قال محللون في منطقة جنوب أسيا إن التوتر السياسي في باكستان قد يدفع الولاياتالمتحدة إلى الاعتماد بشكل أكبر على الجيش الباكستاني وليس الحكومة المدنية التي تنحسر قوتها. وتعمقت المشاكل السياسية التي تواجه رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني يوم الأحد عندما انسحب حزب الحركة القومية المتحدة من ائتلافه الحاكم بسبب زيادات أقرتها الحكومة في أسعار الوقود. وفي وقت يكافح فيه جيلاني حملة من التفجيرات الانتحارية تشنها حركة طالبان الباكستانية وصعوبات اقتصادية وأضرارا سببتها فيضانات الصيف الماضي قد يضطر رئيس الوزراء إلى إجراء انتخابات مبكرة إذا لم يتمكن من رأب الصدع في ائتلافه. وانخفض المؤشر القياسي لبورصة كراتشي والمؤلف من أسهم مئة شركة 44ر1 في المائة أو 173 نقطة الى 46ر11849 نقطة بعد قرار انسحاب الحركة القومية المتحدة الذي يضيف إلى حالة التشكك التي تحيط بسعي الحكومة الباكستانية الحثيث لتلبية شروط تتعلق بالسياسة الاقتصادية الخاصة بقرض بقيمة 11 مليار دولار من صندوق النقد الدولي. والهدف الرئيسي للولايات المتحدة في باكستان هو حرمان مقاتلي طالبان من الملاذات في الجزء الغربي من البلاد والذي تستغله الحركة في قتال قوات تقودها الولاياتالمتحدة في دولة أفغانستان المجاورة. وبينما قال محللون إن الجيش الباكستاني هو الجهة الأساسية التي تتحدث معها واشنطن في المسائل الأمنية فان ضعف الحكومة في إسلام آباد قد يؤدي إلى تهميش الزعماء المدنيين بشكل أكبر في بلد عاش لسنوات طويلة تحت حكم الأنظمة العسكرية. وقال شوجا نواز من مؤسسة (اتلانتيك كاونسيل) البحثية انه إذا كانت المشاكل الاقتصادية في باكستان جلبت توترا سياسيا فان زعماء البلاد السياسيين وقادتها العسكريين على السواء سيركزون على المخاوف الداخلية وليس الأولويات الأمنية للولايات المتحدة. وقال نواز «بالنظر الى حالة الاضطراب السياسي داخل باكستان فان الكيان الوحيد المستقر هو الجيش لذا ستضع الولاياتالمتحدة كل بيضها في هذه السلة أو سينظر إليها على أنها تضع كل بيضها في هذه السلة». وأضاف أن هذا قد يقوض الجهود الأمريكية الرامية لدعم الحكم المدني في باكستان. وقال «أخشى أنه وعلى الرغم من أن السياسة الأمريكية العليا تسير نحو بناء علاقة طويلة المدى مع باكستان فان كثيرا ما تملي السياسة إجراءات قصيرة المدى وعسكرية على الأخص يجب اتخاذها لتلبية متطلبات سياسية داخلية في الولاياتالمتحدة». وفي مواجهة امتعاض شعبي في الولاياتالمتحدة من حرب أفغانستان التي دخلت عامها العاشر فان الرئيس الأمريكي باراك أوباما تعهد بالبدء في سحب القوات الأمريكية من هناك وقوامها يقترب من مئة ألف جندي في يوليو تموز القادم. وذكر بعض المحللين أنه نظرا لأن الجيش الباكستاني يتولى زمام الأمور الأمنية لذا فستستمر الولاياتالمتحدة ببساطة في التعامل معه. وقال ستيفن كوهين المحلل في مؤسسة بروكينجز «لم يؤثر المدنيون كثيرا قط في السياسة تجاه أفغانستان...باستثناء الهوامش...ظلوا واجهة يحتمي بها الجيش. «لذا أعتقد أننا سنستمر في التعامل مع الجيش. سنتكلم مع المدنيين أينما استطعنا وإذا اعتقدنا أن ذلك سيحدث اختلافا لكن ليس لدي فكرة ... عما تتوقعه الإدارة (الأمريكية) منهم». ونشبت الأزمة السياسية في باكستان في وقت تأزمت فيه العلاقات بين الولاياتالمتحدة من جانب والجيش الباكستاني وأجهزة المخابرات الباكستانية من جانب آخر وهو ما بدا واضحا الشهر الماضي عندما أعلن مسؤولون أمريكيون أنهم سحبوا رئيس مهمة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.اي.ايه) في إسلام آباد بعدما تداولت وسائل إعلام باكستانية اسمه. وصرح بي.جيه كراولي المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية بأن التطورات السياسية في باكستان شأن داخلي على الباكستانيين التعامل معه. وقال للصحفيين «نفهم أن الحكومة تتعامل مع تحد سياسي داخل ائتلافها. ونراقب الأمر عن كثب لكن في الوقت نفسه نركز على شراكتنا على المدى الطويل مع باكستان». وقالت ليزا كيرتس من مؤسسة (هيريتدج فاونديشين) البحثية المحافظة «الوضع السياسي شكل من أشكال الظل لبعض القضايا الأساسية بين الولاياتالمتحدةوباكستان. والخوف الحقيقي هو ملاذات طالبان في باكستان والتي تمنع الولاياتالمتحدة من تحقيق أهدافنا في أفغانستان. «إن ما يحدث للزعامة السياسية المدنية ليس له حقا أي تأثير مباشر على هذا الأمر ... الجيش هو الذي يتحكم فيه».