يمكن القول إن موسم أصيلة الثقافي الدولي الذي اختتمت فعالياته أمس الخميس، من بين الملتقيات النادرة التي تحترم مواعيدها وتتحكم في المساحة الزمنية لمداخلات المشاركين بشكل يثير الإعجاب. وإذا علمنا بالعدد الهائل من الأدباء والمفكرين والفنانين الذين يلبون دعوة المشاركة في التظاهرة الدولية، سنصل إلى معرفة السبب الذي يجعل المسؤولين عن التنظيم حريصين على ضبط الوقت بالدقائق والثواني. أحيانا قد يركب أحد المتدخلين رأسه -إذا جاز التعبير- ويحاول اختراق هذا النظام، من خلال الإسهاب في إلقاء مداخلته، غير أن مؤطر الجلسة الفكرية أو الأدبية سرعان ما يتدخل ليضع حدا لذلك، حيث يكتب في قصاصة ورق أن المدة المسموح له فيها بالكلام تم تجاوزها، أحيانا لا يبالي صاحب المداخلة أو المتحدث بهذا التنبيه الذي تم تمريره تحت بصره بكل هدوء ولباقة، فيتم تذكيره بذلك عدة مرات من لدن مؤطر الجلسة، وتصل إلى سمعنا كذلك تصفيقات من القاعة، ويكون صاحب هذه التصفيقات في الغالب هو الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة محمد بنعيسى، يتوجه بها إلى المتدخل، ليس للتشويش عليه، بل لعدم السماح له بالشطط في استعمال الزمن. هذا الشخص نفسه، أي محمد بنعيسى، رأيناه كيف يقف على كل صغيرة وكبيرة في أنشطة الموسم، يدعو الجمهور إلى عدم الجلوس بشكل متفرق في القاعة، لأجل أن تكون الجلسة حميمية على حد تعبيره، يضبط الحصة الزمنية لكل متدخل ولا يتردد في التعبير عن احتجاجه بشكل مهذب، إذا تم تجاوز هذه الحصة. الزمن في ارتباطه بموسم أصيلة، كان حاضرا في النقاشات الجانبية، وبالخصوص في حفل تتويج الروائي التونسي حسونة المصباحي بجائزة الأديب الراحل محمد زفزاف، حيث تم استحضار البدايات الأولى لموسم أصيلة الثقافي، في السبعينات من القرن العشرين، والعديد من الذكريات المرتبطة بذلك، حيث لم يكن هناك لا إنارة كهربائية ولا ماء، وكان الأدباء المشاركون يجلبون الماء من البئر ويضيئون بواسطة الشموع، وهناك من أشار إلى أن الكاتب الإيطالي المعروف ألبرتومورافيا كان قد أتى إلى أصيلة ممتطيا عربة حمار. كما تم استحضار الأديب السوداني الراحل الطيب صالح الذي كان له حضور فاعل في هذا الموسم منذ انطلاقته إلى حد أن اسمه ارتبط بهذه المدينة بالذات، مدينة أصيلة، التي بالرغم من صغر مساحتها وإمكانياتها البسيطة، استطاعت أن تحتضن العديد من الأسماء المرموقة في عوالم الأدب والفكر والفن من داخل الوطن وخارجه. وكان المنتدى وفيا لهؤلاء الكتاب والمبدعين الذين رحل العديد منهم عن دنيانا، وتلك سنة الحياة، حيث عمل على إطلاق أسمائهم على مجموعة من الفضاءات والمؤسسات والحدائق والأزقة والشوارع. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته