حلّ العيد حزينا موشحا بالسواد ويترنح مثقلا بجراح الغدر و التكالب. يمشي الهوينى نحو حتفه و تلوك الألسن إسمه عقب كل لقاء، فيضطر أن يبتسم مجبرا. جاء العيد عبسا مكفهر الوجه و ذبول أحمر الدماء يغطي ثيابه، أراد ان يغيب و يعتذر لكن تعاقب الأيام و العادة فرض عليه المديئ، كعاهرة تضرب موعدا مع زبون فيفاجأها دم الحيض ، فتخيره بين الدفع أو الإنتظار. لا تهنئوني بالعيد: فقد دسست يدي تحت وسادتي و لم أعثر على ملابس جديدة كما السابق، فوالدي لم يشتري لي السروال و القميص اللذان كانا لا يفارقن يدي حتى أرتديهما. منظر الجثت و أشلاء الأطفال يجعل طعم العيد مقززا، فليس من حقنا أن نفرح. فشرف الإنسانية يفرض علينا أن نفرح جميعا . صوت الرصاص و هو يعلن عن سمفونية موت المسيحين يصيب العيد بقرحة المعدة، فليس هناك عيد تشتم فيه رائحة الفناء عوّض رائحة الشواء. وطني لا يعرف العيد، يعرف فقط توالي مضاجعيه و مدنسيّ شرفه. فالوطن أبقى من الفرح على الوطن اولا ان يفرح ، و سروره ينتقل إلينا. ليس لي حبيبة تنتظر زوال رمضان بلهفة الشوق إلى الإرتماء في أحضاني، ولا خليلة ستؤنس وحدة ليلة العيد لهذا لا تباركوا لي بل أدعوا لي بأن اعثر على واحدة قبل مجيء عيد آخر.