إجراءات تبسيطية وتدابير قانونية جديدة والمزيد من ضبط العلاقة الكرائية بعد شهور من الدراسة والنقاش داخل أروقة البرلمان، وتتويجا لمقاربة شمولية اعتمدتها وزارة السكنى وسياسية المدينة، خرج إلى حيز الوجود القانون الجديد المتعلق بتنظيم العلاقة التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني. القانون الجديد المتعلق بتنظيم العلاقة التعاقدية بين المكري والمكتري الذي صادق عليه البرلمان، بغرفتيه، الأسبوع الماضي، اعتمد على مقاربة استندت إلى خلاصات دراسة شمولية قامت بها وزارة السكنى، ارتكزت على التشخيص الدقيق للإكراهات التي تواجه هذا النوع من السكن، على المستويات القانونية والمالية والجبائية والتنظيمية. الصيغة الجديدة للقانون تأخذ بعين الاعتبار التعديلات التي أدخلت على القانون في صيغته الأولى، والإجراءات الجديدة التي يحتاجها القطاع لتسجيل انتعاشة جديدة، خصوصا وأن كل المؤشرات تدل على أن الوضعية التي آل إليها السكن المعد للكراء تعود إلى عزوف المنعشين العقاريين عن الاستثمار في هذا القطاع، بسبب فقدان الثقة بين المكري والمكتري. هذا فضلا عن تراكم القضايا المعروضة على القضاء٬ وطول وتعقد مساطر الفصل في المنازعات ذات الصلة٬ وأيضا ضعف مردودية القطاع بالمقارنة مع قطاع السكن المعد للتملك والتوظيفات المالية البديلة٬ ناهيك عن تقادم النصوص القانونية المنظمة٬ وغياب إطار تحفيزي ومالي وجبائي لإنعاش القطاع٬ وكذا انعدام مهنة وساطة عقارية مؤطرة واحترافية. ويهدف القانون المتعلق بتنظيم العلاقة التعاقدية بين المكري والمكتري إلى دعم مبدأ الاستقرار القانوني في العلاقات الكرائية، وإعادة التوازن لطرفي هذه العلاقة، من خلال سن مقتضيات مبسطة وواضحة وخالية من كل تعقيد تضمن مصالح كل طرف٬ ونسخ بعض المقتضيات المتجاوزة٬ وتحيين بعضها لتلائم متطلبات الواقع السوسيو اقتصادي للبلاد٬ وتوحيد وتجميع النصوص القانونية المنظمة للكراء وملء الفراغ الذي يعتريها٬ وتوفير الضمانات الكافية لاسترجاع ثقة المستثمرين المؤسساتيين والخواص في قطاع السكن المعد للكراء. ويتضمن القانون العديد من المستجدات من قبيل ضرورة كتابة عقد كراء بين المكري والمكتري يتضمن بوضوح حقوق وواجبات كل طرف٬ وإعداد بيان وصفي لحالة المحل المكترى محررا ومؤرخا وموقعا من الطرفين ومصادقا على توقيعهما لدى الجهات المختصة عند إبرام العقد وانتهائه٬ واعتماد مبدأ حرية تحديد ثمن الكراء وشروط مراجعته ونسبة الرفع من قيمته. كما يتضمن التنصيص على وجوب توفر المحل المكترى على المواصفات الضرورية للسكن اللائق٬ وضبط الحالات التي يسمح فيها بسلوك مسطرة الإشعار بالإفراغ وتمييزها عن الحالات التي تخول اللجوء إلى مسطرة الفسخ٬ وتحديد حالات استرجاع المحل من طرف المالك٬ استمرار عقد الكراء بين المالك الجديد والمكتري في حالة انتقال ملكية المحل المعد للكراء، ومنع المكتري من إدخال تغييرات على المحل دون موافقة كتابية من المكري٬ واعتبار التولية والتخلي مفسوخين بقوة القانون٬ على غرار عقد الكراء الأصلي بمجرد صدور الأمر القضائي بطرد المحتل٬ وتخصيص التولية والتخلي عن كراء المحلات المعدة للاستعمال المهني بمقتضيات خاصة تراعي خصوصيات هذا النوع من المحلات. ويحدد القانون الجديد بدقة حقوق وواجبات كل طرف على حدة، من قبيل المواصفات الضرورية كالتهوية والمطبخ ودورة المياه والكهرباء والماء، بالنسبة للمكري، فضلا عن توفير ظروف الانتفاع الهاديء للمحل، وضمان الإزعاجات القانونية والمادية الناشئة عن فعله أو فعل مستخدميه، ولا يسأل عن الإزعاجات التي يتسبب فيها الجيران أو الغير، وضمان الصيانة بالشكل الذي يسمح باستعمال المحل. أما المكتري قتقع على عاتقه أداء السومة الكرائية، والحفاظ على المحل واستعماله وفق الغرض المخصص له، ويعتبر مسؤولا عن الخسائر والعيوب الناتجة عن فعله أو خطئه أو التعسف في استعمال المحل، ولا يسأل عن العيوب الناتجة عن الاستعمال المألوف والعادي، ولا تلك الناتجة عن الحوادث الفجائية أو قوة قاهرة، ولا تلك الناتجة عن حالة القدم أو عيوب في البناء أو بسبب عدم إجراء الإصلاحات التي يتحملها المكري. ويلزم القانون صاحب المحل الذي يرغب في وضع حد للعلاقة الكرائية أن يوجه للمكتري إنذارا يتضمن الأسباب التي يعتمدها في إنهاء العلاقة، إما لاسترداد المحل لسكنه الشخصي أو لزوجته أو لأحد أصوله أو فروعه المباشرين، أو لسبب جدي ومشروع كضرورة الهدم وإعادة البناء أو إدخال إصلاحات ضرورية عليه. ويخول القانون لصاحب المحل، في حالة عدم أداء الوجيبة الكرائية المستحقة من طرف المكتري أن يطلب من رئيس المحكمة الابتدائية الإذن له بتوجيه إنذار بالأداء إلى المكتري مشفوعا بالحجج الثابتة، يتضمن البيانات المتعلقة باسم المكتري وعنوانه وعنوان المحل المخصص للكراء، وعند الاقتضاء موطن أو محل إقامة المكتري، ومبلغ وجيبة الكراء، والمدة المستحقة، ومجموع المبالغ المتبقية في ذمة المكتري. كما يحدد القانون حالات فسخ عقد الكراء بقوة القانون، إما بوفاة المكتري، رغم أن العلاقة الكرائية تستمر في حالة الوفاة لفائدة الزوج أو الفروع أو الأصول المباشرين من الدرجة الأولى، أو المستفيد من الوصية أو المكفول، بالنسبة للمحلات المعدة للسكن. وللزوج والفروع والأصول، بالنسبة للمحلات المعدة للاستعمال المهني، شريطة استمرارهم في ممارسة المهنة التي كان المحل مخصصا لها. ويجوز كذلك، بمقتضى القانون، إنهاء العلاقة الكرائية من طرف المكري أو إفراغ المحل سواء كان للسكنى أو للاستعمال المهني، دون الحاجة إلى توجيه إشعار بالإفراغ، عند التخلي أو تولية الكراء بصفة غير قانونية أو بعدم وجود أشخاص به.