وضعية سوق الشغل فبلادنا مزال كتعاني من آثار الجفاف.. ها شحال من منصب شغل فقدنا وقطاع الفلاحة مشا ليه 206 ألف منصب    "حرية الصحافة"..المغرب يرتقي في التصنيف والصحافة المستقلة مهددة بالانقراض بالجزائر    دواعش جداد طاحو. خلية ارهابية فيها 5 كتوجد لتنفيذ مجازر فبلادنا تشدات    المرة اللولى منذ 2009.. واحد من الحزب الإسلامي المعارض كيترشح للانتخابات الرئاسية ف موريتانيا    أوريد: العالم لن يعود كما كان قبل "طوفان الأقصى"    تركيا تعلن وقفا كاملا للتعاملات التجارية مع إسرائيل    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    ال BCIJ يُوقف 5 عناصر موالين لداعش كانوا يُخططون لأعمال إرهابية    ثورة الطلاب في أمريكا من أجل غزة.. هكذا بدأت الاحتجاجات    "تقدم إيجابي" فمفاوضات الهدنة.. محادثات غزة غتستمر وحماس راجعة للقاهرة    فيديو: هاتريك أيوب الكعبي في مرمى أستون فيلا    الفرقة الجهوية دالجندارم طيحات ريزو ديال الفراقشية فمدينة سطات    زلزال جديد يضرب دولة عربية    ريم فكري تفاجئ الجمهور بأغنية "تنتقد" عائلة زوجها "المغدور"    تكريم حار للفنان نعمان لحلو في وزان    الدوري الأوربي: ليفركوزن يعود بالفوز من ميدان روما وتعادل مرسيليا واتالانتا    انهيار طريق سريع جنوب الصين: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 48 شخصا    ماذا قال أمين عدلي بعد فوز ليفركوزن على روما؟    بلاغ هام من وزارة الداخلية بخصوص الشباب المدعوين للخدمة العسكرية    هل ما يزال مكيافيلي ملهما بالنسبة للسياسيين؟    رسالة هامة من وليد الركراكي ل"أسود" الدوريات الخليجية    مناهل العتيبي: ما تفاصيل الحكم على الناشطة الحقوقية السعودية بالسجن 11 عاماً؟    إقليم الصويرة: تسليط الضوء على التدابير الهادفة لضمان تنمية مستدامة لسلسلة شجر الأركان    عقب قرارات لجنة الأندية بالاتحاد الإفريقي.. "نهضة بركان" إلى نهائي الكونفدرالية الإفريقية    مهرجان أيت عتاب يروج للثقافة المحلية    الإبقاء على مستشار وزير العدل السابق رهن الاعتقال بعد نقله إلى محكمة تطوان بسبب فضيحة "الوظيفة مقابل المال"    تطوان: إحالة "أبو المهالك" عل سجن الصومال    الكعبي يتألق في أولمبياكوس اليوناني    بوريطة يتباحث ببانجول مع نظيره المالي    عمور.. مونديال 2030: وزارة السياحة معبأة من أجل استضافة الفرق والجمهور في أحسن الظروف    تفكيك مخيّم يثير حسرة طلبة أمريكيين    وفاة المحامي والحقوقي عبد العزيز النويضي اثر سكتة قلبية    العقائد النصرانية    تنفيذ قانون المالية يظهر فائضا في الميزانية بلغ 16,8 مليار درهم    الأمثال العامية بتطوان... (588)    أوروبا تصدم المغرب مرة أخرى بسبب خضر غير صالحة للاستهلاك    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة    بايتاس رد على لشكر والبي جي دي: الاتفاق مع النقابات ماشي مقايضة وحنا أسسنا لمنطق جديد فالحوار الاجتماعي    مجلس النواب يعقد الأربعاء المقبل جلسة عمومية لمناقشة الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة    ها التعيينات الجديدة فمناصب عليا لي دازت اليوم فمجلس الحكومة    المخزون المائي بسدود الشمال يناهز مليار و100 مليون متر مكعب    باحثون يكتشفون آليات تحسّن فهم تشكّل الجنين البشري في أولى مراحله    بذور مقاومة للجفاف تزرع الأمل في المغرب رغم انتشارها المحدود    رسميا.. جامعة الكرة تتوصل بقرار "الكاف" النهائي بشأن تأهل نهضة بركان        النفط يتراجع لليوم الرابع عالمياً    إلقاء القبض على إعلامية مشهورة وإيداعها السجن    الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    مسؤولة في يونيسكو تشيد بزليج المغرب    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" يعلن عن أسماء الفائزات والفائزين بجائزة "الشاعر محمد الجيدي" الإقليمية في الشعر    "دراسة": زيادة لياقة القلب تقلل خطر الوفاة بنحو 20 في المائة    عبد الجبّار السحيمي في كل الأيام!    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    دراسة: مجموع السجائر المستهلكة "يلتزم بالثبات" في إنجلترا    باحث إسرائيلي في الهولوكوست: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية في غزة.. وهناك أدلة كافية قبل أن صدور إدانة المحكمة الدولية    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الأمثال العامية بتطوان... (586)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول منظومة التقاعد بالمغرب.. التشخيص ومقترحات الإصلاح
نشر في بيان اليوم يوم 15 - 09 - 2013

عدد النشطين لكل متقاعد ينخفض بشكل مستمر بالنسبة لكل الأنظمة باستثناء الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي
مقترح الإصلاح يقوم على تقويم المقاييس الرئيسية ويعتبر
سن التقاعد القانوني أول مقياس ينبغي أخذه بعين الاعتبار
أصدر المجلس الأعلى للحسابات تقريرا حول منظومة التقاعد بالمغرب ضمنه تشخيصا لمختلف الصناديق والأنظمة، كما قدم مقترحاته المتعلقة بحل إشكالية التقاعد وضمان ديمومة الأنظمة، في أفق بلورة نظام تقاعد موحد لمجموع المنخرطين.
تشخيص نظام التقاعد بالمغرب
يتميز نظام التقاعد بالمغرب بالتعدد المؤسساتي وبمستوى متواضع في التغطية واختلالات في التوازن التي أصبحت مقلقة على صعيد الأنظمة الأساسية.
وبالنظر إلى كون مختلف أنظمة التقاعد قد أحدثت بشكل تدريجي وخلال فترة طويلة ) من سنة 1930 إلى سنة 1977 (، فقد تمت بلورتها وهيكلتها وأجرأتها على أساس الشرائح المستهدفة والمعطيات المتوفرة. ولم تكن هذه الأنظمة موضوع تفكير شامل من شأنه أن يفضي إلى بناء منسجم يمنح تغطية مستدامة على المدى الطويل ضد مخاطر الشيخوخة لمجموع النشيطين.
1. الاختلالات المشتركة
1.1. أصول مختلفة ومقاييس عمل غير متقاربة
في هذا الإطار، تم تسجيل الملاحظات التالية:
* انعدام التجانس في طرق التمويل ) قاعدة التوزيع بالنسبة للصندوق المغربي للتقاعد والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق المهني المغربي للتقاعد ، وازدواجية التوزيع والرسملة بالنسبة للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد(؛
*معدلات تعويض مختلفة )تصل إلى 100 % من آخر راتب بالنسبة للصندوق المغربي للتقاعد وإلى حد أقصى لا يتجاوز 70 % من السقف المحدد حاليا في 6.000 درهم في الشهر بالنسبة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي
ونسبة مئوية من الدخل المتوسط مع تحيينها ومراجعة قيمتها بالنسبة للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد وناتج مجموع النقط التي راكمها المعني بالأمر بالقيمة الأحادية للنقطة فيما يخص الصندوق المهني المغربي للتقاعد( ؛
* معدلات انخراط خاصة بكل نظام ) 20 % بالنسبة للنظام المدني للصندوق المغربي للتقاعد و 11,89 % لسقف أقصى محدد في 6.000 درهم في الشهر بالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي و 18 % من سقف لايتجاوز أربع مرات معدل الأجر بالنسبة للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد ومعدلات مختلفة بالنسبة للصندوق المهني المغربي للتقاعد( ؛
* آليات مراجعة قيمة المعاشات خاصة بكل نظام )قاعدة تقسيط المنحة بالنسبة للصندوق المغربي للتقاعد والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي واعتماد قاعدة تغيير نسبة مساهمة رب العمل المحددة حاليا في 6 % حسب معدل التوازن للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد ومراجعة المعاش من خلال تحديد القيمة المرجعية للنقطة بالنسبة للصندوق المهني المغربي للتقاعد( ؛
الطابع المجزئ لأنظمة التقاعد وعدم تقاربها.
وقد تفاقم عدم انسجام هذه الوضعية بغياب إطار مرجعي احترازي حقيقي ومشترك لأنظمة التقاعد، مما يعرقل كل مبادرة في مجال القيادة والتتبع ومما يحد من فعالية عمليات التتبع والمراقبة لمختلف صناديق التقاعد كون 2.1 ضعف معدل التغطية في القطاع الخاص تتجلى الخاصية الثانية الكبرى لنظام التقاعد بالمغرب في ضعف التغطية الاجتماعية التي يوفرها للقطاع الخاص حيث أن أقل من نسبة 33 % فقط من النشيطين تتوفر على تغطية التقاعد. وتعزى أسباب هذه الوضعية إلى غياب نظام إجباري للتقاعد للمهن الحرة والعاملين المستقلين، ولكن أيضا إلى ضعف نسبة تغطية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لمجموع أجراء ومستخدمي القطاع الخاص، وذلك رغم التحسن المهم الذي عرفه هذا المؤشر في الفترة مابين سنة 2005 وسنة 2011 ) 72 % في سنة 2011
مقابل 43 % برسم سنة 2005 (. تجدر الإشارة إلى أن ما يناهز 1,2 مليون من المستخدمين الخاضعين لمجال تدخل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لم تشملهم التغطية خلال سنة 2011 . فعلى سبيل المثال، يعرف القطاع الفلاحي الذي يشغل نسبة كبيرة من اليد العاملة مستوى ضعيفا في مجال تغطية التقاعد.
ويتوقع أن تتفاقم هذه الوضعية مستقبلا، وذلك بتزايد نسبة الفقراء بين الأشخاص المسنين في حين أن جزءا من هذه الفئات بإمكانه المساهمة في أنظمة التقاعد لوأحدثت لفائدته.
3.1 أنظمة تعاني من اختلال مالي هيكلي
تتمثل الخاصية المقلقة لمختلف أنظمة التقاعد الأساسية بشكل كبير فيالاختلال الديمغرافي والمالي الذي تفاقم في السنوات الأخيرة. فعلى المستوى الديمغرافي، وباستثناء نظام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فإن نسبة النشيطين المنخرطين ضعيفة ولا تنموبوتيرة سريعة. وفي المقابل، تزداد أعداد المحالين على التقاعد بالنسبة لكل الصناديق بوتيرة تفوق تزايد النشيطين المنخرطين.
بالنسبة للقطاع العام، تعزى هذه الوضعية إلى استقرار أعداد الموظفين والأعوان بالنظر إلى السياسات العمومية المعتمدة )حجم كتلة الأجور بالقطاع العام في الناتج الداخلي الخام وتراجع مستوى التوظيف في القطاع العام (. ولهذا، فإن المؤشر الديمغرافي )عدد المنخرطين لكل متقاعد( يتدهور بشكل مستمر وبمستويات مختلفة بالنسبة لكل الأنظمة باستثناء الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وهكذا ، انتقل هذا المؤشر من 6 إلى 3 فيما بين سنتي 2000 و 2011 بالنسبة للصندوق المغربي للتقاعد ومن 11 إلى 3 فيما يتعلق بالنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد. وقد عرف هذا المؤشر تحسنا بالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي حيث انتقل من 7 إلى 49,5 .
وستزداد هذه الوضعية حدة مع تحسن أمد الحياة للساكنة عند بلوغ سن التقاعد ) 60 سنة( والذي وصل سنة 2011 إلى 19,6 سنة بالنسبة للذكور
و 21,63 سنة بالنسبة للإناث مقابل على التوالي 17,17 سنة و 18,49 سنة خلال سنة 51980 . وقد ترتب عن ذلك ارتفاع التحملات المستقبلية لمختلف الصناديق. وفي نفس السياق، تعكس المؤشرات المالية لأنظمة التقاعد بشكل عام اختلالات في التوازن ستزداد تفاقما. وتبعا لذلك، يترتب عن كل واجب انخراط يتم تحصيله حقوقا أكبر على مستوى الأنظمة، مما سيراكم بشكل مستمر عجزا ومديونية للأجيال المقبلة.
4.1 محدودية آليات القيادة على مستوى بعض الأنظمة
تظل آليات تدبير وقيادة بعض أنظمة التقاعد غير ملائمة. فنظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد يتم تدبيره باعتماد طريقة التوزيع مع ضبطها حسب تقنية المنحة المجزئة .وحسب المرجعية القانونية لهذا النظام، يتم تفعيل هذه الآلية عندما ينخفض مبلغ احتياطيات الضمان ليصل إلى ما يعادل ضعفي معدل المصاريف المنجزة خلال الثلاث سنوات الأخيرة. وعندئذ، يتعين رفع الاشتراكات لضمان التوازن خلال مدة أدناها 10 سنوات ولتحقيق فائض يرصد للمؤونات المترتبة عن ذلك.
ويستنتج من تفعيل هذه الآلية ضرورة الانتظار إلى حين اقتراب النظام من حالة الإفلاس الكلي ) ما يعادل مدة لتقديم الخدمات تقل عن سنتين ( ثم بعد ذلك إعادة الاستقرار لخزينة النظام على مدى 10 سنوات .
أما بالنسبة لنظام تقاعد الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فإن القيادة بواسطة تقنية المنحة المجزئة يتوقع توازنا على مدى 5 سنوات. غير أن الاقتصار على هدف التوازن في أفق 5 سنوات فقط لا يفضي سوى إلى
تأخير ظهور العجز. كما أن تفعيل هذه القاعدة لا يتم بصورة آلية ليس لأن هيآت إدارة الصندوق لا تملك حق اتخاذ قرار مباشر بهذا الشأن، بل يتعين أن يتم ذلك بواسطة مرسوم.
5.1 قواعد مختلفة في توظيف الاحتياطيات
رغم أن عنصر توظيف الاحتياطيات يكتسي أهمية إستراتيجية في أنظمة التقاعد، فإن القواعد القانونية التي تؤطره تتسم باختلاف كبير من نظام إلى آخر. فالصندوق المغربي للتقاعد والصندوق المهني المغربي للتقاعد يقومان بتدبير احتياطياتهما بشكل مباشر. في حين يتولى صندوق الإيداع والتدبير تسيير احتياطيات النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، بينما يلزم القانون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بإيداع احتياطياته التقنية لدى صندوق الإيداع والتدبيروقد ترتبت عن هذه الوضعية انعكاسات على مردودية توظيفات مختلف الأنظمة.
6.1 تشخيصات متعددة وغياب إصلاح عميق
تبين الإجراءات المتخذة في إطار أنظمة التقاعد خلال السنوات الأخيرة غياب التناسق العام والطابع الجزئي في معالجة الإشكاليات المرتبطة بالتقاعد.
وفي هذا الإطار، تتميز الإجراءات المتخذة بما يلي:
طول المدة التي استغرقتها التحليلات والتشخيصات حيث امتدت لفترة تجاوزت 15 سنة ؛
سمة التناقض التي طبعت غالبا الأهداف الكامنة وراء الإجراءات المتخذة؛
استناد تقويم مقاييس عمل الأنظمة إلى تحليلات وتصورات على المدى
القصير؛
عدم بلوغ الأهداف المتوخاة لقواعد التأطير المتخذة؛
رغم الجهود المبذولة فإنها لم تمكن بعد من وضع حد لصناديق التقاعد الداخلية للمؤسسات العمومية.
7.1 .تشخيص دون إصلاحات هيكلية
تعود الإرهاصات الأولية للوعي بإشكالية التقاعد بالمغرب إلى أواسط التسعينات. حيث أحدث الوزير الأول سنة 1997 لجنة لتتبع الدراسات الاكتوارية وتم تكليفها بتقييم الاستدامة المالية لصناديق التقاعد ودراسة
مقترحات الإصلاح. وقد أظهر التشخيص الأولي المنجز ابتداء من سنة 1997 بمساعدة البنك الدولي شكوكا حول مدى قدرة صناديق التقاعد على الاستمرار على المدى البعيد.
وفي هذا الإطار قدمت اللجنة المذكورة تقريرها للوزير الأول في فبراير 2002 مرفوقا بتشخيص عام حول أنظمة التقاعد. وفي 16 دجنبر 2003 ، تم تنظيم المناظرة الوطنية حول التقاعد حضرها برلمانيون ونقابيون وأرباب العمل وممثلوصناديق التقاعد وجامعيون وخبراء وقد تمخضت توصيات المناظرة عن إحداث لجنة وطنية تحت رئاسة الوزير الأول، وتضم كلا من وزراء المالية والتشغيل والوظيفة العمومية ومسؤولي
النقابات الخمس الأكثر تمثيلية ورئيس الإتحاد العام لمقاولات المغرب ومدراء صناديق التقاعد . كما أوصت المناظرة بإحداث لجنة تقنية مكونة من ممثلي أعضاء اللجنة الوطنية تتولى تنسيق أعمالها مديرية التأمين والاحتياط الاجتماعي، وذلك لقيادة وتتبع برنامج الإصلاحات. وقد أكد التشخيص الذي قامت به اللجنة التقنية بمساعدة مكتبين للدراسات ابتداء من سنة 2007 ، صحة التحليلات السابقة. وتتقاسم حاليا هذا التشخيص وبشكل واسع كل الأطراف المعنية، وكذا المنظمات الدولية)البنك الدولي والمكتب الدولي للعمل(.بالمقابل، وعلى الرغم من طول المدة التي استغرقها مسلسل التفكيروالدراسة على مدى 15 سنة، لازال يلاحظ غياب إصلاحات عميقة لنظام التقاعد.
الإصلاح
المرحلة الأولى: الاصلاح المقياسي
ينبغي أن ينخرط الإصلاح المقياسي لأنظمة التقاعد القائمة في إطارأهداف محددة بوضوح. وفي نفس السياق يمكن أن تواكب مراجعة مقاييسعمل الأنظمة إجراءات تهدف إلى تحسين هذه الأنظمة في الجوانب المرتبطة بالحكامة والتدبير والقيادة.
وعلى هامش الإصلاح المقياسي، سيكون من الأساسي العمل بإجراءات تهدف إلى تحسين قواعد التسيير والشروع في مسلسل توسيع التغطية وذلك بالإسراع في وضع مخطط للتقاعد يهدف إلى إدماج الساكنة النشيطة من غير المأجورين وفق مقاربة تدريجية، مع التركيز أولا على الفئات المهنية التي يسهل إدماجها كالمهن الحرة والمستخدمين غير المأجورين، وبشكل عام الفئات النشيطة الخاضعة للضريبة المهنية.
الأهداف والمبادئ
يقوم مقترح الإصلاح على تقويم المقاييس الرئيسية التي ترتكز عليها الأنظمة. وينبغي أن يشمل هذا الاقتراح مجموع الأنظمة ولكن بصفة خاصة وعميقة تلك التي تعاني من اختلالات كبرى.
ويمكن رصد الأهداف الرئيسية المتوخاة من الإصلاح المقياسي كالتالي:
- الاقتداء بالممارسات الجيدة على المستوى العالمي مع الأخذ بعين الاعتبار لعوامل أخرى من أهمها تطور أمد حياة المتوقع والقدرة الشرائية للمشتركين والمتقاعدين، وكذا التنافسية الاقتصادية للبلد؛ رفع أفق ديمومة الأنظمة التي تعاني من الهشاشة في بنيتها، وخاصة نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد، قصد تمكينه من تحسين وضعيته المالية، وبالتالي الاستمرار في تقديم خدماته. وستمكن الإجراءات المتخذة من منح المهلة اللازمة للقيام بإصلاح أكثر عمقا؛
- تخفيف عبء الدين الذي يقع على عاتق الأنظمة عبر تقليص الالتزامات غير المؤمنة أوتلك المؤمنة بشكل ضعيف إزاء أصحاب المعاشات مستقبلا، وذلك باعتماد إجراءات تهدف إلى الحد من تأسيس حقوق جديدة على أساس المقاييس السابقة، وبالتالي خفض مستوى الاختلالات فيما يخص الالتزامات المستقبلية؛
- تحقيق مستوى من الانسجام بين المقاييس الرئيسية للأنظمة )سن التقاعد ونسبة المساهمة والقسط السنوي وأسس التصفية ومعدلتعويض...(، بطريقة تسمح بتقارب قواعدها ، وبالتالي، توفير شروط الإلتقائية لهذه الأنظمة في أفق القيام بإصلاح أوسع لمنظومة التقاعد في شموليتها؛ ولتحقيق هذه الأهداف، يتعين الاشتغال على عدة مقاييس بصفة موازية، ذلك أن إصلاح مقياس واحد بالنسبة للأنظمة التي تعاني من مستويات كبرى من الاختلال في توازناتها يبقى غير كاف لإحداث تحسن ملحوظ في وضعيتها. ويتعين كذلك الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل نظام على حدة.ويعتبر سن التقاعد القانوني، أول مقياس ينبغي أخذه بعين الاعتبار حيث يتعين مراجعته للرفع منه بالنسبة لمجموع أنظمة التقاعد. ويهدف هذا الإجراء المهم واللازم إلى تدارك مستوى أمد الحياة ولوبصفة جزئية حيث أن متوسط العمر المتوقع عرف تحسنا مستمرا خلال العقدين الأخيرين.
وهكذا، بلغ أمد الحياة المتوقع عند سن 60 سنة بالمغرب ما يعادل 17,17 سنة بالنسبة للرجال و 18,49 بالنسبة للنساء سنة 1980 ، في حين وصل عند نهاية سنة 2011 إلى 19,6 بالنسبة للرجال و 21,63 بالنسبة للنساء 42 ، مما يعني عمليا بأن صرف المعاشات الممنوحة للمتقاعدين سجل امتدادا على المستوى الزمني، مما يؤدي إلى إثقال أنظمة التقاعد بتكاليف إضافية، وبالتالي، حدوث اختلال في آلية التضامن بين الأجيال بسبب تزايد التدفقات المالية لفائدة فئة المتقاعدين. ويمكن في نفس السياق تمديد فترة النشاط لى ما فوق السن القانوني للتقاعد بالنسبة للمهن التي لا تتسم بالطابع الشاق.
وعلى المستوى الاقتصادي، يترتب عن الزيادة في سن التقاعد رفع مدة النشاط المهني، الأمر الذي يفضي بالتالي إلى مشاركة أكبر للفرد في مسلسل الإنتاج وخلق الثروات على المستوى الوطني ويمكن لتدبير من هذا النوع أن يشكل عاملا مهما في تنافسية الاقتصاد الوطني.
وبالتالي فإن كل هذه العوامل تصب في اتجاه الرفع من سن التقاعد على غرار التوجه السائد على المستوى العالمي، بشكل عام، والدول المجاورة وشركاء المغرب الاقتصاديين بشكل خاص.
ولتفعيل هذا الإجراء، ينبغي أن يدخل حيز التنفيذ بصفة تدريجية كما يجب سن مقتضيات تسمح بمراعاة خصوصيات بعض القطاعات.
وهكذا، يتعين أن تتخذ الاحتياطيات اللازمة بمناسبة إعمال التدبيرالمتعلق برفع سن التقاعد، ومنها:
- القيام برفع سن التقاعد )بصفة إجبارية داخل القطاع العام ( بطريقة تدريجية ) مثلا بوتيرة 6 أشهر في كل سنة(؛
- بالنسبة للقطاع الخاص، يمكن أن يكون تمديد السن القانوني للتقاعد اختياريا؛
- وضع تدابير خاصة بالنسبة للمساهمين الذين اشتغلوا في مهن شاقة؛
- الاحتفاظ بإمكانية الاستفادة من التقاعد المبكر، بشرط أن تؤجل عملية تصفية المعاش إلى غاية بلوغ السن القانوني للتقاعد، كما هومعمول به بالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وبعد التوفر على فترة انخراط طويلة نسبيا. كما يمكن اعتماد حل آخر يحدد السن الأدنى الذي يخول حق الاستفادة من المعاش، بالإضافة إلى تطبيق خصم مناسب على مبلغ المعاش بالنسبة للتقاعد المبكر بغية مراعاة أثر هذا الأخير على توازن الأنظمة ؛
- إمكانية استمرار الأشخاص الذين شرعوا في مزاولة النشاط في سنمتأخر ولم يستطيعوا توفير حقوق مهمة للتقاعد والذين يتوفرون على قدرة الاستمرار في ممارسة نشاطهم في العمل إلى ما فوق السن القانوني للتقاعد إذا رغبوا في ذلك مع اشتراط موافقة مشغليهم بعد سن معينوجب تحديده ويمكن أن تستمر هذه الفئة النشيطة في المساهمة في صندوق التقاعد وتحصل على الحقوق التي يمنحها إلى أن تبلغ الحد الأقصى المسموح به في نظام التقاعد المعني.
محتوى الإصلاح المقياسي المقترح
نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد
محتوى الإصلاح تعتبر وضعية نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد ، حاليا، الأكثر مدعاة للقلق ليس فقط بسبب حجم الدين غير المؤمن الذي بلغ مستوى جد مرتفع ) 583 مليار درهم( بالمقارنة مع الصناديق الأخرى، ولكن أيضا بسبب اقتراب موعد بلوغه مرحلة العجز النهائي عن الوفاء بالالتزامات والتي من المنتظر أن تحل في أفق لا يتجاوز ثمان سنوات. وكنتيجة لذلك، يعد رفع مستوى ديمومة النظام أولوية أساسية ومستعجلة، سيما وأن استمرار الوضعية الحالية سيؤدي حتما إلى الرفع من حجم الديون غير المشمولة بالتغطية وبالتالي إلى تفاقم ديون النظام بشكل مهول. وعلى سبيل المثال، شهدت الديون غير المشمولة بالتغطية، خلال الفترة الممتدة من سنة 2011 إلى سنة 2013 ، ارتفاعا بمبلغ 54 مليار درهم، أي بمعدل 18 مليار درهم في السنة.
تتمثل أهم المقاييس المعنية بالإصلاح المقياسي، أي تلك التي لها أثر بالغ على تحسين توازن النظام، في السن ونسبة المساهمة ووعاء التصفية والقسط السنوي المعتمد في تصفية المعاش.
سن الإحالة على التقاعد
سيكون لرفع سن التقاعد بالنسبة لنظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد أثر كبير على تمديد عمر هذا النظام وعلى مستوى مديونيته. 66ويكتسي تعديل هذا المقياس أهمية بالغة على المدى القصير على اعتبار أنه سيمكن من تخفيف الضغط على خزينة النظام بشكل ملحوظ ابتداء من السنوات الأولى لدخوله حيز التنفيذ، ويرجع ذلك أساسا إلى التأجيل التدريجي لسداد المعاشات بالنسبة للمساهمين الذين تقترب أعمارهم من 60 سنة.
وبالمقابل، سيتقلص تأثير رفع سن التقاعد تدريجيا على المدى البعيد بسبب تنامي الالتزامات المستحقة إزاء فئات المتقاعدين وارتفاع أمد الحياة. كما تعزى هذه الوضعية إلى ارتفاع قيمة المعاش الذي تتم تصفيته بعد اكتساب حقوق إضافية. وبالتالي، يعني رفع سن التقاعد في الواقع تمديد الفترة النشاطية، الأمر الذي يؤدي إلى الزيادة في معدل التعويض.
ويوضح الجدول التالي تأثير رفع سن التقاعد على ديمومة نظام الصندوق المغربي للتقاعد وعلى ديونه غير المشمولة بالتغطية في أفق مرحلة الإسقاطات المعتمدة، أي سنة 2060 : وسيؤدي رفع سن التقاعد القانوني في حدود 65 سنة إلى خفض الديون غير المشمولة بالتغطية، المقدرة حاليا ب 583 مليار درهم، بنسبة تقارب
18,4 % أي بتوفير مبلغ يناهز 107 مليار درهم على مدى أفق التوقعات.
ومن شأن تمديد سن العمل إلى ما فوق 65 سنة بطريقة تطوعية )مع تقييدها بشروط محددة (وخاصة بالنسبة للنشيطين الذين التحقوا بميدان العمل في سن متأخر، أن يعمل على تحسين التوازن المالي للنظام وفي نفس الوقت تمكين النشيطين من اكتساب حقوق أكثر في التقاعد إلى حدود السقف القانوني الذي يسمح به النظام. وبالتالي، فإن تحديد مستوى المساهمات) للمأجورين ولأرباب العمل( القابل للتحمل يكتسي أهمية بالغة إذ من غير الملائم تجاوزه نظرا للتكلفة الإضافية المرتفعة التي سيخلفها. ولا ينبغي أن يتجاوز هذا السقف نسبة.% 30 ولتمكين المنخرطين من الاستفادة، مباشرة، من جزء من مجهوداتهم في المساهمة، سيكون من المناسب التفكير في إحداث نظام إضافي قائم على قاعدة الرسملة. ويقوم هذا النظام بتحصيل جزء من مساهمات المأجورين وأرباب العمل بهدف توزيعها على العاملين النشيطين عند بلوغهم سن التقاعد على شكل إيراد عمري أورأسمال. وسيكون اقتسام المساهمات بين الأجير والمشغل على أساس نسبة 50 % أوما يقاربها لكل طرف.
وعاء تصفية المعاش
تنفرد أنظمة التقاعد المسيرة من لدن الصندوق المغربي للتقاعد بكونها الوحيدة التي تعتمد في تصفية المعاش على أساس الأجرة الأخيرة خلال المدة النشيطة. وتعد هذه الممارسة فريدة بالمقارنة مع ما يجري على الصعيد الدولي على اعتبار أن تصفية المعاشات ينبغي، من حيث المبدأ، أن تتم على أساس مجموع المساهمات المؤداة من لدن المنخرطين طيلة مسارهم المهني. وبالتالي، ينبغي أن يوازي وعاء التصفية معدل الأجور الذي حصل عليه المتقاعد طوال مساره المهني أوعلى الأقل خلال فترة طويلة نسبيا من هذا المسار.
وفي هذا الصدد، يمكن تحديد وعاء التصفية في معدل الأجور المحصل عليها خلال عدد معين من السنوات (من 10 إلى 15 سنوات الأخيرة من العمل). وسيمكن هذا التدبير الأنظمة من عدم منح معاشات مرتفعة محتسبة على أساس الأجرة الأخيرة بالنسبة لجزء من المنخرطين الذين يحصلون على زيادات هامة في أجورهم خلال السنوات الأخيرة من نشاطهم المهني، علما أن الوتيرة العادية لتطور الأجور في الوظيفة العمومية تعرف في غالب الأحيان استقرارا للوضعية الإدارية للموظفين في العشر سنوات الأخيرة من مسارهم المهني.
القسط السنوي
يعد القسط السنوي المعتمد لتصفية المعاشات من أهم العوامل التي تفسر عدم التوازن والهشاشة المالية لنظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد. وهكذا، فإن تطبيق قسط سنوي بنسبة 2,5 % كقاعدة لاحتساب المعاشات يترتب عنه نقص في مستوى تسعيرة حقوق المعاش، أي أن كلفة المعاشات الممنوحة تفوق بكثير مجهود المساهمات الذي يتحمله المنخرطون.
نظام التقاعد بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي
مضمون الإصلاح
تتمثل المقاييس الأكثر حساسية من حيث تحسين التوازن المستقبلي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في نسبة المساهمة والقسط السنوي المعتمد لاحتساب الحقوق، بالإضافة إلى تمديد سن الإحالة على التقاعد.
ويترتب عن تطبيق القواعد الحالية نقصا في التسعيرة المعمول بها حيث يمثل مصدر تراكم مستمر للديون تجاه المشتركين المستقبليين، والتي بلغت مستوى 197 مليار درهم سنة 2011 . وتزداد أهمية ضعف التسعيرة بالنسبة للمتقاعدين الذين ساهموا لمدة تساوي أوتفوق بقليل فترة التدريب لأنهم سيستفيدون من أقساط سنوية يمكن أن تصل إلى 4,8 % عن كل سنة اشتراك.
كما أن تغيير نسبة المساهمة لوحدها يبدومكلفا، لأن ذلك سيتطلب رفع هذه النسبة من 11,89 % إلى أزيد من 16,5 %.
وتبعا لذلك، وعلى غرار الأنظمة التي تم التطرق إليها سابقا، يتعين العمل على مراجعة عدة مقاييس في آن واحد من أجل تحسين الوضعية المالية للنظام، مع التذكير بأن الإصلاح المقياسي لوحده لا يكفي للحفاظ على توازن النظام وامتصاص الدين المتراكم.
تمديد السن القانوني للتقاعد ومعدل التعويض
يشكل السن القانوني للتقاعد معيارا حاسما فيما يخص التوازنات الأساسية للنظام. ويبقى تحديده مرتبطا بعدة عوامل منها تحسين أمد الحياة وظروف سوق الشغل والطابع الشاق للعمل. وأخذا بعين الاعتبار لهذا العامل الأخير، عملت التشريعات السارية على تحديد السن القانوني للتقاعد حسب النوع وطبيعة المهن، كما أتاحت إمكانية الإحالة على التقاعد المبكر.
وتبين نتائج الفرضيات التي تم إنجازها أن رفع السن القانوني للتقاعد إلى 65 سنة سيكون له أثر إيجابي على توازن النظام، على اعتبار أن أفق ديمومته سيتم تمديده بحوالي ست سنوات وسيتقلص الدين غير المشمول بالتغطية بأزيد من 30 % في أفق سنة 2060 .
واعتبارا لخاصيات التشغيل في القطاع الخاص، من حيث الطبيعة الشاقة لبعض الأنشطة المهنية وطول فترات البطالة والفترات المصرح بها جزئيا أوغير المصرح بها نهائيا، والولوج المتأخر لسوق الشغل...إلخ، ينبغي أن يتمحور رفع سن التقاعد في هذا النظام حول المبدأين التاليين:
— أن يكون رفع سن التقاعد إلى ما فوق 60 سنة اختياريا وأن يكون رهينا باختيار المنخرط بعد موافقة مشغله. وتبعا لذلك، يجب أن يتوفر المنخرط على كامل الحق في التقاعد في هذا السن دون أن يتعرض معاشه لأي تخفيض ؛
— من الواجب أن يكون للمنخرط الراغب في الاستمرار في العمل إلى ما بعد سن 60 سنة مصلحة في ذلك، وذلك بتمكينه من رفع حقوقه بمعدل 1 % سنويا إلى حدود بلوغه سن 65 سنة، مما سيسمح بتحسين معدل تعويض للمتقاعدين المقبلين. ويقترح، في هذا الصدد، رفع سقف معدل التعويض من 70 % حاليا إلى 75 %.
المرحلة الثانية : نحو إصلاح هيكلي
تبقى الإصلاحات المقياسية غير كافية لوحدها، على المدى الطويل، لتصحيح اختلالات ومحدودية أنظمة التقاعد الحالية، خصوصا فيما يتعلق بالاختلالات المالية والديموغرافية وكذا ضعف مستوى تغطية الساكنة النشيطة. لهذا سيكون من الضروري إجراء مرحلة ثانية تهم الإصلاحات العميقة والهيكلية.
يعتبر هذا الإصلاح هووحده الكفيل بتقويم أثر العوامل الديمغرافية وتلك المتعلقة بتعريفة الخدمات بشكل دائم، باعتبارها من الأسباب الرئيسية للاختلال المالي الذي تعرفه أنظمة التقاعد. ويشكل الإصلاح الهيكلي الإطار المرجعي الذي يمكن من زاوية استشرافية تصحيح النقائص الناتجة عن الأنظمة الحالية خصوصا على مستوى تحديد تعريفة الخدمات والحقوق، من جهة، ويضمن تمديدا أوسع لتغطية الشيخوخة بالنسبة للساكنة النشيطة، كما يوفر شروط الإنصاف والفعالية بشكل واسع فيما يخص آليات التضامن داخل نظام التقاعد، من جهة أخرى.
إن وضع وتفعيل الإصلاح الهيكلي يتطلب مواصلة الجهود لتقريب والتقائية معايير أنظمة التقاعد الحالية والتي تمت مباشرتها مسبقا خلال الإصلاح المقياسي وخصوصا ما يتعلق منها بسقف الأنظمة وقواعد الاشتراك وتصفية المعاشات.
ويتمثل هذا الإصلاح الهيكلي في إعادة البناء الحالي لنظام التقاعد قصد تأسيس نظام تغطية منسجم وموسع ومنصف ومستدام. ومن الأساسي في هذا الإطار أن تقوم السلطات العمومية، بتوافق مع الشركاء الاجتماعيين والجهات المعنية، بتحديد التوجهات والملامح الكبرى وكذا وضع المبادئ الرئيسية التي تؤطر هذا الإصلاح بما يكفي من الوضوح. الأهداف من بين الأهداف الكبرى التي يجب أن تتوفر في نظام التقاعد المستهدف، يمكن ذكر ما يلي:
— تحديد معدل تعويض معقول، مع معاملة خاصة للفئة الأكثر هشاشة (أصحاب ذوي المداخيل والمعاشات الضعيفة، المزاولون لأشغال شاقة،...)؛
— توسيع تغطية التقاعد لتشمل أكبر عدد من العاملين النشيطين؛
— تحديد الهندسة الشاملة لنظام التقاعد والجدول الزمني الضروري لإنجازه في إطار قانوني ملائم؛
— تحديد تعريفة عادلة ومنصفة للخدمات بشكل يحول دون تراكم العجز مستقبلا، وضمان عدالة وتضامن داخل وبين الأجيال؛
— مراعاة التطور الديمغرافي والاجتماعي والاقتصادي للبلد ؛
— ضمان انسجام قواعد اكتساب الحقوق من طرف المنخرطين دون تمييز من حيث الوضعية المهنية أوالانتماء إلى قانون أساسي ضمانا لمبادئ الإنصاف بين المساهمين والحركية داخل سوق الشغل؛
— اعتماد مبدأ نظام تقاعد قائم على دعامات محددة السقف، وإدخال نظام الرسملة بصفة جزئية من أجل تفادي أن يتحمل الجيل النشيط لوحده عبء التقاعد بكامله ؛
— وضع آليات الإرشاد والقيادة الملائمة ) والموحدة ما أمكن( بهدف معالجة الأسباب المحتملة للاختلالات الممكنة بشكل ملائم وفي الوقت المناسب
— إحداث آليات ملائمة وتضامنية ومقبولة لتمويل الدين غير المؤمن للأنظمة الحالية.
ولعل من المهم أن تتمكن السلطات العمومية والشركاء الاجتماعيون والأطراف المعنية، سلفا، من تحديد معدل تعويض مقبول، ومن أجل ذلك يتعين أن يخضع هذا الاختيار لعدة اعتبارات منها ضمان مداخيل محترمة للمتقاعدين من جهة، والأخذ بعين الاعتبار الإمكانيات والإكراهات المتعلقة بالاقتصاد الوطني، وكذا المحافظة على التوازن المالي لأنظمة التقاعد التي تمنح هذه المداخيل، من جهة أخرى. ومن أجل وضع إصلاح هيكلي، يمكن تصور اختيارات عديدة بحسب الإكراهات الاجتماعية والمالية والاقتصادية والتقنية. ومن بين الاختيارات التي تمت دراستها:
— تلك المتعلقة بإحداث قطب للتقاعد يخص القطاع العام وآخر يشمل القطاع الخاص ؛
— وتلك المتمثلة في التوجه المباشر نحونظام أساسي موحد يغطي مجموع العاملين بالقطاعين الخاص والعام.
وبناء على ما سبق، فإن موضوع هذا التقرير لا يهدف إلى تفضيل اختيار نظام على آخر ولا إلى التحليل المفصل لمجموع الخيارات الممكنة التي تتسم بتعددها واختلافها، بل يتوخى المجلس الأعلى للحسابات من خلاله أساسا ما يلي :
— الحرص على الأخذ بعين الاعتبار لكل المزايا والمساوئ وكذا مختلف الإكراهات المرتبطة بكل اختيار؛
— توضيح المداخل اللازمة قبل الشروع في عملية الإصلاح والأوراش التي يتعين إعدادها بهذا الخصوص ؛
— التأكيد على أهمية القيام بإصلاح هيكلي حسب خطة واضحة وجدول زمني مضبوط.
نظام بقطبين : عمومي وخاص
يمكن لهندسة نظام التقاعد الجديد أن تقوم على تجميع صناديق التقاعد
الحالية في قطبين : يخصص الأول لتغطية القطاع العام والآخر للقطاع الخاص .
فبالنسبة للقطاع العام، يمكن الأخذ بمجموعة من السيناريوهات خاصة تلك المتعلقة بإدماج نظام تقاعد في نظام آخر.
أما بالنسبة للقطاع الخاص، فإن اعتماد نظام موحد يعني أساسا انخراط الساكنة التي لا تتوفر على تغطية التقاعد في نظام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، علما أن هذا النظام يتوفر بشكل عام على الخصائص الجوهرية لنظام تقاعد أساسي في الوقت الذي يكتسي نظام الصندوق المهني المغربي للتقاعد صيغة نظام تكميلي في كل عناصره.
الايجابيات والإكراهات
يتسم تجميع الأنظمة الحالية في قطبين يخصص الأول للقطاع العام
ويهم الثاني القطاع الخاص بمجموعة من الايجابيات، وهي كالتالي :
— التوجه نحونظام جديد وفق قواعد احترازية صارمة من شأنه أن ينتج عجزا ماليا بدرجة أقل مقارنة مع النظام الحالي للمعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد؛
— تحديد سقف المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد؛
— تناسق قواعد احتساب المعاشات في مجمل القطاع العام؛
— تأهيل نظام التقاعد في القطاع العام الذي من شأنه تسهيل وإعداد التوجه نحونظام شامل على المدى الطويل؛
— توسيع تغطية مخاطر الشيخوخة لتشمل الفئات غير المؤمنة بالقطاع الخاص (مهن حرة)،... في نظام وحيد يقوم بتدبيره الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي؛
— تقوية العامل الديمغرافي للقطاع الخاص عبر الانخراطات الجديدة.
41417 غير أن إحداث قطبين للتقاعد تترتب عنه بعض المعيقات التي تهم القطاع العام على الخصوص. وترتبط هذه المعيقات بالعامل الديمغرافي وبتمويل الدين الضمني المتراكم وباندماج الأنظمة المكونة للقطب وبتحديد تعريفة الأنظمة الجديدة وبتعميم نظام التقاعد.
الشروط المسبقة اللازمة يستوجب تجميع أنظمة التقاعد في قطبين عمومي وخاص توافر الشروط المسبقة التالية :
— اتخاذ القرار بخصوص نسب التعويض في المستوى المطلوب والممكن
تحملها اعتبارا لخصوصيات النظام، ويتعلق الأمر كذلك بتحديد نسب الاشتراك وكيفية توزيعها بين المشغل والأجير؛
— تحديد تعريفة ملائمة أخذا بعين الاعتبار مميزات الفئات المنخرطة حاليا وتلك التي ستشملها التغطية وكذا مستويات معدل التعويض. ويجب ألا تؤدي عملية تحديد التعريفة إلى خلق ديون غير مؤمنة على مستوى القطبين؛
— تقدير الدين الضمني غير الممول وتحديد طرق أدائه على أساس خطة تقرير حول منظومة التقاعد بالمغرب 96 تمويل تدريجية للالتزامات غير المؤمنة وتوزيع مقبول ومتفاوض بشأنه للتكاليف يأخذ بعين الاعتبار المساهمة المباشرة أوغير المباشرة للأطراف المعنية.
من جانب آخر، يجب معالجة قضايا أخرى مهمة تتعلق باندماج الأنظمة، من بينها مستوى سقف الأجور وتحويل خصوم ومدخرات الأنظمة السابقة وإحداث أنظمة تكميلية.
ويكتسي تحديد مستوى سقف الأجر المعتمد من طرف النظام الأساسي أهمية خاصة، سواء فيما يخص القطب العمومي أوالخاص، مع الأخذ بعين الاعتبار الإكراهات الحالية خصوصا المستوى الحالي لسقف النظام الجماعي
لمنح رواتب التقاعد والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وكذا غياب هذا السقف على مستوى نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد.
وبالرغم من إمكانية إحداث نظام تكميلي بالقطاع العام ينبني على التوزيع أويجمع بين التوزيع والرسملة، فمن الأنسب تبني نظام ذي مساهمات محددة (عوض خدمات محددة) يعتمد على الرسملة الفردية مع الاحتفاظ بجزء من الاشتراكات لمواجهة مختلف المخاطر المحتملة.
كما يتعين أن يكون المعاش التكميلي إلزاميا في القطاع العام بهدف ضمان مشاركة المنخرطين ومساهمة المشغل، على اعتبار أن مجهود التمويل يجب أن يتقاسمه الطرفان.
أما على مستوى القطاع الخاص فإن نظام الصندوق المهني المغربي للتقاعد يتسم إجمالا بخصائص النظام التكميلي، ويمكنه عند الاقتضاء القيام بهذا الدور في إطار القطب الخصوصي.
على صعيد آخر، يجب وضع سقف للأنظمة التكميلية في مستوى وجب تحديده، كما ينبغي أن تخضع هذه الأنظمة لنفس قواعد العمل المعتمدة في الأنظمة الأساسية، خصوصا فيما يتعلق بسن التقاعد وشروط الاستفادة عند الإحالة على التقاعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.