عاش المصريون القدامى، أو سكان الأرض كما كانوا يسمون ،في كهوف وهضاب ضفاف نهرا لنيل ،الذي يرجع له الفضل في بناء حضارة منذ ملايين السنين ،تلك الحضارة التي استطاعت أن تجلب إليها أقواما آخري من مناطق متنوعة من البحر الأبيض المتوسط ،خاصة المحبة والتعايش والاستفادة من تجارب السكان الأصليين... . لا نريد العودة إلى النشأة ومراحل هذا التطور عبر التاريخ ،من حبو إلى انتصاب ،إلى مهارة بصناعته لأدوات ،بحثا عن غذائه ، تتطور بتطوره ،وصولا إلى ماهو معدني ، مستعملا في ذلك ذكاءه ومهاراته.. بقدر ما تستوقفنا تلك المرحلة التاريخية ،التي تطور الإنسان في البيئة المصرية ،باعتبارها مهد الحضارات ،شأنها في ذلك حضارة بلاد الرافدين.. . نهر النيل الذي ساعد الإنسان الى ابتكار الأشكال الهندسية ،وفتحت أمامه تقنيات جديدة ساعدته في ضمان قوته اليومي ،وقدم حضارة سبقت حضارات الشعوب الأخرى... ولعل أهم ميزة انفرد بها تاريخ مصر، هو اختراعه للكتابة الهيروغليفية ،والتي ساعدتهم كذلك في تدوين تاريخهم ،لتصبح أم الحضارات ،كما أنها تعتبر قبلة مجموعة من الأنبياء ،و مهد الحضارة الفرعونية والإغريقية والرومانية ،قبل أن تتلحف بالحضارة الإسلامية والقبطية .واتسمت جميعها بالحب والتعايش السلمي ،والتسامح الذي تفتقده ا لبشرية في العصر المعاصر.. . وقد وصلت هذه الحضارة ذروتها إبان الحكم الإسلامي ،حيث شيدت مساجد وعمارات وقلاع ،تميزت بزخرفتها المتنوعة ،تمثلت في بناء جامع الأزهر،الشاهد عن الحضارة الفاطمية ... أما في العصر الحديث ،فقد استطاعت مصر آن تكون جيشا منظما ،بتراتبيته العسكرية ،من مشاة وبحرية ،وربما هي السبب حسب اعتقادي ،في انفراد الجيش بهذه الزعامة حاليا ،كما تطورت الزراعة ،وبنيت سدود كثيرة . والملفت للانتباه أن تاريخها ، شهد ثورات تلوى الأخرى ،والحراك الموجود على الميادين ،ماهو إلا موروث نضالي ،من متطلباته مواكبة باقي التطورات التي يشهدها العالم ،خاصة الأوربية ..إلى أن تجند لمحاربة الاحتلال البريطاني .شهد بعدها تطورا في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية... تقع هذه الحضارة ،وسط حب وتعايش وتسامح مع باقي الديانات المتنوعة التي ترعرعت في مصر ،كانت تعتبر مقياس تقدم الدول العربية والإسلامية... . لكن بعد كل هذا الانسجام بين مكونات المجتمع ،أحب فيه الإنسان أخاه الإنسان ،بعيدا عن النفاق والشقاق ،بعيدا عن الظلم والكراهية ،بعيدا عن حب الذات ،والقناطر المقنطرة من الذهب والفضة ،بعيدا عن التطرف والإقصاء ،بعيدا عن البغض والكراهية ،بعيدا عن أكل لحم أخيه ميتا ،بعيدا عن الفساد ،بعيدا عن الاستبداد ،بعيدا عن العداوة ...مجتمع تسوده الكرامة والحرية ،تمتع فيها الإنسان بحقوقه ،وكيف لا وهم الذين نزلت فيهم الآية الكريمة " متى استعبدتم الرجال وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا" أما في عصرنا الحالي ،أصبح العالم العربي نقيض ذلك ،كثرت فيه الجرائم ،ظهرت فيه طبقات اجتماعية ،فقد الإنسان إنسانيته ،أصبحت القلوب مليئة بالحقد و التفرقة ،أصبح الإنسان لايحب إلا نفسه ، اتجاهات ومذاهب ،تنوعت فيها السياسات ،تشردت معها المجتمعات البشرية.. ،أصبح فيها الإنسان مريضا والطبيب مريض.. لااريد أن أعرج عن سوريا والعراق واليمن وليبيا ،لأننا لا نرغب في استرجاع ربيع لم يزهر بعد ،بل تميز بجفاف ،أصبحت البنادق مصوبة للصدور العربية ،وهذا ما أرادته الدول الغربية ،لإلهائهم عن قضاياهم المصيرية ،وفرملة أي تقدم ،بل إرجاعهم الى القرون الوسطى بعد أن دكت مدنهم دكا دكا ... . فمتى سيحب الإنسان أخاه الإنسان ،في جو يسوده السلم والحرية والكرامة ...؟ يابني الإنسان علا ش احنا عديان...؟ أحمد ونناش