إعفاء محمد أوزين، هو صك إدانة صريحة، سياسية وإدارية، له لا غبار عليها، حيث ان التقرير الذي أعدته الجهات المكلفة رصد بدون شك تلك الملايير التي تم هدرها لتحويل المغرب إلى " نكتة" تمت عولمتها. أن يأتي رئيس الحكومة، لتغليط الشعب والرأي العام في كلمته الافتتاحية اما مجلس الحكومة الاخير، معتبرا طلب الإعفاء شجاعة سياسية، هو عبث في عبث.... وضحك على الذقون، واستخفاف "بالذكاء" المغربي..
المغاربة حينما صوتوا على دستور 2011، صوتوا على أهم مبدأ فيه هو ربط المسؤولية بالمحاسبة، ونخشى ألا تكون لعبد الاله بنكيران الشجاعة الكافية لفتح تحقيق في النازلة، خوفا على انفراط عقد أغلبيته، وإحالة الملف على القضاء تفعيلا لمبدأ ربط المسؤولية بالحساب. فهل ننتظر معجزة تخرج رئيس الحكومة من "لغة الخشب" والكلام الإنشائي ليظهر للمغرب فعلا أننا نعيش مرحلة جديدة، "لّي حصل أودّي" أم أنه مرة ثانية، سيخذلنا مرددا مقولته "عفا الله عما سلف".
سيدي ....كما يقول المثل المغربي "لي بغى يجود يجود من ديال باه"، والملايير التي أهدرت عبثا هي مال الشعب، الذي بوّأك الصدارة في الانتخابات البرلمانية، هو الشعب نفسه الذي طلعت عليه في الحملات الانتخابية، ترفع شعار"محاربة الفساد" آسيدي، حارب "غير الفساد لي في جنابك"، وابدأ من الذين تبث في حقهم تبديد أموال عمومية.
أتذكر حين تساهلت في فاتورة "الشوكلاط"، وجعلت مال الشعب "سايب"، واسترخصت بعض الملايين من المال العام فها هي النتيجة، هدر وتبديد لملايير كان بإمكانها أن تصب في مشاريع كبرى تعود على البلد خيرا.
الآن ترتفع أصوات من المجتمع المدني وفعاليات مختلفة، ومواطنين ومواطنات عاديين، يطالبون بتفعيل مسطرة المحاسبة، وإحالة تقرير التحقيق على القضاء، فهل ستلوذ بخلوة وتقرأ "اللطيف" وتغلق منافذ السمع،...؟ طبعا، لن يحل المشكل تجاهل الأصوات التي ارتفعت،عند مغاربة ذاقوا طعم الحرية، ولم يعد بإمكان لغة "زايد ناقص" عند بعض المسؤولين أن تردعهم.... فلتكن لك الشجاعة إن كنت فعلا زاهدا في السلطة، غير خائف على كرسي السلطة، وفعّل مبدأ المحاسبة، و أحِل هذا الملف على القضاء.
اعتقد أن الخبر قد وصلك بأن الأجهزة الأمنية ضربت طوقا على "أرشيف" وزارة الشباب والرياضة، ومنعت خروج أي وثيقة، ووصلك خبر تعيينات وإعفاءات أوزين الأخيرة.. فعلا، الرجل يملك من الشجاعة النادرة والسياسية ما يجعله يقدم على أمر مثل هذا في الساعات الأخيرة من استوزراه، فهل ستستجيب للمطلب الشعبية بمحاسبة أوزين، أم أنك ستغرس رأسك في الرمال كالنعامة....أو تنزوي في خلوة لقراءة "اللطيف"..
إن لم تفعل، خسرت دنياك وآخرتك، لكن خذ المبادرة قبل أن يأخذها من لا مصلحة له أعلى غير مصلحة الأمة.