يوسف النصيري يوقع الهدف ال 15 له في الدوري الإسباني هذا الموسم    توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد بأقاليم المملكة    مطالب بوقف "التطبيع الأكاديمي" بين المغرب وإسرائيل    عائلات المغاربة المحتجزين بتايلاند تنتقد صمت الحكومة    مركز متخصص في التغذية يحذر من تتناول البطاطس في هذه الحالات    ظاهرة فلكية.. عاصفة شمسية قوية تنير السماء بأضواء قطبية في عدة دول    مطالب نقابية بإقرار منحة لعيد الأضحى    النسر الأخضر الرجاوي يحوم في سماء الملعب الكبير بأگادير ويصطاد غزالة سوس أربعة مرات    الأستاذ إدريس الهلالي يشارك ضمن الاجتماع الاستثنائي للمجلس العالمي للتايكوندو بكوريا الجنوبية    سيطرة مغربية في "الترياثلون الإيكولوجي"    مجلس الأمة الكويتي … المأزق بين السلطة التنفيذية والتشريعية    ثلاثة وزراء ثقافة يكرّمون أحمد المديني رائد التجريب في الأدب المغربي    الرجاء والمغرب الفاسي يحجزان مقعديهما في نصف نهائي كأس العرش    النخبة السياسية الصحراوية المغربية عنوان أطروحة جامعية بالقاضي عياض    ماذا يقع بالمعرض الدولي للكتاب؟.. منع المئات من الدخول!    عائلات "المغاربة المحتجزين بتايلاند" تنتقد صمت أخنوش وبوريطة    انعقاد الدورة ال12 لمهرجان الدولي "ماطا" للفروسية من 17 إلى 19 ماي    دياز يهز الشباك مرتين في لقاء غرناطة    انتخاب الريفية فاطمة السعدي عضوا بالمكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة    طوابير تنتظر المسلم في معرض الكتاب    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    الأمثال العامية بتطوان... (596)    صورة مذهلة.. "ناسا" ترصد أكبر عاصفة شمسية تعرض لها كوكب الأرض    مشروع خط سككي بين الدار البيضاء وبني ملال    حزب الأصالة والمعاصرة يعلن بدء التحضير مبكرا لانتخابات 2026 بهدف "الحصول على المرتبة الأولى"    تحذير وزاري لمستعملي الطرق السيارة    حماس تعلن وفاة أحد الرهائن الإسرائيليين متأثرا بإصابته في غارة جوية    انطلاق المهرجان الدولي للفروسية "ماطا" بمنطقة "بن مشيش"    حضور متميز لأسود الأطلس في نهائيات المسابقات الأوروبية للأندية    القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية تكشف تفاصيل مناورات "الأسد الإفريقي"    الأزمي ينتقد تضارب المصالح في الصفقات العمومية الكبرى واستخدام قوانين المالية لذلك    مبابي يعلن رسميا مغادرته باريس سان جيرمان    جماعة طنجة تساهم بنحو 13 مليون درهم لتطوير وتوسيع مطار ابن بطوطة الدولي    مركز الاستثمار يروج لمؤهلات جهة طنجة في ملتقى اقتصادي بالامارات المتحدة    البحرين تحضر لانعقاد القمة العربية    نشرة إنذارية | زخات رعدية محليا قوية مصحوبة بالبرَد بعدد من مناطق المغرب    اضطرابات في حركة سير القطارات بين الدار البيضاء والقنيطرة    القنصل العام للسنغال بالداخلة: لا وجود لمهاجرين عالقين في الصحراء المغربية        المغرب يشيد باعتماد الأمم المتحدة قرار دعم طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين بالأمم المتحدة    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    مكافحة الاتجار بالبشر.. الولايات المتحدة تمنح 2.5 مليون دولار للوكالات الأممية بالمغرب    كونفدرالية الصيادلة تشتكي "مستشفى الشيخ زايد" بالرباط وتطالب بفتح تحقيق في توزيعه الأدوية    بنسعيد: المغرب منخرط في خلق صناعات ثقافية وإبداعية قوية وتنافسية    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    الفيضانات أفغانستان تودي بأكثر من 200 شخص    الخطايا العشر لحكومة أخنوش!    الصين: 39,2 مليار دولار فائض الحساب الجاري في الربع الأول    أطروحة نورالدين أحميان تكشف كيف استخدم فرانكو رحلات الحج لاستقطاب سكان الريف    هكذا ساهمت دبلوماسية روسيا والصين في مقاومة "طالبان" للضغوط الغربية    اللعبي: القضية الفلسطينية وراء تشكل وعيي الإنساني.. ولم أكن يوما ضحية    المغرب يسجل 26 إصابة جديدة ب"كورونا"    الشركات الفرنسية تضع يدها على كهرباء المغرب    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    الأمثال العامية بتطوان... (595)    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    سابقة بالمغرب .. حكم قضائي يلزم الدولة بتعويض متضررة من لقاح كورونا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر وبصائر- بقلم رشيد سودو
نشر في التجديد يوم 17 - 11 - 2009

هذه الحلقات مهداة إلى روح صاحب الدعوة إلى الاستبصار القرآني إلى أخي الحبيب الذي ما زلت أبكيه إلى اليوم بدموع حارة وأظنني سأبقى أبكيه كلما نظرت في كتاب الله لأن اسمه ارتبط بقوة في وعيي بخدمة كتاب الله وتجديد النظر الإيماني فيه.. إلى روح الشيخ العلامة فريد الأنصاري رحمه الله وجعل ما أكتبه في ميزان حسناتي وحسناته.
قال الله عز وجل :{ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ارْكَعُواْ وَاسْجُدُواْ وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ وَافْعَلُواْ الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(77) وَجَاهِدُوا فِي للَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ جْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُواْ بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ(78) } سورة الحج
هذه الآيات تخاطب فينا على عادة القرآن البيانية العقل والحس والوجدان، وتتحرك بمعانيها أمام أبصارنا وبصائرنا في مشاهد إيمانية، غاية في التناسق .. ظواهرها تأخذك إلى بواطنها، وبواطنها تردك إلى ظواهرها، ولا يُؤذن لك بالاستقرار حتى تنسج من الذهاب والجيئة بينهما، وحدة عضوية تتفجر حياة وحيوية. فتحس أن لها فعلا إعجازيا، فيك، يدفعك لتقويم ذاتك وإعادة صياغة شخصيتك وتجديد علاقتها بالله وما ينبني عليها من علاقات بالمخلوقات..
((ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ارْكَعُواْ وَاسْجُدُواْ وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ وَافْعَلُواْ الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ))
كل التفاسير التي اطلعت عليها فسرت الركوع والسجود بالكناية عن الصلاة ، و(اعبدوا ربكم)، بالإخلاص ، مع توسع بعضها في إيراد اللطائف والإشارات الموحدة للسياق. كقول الشيخ متولي الشعراوي رحمه الله : وذكر من الصلاة الركوع والسجود؛ لأنهما أظهر أعمال الصلاة، لكن الركوع والسجود حركات يؤديها المؤمن المخلص، ويؤديها المنافق، وقد كان المنافقون أسبق الناس إلى الصفوف الأولى؛ لذلك أراد الحق سبحانه أنْ يُميِّز هذا من هذا، فقال: { وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ.. } الحج: 77.
فليست العبرة في حركات الركوع والسجود، إنما العبرة في التوجّه بها إلى الله، وإخلاص النية فيها لله، وإلا أصبحت الصلاة مجرد حركات لا تعدو أن تكون تمارين رياضية كما يحلو للبعض أن يقول: الصلاة فيها تمارين رياضية تُحرِّك كل أجزاء الجسم، نعم هي كما تقولون رياضة، لكنها ليست عبادة، العبادة أن تؤديها لأن الله تعالى أمرك بها.
يبدو والله أعلم أنه لا يصح أن نقفز على معنى الركوع والسجود وسياقهما، بذكر الصلاة التي تشملهما واعتبارهما كناية عنها والسلام . الأمر أدق من ذلك،لقد ذكرا لما يختص به كل واحد منهما وما يشغله داخل المشهد التعبدي الذي تعرضه الآيتان الكريمتان . وهذا ما سنحاول توضيحه بخواطر مستبصرة بإذن الله.
هناك حركات مختلفة لكنها منتظمة باتجاه الاستغراق العبودي بين يدي الله، استغراقا يمكن العبد من تطويع هيكله الذي هو وعاء روحه، وكل جوارحه ليتوافق وتنسجم مع باطنه، وتحريك باطنه ليتطهر ويتقوى على التحكم في هيكله وجذب الجوارح إلى مجال سلطته ليوجهها بما يخدم الدين والدنيا معا، بلا تعاند ولا تنافر.
فنحن أمام مشهد حركي تعبدي للإنسان المؤمن وقد أقبل على الله بكل كيانه يطلب قربه خاضعا، خانعا.. فبدأ بكسر قامته وإحنائها إلى النصف بالركوع، هذه القامة التي من طبيعتها الانحناء والانطواء طوعا وكرها.. وقد تنحني بوعي لحاجة داعية أو بغير وعي بحكم العادة الغالبة، لكنها في محراب الصلاة تُدعى لتنحني بوعي عبودي لله، فإن تخلف الوعي أو غاب، كانت حركة الركوع وما يسبقها من حركات تكبيرة الإحرام ، ووضع اليمنى على اليسرى مع قراءة القرآن، منبهات قوية إلى ضرورة استحضار الوعي ليعقل صلاته ويخرج منها بعد السلام بحظه. وبعد هذا الوضع الجسدي المتذلل ينتقل إلى وضع آخر يكون فيه أكثر تذللا فيهوي إلى الأرض واضعا جبهته وأنفه عليها، وهي حالة السجود التي قال الله تعالى فيها : {واسجد واقترب} وقال صلى الله عليه وسلم : أقرب ما يكون العبد من ربه عز وجل وهو ساجد، فأكثروا الدعاء رواه مسلم.. ففي الركوع نوع خضوع، لكنه غير كاف، فيتحرك الجسد طالبا الكفاية والنهاية فيه، في حدود حركته الجسدية، فيهبط إلى الأرض ساجدا. وليس بعد السجود وضعا جسديا يعبر أبلغ التعبير عن زيادة الخضوع والتذلل. فوجب البحث عن طريق جديد لكسب المزيد من التذلل والخضوع بين يدي الله، فلم يبق أمام العبد إلا الحفر في الجسد واختراقه باتجاه القلب ليجري عليه باطنا ما جرى على الجسد ظاهرا فيركع ويسجد على طريقته ويمارس عبوديته لله وهذا هو قوله تعالى: (واعبدوا ربكم).. فالعبودية الحقيقية تكون بالقلب الذي يفقه عن الله ما يريده الله منه.. وفي قوله تعالى: ((ربكم)) إشارة لطيفة وهي أن الله ربكم يأمركم وينهاكم ويبتليكم تربية لكم لتكونوا له حتى يسهل عليكم أن تكونوا لأنفسكم ولبعضكم البعض.
وهذه التربية الإلهية لها منهج واضح وهو السعي إلى إخضاع ملك الجسد الذي هو القلب، لكن لا يمكن الوصول إلى عاصمته التي يحتمي بها والتمكن منه إلا بعد الانتصار على جيوشه وأعوانه وتجميد فعلها أو مصادرتها. وفي الوقوف ساكنا بعد تكبيرة الإحرام تجميد لحركة الجسد وفي الركوع والسجود مصادرة لها لصالح العملية التربوية الربانية. وبالانتصار على الأعضاء التي يتحكم فيها القلب نصل إلى القلب فنجده جالسا على عرشه مطأطأ رأسه في خضوع تعبدي لله يتلذذ بأحواله التعبدية ويصدر أوامره لأتباعه في كل الجسد كي يوافقوه ويسيروا معه على الخطة الجديدة.. ومن علامة أن القلب انصلح وأن الأعضاء خضعت له، المبادرة إلى فعل الخيرات وترك المنكرات، وهو ما جاءت الإشارة إليه في آية موضوعنا بقوله تعالى: ((وافعلوا الخير لعلكم تفلحون)).
وللاستبصار في خواتيم سورة الحج بقية..
(يتبع)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.