لجنة الأخلاقيات توقف رئيس الماص عن ممارسة أي نشاط كروي    الجيش الملكي يقتنص تأهلا مثيرا لنصف نهائي كأس العرش على حساب أولمبيك الدشيرة    فتح بحث قضائي حول تعرض بعض المواطنين المغاربة للاحتجاز من طرف عصابات إجرامية ناشطة بميانمار    الأمثال العامية بتطوان... (599)    رئيس سلوفاكيا في حالة حرجة بعد تعرضه لمحاولة اغتيال    المالكي يستقبل أطفالا مقدسيين مؤكدا وقوف المغرب إلى جانب الفلسطينيين        القمة العربية ... السيد عزيز أخنوش يتباحث بالمنامة مع الرئيس العراقي    توقيع برنامج تعاون بين المغرب والصين في مجال تحديث الإدارة القضائية ورقمنة منظومة العدالة    سفر أخنوش يؤجل اجتماع المجلس الحكومي    هزيمة ثقيلة للمنتخب المغربي أمام إنجلترا    اختناق عشرات التلاميذ بالدار البيضاء    موريتانيا تحقق في تحطم طائرة عسكرية ومقتل طاقمها    الشرطة السويسرية تفض اعتصاما طلابيا    انتخاب المحامية كريمة سلامة رئيسة للمرصد المغربي لمكافحة التشهير والابتزاز    مزور تستعرض جديد "جيتكس إفريقيا" بالمغرب.. الصحة الرقمية والذكاء الاصطناعي    شاب يقدم على وضع حد لحياته داخل غابة بطنجة    من ضمنها المغرب.. واشنطن تحث دولا عربية على المشاركة في قوة متعددة الجنسيات في غزة    النصيري على رادار مدرب إشبيلية السابق    ما حاجة البشرية للقرآن في عصر التحولات؟    "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    نهضة بركان يشد الرحال غدا الخميس إلى مصر تحضيرا لنهائي كأس الكونفدرالية    "فيفا" ينظم أول نسخة لمونديال الأندية للسيدات    بعثة المنتخب الوطني المغربي النسوي لأقل من 17 سنة تتوجه إلى الجزائر    إضراب كتاب الضبط يؤخر محاكمة "مومو" استئنافيا    الدار البيضاء.. افتتاح الدورة الثالثة للمنتدى الدولي للصناعة السمكية بالمغرب    العودة إلى موضوع "شباب لا يشتغلون، ليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين"!    وسط "تعنت" ميراوي .. شبح "سنة بيضاء" بكليات الطب يستنفر الفرق البرلمانية    تطوان تستضيف الدورة 25 للمهرجان الدولي للعود    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار يتوقع نمو الاقتصاد المغربي ب3% خلال 2024    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية الباراغواي بمناسبة العيد الوطني لبلاده    توسيع 6 مطارات مغربية استعدادا للمونديال    موسم الصيف.. الترخيص ل 52 شركة طيران ستؤمن 2060 رحلة أسبوعية منتظمة تربط المغرب ب 135 مطارا دوليا        مدينة محمد السادس طنجة تيك تستقطب شركتين صينيتين عملاقتين في صناعة مكونات السيارات    بما في ذلك الناظور والحسيمة.. 2060 رحلة أسبوعية منتظمة تربط المغرب ب135 مطارا دوليا    التويمي يخلف بودريقة بمرس السلطان    دراسة: صيف 2023 الأكثر سخونة منذ 2000 عام    وفاة "سيدة فن الأقصوصة المعاصر" الكندية آليس مونرو    "الصحة العالمية": أمراض القلب والأوعية الدموية تقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    جمعية علمية تحذر من العواقب الصحية الوخيمة لقلة النوم    دراسة: الحر يؤدي إلى 150 ألف وفاة سنويا على مستوى العالم    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على أداء سلبي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    الفيفا يحسم موقفه من قضية اعتداء الشحات على الشيبي    الرئيس السابق للغابون يُضرب عن الطعام احتجاجا على "التعذيب"    قصيدة: تكوين الخباثة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    زنيبر: رئاسة المغرب لمجلس حقوق الإنسان ثمرة للمنجز الذي راكمته المملكة    وفاة عازف الساكسفون الأميركي ديفيد سانبورن عن 78 عاما    رجوى الساهلي توجه رسالة خاصة للطيفة رأفت    معرض الكتاب يحتفي بالملحون في ليلة شعرية بعنوان "شعر الملحون في المغرب.. ثرات إنساني من إبداع مغربي" (صور)    رسالتي الأخيرة    لقاء تأبيني بمعرض الكتاب يستحضر أثر "صديق الكل" الراحل بهاء الدين الطود    الأمثال العامية بتطوان... (598)    السعودية: لاحج بلا تصريح وستطبق الأنظمة بحزم في حق المخالفين    دراسة: البكتيريا الموجودة في الهواء البحري تقوي المناعة وتعزز القدرة على مقاومة الأمراض    الأمثال العامية بتطوان... (597)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اميلشيل...؟واقع يكذب خيال الاسطورة
نشر في بني ملال أون لاين يوم 26 - 04 - 2012


اميلشيل ......؟؟؟واقع يكذب خيال الأسطورة
الحقيقة المرة :
اميلشيل في حقيقتها الواقعية ليس لها أي علاقة بحكاية اميلشيل الأسطورية كما أنها لا تشبه نهائيا ما يقال عنها من خلال صور الاعلام الرسمي التي تسلط عليها مواصفات افتراضية تقول بوجود نهوض وتنمية وانشغال عميق بالقطاع القروي من طرف المسؤولين وهو ما لم نلمس له اثرا عند عبورنا من المنطقة والانصات الى معاناتها التي تؤكدها شهادات أهلها وملامحهم ومعاناتهم في كل أيام الله حين لا تغطي ذالك بهرجة الرسميين
اميلشيل دائرة كانت تابعة اداريا الى وقت قريب لاقليم الراشيدية وتقرر أن تصبح تابعة لعمالة ميدلت المحدثة أخيرا .تغيير التبعية الادارية هذا قد لا يفيد البلدة في شيئ ما دام أن عمالة ميدلت بدورها قد حكمت عليها الأقدار بأن تعيش الركود والبؤس والكثير من اللا معنى منذ أن توقفت مناجم أحولي وبويبلاضن عن توفير الشغل للناس وتفعيل الحركية الاقتصادية بالمنطقة
فلعنة عدي وبيهي وحكاية عصيان تافيلالت لا تزال قائمة ولخلفياتها السياسية أكثر من تأثير مما يجعل هذه المناطق تعيش دائما التهميش والاقصاء والمعاناة التي لا تنتهي
زائر امياشيل له أن يختار بين منافذ عديدة للوصول إلى الأعالي التي اختارتها الأقدار كمسكن أبديي يصلح ربما لنسج الحكايات المثالية والأساطير فقط لكنه لابد أن يتعب بلا شك من يختاره مجالا للعيش اليومي
المنفذ المألوف للزوار هو الذي يعبر من الريش الا أن طرقا أخرى توصل الى نفس المكان انطلاقا من القصيبة مرورا بطريق تيزي نيسلي الوعر أو بخنيفرة بعد عبور أغبالة نايت سخمان ويبقى للقادمين من جهة الجنوب معبر تينغير مرورا بمضيق تودغا الذي يحتاج الى اصلاحات كثيرة ليحقق فعلا الشعار الرسمي القائل بفك العزلة عن العالم القروي والمناطق النائية ولأن الاختيار ضروري فان الانطلاق من خنيفرة عبر أغبالة والاتجاه نحو تينغير بعد محطة اميلشيل يسمح باكتشاف مغرب آخر قد يحمس كثيرا اكتشاف السياحة من الأجانب الذين يثيرون الكثير من الغبار والذي لا بد لأي مسافر مر عبر هذا الطريق أن يستنشقه بعد أن تجعل منه عجلات سيارات الدفع الرباعي والدراجات النارية المتطورة غمامات لا تنتهي
سحابة الغبار هاته جزء من سحر السفر في الجبال حسب أحد الأجانب إلا أنها بالنسبة الى أهالي البلدة احدى علامات التهميش وهو ما يتأكد اكثر وسط مركز اميلشيل حيث لا شيئ يذل على الصورة الحالمة كما ترسمها أسطورة ايسلي وتسليت وصور الاعلام الرسمي .
سوق اللغا :
الوصول الى اميلشيل يوم السبت الذي هو موعد السوق الاسبوعي يعني أن تتعرف أكثر على حقيقة ما يعيشه الناس خاصة أولائك الذين يقطنون في نقط بعيدة من اميلشيل المركز حيث تكون الشاحنات البيدفوردية العتيقة الوسيلة الأساسية والوحيدة لنقل الناس والذواب والسلع معا باكرا للتسوق والعودة بهم قبل انقضاء اليوم
سوق السبت لا يدوم الا ساعات قليلة وكل من يأتي اليه قادم من بعيد بالضرورة وعدم الحضور في موعد انطلاق الشاحنة يعني البقاء حيث أنت لأسبوع آخر .
السوق الذي صادفناه كان شبه خال بعد أن قاطعه التجار لان جماعة اميلشيل أقرت زيادة في الصنك لم يكن في استطاعة الناس أداؤها فعوض الاثمنة المألوفة قرر المسؤولون هناك احتساب الثمن حسب المساحة وهذا ما جعل الأثمنة تتفاوت لتقفز من دراهم معدودات الى خمسون 50 درهما أو حتى أكثر بالنسبة للبعض الأمر جد طبيعي ومطابق كما ينص عليه القانون حسب تصريحات رئيس جماعة اميلشيل المركز ,إلا أن ذالك أعتبر مرفوضا وغير مفهوم بالنسبة الى كل من سألناه يومها ,بل إن الأمر أعتبر مرفوضا البتة وغير معقول بالمرة حسب تصريحات محمد بائع الخضر الذي أدى خمسين 50 درهما في الصنك وهو ما يحصل عليه بالضبط كربح من تجارته خلال السوق ومايبقى له بعد ذالك يضيف محمد هو تعب الاستيقاض باكرا والبيع طيلة اليوم
يضيف محمد عمي أدى مبلغ 150 درهما وهذا عبث لدى طلبت منه أن يأخد وصلا عن المبلغ المؤدى حتى نتمكن من متابعة المسؤولين عن الجماعة أمام العدالة
وضعية سوق السبت ذالك اليوم كانت تشبه أجواء تلقي العزاء فالناس جاؤوا من أيت اعمر وأنفكو وتونفيت وأكدال وتيلمي _أقديم, وبوزمو وأيت علي ويكو- السونتات ........لكنهم لم يجدوا ما يأخدوا معهم من احتياجات خاصة كالسكر والزيت والشاي ....فعوضوا ذالك بتجمعات صغيرة وسط السوق أو بجانب الشاحنات التي من المفترض أن تعيدهم الى بيوتهم بعد الحادية عشر صباحا .
راج أن المسؤولين قرروا التراجع عن قرارهم فتحلق البعض حول أحد باعة التمور وهو ما فعله البعض الآخر مع صاحب شاحنة تحمل أحجارا لونها بين الأبيض والأحمر عرفنا بعدها أنه الملح الذي تم شحنه من منطقة أيت هاني ليباع بدرهم واحد للكيلوغرام بائع : تيسنت ( الملح بالأمازيغية ) حدثنا عن منافعه الكثيرة للحيوانات وعن ضرورته لتسمين الأبقار وعلاجها من أكثر من مرض وعن فاعليته التي تضاهي فاعلية الدواء الكميائي وكان أن شهد بصحة كلامه كل من وقف بيننا من من المتسوقين ففتح هذا الحديث شهيتي لاقتناء ما يكفيني حتى الموسم القادم عسى أن أعفي ذاتي من الأدوية وتكاليف العلاج السنوي.
الحميمية هي ما يميز كلام المجتمعين حول بائع التمور التي تم عجنها بطريقة تبدو مقرفة الا أن الشعور بالقرف ناتج عن عدم التعود عليها فقط , يقول البائع انها الوجبة الأهم للناس في السوق وفي باقي الأيام والأهم أن وجودها في السوق سمح للناس بالتحلق حولها لتبادل الحديث في يوم خصص للتسوق في أصله الا ان قرار الزيادة في ثمن الصنك حوله الى سوق اللغا لهذا كان من الضروري لمن كانت لديه الامكانيات أن يتوجه في يوم الغد الى تنغير أو الريش لتوفير بعض الاحتياجات الضرورية أما من لم يكن له حيلة فسيكتفي بالحكي عن ذكر السوق الذي لم يعمره سوى بائع الملح وبائع التمور وحديث المتسوقين عن لا عدالة المسؤولين وعن محنة يوم السوق وباقي أيام السنة
المحنة هي الأصل :
تحيل الأسطورة الوحيدة في الثقافة الأمازيغية المغربية والمرتبطة باميلشيل وهي أسطورة ايسلي وتسليت على دور المحنة في خلق المعني والمقصود الأصلي هنا هو معنى العاطفة والعشق ولتفسير هذا الارتباط الخرافي والأصيل للناس ببلدتهم المرمية في أعالي الأطلس الكبير نحتاج بالضرورة الى التأويل الأسطوري والى الأسطورة نفسها وهكذا يكون القبول الجميل بالانتساب الخاص الى الجبال وتأصيل ذالك عبر رفض صيغ التنميط للسلوكات والعلاقات ونمط العيش ومواجهة قدر التهميش بالصمود وتمتين الكرامة الذاتية .....
أشياء من صميم الأسطورة أو بعبارة أصح صيغة لاعادة انتاج المعاني الأصيلة للعشق خاصة عشق الأرض باعتبارها الرحم الأولي التي تحمي الناس من الانهيار.
لا شيئ في ايميلشيل يؤكد على ما تريد أن تقنعنا به الشعارات الرسمية من قبيل تنمية العالم القروي وفك العزلة وتقريب الادارة من المواطن.....بل لا شيئ يؤكد أن التصنيف التجبري الحقدي الذي يميز بين المغرب النافع والمغرب الغير النافع قد زال أو تقلص وهذا ما كشفه لنا الانصات الى كلام الساكنة
قلص التهميش التاريخي للمنطقة من أحلام أهلها بشكل كبير فأصبحت الحياة عندهم هي ما يوفرونه بأنفسهم كما أصبحت مطالبهم محصورة في أشياء بسيطة للغاية لكن عدم توفرها يجعلها تشبه سابع المستحيلات وهكذا تحدث كل من صادفناه عن مطلب مركزي وأساسي تمثل في توفير عدلين وقاض لتوثيق عقود الزواج وعقود البيع ....وتفهم قيمة المطلب حين يبين ذالك قول سعيد : ان عدم وجود قاض للتوثيق والعدول الموثقين يدفع الناس الى السفر نحو قبلة الريش وهذا التنقل يثقل كاهل العديد من الناس الذين يعيشون على حافة الحياة ولا يمتلكون الامكانيات للاستمرار في العيش البسيط فبالأحرى اضافة مصاريف التنقل والسفر بعيدا بحثا عن عدول أو قاض
انه الاحتياج الذي أكده رئيس جماعة اميلشيل وجماعة بوزمو كذالك .يشير بدوره الى أهمية هذا المطلب فيقول : ان الواقع في اميلشيل يفضح الخطابات الرسمية لأن ما نعيشه هو ابعاد الادارة عن المواطن وليس العكس كما في شعارات الدولة وهو جزء فقط من معاناة الناس أما باقي أوجه المحنة فتتجلى في أشياء عديدة منها عزلة المنطقة طيلة أشهر البرد وتساقط الثلوج وعدم وجود بنيات تحتية داخل المركز وغياب شبكة الصرف الصحي وعدم تجديد ما هو موجود ومتقادم وقلة الموارد البشرية بالمستوصف ان لم نقل عن انعدامها بالمرة حيث يوجد طبيب واحد لكل الساكنة
احياجات المنطقة تتجلى كذالك في نضر بعض الشباب في غياب كل ما يسمح بالحديث عن التنمية والاهتمام بالشباب وبعامة الناس فالاحساس الوحيد لدينا جميعا هو أن المنطقة خارجة عن انشغالات كل المسؤولين
هذا الموقف لم يكن مستساغا من طرف رئيس جماعة اميلشيل الذي قال: ان جماعتنا فقيرة للغاية لكننا نقوم بما هو في استطاعتنا وحسب ما يتوفر لدينا من امكانيات واكثر من هذا فنحن نطرق كل الأبواب وقد وقعنا عقود شراكة مع المجلس الاقليمي ومجلس الجهة وأطراف أخرى بغية بناء قنطرة لفك العزلة عن دوار ابوخننان كما تم تحقيق مشاريع هامة منها أساسا تهيئة الطريق بين اميلشيل وتنغير والأشغال جارية في الطريق بين اميلشيل وتونفيت اضافة لهذا فقد تمت كهربة العديد من الدوواوير وتم كذالك اصلاح ملعب كرة القدم لكن هذا لا يعني أن احتياجات الناس قد توفرت كلها , ما يجب أن يعرفه الجميع هو ان الارادة متوفرة ويمكن لتعاون الجميع أن يخدم المنطقة أكثر كما أننا لا يمكن أن نحقق كل المطالب دفعة واحدة
قد لا تظهر آثار مبادرات ما قد تكون الجماعة قد قامت به باميلشيل لكنها تبرز أكثر لمن عاش طويلا بالمنطقة الا أن المرور بالمكان فعلا يؤكد أن المنطقة خارج المشاريع التنموية الحقيقية والتي لا يمكن لميزانية ضعيفة تقوم على المساعدات ومنح الدولة كميزانية جماعة اميلشيل أن تحققها لكن وبالاضافة الى ذالك فالتسيير الجيد محليا يقول أحد الجمعويين لا يتجلى في الواقع برأي أهل البلدة لأن ما تحقق في المكتب الحالي هو بناء السوق الذي رصدت له ميزانية لا بأس بها لكنه سرعان ما تهدم بعد اصطدام شاحنة به ,أكثر من هذا فاميلشيل بدون دار للشباب وبدون مرافق عديدة تعد ضرورية لحياة الناس في قرننا الجديد بل اننا حتى بدون شبكة حقيقية للصرف الصحي وما زال الكثير منا يدعو زواره لقضاء حوائجهم في الهواء الطلق أما نحن فقد تعودنا على ذالك
نفس الامر يقول عن الكهرباء حيث لم تستفد منه كل الدوواوير وهناك منها من يعاني لايجاد الماء الصالح للشرب والمناطق التي تعاني أكثر هي المعزولة من قبيل : أولغازي واقا نوانين وتاسكونت وأيت عمر
ما يقال عن المناطق التابعة لجماعة اميلشيل يقال عن دواووير عديدة تابعة لبقية جماعات دائرة اميلشيل مثل جماعة أتربات وجماعة أموكر وجماعة أيت يحيى وجماعة بوزمو حيث الحياة في الدرجة الصفر
الحياة في درجة الصفر :
على الرغم من تشابه وضع جماعات دائرة اميلشيل فجماعة المركز تبدو أكثر حضا لأن بها مجموعة من المحلات التجارية وبعض الادارات وملامح دالة على المدنية في بعض سماتها وهذا ما ينعدم بالمناطق الأخرى في باقي الجماعات التي تعيش اكراهات مادية ومناخية صعبة وكمثال على ذالك نذكر جماعة بوزمو المشهورة بسوقها السنوي الذي يقام بجانب ضريح الولي سيدي أحمد ألمغني تقديرا لكرامته وقيمته عند اهل المنطقة وهو ما كان يتعارف عليه بموسم الخطوبة قبل أن تتغير تسميته ليصطلح عليه حاليا بمهرجان موسيقى الأعالي والذي يشرف على تنضيمه معهد طارق بن زياد للثقافة الأمازيغية واليه يعود الفضل حسب رئيس جماعة بوزمو في التعريف بكل المنطقة
دوواوير بوزمو تبدو وكأنها تنتسب الى مغرب آخر انقرض مند مدة في نظر أهل المركز وتبدو في حاجة ماسة الى كل شيئ لكن قناعة الناس الخارقة جعلتهم يقبلون بعيش في الدرجة الصفر
فمجموعة من هذه الدوواوير تعيش عزلة حقيقية وقت الشتاء وذالك ما يبينه وضع أهلها وبساطة منازلهم ولباسهم وقلة امكانياتهم كما لو أنه قذف بهم هاهنا عقوبة لهم عن ارتكابهم للخطيئة الكبرى
أسماء الدوواوير لا يحفضها الا أهلها ولايمكن للاعلام الرسمي ان يتذكرها الا عندما تحل بها كارثة ما
فتيسيلا واحوضيكن وألمغو وأقديم وتيماريين وأيت عمر تسميات لتجمعات من هذا المغرب التي تعيش الاهمال والمعاناة وما تزال تصارع لتحقيق ما هو اوليات في الحياة ,فمن هذه الدوواوير من لم يتوفر له الماء الصالح للشرب ومنها من لم يربط بشبكة الكهرباء خاصة منطقة أزغاريرس ,والناس تعيش هنا على فلاحة جد بسيطة وعلى تربية بعض رؤوس الأغنام والأبقار والمحضوض من شبابهم هو من انفتحت له أبواب السماء ووجد فرصة للشغل الشاق في إحدى المدن المغربية
وما يبدو كحاجة ملحة واستعجالية للمنطقة هو بناء بعض السدود التلية وبع ض القناطر والسواقي بالاضافة الى المطلب المركزي لكل المنطقة وهو كما أشرنا سابقا توفير عدلين وقاض للتوثيق ومن الطبيعي كذالك أن يكون توفير مستوصفات وتجهيزها وتصحيح وضعية التعليم صيغا لتحسيس الناس بعدم تهميشهم اذ ليس من المعقول بمكان أن يحمل شخص الجنسية المغربية ويتكلم اللغة ويدين بالدين ويوفي بالبيعة ويخلص لله والوطن والملك ويعامل بهذا الشكل أو يعيش في بيئة جحيمية كهاته
والذي بامكانه أن يرفع التهميش قد لا يمكن تحديده نهائيا. تفهمك حكايات شباب رعاة من تفروين ان معنى الحياة قد انمحى عندهم بسبب أقدار جعلت حدو وهو شاب في السابعة عشر من عمره و حساين 16سنة وحمو 18 سنة يعيشون في الدرجة الصفر للحياة فالثلاثة يشتغلون برعي الأغنام بعيدا عن منازلهم وعن عائلاتهم بكيلومترات –يبيتون في جحور وتحت الحجارة ويفترشون الأرض فيما تبقى ماشيتهم بجانبهم وفي الصباح الباكر يستيقضون قبل طلوع الشمس فيهيئون أكلهم الوحيد وهو الخبز والشاي ليغادروا بعدها إلى فظاءات الرعي
هناك يجتمع الثلاثة من جديد يغنون ويمرحون أحيانا لقتل الوقت وحين يغالبهم الجوع يبحثون عن نوع من النباتات يأكلونه
حين التقيت بهم كان كل واحد منهم يحمل في يذه حزمة من نبات اصفر اللون وكان مذاقه مرا للغاية لكنهم كانوا متشبثين بأكله لنسيان مذاق الشاي الذي تركوه في جحورهم
يقول أحساين : ما نعيشه نحن الثلاتة ليس له أي علاقة بحياة الإنسان فالرعي والعيش بهذه الطريقة التي لا معنى لها ليس اختيارا شخصيا بل هو قدرنا وقدر كل من يعيش مثلنا والذي ألزمنا بمغادرة الدراسة وعدم هجرة البلدة ......يسميه حدو قدر الله أما سي محمد زروال وهو أستاذ من المنطقة فسماه التهميش والتحقير المخزي الممنهج للمغرب الغير النافع وأهله وساكنته والذي يتضخم بسبب قسوة الطبيعة وفقر الناس وهكذا تكون حياتهم منذورة للمحنة والمعاناة يتحدث عنها الجميع وتعلنها وقائع الحياة بشكل دائم
وأخيرا آتي للحديث عن هذر الحقوق وسلبها من أصحابها فأورد لكم على سبيل المثال لا الحصر نموذج جدي الشيخ المكافح والمعروف من أبناء المنطقة الذين يشهد لهم الصغير قبل الكبير عن وطنيتهم وإخلاصهم وسخاء منقطع النظير انه : زايد أموحى أعتال يناهز عمره الثمانين سنة أو أكثر أب ل12 شخص 4اناث و8ذكور كلهم تزوجوا ورزقوا بأبناء ليبقى الجد صامدا منتصبا لا يزال يرعى الحفدة الصغار
جدي هذا كان قد تعرض لحادث سير مؤلم أصيب خلاله بكسور على مستوى ساقه الشيئ الذي تسبب له في عاهة مستديمة فكان أن حكمت له المحكمة بالراشدية بمبلغ مالي قدره 80000 درهم كتعويض عن ما أصابه نظرا لكون الشاحنة التي تسببت في الحادث منعدمة التأمين لكن المحامي الأستاذ محمد الأنصاري بهيئة مكناس وكان قد انتدبه جدي للدفاع عن حقوقه وتمثيله أمام هيئة الحكم تلاعب بالقانون من هنا وهناك حارما جدي الشيخ من تسلم المبلغ المذكور مع العلم أن نسخة الحكم كانت صريحة للغاية في هذا الباب وبينت في حكم استئنافي نهائي استحقاق جدي للمبلغ المذكور وبالرغم من مجموعة من المحاولات التي قام بها والتي تجلت من خلال جملة من مراسلة مجموعة من الجهات المختصة إلا أنه لم يجد أدنا صاغية لكل شكاياته ليكون بذالك نموذجا من ألف وخير مثال على ما تعانيه ساكنة هذه المناطق من المغرب الغير النافع كما أريد لها إن تكون
إن المتأمل في حال ما أوردته اليوم لتدمع عينه ويتقطع قلبه حزنا وألما على أناس ومناطق أريد لها أن تعيش حياة التهميش واللا معنى وأن تؤدي ثمن تمرد أبناء لها على أهل فاس صناع القرار في مغربنا الحبيب هؤلاء الذين ضل حقدهم دفينا لعقود وعقود وان انتقام الماضي لهو ما نلمسه واقعا معيشا اليوم .
وإنني لأتأسف بالغ الأسف وأنا كاتب هاته الأسطر والمشرف على هذا التحقيق عندما تخالجني ذكريات الصبى بأبيات للشاعر البلغيتي وهو يتغنى ويفتخر بجبال الأطلس ومناظره والتي يعتبر اميلشيل واحد من ابرز لوحاته الرائعة والمعبرة بحق والشاعر يتغنى ويقول :
إن سمعتم أهرام مثر ففينا ذالك الأطلس ليس يرضى
مشمخر لمجده شرفات لبست من برانس الثلج بيضا
وكأن القصور فيه نجوم أمنت من تطاول الدهر نقضا
فأين نحن من هذا الأطلس الذي تحدث عنه الشاعر البلغيتي ؟؟؟ وما هو واجبنا كذوي الضمائر الحية وكمؤسسات وجمعيات حقوقية واجتماعية ومسئولين تجاه هذه المناطق من مغربنا الحبيب؟؟؟؟؟؟؟
والى أي حد ما يا ثرى أنصفنا تلك الفئات الاجتماعية المعوزة التي تقطن هذه الجبال الوعرة المسالك؟؟؟؟؟
أسئلة عديدة تطرح أكثر من علامة للاستفهام وأفسح بذالك المجال أمام الرأي العام الوطني وكذا المؤسسات والهيئات المختصة والمعنية لتعطي بدورها الجواب الشافي لأكثر من سؤال
أقولها وبصريح العبارة ومن هذا المنبر بغير خوف ولا حزازة في النفس : الخبر مقدس والتعليق حر
علي بوعا : المسؤول التقني والفني بجريدة المدينة
*
تحقيق نشر على صفحات جريدة المدينة في عددها:06 الخاص بأكتوبر _نونبر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.