باحثة: الضحك يقدر يكون وسيلة واعرة لعلاج الناس    عندها الزهر لي كيهرس الحجر.. مرا ربحات 2 مرات فالقمر فقل من 3 شهر    دعوة من بيت الذاكرة لترسيخ التنوع الثقافي من أجل إشاعة قيم السلام    الإنتحار أزمة نفسية أم تنموية    سيدات مجد طنجة لكرة السلة يتأهلن لنهائي كأس العرش.. وإقصاء مخيب لسيدات اتحاد طنجة    الأرشيف المستدام    اعتصامات طلاب أمريكا...جيل أمريكي جديد مساند لفلسطين    العفو الملكي    شحنة كبيرة من الكوكايين تستنفر أمن طنجة    رأي حداثي في تيار الحداثة    دراسة مواقف وسلوكيات الشعوب الأوروبية تجاه اللاجئين المسلمين التجريد الصارخ من الإنسانية    دراسة أمريكية: السجائر الإلكترونية قد تسبب ضررا في نمو الدماغ    طقس الإثنين.. أجواء حارة وأمطار خفيفة ببعض مناطق المملكة    التضامن يعلو مجددا في طنجة .. مسيرة للتذكير بمأساة غ.زة    دراسة حديثة تحذر المراهقين من تأثير السجائر الإلكترونية على أدمغتهم    يوسف النصيري دخل تاريخ إشبيلية مع أحسن 10 هدافين دازو عندهم    النصيري يعاقب "غرناطة" بهدف جديد    رئيس جمهورية غامبيا يستقبل المدير العام للإيسيسكو في بانجول    الفيدرالية المغربية لناشري الصحف تنتقد تدبير قطاع الاتصال..وتنبه لوضعية المقاولات الصغرى والجهوية    الزمالك يحدد موعد الوصول إلى بركان    "عكاشة" يكذب محاولة "تصفية سجين"    حسنية أكادير تنفي حصولها على منحة 15 مليون من الرجاء    المغربي اسماعيل الصيباري يتوج بلقب الدوري الهولندي رفقة إيندهوفن    البرتغالي گيريرو غايب على البايرن فماتشها ضد الريال    نتانياهو سد "الجزيرة" فإسرائيل    النقابة الوطنية للعدل تدعو إلى إضراب وطني بالمحاكم لثلاثة أيام    نتنياهو يريد بقاء حماس في السلطة، "ودوافعه الخفية كُشفت" – جيروزاليم بوست    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    "فنون شعبية على ضفاف درعة".. وثائقي يسلط الضوء على التحولات التي شهدتها فنون زاكورة (فيديو)    وزارة الثقافة تسعى لحماية "شباب التيكتوك" من الانحلال الأخلاقي    فيلم "من عبدول إلى ليلى" يفوز بالجائزة الكبرى لمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط        مؤتمر القمة الإسلامي يؤكد رفضه التام للمخططات الانفصالية التي تستهدف المس بسيادة الدول    وصل لأعلى مستوياته التاريخية.. التداول النقدي فات 400 مليار درهم    موجة حر مرتقبة بمناطق في المغرب    المغربية آية العوني تتوج ببطولة أنطاليا لكرة المضرب    جواد مبروكي: الحمل والدور الحاسم للأب    منظمة تدعو لفتح تحقيق في مصرع عامل بمعمل تصبير السمك بآسفي    لشكر زعيم الاتحاد الاشتراكي: الشعب الجزائري يؤدي الثمن على دفاع نظامه على قضية خاسرة والعالم كله يناصر مغربية الصحراء    قتلى ومفقودون جراء فيضانات البرازيل    المغرب يسحب أول دفعة من قرض 1.3 مليار دولار من صندوق النقد الدولي    المكتب الوطني المغربي للسياحة غيربط غران كاناريا بورزازات مع شركة بينتر للطيران    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    نشرة إنذارية.. موجة حر مرتقبة من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المملكة    "نوستالجيا" تحصد جائزة الجم للمسرح    حقيبة يد فاخرة بسعر سيارة .. استثمار ذو وزن    برنامج دعم السكن ومشاريع المونديال تنعش قطاع البناء خلال اوائل 2024    برلماني يسائل وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات..    هل زيادة 1000 درهم في الأجور قادرة على مواكبة نفقات الأسر المغربية؟    ڤيديوهات    الفنان الجم يكشف حقيقة إشاعة وفاته    وضعية الماء فالمغرب باقا فمرحلة "الإنعاش".. نسبة ملء السدود وصلت ل32 فالمية وبدات فالتراجع    قلعة مكونة تحتضن الدورة 59 للمعرض الدولي للورد العطري    طنجة.. مهرجان "هاوس أوف بيوتيفول بيزنيس" يرفع شعار الإبداع والتلاقح الفني    الأمثال العامية بتطوان... (589)    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقالة الدكتور حسن أبو طالب والمنطق المعكوس
نشر في السند يوم 01 - 05 - 2010

عند عودتي من رحلة علمية في الخارج قرأت باهتمام مقالة الدكتور حسن أبو طالب بجريدة الأهرام بعنوان "أي تهديدات إسرائيلية لسوريا؟"( الأهرام يوم 28 أبريل, 2010 صفحة 10) والتي يبدى فيها حرصه على الأمن القومي العربي وأمن سوريا ولبنان بشكل خاص كما يذكر إيران وتحالفها مع سوريا دون أن يسب إيران أو يسب هذا التحالف كما هو مألوف في الصحف الحكومية المصرية. ولابد في هذا الإطار أن أحيي سيادته على كل ذلك. وهو وفى نفس المقالة يطلب من سوريا وقوى المقاومة أن تراجع موقفها وأن تعود إلى معسكر "السلام والاعتدال العربي".
والحقيقة أن هذا المطلب يمثل قمة المنطق المعكوس, فبعد أن أنفضح الفشل الذر يع لمعسكر "السلام والاعتدال العربي" بعد أن أتضح أن أطماع الكيان الصهيوني تفوق أقصى درجات قدرة هذا المعسكر على الأستلام كما أنكشف تماما عدم رغبة الولايات المتحدة على رفض هذه الأطماع الصهيونية, كان المفروض في إطار المنطق غير المعكوس أن يطلب الدكتور من معسكر "السلام والاعتدال العربي" أن يترك طريق الاستسلام والانضمام إلى, أو على الأقل دعم, طريق المقاومة وقوى المقاومة. ولكن يبدو أن مصير الأنظمة العربية, خصوصا تلك التي عقدت اتفاقيات رديئة جدا مع النظام الصهيوني وأر تكبت جريمة الاعتراف به لا تستطيع التراجع عن هذا الطريق, بل كلما واجهت مقولاتها وسياساتها الاستسلامية الفشل فإنها تبتكر مقولات أكثر بؤسا للاستمرار في هذا الطريق الرديء والمعادى لأي شكل من أشكال التحرر وكل قوى التحرر وعلى رأسها شعوبها , المضار الأول من هذا الاستسلام للاستعمار والصهيونية.
والحقيقة التي تؤكدها كل الحوادث التاريخية أن أداء الأنظمة العربية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية كان ولازال رديئا للغاية رغم كل الإدعاءات الكاذبة, بدئا من قبول قرار التقسيم الظالم جدا( مع كثير من القوى الأخرى مدعية التقدمية مع الأسف), مرورا بدخول الجيوش العربية بإدعاء طرد العصابات الصهيونية والذي انتهى بهزيمتها وفضائح الأسلحة الفاسدة وضياع المزيد من أرض فلسطين وتشريد أهلها. وبعد ذلك شاهدنا كارثة هزيمة يونيو 1967 والتي أضاعت ليس فقط الأراضي الفلسطينية الباقية في غزة والضفة الغربية بل أيضا استيلاء الصهاينة على سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية ثم اتفاقيات كامب ديفيد الرديئة جدا( رجاء الاطلاع على مقالة فاروق جويدة بخصوص ذلك في جريدة الأهرام اليومي العام الماضي والعديد من المقالات الممتازة للأستاذ محمد سيف الدولة حول حقيقة هذا الاتفاقيات الرديئة جدا والتي تصل إلى درجة الخيانة) وقد أرتبط بهذه الاتفاقيات الرديئة أيضا جريمة أخلاقية, وليست سياسية فقط, وهى جريمة الاعتراف بالكيان الصهيوني , الاعتراف بهذا الاستعمار الأستيطانى العنصري النازي. والآن نرى بأم أعيننا تصهين أنظمة عربية وتحالفها مع الكيان الصهيوني وحليفته الكبرى الولايات المتحدة ومعاداة كل من يعاديهم حتى لو كانت دولة أسلامية شقيقة مثل إيران أو حركة مقاومة وطنية شريفة مثل المقاومة اللبنانية.
نحن في الوطن العربي نواجه فساد لا يوصف وإدعاءات كاذبة بالديمقراطية وتفريط في المصالح الوطنية للحفاظ على المصالح الشخصية والادعاءات الفجة التي تدعو إلى التقزز, تصور , على سبيل المثال وليس الحصر أن رئيسا أكثر نظامين متعا ونيين مع الكيان الصهيوني خصوصا فيما يتعلق بحصار غزة لتدمير حماس المنتخبة ديمقراطيا عكس هذين الرئيسين , يطلبان من الكيان الصهيوني رفع الحصار عن غزة!!!!!
نحن إذاً أمام أنظمه شديدة الفساد وعدم الديمقراطية والبعد الشديد عن أبسط مبادئ الوطنية وأي شكل من أبسط
أشكال العدالة الاجتماعية.أنظمة متخصصة في قلب الحقائق والفجاجة السياسية. وبالطبع فإنها تمتلك منظومة إعلامية تتناسب مع هذه الصفات و مرتبطة ارتباطا وثيقاً بهذه الأنظمة التي أنكشف حديثاً, بشكل لا يقبل الجدل, حقيقة أن استسلامها للاستعمار والصهيونية هو طريق مسدود تماماً أمامها, وهى أيضاً أنظمة غير ناجحة في توفير أي شيء لشعوبها بدءاً من لقمة العيش حتى التعليم ولا حتى أبسط الخدمات, أطلقت الفساد من عنانه تحت رعايتها ثم فقدت السيطرة علية فأصبح يهدد كيانها, اختارت طريق التعانق مع الاستعمار والصهيونية فثبت فشلة الكامل وأصبح يهدد وجودها( فبينما يطلب منها هذا الطريق الاعتراف بيهودية الكيان الصهيوني والذي يؤدى إلى كوارث لا يحتملها حتى العملاء والمستسلمين, فإن هذا الكيان العنصري, والذي هو امتداد للنازية وليس الهولوكوست, لم يتنازل أبداً عن حلمة بدولة من النيل إلى الفرات وبضم الجولان إليه وإعادة احتلال سيناء أو جعلها مؤقتا "وطن" للفلسطينيين المزمع ترحيلهم,الخ). وبرغم الفشل الذر يع لهذه الأنظمة مدعية الاعتدال فإن هذا الكيان الصهيوني إلى زوال ومعه تلك الأنظمة المتحالفة معه.
وهذا الزوال الصهيوني ليس من تأليفي ولا من عنديات الزعماء الممتازين المحترمين مثل السيد حسن نصر الله زعيم المقاومة في لبنان والتي تضم كل الاتجاهات الوطنية الشريفة هناك بدءاً من حزب الله( حفظة الله) مروراً بإتجاة ميشيل عون الماروني الوطني المعادى للاستعمار والصهيونية وأيضا الحزب الشيوعي اللبناني ( المعادى حقاً للاستعمار والصهيونية, وليس مثل الحزب الشيوعي العراقي الذي رحب بالغزو الأمريكي لبلادة), والحزب القومي السوري الإجتماعى,الخ. وأخيراً وليس آخراً إتجاة وليد بك جنبلاط. هذه المقاومة التي أذاقت الصهاينة طعم الهزائم في 2000-2006 والقادم سوف يكون أعظم, ولا من عنديات زعماء الجمهورية الإيرانية الذين يواجهون الغطرسة الاستعمارية الأمريكية وكلابها عالمياً وصهيونياً ومحلياً ولكنها من عنديات مفكرين وسياسيين صهاينة. وللتعرف على ذلك يمكن مراجعة كتابات المرحوم الدكتور عبد الوهاب المسيرى والذي عاملة النظام في بلادنا, مصر, أسوء معاملة (لدرجة إلقاءه هو وزوجته الدكتورة هدى في الصحراء وهما مريضان) عندما نشط في كشف حقيقة الصهيونية وتولى مسؤولية قيادة حركة كفاية. ويمكن أعطاء بعض الحقائق عن مستقبل الصهيونية على لسان مفكرين وقادة صهاينة مقتبسة من بعض كتابات الدكتور المسيرى وأهمها موسوعته الممتازة عن الصهيونية. وفى أحد مقالاته الهامة جداً والجديرة بالقراءة يقول الدكتور المسيرى : في 17 أغسطس 2006 أثناء حرب 2006 على لبنان نشرت صحيفة معا ريف مقالا كتبه الصحفي يونتان شيم بعنوان: "أسست تل أبيب في العام 1909 وفي العام 2009 ستصبح أنقاضا" جاء في المقال أنه قبل مائة عام أقاموا أولى المدن العبرية، وبعد مائة عام من العزلة قضي أمرها. ما الذي يدعو مثل هذا الكاتب للحديث عن النهاية، نهاية إسرائيل، في وقت بلغت فيه القوة العسكرية الإسرائيلية ذروتها، وتجاوز الدعم الأميركي، السياسي والمالي والعسكري، لها كل الحدود والخطوط الحمراء؟ كيف يمكن تفسير هذا الموقف؟ ابتداء لا بد أن نذكر حقيقة تاهت عن الكثيرين في العالم العربي، وهي أن موضوع نهاية إسرائيل متجذر في الوجدان الصهيوني. فحتى قبل إنشاء الدولة أدرك كثير من الصهاينة أن المشروع الصهيوني مشروع مستحيل وأن الحلم الصهيوني سيتحول إلى كابوس. وبعد إنشاء الدولة وبعد أن حقق المستوطنون الصهاينة "النصر" على الجيوش العربية تصاعد هاجس النهاية. ففي العام 1954 قال موشيه ديان وزير الدفاع والخارجية الإسرائيلي، في جنازة صديق له قتله الفدائيون الفلسطينيون "علينا أن نكون مستعدين ومسلحين، أن نكون أقوياء وقساة، حتى لا يسقط السيف من قبضتنا وتنتهي الحياة. النهاية، ماثلة دائما في العقول، فالضحايا الذين طردوا من ديارهم تحولوا هم وأبناؤهم إلى فدائيين يقرعون الأبواب يطالبون بالأرض التي سلبت منهم". ويضيف الدكتور المسيرى أنة أثناء انتفاضة 1987, حين بدأ الإجماع الصهيوني بخصوص الاستيطان يتساقط , حذر إسرائيل هاريل المتحدث باسم المستوطنين من أنه إذا حدث أي شكل من أشكال الانسحاب والتنازل (أي الانسحاب من طرف واحد). فإن هذا لن يتوقف عند الخط الأخضر (حدود 1948)، إذ سيكون هناك انسحاب روحي يمكن أن يهدد وجود الدولة ذاتها (الجيروزاليم بوست 30 يناير 1988 ). وأخبر رئيس مجلس السامرة الإقليمي شارون (في مشادة كلامية معه) "إن هذا الطريق الدبلوماسي هو نهاية المستوطنات، إنه نهاية إسرائيل" (هآرتس17 يناير 2002). ويردد المستوطنون أن الانسحاب من نابلس يعنى الانسحاب من تل أبيب. ومع انتفاضة الأقصى تحدثت الصحف الإسرائيلية عدة مرات عن موضوع نهاية إسرائيل، فقد نشرت جريدة يديعوت أحرونوت (27 يناير 2002) مقالا بعنوان "يشترون شققا في الخارج تحسبا لليوم الأسود"، اليوم الذي لا يحب الإسرائيليون أن يفكروا فيه، أي نهاية إسرائيل. ويضيف الدكتور المسيرى أيضاً أنة يتكرر الحديث عن نهاية إسرائيل في مقال إيتان هابر بعنوان "ليلة سعيدة أيها اليأس.. والكآبة تكتنف إسرائيل" (يديعوت أحرونوت 11 نوفمبر 2001). يشير الكاتب إلى أن الجيش الأميركي كان مسلحا بأحدث المعدات العسكرية، ومع هذا يتذكر الجميع صورة المروحيات الأميركية تحوم فوق مقر السفارة في سايجون، محاولة إنقاذ الأميركيين وعملائهم المحليين في ظل حالة من الهلع والخوف حتى الموت. إن الطائرة المروحية هي رمز الهزيمة والاستسلام والهروب الجبان في الوقت المناسب. ثم يستمر الكاتب نفسه في تفصيل الموقف "إن جيش الحفاة في فيتنام الشمالية قد هزم المسلحين بأحدث الوسائل القتالية. ويكمن السر في الروح التي دفعت المقاتلين وقادتهم إلى الانتصار. الروح تعنى المعنويات والتصميم والوعي بعدالة النهج والإحساس بعدم وجود خيار آخر. وهو ما تفتقده إسرائيل التي يكتنفها اليأس". أما أبراهام بورج فيقول في مقال له (يديعوت أحرونوت، 29 أغسطس 2003) إن "نهاية المشروع الصهيوني على عتبات أبوابنا. وهناك فرصة حقيقية لأن يكون جيلنا آخر جيل صهيوني" , ثم أطل الموضوع برأسه مجددا في مقال ليرون لندن (يديعوت أحرونوت 27 نوفمبر 2003) بعنوان "عقارب الساعة تقترب من الصفر لدولة إسرائيل"، وجاء فيه "في مؤتمر المناعة الاجتماعية الذي عقد هذا الأسبوع، علم أن معدلا كبيرا جدا من الإسرائيليين يشكون فيما إذا كانت الدولة ستبقى بعد 30 سنة. وهذه المعطيات المقلقة تدل على أن عقارب الساعة تقترب من الساعة 12، (أي لحظة النهاية)، وهذا هو السبب في كثرة الخطط السياسية التي تولد خارج الرحم العاقر للسلطة". والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا هاجس النهاية الذي يطارد الإسرائيليين؟ سنجد أن الأسباب كثيرة، ولكن أهمها إدراك المستوطنين الصهاينة أن ثمة قانونا يسري على كل الجيوب الاستيطانية، وهو أن الجيوب التي أبادت السكان الأصليين (مثل أميركا الشمالية وأستراليا) كتب لها البقاء، أما تلك التي أخفقت في إبادة السكان الأصليين (مثل ممالك الفرنجة التي يقال لها الصليبية والجزائر وجنوب أفريقيا) فكان مصيرها الزوال. ويدرك المستوطنون الصهاينة جيدا أن جيبهم الاستيطاني ينتمي لهذا النمط الثاني وأنه لا يشكل أي استثناء لهذا القانون، إن الصهاينة يدركون أنهم يعيشون في نفس الأرض التي أقيمت فيها ممالك الفرنجة وتحيط بهم خرائب قلاع الفرنجة، التي تذكرهم بهذه التجربة الاستيطانية التي أخفقت وزالت وقد أصدر المفكر الصهيوني المستنير يورى أفنيرى كتاباً بعنوان:" إسرائيل بدون صهيونية ( 1968)" عقد فيه مقارنة مستفيضة بين ممالك الفرنجة والدولة الصهيونية، فإسرائيل مثل ممالك الفرنجة محاصرة عسكريا لأنها تجاهلت الوجود الفلسطيني ورفضت الاعتراف بأن أرض الميعاد يقطنها العرب منذ مئات السنين. ثم عاد أفنيري إلى الموضوع عام 1983، بعد الغزو الصهيوني للبنان، في مقال نشر في هاعولام هزه بعنوان "ماذا ستكون النهاية"، فأشار إلى أن ممالك الفرنجة احتلت رقعة من الأرض أوسع من تلك التي احتلتها الدولة الصهيونية، وأن الفرنجة كانوا قادرين على كل شيء إلا العيش في سلام، لأن الحلول الوسط والتعايش السلمي كانا غريبين على التكوين الأساسي للحركة. وحينما كان جيل جديد يطالب بالسلام كانت مجهود اتهم تضيع سدى مع قدوم تيارات جديدة من المستوطنين، ما يعني أن ممالك الفرنجة لم تفقد قط طابعها الاستيطاني. كما أن المؤسسة العسكرية الاقتصادية للفرنجة قامت بدور فعال في القضاء على محاولات السلام، فاستمر التوسع الإفرنجي على مدى جيل أو جيلين. ثم بدأ الإرهاق يحل بهم، وزاد التوتر بين المسيحيين الفرنجة من جهة وأبناء الطوائف المسيحية الشرقية من جهة أخرى, مما أضعف مجتمع الفرنجة الاستيطاني، كما ضعف الدعم المالي والسكاني من الغرب. وفي الوقت نفسه بدأ بعث إسلامي جديد، وبدأت الحركة للإجهاز على ممالك الفرنجة، فأوجد المسلمون طرقا تجارية بديلة عن تلك التي استولى عليها الفرنجة. وبعد موت الأجيال الأولى من أعضاء النخبة في الممالك، حل محلهم ورثة ضعفاء في وقت ظهرت فيه سلسلة من القادة المسلمين العظماء ابتداء من صلاح الدين ذي الشخصية الأسطورية حتى الظاهر بيبرس. وظل ميزان القوى يميل لغير صالح الفرنجة، ولذا لم يكن هناك ما يوقف هزيمتهم ونهايتهم ونهاية الممالك الصليبية. لكل هذا عاد هاجس النهاية مرة أخرى بعد الحرب على لبنان في صيف 2006 وبعد الصمود اللبناني العظيم في وجه الهمجية الإسرائيلية، وبعد إبداع المقاومة اللبنانية. فالانتصارات العسكرية لم تحقق شيئا، لأن المقاومة مستمرة مما يؤدى إلى ما أسماه المؤرخ الإسرائيلي يعقوب تالمون (نقلا عن هيجل) "عقم الانتصار". فقد اكتشف الصهاينة حدود القوة ووصلوا إلى مشارف النهاية، وكما قال المثقف الإسرائيلي شلومو رايخ "إن إسرائيل تركض من نصر إلى نصر حتى تصل إلى نهايتها المحتومة".
فالمشهد إذا بتبسيط شديد هو كيان شاذ وغاصب آيل للزوال تدعمه أكبر قوة استعمارية وغاصبة منفردة بالسيطرة على العالم بعد انهيار الإتحاد السوفيتي, هذه القوة نقسها تتآكل لأسباب كثيرة يطول شرحها, ونظم عربية خليط بين العميلة والمستسلمة و يجمعها الإصرار على قهر شعوبها وتكثيف استغلالها حتى لو كان ذلك على حساب الاستقلال الوطني. نظم تتفنن في تزوير الحقائق البديهية, فإذا كانوا حاولوا ,من خلال الحملة الغبية والعنصرية والحمقاء ضد الجزائر وكرة القدم, استبدال العدو بالصديق والكيان الصهيوني بالجزائر الشقيق فقد حاولوا قبل ذلك, وبنجاح محدود ولكن ليس مهمل, ولا زالوا يحاولون, استبدال العدو بالصديق والكيان الصهيوني بإيران الشقيق.
وفى الجانب الأخر هنالك قوى صاعدة في المنطقة معادية للمخطط الأستعمارى الصهيوني وأدواته المحلية, ليس هذا فقط ولكن هذه القوى الصاعدة تحقق نجاحات وانتصارات والمخطط الصهيوني الأستعمارى ينتقل من فشل وإخفاق إلى آخر. لذلك وجب على كل الوطنيين الشرفاء من جميع الاتجاهات وجميع أجهزة الأعلام والدول العربية والإسلامية والدول المعادية للاستعمار والصهيونية في العالم كله العمل على التفرغ والتركيز والتوحد لهزيمة الاستعمار والصهيونية وإنهاء كل جرائمهم في حقنا وأيضاً كل ما يشبهها من جرائم ضد الأكراد والأرمن وغيرهم, وإلغاء الأسلحة النووية من كل العالم وليس إيران فقط وإيقاف الاستثمار في السلاح وتوجيه هذه الاستثمارات لما فيه خير البشرية والقضاء على الفقر ومكافحة المرض وتحقيق التنمية المستدامة والبيئة النظيفة والحياة الكريمة لكل البشر. أن الجدار المصري الفولاذي لحصار غزة هو عكس كل ذلك مهما أدعى النظام المصري وأبواقه الزائفة والكثيرة.
فهل من أمل أن يتوقف كل الوطنيين الشرفاء, قوميين كانوا أو يساريين, إسلاميين كانوا أو مسيحيين عن استخدام المنطق المعكوس مهما كانت فوائدة الآنية الشخصية؟ أتمنى ذلك. فهذا المنطق المعكوس هو أحد أحط الاستعمار والصهيونية بعد إرهابهم العسكري الأستعمارى الفج وهم أصل الإرهاب ومصدره الأساسي. وتاريخ الاستعمار والصهيونية في ذلك غنى بشكل فاحش وأحدثه منطقهم المعكوس تماما ضد إيران.
x أستاذ كرسي التنمية المستدامة. جامعة ولآية بنسلفانيا. الولايات المتحدة.سابقا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.