''سيام 2024'': توزيع الجوائز على المربين للي ربحو في مسابقات اختيار أفضل روؤس الماشية    ميسي كيحطم الرقم القياسي ديال الدوري الأميركي بعد سحق نيو إنغلاند برباعية    توقعات أحوال الطقس غدا الإثنين    الملياردير ماسك يبدأ زيارة مفاجئة إلى بكين    بركة يدعو الاستقلاليين للابتعاد عن الحسابات الضيقة والعمل على نيل المراتب الأولى    تعيين حكم مثير للجدل لقيادة مباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري    ليفار: قرارات الرداد أثرت فخسارتنا لماتش الحسنية وغانشكيو به للجنة التحكيم باش ياخد الجزاء ديالو    بسبب خريطة المغرب.. إتحاد العاصمة الجزائري يتجه نحو تكرار سيناريو الذهاب    صحيفة "معاريف" الإسرائيلية: نتنياهو "متوتر جدا" من مذكرة اعتقال دولية محتملة ضده على خلفية ارتكابه "جرائم حرب"    الحبس النافذ للمعتدين على "فتيات القرآن" بشيشاوة    "كذب أبيض" يفوز بجائزة مهرجان "مالمو"    المغرب يشارك في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض    الحرب في غزة محور مناقشات قمة اقتصادية عالمية في المملكة السعودية    ساعة جيب لأغنى ركاب "تايتانيك" بيعت في مزاد لقاء 1,46 مليون دولار    محمد صلاح عن أزمته مع كلوب: إذا تحدثت سوف تشتعل النيران!    الحسنية يلحق الهزيمة الأولى بالجيش الملكي في البطولة    ما الذي سيحدث بعد حظر الولايات المتحدة تطبيق "تيك توك"؟    مسؤولون في الخارجية الأمريكية يقولون إن إسرائيل قد تكون انتهكت القانون الإنساني الدولي    السلطات المغربية تتعقب صاحب صفحة "لفرشة"    الحصيلة المرحلية للحكومة في قطاع التعليم: من أجل أن تكتمل الصورة    محاولة الهجرة إلى سبتة تؤدي إلى مصرع شاب وظهور جثته في الحسيمة    حزب الاستقلال يجدد الثقة في نزار بركة أميناً عاماً    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    افتتاح مهرجان تطوان المتوسطي ب"بنات ألفة"    توقيف سارق ظهر في شريط فيديو يعتدي على شخص بالسلاح الأبيض في طنجة    مرصد الصحراء للسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان يندد بالإعدامات التعسفية في حق شباب محتجزين بمخيمات تندوف    صديقي: المملكة قطعت أشواط كبيرة في تعبئة موارد السدود والتحكم في تقنيات السقي    بمشاركة خطيب الأقصى.. باحثون يناقشون تحولات القضية الفلسطينية    سيارة ترمي شخصا "منحورا" بباب مستشفى محمد الخامس بطنجة    عاجل.. مؤتمر "الاستقلال" يختار نزار بركة أمينا عاما لولاية ثانية    "دكاترة التربية الوطنية" يطالبون بتعويض المتضررين من عدم تنفيذ اتفاق 2010    مهرجان إثران للمسرح يعلن عن برنامج الدورة الثالثة    ما هو صوت "الزنّانة" الذي لا يُفارق سماء غزة، وما علاقته بالحرب النفسية؟    قيادة الاستقلال تتوافق على لائحة الأسماء المرشحة لعضوية اللجنة التنفيذية    بدء أشغال المجلس الوطني لحزب "الميزان"    خبراء وباحثون يسلطون الضوء على المنهج النبوي في حل النزاعات في تكوين علمي بالرباط    حزب "الاستقلال" يختتم مؤتمره.. في انتظار الحسم في اختيار أمينه العام واتجاه لتزكية بركة لولاية جديدة    ابتدائية تنغير تصدر أحكاما بالحبس النافذ ضد 5 أشخاص تورطوا في الهجرة السرية    صحيفة "النهار" الجزائرية: إتحاد العاصمة الجزائري يتجه إلى الإنسحاب من مواجهة نهضة بركان    وزان ..تحديد أفق إطلاق مشروع دار الاقتصاد الأخضر    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    انطلاقة مهرجان سينما المتوسط بتطوان    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    بفضل فوائده وجودته.. منتوج العسل المغربي يطرق أبواب السوق الأوروبية    الأمثال العامية بتطوان... (584)    اتحاد العاصمة باغيين يلعبو وخايفين من الكابرانات: هددو ما يلعبوش ويرجعو فالطيارة اليوم للجزائر وفاللخر مشاو يترينيو    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    نادية فتاح: المغرب يتيح الولوج إلى سوق تضم حوالي مليار مستهلك بإفريقيا    جاري القروض الصغرى المستحقة يصل إلى 8,4 مليار درهم في متم 2022    رحلة الجاز بطنجة .. عودة للجذور الإفريقية واندماج مع موسيقى كناوة    ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بالمغرب    السعيدية.. افتتاح النسخة الثامنة من تظاهرة "أوريونتا منتجعات السعيدية – حكايات فنية"    الأكاديمية تغوص في الهندسة العمرانية المغربية الإسبانية عبر "قصر الحمراء"    اكتشف أضرار الإفراط في تناول البطيخ    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تكريم وازن لرجل كبير
نشر في بيان اليوم يوم 28 - 06 - 2015

تكريم لطيف لحلو نابع من قيمته ومساره ورصيده كفنان أعطى ولا يزال على مدى أزيد من نصف قرن
الخلفية النضالية والسياسية للطيف لحلو كان لها تأثير بين في إنتاجاته الفنية
السينما وسيلة جماعية ومدنية لترسيخ النسيج الاجتماعي الذي نضعه في صلب مشروعنا المجتمعي التحديثي
خلال سهرة رمضانية دافئة بحضور نوعي، دافقة بالمشاعر، وانطلاقا من تكريس فضيلة الاعتراف، كرم حزب التقدم والاشتراكية، مساء الخميس الماضي، بالدار البيضاء، السينمائي المغربي لطيف الحلو، في أمسية ترأسها الأمين العام للحزب الأستاذ محمد نبيل بنعبد الله محاطا بوزير الثقافة محمد أمين الصبيحي، والوزيرة المنتدبة المكلفة بالماء، شرفات أفيلال، وأعضاء من الديوان السياسي واللجنة المركزية، والعديد من أطر ومناضلي الحزب بالدار البيضاء والرباط والنواحي.
وقد تميز حفل التكريم بحضور كثيف للعديد من المثقفين والفنانين المغاربة من مختلف الفعاليات والتوجهات يتقدمهم السينمائيون حيث حضر للحفل ثلة من المخرجين الكبار، من أمثال المخرج مصطفى الدرقاوي الذي لم يتنه المرض عن حضور حفل تتكرم فيه السينما المغربية في مجملها، انطلاقا من الاحتفاء بأحد رموزها التاريخيين المخرج المبدع والمناضل لطيف الحلو الذي كان حاضرا بأناقته المعهودة وتواضعه الجم، صحبة زوجته ورفيقة دربه خديجة بنجلون. إلى جانب مصطفى الدرقاوي تجد أخاه المخرج عبد القادر الدرقاوي، وأسماء أخرى لامعة في سماء السينما والتلفزيون والثقافة والفنون من أمثال سعد الشرايبي، ومحمد مفتكر، وحسن بنجلون، وإدريس شويكة، وإدريس الملياني، وحسن الصميلي، وإدريس الإدريسي، ورشيد الأندلسي، ومسعود بوحسين، ونوفل البراوي، وعبد النبي دشين، وحسن النفالي، وحسن نرايس مجموعة من الممثلين والممثلات ونساء ورجال الإعلام والصحافة وعدد من الضيوف والمدعوين..
قبل الدخول في أجواء التكريم، تمتع الحاضرون بلوحات بديعة من الإيقاعات الكناوية من ريبرطوار التراث المغربي الغني.
أعقبه عرض شريط يختصر مسار تجربة المخرج لطيف الحلو، تضمن شهادات مسجلة مع سينمائيين وتقنيين ونقاد، في حق المحتفى به، سواء في جانبه الإنساني أو في بعده الإبداعي والنضالي من أجل ترسيخ فعل سينمائي هادف يرقى بالإنسان، وبوعيه الجمعي انطلاقا من مرجعية فكرية تقدمية.
يقول لطيف لحلو مختصرا تجربته في الحياة وفي الفن.... "لقد تعلمت الكثير من الحزب الشيوعي المغربي... وكذلك من معايشتي للفلاحين الصغار والعمال".
وهذا يحيل على المرجعية الفكرية لحزب التقدم والاشتراكية، الذي كان المخرج من بين المثقفين المتنورين الملتحقين بصفوفه، سنة 1954، وفي سياق الشريط دلت كل الشهادات والمؤشرات على ديناميته ومساهماته وعلاقاته برفاقه في تلك الفترة، ومن بينها أسماء وازنة من أمثال الراحلين عبد الكريم بنعبد الله، وعلي يعته وعزيز بلال، وشمعون ليفي، وعبد الله العياشي...
وقد جاء في مقدمة كلمة الأمين العام بالمناسبة، تنويه خاص بفضاء أطر حزب التقدم والاشتراكية بالدار البيضاء، على اختيار تكريم شخصية كبيرة مثل السينمائي لطيف لحلو، على مجمل أعماله السينمائية في هذه الأمسية الثقافية، وهو الرجل الذي سخر حياته للدفاع عن مبادئ الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية وعن ميلاد ووجود قيم فنية وثقافية كم نحن في أمس الحاجة إلى تكريسها.
وموجها كلامه إلى المحتفى به، قال نبيل بنعبد الله "لقد اخترت النضال على الواجهة الفنية، وأبليت في ذلك البلاء الحسن، ولكل ذلك أقول نيابة عن كل الرفاق والرفيقات في حزب التقدم والاشتراكية، إننا نفتخر لكون حزبنا يضم رجلا من طينة لطيف الحلو كفنان وكإنسان كانت له أيادي بيضاء ومواقف مشهودة استحق لأجلها عن جدارة أن يكون محور هذا الحفل التكريمي. "
وقبل تسليمه درع التكريم ونسخة من كتاب نادر من خزانة الحزب ساهم المحتفى به نفسه في جمع وثائقه ومواده، قال الأمين العام إن لطيف الحلو كان له الفضل في الإشراف على جمع وثائق الحزب الشيوعي المغربي المضمنة في هذا الكتاب الأخضر، الذي صدر منذ عقود، وهو مرجعية أساسية بالنسبة لنا من حيث توثيقه لنضال الحزب منذ التأسيس وخلال فترة الاستعمار.
ويضيف المتحدث أن "تكريمنا للطيف الحلو اليوم هو بالأساس تكريم نابع من قيمته ومساره ورصيده كفنان أعطى ولا يزال يجزل العطاء على مدى زمني يفوق نصف قرن". مؤكدا أن "أن حزب التقدم والاشتراكية وهو يحتفي برائد من رواد السينما المغربية، إنما يريد أن يحتفي بالسينما المغربية كافة بمختلف سينمائييها، من مخرجين وكتاب وتقنيين وممثلين ومنتجين وإداريين وأيضا جمهور المشاهدين، من عشاق الفن السابع. وتكريم لطيف الحلو، يكتسي من حيث جوهره رسائل عدة، رسالة احترام وتقدير وتضامن ومحبة للسينما ليس فقط لأننا ننتمي لمدرسة سياسية تعتبر منذ زمن أن السينما من أهم الفنون وإنما أيضا لكوننا نعتبرها وسيلة جماعية ومدنية لترسيخ الانسجام المجتمعي."
وعن حق كان لطيف الحلو نجم الحفل بجدارة، خلال هذه الأمسية التي كشفت عن الكثير من بقع الضوء حول مساره واختياراته في الحياة وتجربته في السينما كما كشف الحضور الوازن والنوعي الذي ملأ صالة "الريتز" عن قيمته كإنسان وعن مدى ما يحظى به الرجل من حب واحترام داخل الساحة الثقافية المغربية.
وقال المخرج المغربي سعد الشرايبي في معرض كلمته بالمناسبة "لم أتردد لحظة حين طلب مني أن ألقي كلمة خلال تكريم المخرج لطيف الحلو" وهو السينمائي الذي يحتفظ تاريخ السينما في المغرب بريادته سواء من خلال نشاطه الإبداعي وإنتاجه السينمائي، ونضاليته، أو من خلال مساهماته القيمة في تأسيس وتنظيم بنيات وتنظيمات السينما في المغرب والتي كانت عوامل حاسمة في بروز وتطور المشهد السينمائي الوطني.
فقد كان سباقا، يضيف الشرايبي، إلى الوعي بضرورة تأسيس قواعد الممارسة السينمائية ما سيسمح لهذه الأخيرة لاحقا بالتطور على قواعد صلبة ومنظمة وأكثر تعبيرية، ومنذ البداية وإلى حدود الآن لم يتوقف لطيف الحلو عن المناداة بحرية وجرأة أكبر لتتمكن السينما المغربية من التفتح والتقدم، كما ظل ملتزما بالمبادئ والقيم المتمثلة في الاشتغال من أجل المصلحة العامة ما هيأ للأجيال اللاحقة كل الظروف الملائمة للإبداع والتعبير.
وقال مخاطبا المخرج المحتفى به بعد أن وقف عند العديد من مناقبه وإسهاماته في التأسيس للمشهد السينمائي المغربي ومحيلا على التقاطعات التي جمعت بينهما "..قرر رفاقك الكرام القيام بتكريمك، وهو تشريف أرى أنك تستحقه عن جدارة بالنظر للاحترام الذي أكنه لك شخصيا ولمسارك الذي أتمنى أن يشكل مثالا يحتذى به بالنسبة للأجيال الجديدة لتسير على هديه خصوصا ما تعلق بالجانب الإنساني والفني والنضالي الملتزم، وأتمنى على من سيؤرخون لهذه المرحلة من تاريخ بلدنا أن يفردوا كتابا خاصا بمساركم المهني الفني والنضالي".
شهادة أخرى للفنانة أمل عيوش التي لعبت في فيلم المخرج الأخير عبرت فيها عن احترامها الشديد لشخصية المخرج لطيف لحلو الفنية والإنسانية، وبقوته الهادئة قائلة "لقد كان لي الشرف والحظ في الاقتراب منه من خلال مشاركتي في فيلمه الأخير "حفلة الميلاد"، فاكتشفت فيه شخصية الفنان المبدع ذي النزعة الإنسانية، الذي يمتلك وعي التقاسم الراقي، واضعا كل شيء في خدمة عشقه للسينما التي حقق من خلالها وجوده... فشكرا لك سي لطيف على ما قدمته للفن السابع ليصير اليوم على ما هو عليه.
من جانبه تحدث مصطفى الزيراوي رئيس النقابة الوطنية لتقنيي السينما، عن المحتفى به ومساره معتبرا أن تكريم الأستاذ لطيف لحلو في هذا اللقاء يندرج في إطار ثقافة الاعتراف والامتنان لأحد الرجال الذين أسسوا لمهنة السينما المغربية. واعتبر المتحدث أن لطيف لحلو ينتمي لجيل بنى وحمل قضية السينما المغربية لما كانت قضية أقلية، قضية جيل مارس مهنة السينما تجريبا وتكوينا وتأصيلا، حتى تم التأسيس للسينما مغربية التي تعيش الآن مرحلة متطورة وما زال رهان الحلم مشرعا على المستقبل، مضيفا أن لطيف لحلو كان دائما حاضرا حضورا فعالا ضمن هذا الجيل الباني والمؤسس، مواكبا لكل المراحل والتحولات ومازال مساهما إلى جانب أجيال أخرى التحقت بالركب وتوارثت قضية السينما التي تريد لهذا الوطن.
ويعد لطيف لحلو، يقول الزيراوي، من السينمائيين الذي وضعوا دراستهم الأكاديمية في خدمة السينما، كيف لا والرجل قادم من السوسيولوجيا وما أحوجنا لمن يعيد انتماءنا إلى أرض وسينما تشبهنا. ويعد لطيف لحلو، بقوة الإبداع والفعل والعمل والنضال، مدرسة سينمائية مغربية برؤيا كونية قائمة الذات تخرج منها عدد كبير من السينمائيين المغاربة معظمهم يحمل لواء النهوض بالسينما في المغرب..
من جانب آخر أبت الفنانة المغربية الشابة دنيا باطمة إلا أن تحضر للمشاركة في حفل التكريم عبر تقديم بعض أغانيها للجمهور الحاضر وهي الأغاني التي شكلت مسك الختام لهذه الأمسية الثقافية الرمضانية الكبيرة.
****
نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية في حفل تكريم المخرج لطيف لحلو:
مدرسة حزب التقدم والاشتراكية كانت دائما تنتصر للسينما والحرية والإبداع
الرفيق العزيز لطيف لحلو،
السيدة الفاضلة... رفيقة دربه النضالي والفني والإنساني،
سيداتي، سادتي
أيتما، إستما،
رفيقاتي رفاقي،
أيها الأصدقاء الأعزاء،
مساء الخير،
بداية، أتقدم إليكم جميعا، بإسمي الخاص ونيابة عن كافة مناضلات ومناضلي حزب التقدم والاشتراكية، بخالص عبارات التبريك، بمناسبة هذا الشهر الكريم، الذي نرجو من الله أن يعيده علينا وبلدنا ومجتمعنا ينعمان بتعزيز الأمن والاستقرار وبمزيد من المكتسبات على درب تحقيق أهدافنا المشتركة في الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية وازدهار كافة أشكال القيم الفنية والثقافية..
كما أود التنويه بهذه الالتفاتة الكريمة، وأحيي فضاء أطر حزب التقدم والاشتراكية بالدار البيضاء على مبادرته هاته، بل وأهنئهم على تشرفهم بالتفكير في تكريم الرفيق السينمائي المبدع لطيف لحلو، كمناضل وفنان وإنسان، وكرجل يستحق، بكل المقاييس، أن يكون محور هذه الأمسية الرائعة، اعترافا له بجميل ما أسداه من خدمات جلى للوطن، وكانت له أيادي بيضاء دفاعا عن قيم سامية وقضايا عادلة، في واجهات متعددة، وفي مقدمتها الواجهة الفنية، التي اختار أن يستثمرها، وأبلى في ذلك البلاء الحسن، للإسهام في مستوى وعي الناس وتقدم المجتمع..
وقبل الشروع في هذا التكريم، أتقدم، وباسمكم جميعا، بأحر عبارات التعازي وأصدق مشاعر المواساة إلى صديقنا، ورفيق دربنا منذ زمن بعيد، وأحد رواد الفن السينمائي في المغرب، إلى جانب لطيف لحلو وآخرين، صاحب ال "وشمة" الخالدة، حميد بناني، على إثر وفاة أخيه تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جنانه، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
***********************
إننا نلتقي اليوم للاحتفاء باسم بارز في الحقل السينمائي الوطني، عبد اللطيف لحلو، المعروف أكثر بلطيف لحلو، وهو بحق رجل ما ألطفه، لتكريم مسار غني ومتميز بارتباطه، دوما، بقضايا وطنه وفنه.
وليس هذا بغريب على لطيف لحلو الذي يزخر ريبيرتواره ليس فحسب بالأفلام الطويلة والقصيرة والأشرطة الوثائقية، وإنما أيضا بمسار نضالي مبكر وثري، وظل وفيا له من حيث التشبث بالمبادئ السامية والقيم النبيلة، مبادئ وقيم الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية...
فقد انخرط لطيف لحلو، سنة 1954، وهو لا يزال شابا يافعا، في صفوف الحزب الشيوعي المغربي، بمسقط رأسه: مدينة الجديدة. وذلك تزامنا مع انخراط جمال آيت كاسي، ابن أخت القائد التاريخي للحزب، وأمينه العام الأسبق الرفيق المرحوم علي يعته .
في هذه الفترة سيتعرف لطيف لحو، في إطار النشاط الحزبي بمنطقة الجديدة، على وجوه بارزة في الحزب والحركة الوطنية، من بينهم، على الخصوص، طيبو الذكر الشهيد عبد الكريم بنعبد الله (أول مهندس جيولوجي في المغرب، المثقف الذي تخلى عما كان يمكن أن يوفره له تخصصه من امتيازات كبيرة ليتفرغ للعمل الحزبي والمقاومة المسلحة ضد الاستعمار)، والهادي مسواك وعزيز بلال. ولاحقا، بعد انتقاله إلى باريس للدراسة، بكل من شعيب الريفي وشمعون ليفي، علما أنه كان ولا يزال يعتبر نفسه من تلامذة الرفيق الراحل عبد الله العياشي وما أدراك ما عبد الله العياشي...
لطيف لحلو كان له فضل الإشراف على جمع وثائق الحزب الشيوعي المضمنة في ما نسميه بالكتاب الأخضر، الذي صدر بالفرنسية منذ عقود ويوثق ل "نضال الحزب الشيوعي المغربي" منذ التأسيس وإبان فترة الاستعمار.
لطيف لحلو درس السينما في معهد عال بباريس وأيضا السوسيولوجيا في السوربون، ثم انتقاله إلى الرباط، وواصل نضاله في صفوف الحزب هناك، وتكفل بالإشراف على الملف الفلاحي، بمعية عزيز بلال، خاصة في سيدي يحيى الغرب ودار الكداري (نظرا لتخصصه في مجال السوسيولوجيا القروية، حيث عمل إلى جانب عالم الاجتماع المعروف بول باسكون ونجيب بودربالة ولازاريف).
ظل لطيف لحلو مرتبطا بحزبه، وفيا لمبادئه. وبيننا، هنا في هذه القاعة، رفاق كثيرون ممن حظوا، على سبيل المثال، في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، بالانتماء إلى خلية فرحات حشاد بالدار البيضاء (خلية شمعون ليفي، كما كانوا يسمونها من باب التحبب)، والتي كان حضور لطيف لحلو فيها يشكل بالنسبة للرفيقات والرفاق الشباب، على الخصوص، نوعا من المقويات المعنوية (دوباج)..
هذه الخلفية النضالية كان لها، بلا شك، تأثير بين في الاهتمامات والإنتاجات الفنية لرفيقنا لطيف لحلو (اهتمام بقضايا البادية والطبقات الاجتماعية، والقيم المجتمعية)، حيث تتناول مواضيع أفلامه الصراع الاجتماعي، وأحوال الفلاحين، ومواجهة الاحتكار والاستغلال، ومآسي موظفين صغار من طبقات شعبية، وصراع الأفكار، وكذا الطبقة الوسطى الحضرية من خلال نقد سلوكيات بعض أعضاء هذه الطبقة المتسمين، على حد قول المخرج نفسه، بالأنانية والغرور، لكن دون أن يدفعه ذلك إلى السقوط في الدوغمائية والخطاب المباشر والمعالجة غير الفنية، حتى لا أقول الفجة، للمواضيع والتيمات المطروقة.
هذا البعد النضالي في شخصية الرفيق لطيف لحلو يشرفه، ونعتز به، ويستحق أن يكون لوحده موضوع تكريم، ولكنه لا يمثل السبب الرئيس لتكريمه اليوم.
فتكريمنا له هو، بالأساس، تكريم نابع من قيمته ومساره ورصيده كفنان أعطى ولا يزال يجزل العطاء على مدى أزيد من نصف قرن.
حزب التقدم والاشتراكية وهو يحتفي برائد من رواد السينما المغربية، إنما يريد أن يحتفي بالسينما المغربية كافة، بمختلف سينمائييها، من مخرجين وكتاب وتقنيين وممثلين ومنتجين وإداريين، وأيضا جمهور المشاهدين من عشاق الفن السابع.
إنه احتفاء يحمل، من حيث جوهره، رسائل عدة: رسالة تقدير واحترام وتضامن ومحبة للسينما، ليس فقط لأننا ننتمي لمدرسة سياسية تعتبر، منذ زمان، أن السينما من أهم الفنون، وإنما أيضا لكوننا نعتبرها وسيلة جماعية ومدنية لترسيخ النسيج الاجتماعي والانسجام المجتمعي الذي نضعه في صلب مشروعنا المجتمعي التحديثي.
ومن هنا، فإن لقاءنا هذا المساء، ضيوفا عند لطيف لحلو، ليس وليد ظرفية معينة لها صلة بتطور أحداث ما أو بروز وقائع ما تسائل ثنائية الحرية والمسؤولية في مجال الإبداع عامة، والسينمائي منه على وجه الخصوص، بل هو إحياء لتقليد راسخ لدى حزبنا، الذي كان دوما فضاء لتواجد أسماء لامعة ومتألقة رافقتنا في مسيرة مشتركة، أفقها الإبداع الحر، والالتزام المنفتح. وذلك على أساس أن حرية التفكير والتعبير والإبداع تظل هي الأصل، مع ضرورة مقاربة قضايا الفن، بمختلف أصنافه، على نحو هادئ ومن زاوية تزاوج، بذكاء خلاق، بين ضمان حق الناس في اختياراتهم المتنوعة ومراعاة الموازين المجتمعية القائمة، دون التخلي عن واجب العمل، بما قد تفرضه الظرفيات من تدرج، على إشاعة الأفكار النيرة والمستنيرة والاجتهاد من أجل تحويل هذه الأفكار إلى تقدم.
وأغتنمها فرصة لأحيي الحضور ذا البعد الإنساني الرفيع لاسم يرمز لهذه المسيرة المشتركة وهو الصديق والسينمائي الكبير مصطفى الدرقاوي شفاه الله . وأدعوكم أن تحيوه بحرارة.
لقد عمل حزبنا، ومازال يعمل، على ترجمة هذه المسيرة التاريخية إلى التزام عملي لخدمة قضية السينما في بلادنا، وذلك من مختلف المواقع التي يتبوؤها الحزب، سواء لما كان في المعارضة أو عند تحمله مسؤوليات الشأن العام عبر تواجده في الجهاز التنفيذي. وهكذا اجتهد وزراؤنا عند تحملهم مسؤولية القطاع المشرف على السينما في الدفاع عن هذه الأخيرة والعمل على تحسين ظروف أداء المهنيين، سواء على المستوى التشريعي أو المادي.
ولا أدل على ذلك من التطور الملحوظ الذي عرفه صندوق دعم الإنتاج السينمائي الوطني، الذي ارتفع، خلال تحمل الحزب للمسؤولية ذات الصلة ( 2002 2011)، بنسبة تجاوزت 100 في المائة.
هدفنا اليوم ليس أن نسرد عليكم كل هذا، بل لكي نؤكد لكم أن طموحنا أوسع وأشمل، طموحنا عنوانه البارز هو الحرص على مواصلة وضع السينما في مركز اهتماماتنا، اعتبارا لكونها إحدى رافعات بناء المجتمع المتفتح المتسامح الذي نعمل من أجله.
إنه، إذن، لقاء لتجديد الوفاء لمسيرة مستمرة وموفقة، إن شاء الله، بفضل عطائكم السخي، والتزامكم متعدد الصيغ والأشكال لصالح هذا الوطن وهذا الشعب الذي منه نستمد إلهامنا وطاقتنا.
بقي لي أن أقول إنني إذ أترك التقييم النقدي لأعمال لطيف لحو المتنوعة والثرية، بأجناسها وتيماتها، لذوي الاختصاص، أود أن أسجل ملاحظة تتمثل في كون فناننا اللطيف متعدد المواهب والإسهامات في مجال السينما، لكنه، في ما أعلم، لم يسبق له أن تقمص دورا كممثل.. وأفهم ذلك على أساس أنه خص نفسه بأداء دور رئيسي في الواقع المعيش، دور العمل بكل السبل الفنية والتقنية والتدبيرية لرفع شأن السينما في هذا البلد الأمين والوفاء لما يجمعنا وإياه من قيم نبيلة ومبادئ سامية.
أخي ورفيقي لطيف لحلو شكرا على هذه الأمسية الجميلة، ومزيدا من العطاء والتألق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.