كلثوم قد غدى جاره اليومي يسد الفجوات ويملأ الفراغ من حوله، ويجعله مشدودا بخيط مرهف بالحياة ، حتى لا يخاصم أحدا أو يخاصم نفسه .
هكذا كان الراحل الهاشمي الطود بسيطا عميقا وعظيما . ومن فرط صمته وتواضعه ، عاش ومات دون أن يعرفه الكثيرون . وبدءا من الآن يجب على المغاربة اللذين يوصفون بكونهم "مرضى بماضيهم" ، أن يعيدوا اكتشاف تاريخهم بكل وجوهه المضيئة ، و"سي الهاشمي" بكل تأكيد كان واحدا منها .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.