بوزنيقة.. إعادة انتخاب نزار بركة أمينا عاما لحزب الاستقلال    حزب الاستقلال يجدد الثقة في نزار بركة أميناً عاماً    المغرب يشارك في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض    على هامش المعرض الدولي للفلاحة.. تتويج المربين الفائزين في مسابقات اختيار أفضل روؤس الماشية    الحرب في غزة محور مناقشات قمة اقتصادية عالمية في المملكة السعودية    ساعة جيب لأغنى ركاب "تايتانيك" بيعت في مزاد لقاء 1,46 مليون دولار    ما الذي سيحدث بعد حظر الولايات المتحدة تطبيق "تيك توك"؟    مسؤولون في الخارجية الأمريكية يقولون إن إسرائيل قد تكون انتهكت القانون الإنساني الدولي    محمد صلاح عن أزمته مع كلوب: إذا تحدثت سوف تشتعل النيران!    طقس الأحد.. أمطار رعدية وثلوج بهذه المناطق المغربية    السلطات المغربية تتعقب صاحب صفحة "لفرشة"    الحبس النافذ للمعتدين على فتيات بسبب تلاوتهن القرآن    الحصيلة المرحلية للحكومة في قطاع التعليم: من أجل أن تكتمل الصورة    توقيف سارق ظهر في شريط فيديو يعتدي على شخص بالسلاح الأبيض في طنجة    افتتاح مهرجان تطوان المتوسطي ب"بنات ألفة"    مرصد الصحراء للسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان يندد بالإعدامات التعسفية في حق شباب محتجزين بمخيمات تندوف    صديقي: المملكة قطعت أشواط كبيرة في تعبئة موارد السدود والتحكم في تقنيات السقي    بمشاركة خطيب الأقصى.. باحثون يناقشون تحولات القضية الفلسطينية    "دكاترة التربية الوطنية" يطالبون بتعويض المتضررين من عدم تنفيذ اتفاق 2010    ما هو صوت "الزنّانة" الذي لا يُفارق سماء غزة، وما علاقته بالحرب النفسية؟    سيارة ترمي شخصا "منحورا" بباب مستشفى محمد الخامس بطنجة    بعد تداول الفيديو.. توقيف شخص بطنجة لتورطه في قضية تتعلق بالسرقة و اعتراض السبيل    عاجل.. مؤتمر "الاستقلال" يختار نزار بركة أمينا عاما لولاية ثانية    مهرجان إثران للمسرح يعلن عن برنامج الدورة الثالثة    بدء أشغال المجلس الوطني لحزب "الميزان"    حزب "الاستقلال" يختتم مؤتمره.. في انتظار الحسم في اختيار أمينه العام واتجاه لتزكية بركة لولاية جديدة    أولمبيك آسفي يتعادل مع ضيفه اتحاد طنجة    قيادة الاستقلال تتوافق على لائحة الأسماء المرشحة لعضوية اللجنة التنفيذية    خبراء وباحثون يسلطون الضوء على المنهج النبوي في حل النزاعات في تكوين علمي بالرباط    ابتدائية تنغير تصدر أحكاما بالحبس النافذ ضد 5 أشخاص تورطوا في الهجرة السرية    الجيش الملكي يستنكر "الأخطاء التحكيمية" في مباراة الحسنية ويشكو الرداد للجنة التحكيم    حكيم زياش يبصم على أداء كبير رفقة غلطة سراي التركي    صحيفة "النهار" الجزائرية: إتحاد العاصمة الجزائري يتجه إلى الإنسحاب من مواجهة نهضة بركان    وزان ..تحديد أفق إطلاق مشروع دار الاقتصاد الأخضر    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    انطلاقة مهرجان سينما المتوسط بتطوان    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    بفضل فوائده وجودته.. منتوج العسل المغربي يطرق أبواب السوق الأوروبية    بعد مشادات مع كلوب.. صلاح: حديثي سيشعل الأمر    الأمثال العامية بتطوان... (584)    اتحاد العاصمة باغيين يلعبو وخايفين من الكابرانات: هددو ما يلعبوش ويرجعو فالطيارة اليوم للجزائر وفاللخر مشاو يترينيو    صافرة كونغولية لمباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري    "حماس" تعلن ارتفاع عدد القتلى في غزة    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    نادية فتاح: المغرب يتيح الولوج إلى سوق تضم حوالي مليار مستهلك بإفريقيا    جاري القروض الصغرى المستحقة يصل إلى 8,4 مليار درهم في متم 2022    رحلة الجاز بطنجة .. عودة للجذور الإفريقية واندماج مع موسيقى كناوة    مجلس الأمن .. حركة عدم الانحياز تشيد بجهود جلالة الملك لفائدة القضية الفلسطينية    ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بالمغرب    تفاصيل وكواليس عمل فني بين لمجرد وعمور    السعيدية.. افتتاح النسخة الثامنة من تظاهرة "أوريونتا منتجعات السعيدية – حكايات فنية"    الأكاديمية تغوص في الهندسة العمرانية المغربية الإسبانية عبر "قصر الحمراء"    اكتشف أضرار الإفراط في تناول البطيخ    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سمير شوقي: الحكومة لم تنجح في جعل الاقتصاد الوطني مستقلا عن التساقطات المطرية
نشر في بيان اليوم يوم 20 - 03 - 2024

انتقد سمير شوقي رئيس مركز "أوميغا" للأبحاث الاقتصادية والجيوسياسية، إخفاق الحكومة الحالية في إيجاد حلول ناجعة، لجعل الاقتصاد الوطني لا يتأثر بالتساقطات المطرية.
وبخصوص مشكلة أسعار المحروقات بالمغرب، أوضح سمير شوقي في حوار مع جريدة بيان اليوم، أن هذا الملف يكتنفه غموض كبير بفعل تضارب المصالح، مشددا على أن "التسقيف" هو الحل الأمثل لمشكل ارتفاع الأسعار.
ودعا رئيس مركز "أوميغا" للأبحاث الاقتصادية والجيوسياسية، إلى ضرورة التفكير في حل ملف أزمة "سامير" التي كانت تؤمن، إلى حد ما، وقود المغاربة بأثمنة معقولة، أو العمل على إحداث شركة جديدة للتكرير، بعد الحد من تغول شركات توزيع المحروقات.
وعلى صعيد آخر، انتقد سمير شوقي، سياسة "الريع" المستمرة في عدة قطاعات اقتصادية، موضحا أنها لا يمكن أن تساهم بتاتا في خلق التنمية، لأنها لا تكثرت لفعل الإنتاج الاقتصادي، ومن ثم فالمغرب بعيد كل البعد عن تحقيق هدف الصعود كباقي الاقتصادات الدولية في أفق سنة 2035. فيما يلي تفاصيل الحوار:
بداية، انتقلت من العمل الصحافي اليومي، إلى الاشتغال في مركز "أوميغا" للأبحاث، كيف جاءت فكرة تأسيس هذا المشروع الفكري؟ جاء تأسيس مركز "أوميغا" للأبحاث الاقتصادية والجيوسياسية، في إطار تنزيل فكرة كانت تراودني منذ سنوات وأنا أزاول مهنة الصحافة، ولذلك بعدما خرجت من التدبير اليومي الذي يتسم بالضغط، قررت التفرغ للأبحاث الاقتصادية والجيوسياسية، وهذا العمل نابع من الشغف الذي كان لدي في هذا المجال، وأشير إلى أنني كتبت عنه كثيرا، حيث بلغ عدد الأعمدة الصحافية التي نشرتها بيومية LES ECO، أزيد من 2500 افتتاحية.
ويتم الاشتغال داخل المركز مع أساتذة جامعيين ودكاترة أكاديميين، نقوم بأبحاث في المجالات الاقتصادية والجيوسياسية، بهدف وضعها رهن إشارة المؤسسات الجامعية، لمساعدة الطلبة على تكوين خلفية ثقافة اقتصادية وجيوسياسية قوية، لأننا لاحظنا أن الطلبة لديهم نقص في مثل هكذا مجالات.
ومن جهة أخرى، تشكل التقارير التي ننشرها، مادة للتداول في وسائل الإعلام، من أجل إغناء النقاش العمومي، الذي صار فقيرا نتيجة غياب فضاءات النقاشات العمومية. ويبقى طموحنا الأساسي من خلال هذا المنتوج، تشكيل نقطة ضوء في هذا المحيط الذي كما قلت، يغيب عنه النقاش العمومي.
وأود الإشارة إلى أن مركز "أوميغا"، ليس مقاولة أو معهد دراسات ربحي، وجميع الأعضاء الذين يشتغلون داخله يتطوعون، كل حسب مجالات اهتماماته، وأغتنم هذه الفرصة لأحيي جميع الإخوان الذين يرافقونني في هذه التجربة، مستثمرين وقتهم ومجهوداتهم الفكرية في إعداد تقارير، نتمنى أن تشكل فائض قيمة في المجالات الاقتصادية والجيوسياسية.
وكما تعلمون، فالمغرب مقبل على كم كبير من الرهانات الاقتصادية، لهذا نواكب من جهتنا كل المستجدات للوقوف عند التحديات الكبيرة التي تواجه بلادنا على المستوى الاقتصادي والجوسياسي.
اتسم الواقع الاجتماعي والاقتصادي بالمغرب، مؤخرا، بالجائحة، الجفاف، الزلزال، غلاء الأسعار، كيف تقرؤون الوضع الحالي الذي تمر به البلاد؟ وما هو تحليلكم لمستوى الإجراءات التي تباشرها الحكومة؟ بالنسبة للوضعية الاقتصادية في المغرب، أرى بأننا في مفترق الطرق اليوم، فعلى سبيل المثال نحن في نصف الولاية الحكومية الأولى، ودأبنا في هذه المرحلة على تقديم نصف الحصيلة من قبل الحكومة، ومن جهتنا نحن في مركز "أوميغا" في طور إعداد تقرير خاص بحصيلة العمل الحكومي.
ومن أهم الملفات التي تواجه هذه التجربة الحكومية، نجد مشكل الجفاف الذي تراكم عبر التدابير الحكومية السابقة، ومن ثم فهو ليس وليد اللحظة. بيد أنه يلاحظ أن الحكومة الحالية لم تنجح بعد في جعل الاقتصاد الوطني مستقلا عن التساقطات المطرية، التي تعتبر المحرك الأساسي للنشاط الاقتصادي بالبلاد، إذ أن غياب التساقطات يعني "الانكماش"، وهذه ظاهرة غير صحية، ولا تساعد في خلق التنوع الاقتصادي، علما أن التنوع ليس متوفرا لجميع الدول، بحكم أنه يخلق ثروة موازية في العديد من القطاعات، لأننا لا نجد قطاعا مهيمنا على قطاعات أخرى في ما يخص الإنتاجية. وهذا شيء جميل.
لكن خلال سنوات الجفاف، الذي يؤدي إلى تراجع الإنتاج، يتأثر حجم الناتج الداخلي الإجمالي للاقتصاد المغربي، وكان على الحكومة الحالية أن تعالج هذا الاختلال الهيكلي.
ومن جهة أخرى، لمس المغاربة، الارتفاع الواضح في الأسعار، وهناك مبررات لهذا الغلاء، من قبيل استيراده من الخارج، بفعل الظرفية الاقتصادية العالمية، غير أنه مرتبط كذلك بما هو داخلي، نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات التي انعكست على جميع القطاعات من قبيل النقل وغيره. إذن هناك سلسلة عوامل وراء الضربة القوية للقدرة الشرائية.
ويعتبر مشكل المحروقات المؤثر الكبير على الاقتصاد الوطني، وهذا القطاع سيظل يكتنفه الغموض، ما دام هناك استمرار في تضارب المصالح، ولا سبيل لحل هذا المشكل، إلا بتسقيف الأسعار، وطالما لم نضع هذا الإجراء سنستمر في تسجيل انفلاتات، تؤدي ضريبتها المنظومة الاقتصادية والاجتماعية الوطنية.
وسجلنا أنه خلال سنة 2023، وبداية 2024، بدأت الأسعار تستقر وتنخفض نوعا ما، كالخضر التي انخفضت أثمنتها بفعل العوامل الخارجية بالدرجة الأولى، بسبب التوتر الواقع في دول أوروبا، وتحديدا إسبانيا وفرنسا، حيث يتم اعتراض الصادرات المغربية في الطريق، الأمر الذي دفع ببعض المصدرين المغاربة إلى الحد من كميات التصدير. فضلا عن ارتفاع الرسوم الجمركية الموريتانية على الخضر والفواكه المغربية، الشيء الذي دفع بالمصدرين جنوب المغرب إلى وقف تعاملهم مع الزبناء في الأسواق الإفريقية.
وفي سياق متصل، ما يعيق تطور الاقتصاد المغربي اليوم، هو "الريع"، وما دمنا لا نجد رغبة في تجاوز هذه المعضلة الأكبر، لا حاجة للحديث عن اقتصاد صاعد في أفق 2035 كما يتوقع تقرير لجنة النموذج التنموي الجديد، بحكم أن الاقتصاديات الصاعدة في العالم، لديها معايير محددة ومعروفة، وبلادنا للأسف لا تستجيب لها اليوم.
ومن الجوانب الإيجابية التي تحسب للحكومة، تنزيل الدعم المباشر على أرض الواقع، بصرف النظر عن النواقص التي تعتريه، ذلك أننا نسجل وجود احتجاجات من قبل بعض المواطنين على الأمور التقنية التي ما زالت لم تضبط بشكل جيد بسبب هفوات مختلفة، نأمل أن يتم تصحيحها لتفادي هدر الزمن.
تشكل أسعار المحروقات أزمة كبيرة في صفوف مجموعة من القطاعات، وهو ما ينعكس سلبا على الحياة الاجتماعية للمغاربة، ورغم فرض مجلس المنافسة غرامة مالية على شركات التوزيع، إلا أن المشكل ما زال قائما، في نظرك لماذا لم نستطع بعد ضبط أسعار المحروقات بالمغرب؟ من وجهة نظري، يتمثل مشكل عدم ضبط قطاع المحروقات بالمغرب في غياب الإرادة السياسية القوية. أواكب شخصيا بشكل دقيق قرارات مجلس المنافسة، بخصوص شركات المحروقات، وعلقت في حينه بالقول إن قرار مجلس المنافسة كان بعيدا كل البعد عما كان ينتظره المغاربة.
ففي الوقت الذي كان فيه ادريس الكراوي رئيسا لمجلس المنافسة، تابعنا كيف تم فرض غرامة على الشركات بقيمة 9 في المائة من رقم معاملاتها، بيد أننا لاحظنا فيما بعد، سن غرامة لا تتجاوز 1.83 مليار درهم على كل الشركات، حيث قابلت هذه الأخيرة القرار بصدر رحب ولم تلجأ للاستئناف، لأنه لا يشكل بالنسبة إليها أي شيء، فهو رقم رمزي ليس إلا.
وأعتقد أن الملف لم يطو وما زال مطروحا على طاولة النقاش العمومي، والرأي العام يتداول بين الفينة والأخرى هذا الموضوع في وسائل التواصل الاجتماعي، بحكم تأثر عامة الناس وجميع القطاعات الاقتصادية من تكلفته المرتفعة، وهو ما يطرح إشكالا سياسيا يتعلق بعدم القدرة بعد على وضع حد لتضارب المصالح في هذا القطاع الحيوي
يجرنا الحديث عن ارتفاع أسعار المحروقات إلى ملف آخر يتعلق ب "البلوكاج" المستمر بشركة "سامير"، ألا ترى أن استمرار اشتغالها كان سيجنبنا حمى الأسعار بهذا الشكل؟ حل ملف شركة "سامير" يحتاج هو الآخر لإرادة سياسية، بعبارة أخرى، يعتبر لغزا محيرا. فكل المبررات الحكومية المقدمة أعتبرها واهية، لأن المغرب بحاجة اليوم إلى شركة للتكرير، فلا يعقل أن نبقى رهيني تقلبات الأسواق العالمية.
عندما كانت شركة "سامير" تشتغل، كانت توفر لنا القدرة على المناورة وهامشا في ضبط الأسعار، لأنها كانت تستورد المواد الخام، وتقوم بإعادة التكرير، بيد أنه أصبح المغرب اليوم، مع الأسف، رهينا للأسواق العالمية، وللموزعين الداخليين، وها هي الدولة اليوم تكتفي بالمشاهدة فقط، لما يحدث في مادة تتحكم في الاقتصاد والحياة اليومية للمغاربة بشكل مباشر.
ويبدو جليا أن الدولة لا سيطرة لها على هذا القطاع، وبالنسبة لي، يشكل هذا الوضع خطورة، لهذا نحن في حاجة إلى تدخلها المباشر، باعتبارها الضامن لحرية المنافسة، واستقرار البلاد، حتى يتمكن الاقتصاد الوطني من تحقيق التوازن المختل حاليا، والمصلحة الوطنية لعامة المغاربة أولى من المصلحة الاقتصادية للأشخاص والشركات أو القطاعات، وإذا وضعنا الأولويات في الكفتين لا بد أن تغلب كفة المصلحة العامة، وهي التوفر على شركة تكرير سواء "سامير" أو غيرها، حتى نتمكن من التحكم في أثمنة هذه المادة الحيوية.
أطلق المغرب مجموعة من مشاريع الطاقة الخضراء، ونتحدث اليوم عن الهيدروجين الأخضر، كيف تتابع تطور هذه الأوراش التي يراهن عليها في تأمين حاجيات البلاد من الطاقة، وكذا تحريك عجلة الاقتصاد الوطني؟ هذا موضوع جد مهم، وبالمناسبة، أبان المغرب على حنكته العالية في هذا المجال، يجب الاعتراف بذلك، وتعود تجربة بلادنا في سياسة مجال الطاقة الخضراء، إلى أزيد من 20 سنة.
وباتت اليوم للمغرب سمعة دولية، لأنه يحترم الأهداف التي وضعها قبل عدة سنوات، من بينها تحقيق نسبة 52 في المائة من حاجياته الداخلية من الطاقات المتجددة، وهو ما يسير نحوه بخطى ثابتة في أفق سنة 2030.
ويجب أن نذكر، بأن الدولة رصدت سيولة مادية كبيرة للاستثمار في مشاريع الطاقة الخضراء، بحكم أنه يهم مستقبل المغاربة، علما أن هذا المجهود الاستثماري كان على حساب قطاعات اجتماعية أخرى.
عموما بات المغرب متقدما في هذا المجال، خصوصا مع الشركاء الأوروبيين وخاصة البريطانيين، وسيكون المغرب في الموعد مع أوروبا، هذه الأخيرة التي تضع ضوابط صارمة فيما يتعلق بتعاملها مع البيئة.
وعلى المستوى المحلي، نجد بعض الشركات المغربية، بدأت توظف الطاقة الخضراء في أنشطتها، كما هو الحال مع مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، حيث وضعت غلافا ماليا ضخما خصص لهذا المجال. إجمالا، يتجه المغرب في المسار الصحيح، فيما يتصل بمشاريع الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر.
تسجل ملاحظات اليوم حول تراجع فعل الإنتاج والصناعة، مع ظهور هيمنة كبيرة للوسطاء والتجار على مشهد الاقتصاد الوطني، بل إن رجال الأعمال لم نعد نجدهم حاضرين في النقاش العمومي، إلى أي حد تتفق مع هذا الرأي؟ لا، شخصيا أختلف مع هذه النقطة، وأرى أنه ما زالت لدينا صناعات محلية ورجال أعمال مغاربة، الذي تغير بالفعل، هو أنه في السابق، كان رجال الأعمال والعائلات الاقتصادية معروفين في الساحة، وتتداول أسماؤهم في الإعلام بشكل مستمر، لكنهم اليوم باتوا يفضلون الاشتغال في صمت، بعيدين عن الأعين، ولكل واحد مبرراته في ذلك.
وبغض النظر عن هذه الملاحظة، الأمر المهم، هو أن استثمار القطاع الخاص مستمر، صحيح ليس بالشكل الذي يجب أن يكون عليه لمواكبة تحديات الاقتصاد الوطني، لكنه حاضر، وللتأكد من ذلك، يكفي الاطلاع على أرقام فرص الشغل التي يوفرها، بالمقارنة مع القطاع العام، الذي لا يتجاوز 30 ألف منصب شغل في السنة.
وهنا نتساءل حول أين ذهب مشروع إحداث مليون منصب شغل في السنة الذي وضعته الحكومة في برنامجها؟ علما أنني لا أعرف على أي أساس وضعت ذلك.
والسؤال الذي أحبذ أن يطرح، هو لماذا تغير تعامل الفاعلين الاقتصاديين مع النقاش العمومي الاقتصادي؟ لأننا لا نجدهم حاضرين لمناقشة القضايا الاقتصادية الكبرى بالبلاد، للدفاع عن استثماراتهم والمطالبة بحقوقهم، وتقديم مقترحات لفائدة الحكومة والدولة، ولا بد من أن نقر بأنهم كانوا يخلقون توازنا في النقاش، هذا التوازن اختل اليوم لفائدة الجهات الرسمية، وهذا أمر غير صحي.
ولقد انتبه الرأي العام الوطني إلى أن مشاركة أرباب الشركات في النقاش، يتم بشكل مناسباتي، وتحديدا، خلال فترة مناقشة مشروع قانون المالية، يهتدون إلى تقديم مقترحاتهم التي تصب في غالبيتها في الشق الجبائي، لأن الذي يشغلهم هو التخفيض من حجم الضريبة، وهذا الغياب عن النقاشات العمومية، يضر بسمعة رجال الأعمال، وهو ما نشاهده في وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي أرى بأنهم مخطئون في سياسة التواصل على غرار ما يقع للجهاز التنفيذي.
تثير سياسة الدعم الموجهة لمجموعة من القطاعات الاقتصادية الجدل وسط الرأي العام الوطني، وهنا يطرح السؤال حول مدى تحقيق هذا الدعم للتنمية على أرض الواقع؟ معلوم أن سياسة الدعم، هي سياسات غير محببة، على اعتبار أنها تشجع على الكسل، يعني عوض أن يكون لدينا اقتصاد مبادر ومبتكر، بات هناك اقتصاد يعتمد على دعم الدولة وهذا غير منتج.
وأرى أنه، يجب إيجاد بعض الحلول والتصورات الخاصة بالدعم، من قبيل تقديمه على أساس بلوغ وتحقيق أهداف تنموية محددة. بصيغة أخرى يستجيب لدفتر تحملات، وذلك ما لا نعثر على أثره اليوم.
وبالتالي، فالصيغة الحالية لدعم عدة قطاعات، سواء في الإعلام، أو الفلاحة، أو السياحة، أو الصناعة، غير فعالة، علما أنه يمكن أن تكون نتائج هذا الدعم حسنة وبمبالغ أقل مما يتم تقديمه اليوم لفائدة عدة قطاعات ريعية.
سجل خلال سنة 2023 تراجع في مستوى تدفق الاستثمارات الخارجية بالمغرب حيث لم تتجاوز قيمتها 10.5 مليارات درهم، بنسبة انخفاض بلغت ناقص 53.3 في المائة مقارنة بسنة 2022، ألا أترى بأننا عاجزين عن الحفاظ على إيقاع واحد في جلب الاستثمارات بشكل سنوي؟ بالفعل لدينا عدة مشاكل في مجال الاستثمار الخارجي، لكن نسبة التحول تختلف من سنة لأخرى، فكما ذكرت بأنه في سنة 2023 انخفض حجم الاستثمار ب 53 في المائة، هذا الأمر يجب أن نأخذه بشكل نسبي، لأنه في سنة واحدة يمكن أن ننجز عملية استثمارية ضخمة، ومن ثم ففي السنة الموالية لا بد من أن يكون هناك نقص في حجم تدفق الاستثمار الأجنبي، لأن العمليات لا تمشي بسرعة واحدة.
ومن وجهة نظري، يجب أن نأخذ المقاربة بشكل آخر، من قبيل اعتماد المكون الاستثماري، أو المبلغ العالم، فمثلا على الحكومة أن تضع هدفا سنويا يتمثل في جلب ما بين 3 أو 4 مليارات دولار من الاستثمار الأجنبي كل سنة. وما دون ذلك أعتبر نفسي لم أحقق الهدف الذي وضعته.
ولتحقيق هذا الهدف، يجب أن أشجع المستثمرين الأجانب، وليكون هذا التشجيع ناجعا وفعالا، فهو لا يقتضي فقط التشجيعات المباشرة، كمنحهم ثلاث سنوات من الاشتغال بدون دفع الضريبة، أو أن تقدم لهم قطع أرضية بمبالغ مالية رمزية، أو تخفيض كلفة توصيل الكهرباء بمبالغ منخفضة، صحيح أن هذه التشجيعات يضعها المستثمر في خططه، ولكنها ليست لوحدها المهمة والكافية.
فما يجب أن أضعه كأساس للاستثمار هو مناخ الأعمال. فما يبحث عنه المستثمرون الأجانب، وكبريات الاقتصادات العالمية، هو عدالة جهاز القضاء في الدولة. وإذا لم يكن هناك قضاء عادل لن يأتي لديك أي مستثمر، لأن هذا الأخير، يستحضر، دائما، أن مقاولته أو شركته ستدخل في نزاع محتمل مع مقاولة أو شركة أخرى، أو مع الزبناء، بل والدولة أحيانا. وإذا لم تكن لديه ضمانة مائة بالمائة بأن القضاء سيكون منصفا في مثل هكذا حالات، فلن يأتي المستثمر إلى بلادك.
من هنا، يحتاج المغرب كثيرا إلى العمل على مستوى ضمان عدالة القضاء في مجال الاقتصاد، ورغم نجاحه في حصد بعض النقط في سلم تصنيف "دوينغ بيزنيس" حيث بات يحتل الرتبة 53، إلا أننا لا زلنا متأخرين، بفعل إشكالية العدالة ومستوى البنية التحتية، رغم أنه بودنا أن نحقق رقما جيدا على هذا الصعيد.
وإذا أردنا مقارنة المغرب، مثلا، ببعض دول إفريقيا الشمالية، سنجده تلميذا نجيبا، من حيث جلب الاستثمارات الأجنبية، ولكن إذا قارنته مع تركيا ستجده تلميذا ضعيفا، وبالتالي أفضل أن أقارنه مع منافس قوي للوقوف عند حجم الاختلالات للانكباب على معالجتها وتحسينها والرفع من مستواها، على أن أقارنه مع منافس ضعيف، ليبقى مكتفيا بنفس المستوى الذي هو عليه، بدون تحقيق أي تقدم، ومع كامل الأسف، تعتمد الحكومة على هذه المقاربة الأخيرة، أي أنها تقارن المغرب، دائما، بدول الجوار، وشخصيا أفضل أن تقارننا مع تركيا حتى لا أقول كوريا الجنوبية.
تحدثت في البداية عن مشكل الجفاف، وبالمناسبة أصدرتم، مؤخرا، تقريرا حول الإجهاد المائي، الذي تتقاذف مسؤوليته عدة جهات، ما هي أهم الخلاصات التي توصلتم إليها داخل مركز "أوميغا"؟ حتى نكون منصفين فإن مسألة الإجهاد المائي المطروحة اليوم هي مسؤولية جماعية، ولا يمكن أن نحمل المسؤولية للحكومة الحالية أو التي قبلها، بمعنى آخر، هي مسألة عقود وزمن طويل، ببساطة إنها مسؤولية دولة، بامتداد حكوماتها المتعاقبة.
اتجهنا في السابق، إلى وضع سياسة السدود التي كانت ناجعة في وقت من الأوقات، ولكن السدود ليست دائما هي الحل، فإذا قلت لي اليوم إنني سأشرع في بناء السدود سأقول لك إنك "مخطئ"، ومع الأسف هناك في البرنامج الحكومي خطة لتشييد بعض السدود، في نظركم لماذا سأكلف نفسي عناء بناء سد في الوقت الذي لا وجود فيه للتساقطات المطرية؟
إذا كنا قد وضعنا خطة بناء السدود في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، فلأنه كان لدينا مستوى متوسط من التساقطات المطرية، الذي يسمح بتخزين المياه، وهذه السياسة كانت رائدة حتى في بداية عهد جلالة الملك محمد السادس، لكن مع الإجهاد المائي الذي عشناه بحدة في ال 10 سنوات الأخيرة، يفرض علينا ضرورة التفكير في حلول بديلة، علما أن الخبراء كانوا يتوقعون منذ سنة 2010 و2012 أننا سنصل إلى هذه النتيجة من الإجهاد المائي، وكانت هذه التوقعات منذ 15 سنة فما الذي وضعناه في حينه في ظل وجود كل هذه المعطيات العلمية المهمة؟
أرى أنه كان لا بد من وضع مبادرات في حينه حتى لا نصل إلى ما نحن عليه اليوم أي اشتعال "الضوء الأحمر".
والحل الذي يتداوله الجميع اليوم، هو تحلية مياه البحر، وهذا هو المرجح، لكن كان يجب اعتماد هذه التقنية منذ 15 سنة، لأنه اليوم ونحن في 2024، من المفروض أن تكون بحوزتنا 30 محطة لتحلية المياه، غير أننا لا نتوفر إلا على 9 مصانع، حيث لا زلنا بعيدين عن أن تسد تحلية مياه البحر الخصاص الحاصل في الوقت الراهن.
إن مسؤولية ما وصلنا إليه مشتركة بين جميع الفاعلين، والسيرورة التاريخية شاهدة على ذلك، فإذا كان في سنة 1960 معدل 2650 متر مكعب هو متوسط الفرد من حصة الماء، فإنه في سنة 2023 انخفض إلى 600 متر مكعب، وهذا رقم خطير، وإنذار، يجب أن تأخذه جميع الخطط الحكومية بعين الاعتبار، لا سيما وأن منظمة الزراعة الدولية، تقول بأن مستوى الإجهاد المائي الذي يؤدي إلى العطش، هو 500 متر مكعب.
وبالتالي، أولوية الأولويات اليوم في المغرب، هي التدبير المائي وإيجاد الحلول الناجعة، من قبيل التسريع بإنشاء وحدات تحلية المياه، ولا يجب أن ننسى أن هذه الوحدات تحتاج إلى تشييدها في المحيط المناسب، لأن لها هي الأخرى أضرارا بيئية، خصوصا على نشاط الصيد التقليدي، بتعبير مغاير، نحن في حاجة إلى حلول لكن على أساس أن تجنبنا خلق أزمات أخرى.
خلاصة القول، إن هذا الملف يهم الجميع، وإذا قدر الله وشهدنا كارثة ما فإن كل الفئات ستتضرر منها. ونحن في مركز "أوميغا" خرجنا ببعض التوصيات، يمكن الرجوع إليها في التقرير الذي أعددناه.
ويتداول، حاليا، بأن وزارة الداخلية تشتغل على مشروع كبير لإيجاد حلول مستعجلة، والتي لها علاقة بالمجالات الترابية، بمعنى ستعطى المسؤولية للولاة والعمال للسهر على تنفيذ المشاريع في الميدان ابتداء من هذه السنة (2024)، لكن المهم في كل هذا، هو عدم تضييع الوقت في تعقيد المساطر الإدارية، لأن تدبير أزمة الماء له خصوصية استعجالية.
كان المغرب سباقا لولوج العالم الرقمي في عدة مجالات من بينها قطاع الصحافة، إلا أن نتائج هذا الورش ظلت محتشمة، ما هي أسباب التخلف عن تحقيق التقدم على هذا المستوى؟ صحيح، بدأ المغرب الاشتغال مبكرا بما هو رقمي، مقارنة بدول كثيرة في القارة الإفريقية، لكن إذا نظرنا إلى مستوى تقدمه في ال 25 سنة الأخيرة، يمكن القول إن نتائجه جد مخيبة، لسبب أساسي هو غياب الحكامة.
وأرى أن الشكل الذي دبر به هذا القطاع، كان مزاجيا ومرحليا وحسب متطلبات اللحظة، لقد استضاف المغرب عدة مناسبات وتظاهرات ومنتديات كبيرة جدا، وكنا نضع جميع الخدمات في هذه المناسبات بشكل رقمي، ونجحنا في ذلك. ولكن بعد ذلك، كان يتم التراخي في استثمار ما تم التوصل إليه، وهذا له علاقة بالحكامة وبعد الرؤية الاستراتيجية، ووحدها السياسات الحكومية المتعاقبة في 25 سنة الأخيرة، تتحمل مسؤولية هذا الوضع.
ولم تظهر الفجوة مرة أخرى في العالم الرقمي، إلا مع بداية سنة 2020، بفعل جائحة كورونا، حيث اتضح بأن هناك فجوة رقمية بالمغرب، لأن الحاجة إلى رقمنة الخدمات كانت مسألة جد ضرورية وحتمية، حيث لم تعد الخدمة الرقمية رفاهية، ولما أصبحت ضرورية وضعنا الحلول التي يجب أن توفر الخدمات للمواطنين ونجحنا في بلورة ذلك وتطبيقه على أرض الواقع، لكن لماذا لم نستطع النجاح في هذا الموضوع سابقا؟ لهذا أقول إن الحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة التي لها علاقة بالرغبة السياسية، هي سبب هذا التأخر الحاصل، ومثل هذا التسيير يجر بمغربنا اقتصاديا واجتماعيا إلى الخلف، بدل التقدم به نحو المستقبل وتحقيق التنمية.
حاوره: نجيب العمراني- يوسف الخيدر- محمد الروحلي- تصوير: أحمد عقيل مكاو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.