صدق شاعر الحكمة أبو الطيب المتنبي حين قال : عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ أمّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ فَلَيتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ الملفت للنظر ؛ أن الدخول المدرسي لهذه السنة كغيرها من السنوات الماضية ؛ عرف اكتظاظا غير مسبوق في مختلف المستويات الدراسية ، حيث تخطى عدد التلاميذ عتبة 45 متعلمة ومتعلما في الحجرة الواحدة ؛ وذلك راجع لتلكم الخريطة المدرسية المشئومة والممنهجة من لدن الجهات المعنية على القطاع من دون مراعاة لظروف المتعلمات والمتعلمين وأساتذتهم .. وذلك بغية سد الخصاص الحاصل في شتى المؤسسات التعليمية بمغرب القرن الواحد والعشرين؛ كل تلكم الإجراءات تتم من جانب واحد دون تنسيق مع الفاعلين التربويين بالمؤسسات التعليمية ومن دون استشارة حتى مع المدراء الذين لاتؤخذ تصوراتهم ومخططاتهم مع إيجابيتها بأية أهمية ، مع العلم أنهم يمتلكون معطيات دقيقة ومهمة عن الوضع العام بمؤسساتهم التي يديرون شؤونها .. ليت شعري ما جدوى هذه الخرائط المفروضة فرض عين على نساء ورجال التعليم وكذا على فلذات أكبادنا تلميذات وتلاميذ مختلف مؤسساتنا التعليمية المغلوب على أمرهم ، بسبب غياب سياسة تعليمية رشيدة ؛ سياسة تعليمية لا تهتم إلا بالجوانب التقنية والإجرائية الروتينية ، دون الاهتمام بالمجالات التربوية التعليمية التواصلية المحضة التي تجعل التلميذ فوق كل اعتبار، تجعل التلميذ هواللب هو الجوهر هوالأساس من العملية التعليمية التعلمية ، بل هو الأمل والحاضر والمستقبل ...إذ به تتقدم الأمم وتزدهر الحضارات.. به يتم تحدي كل الصعاب وتخطي مختلف العقبات والمعوقات ... والغريب في الأمر هوكون الجهات المعنية بالقطاع تعتبر أربعين تلميذة وتلميذا فأكثر في حجرة دراسية واحدة أمرا بديهيا وطبيعيا ؛ إذ تعتبر المتعلم محظوظا حتى النخاع مجرد كونه حظي بحجرة درس تأويه من زمهرير الشتاء القارس ، وحرارة الصيف الملتهبة ، ومدرس يحرسه و يهتم به ؛ بينما الواقع يقول عكس ذلك بالمطلق ؟؟؟ اختلالات مريبة طبعت مناهج التربية والتعليم في مغربنا العزيز الذي نحبه ونعشقه حتى النخاع ؛ اختلالات كان لها جملة من الآثار السلبية التي كبدت البلد إخفاقات كبيرة طالت عمق البنية الاجتماعية التي تُعَد أساس كل نهضة وتقدم ؛ ويبقى الخاسر الأكبر هو المواطن العادي الذي ينفق الغالي والنفيس على "تربية وتعليم" أطفاله في المدارس العمومية التي ثبت بالملموس عجزها وتخلفها عن ركب التطور الكبير الذي عرفته المناهج التعليمية في بعض دول العالم الثالث فضلا عن الدول المتقدمة ؛ وخير دليل النتائج السلبية الغير مرضية التي حصل عليها بلدنا لسنوات خلت ؛ إذا ما فتئنا نتموضع في المراتب الدنيا عالميا مع دول كانت تعتبرنا قبل هذه النكسة ، القدوة والنموذج ... كل ما ينشده الغيورون على الحقل التعليمي الشاق ، أن يحظى تعليمنا بكل عناية واهتمام من لدن الجميع كل في موقعه ، حتى يعود قطارالتنمية التربوية إلى سكته القويمة ليشق طريقه في أمن ووئاء ، حتى يصل إلى محطته في أمن وسلام... واليعلم الجميع أن البلدان الأكثر ازدهارا وتقدما ورقيا ، توفر لمواطنيها تعليما ناجعا ، هادفا ، فعالا .. وترصد له طاقات وكفاءات عالية ، وتتحمل في سبيل تحقيق ذلك كل الأعباء والصعاب والإكراهات أنى كان حالها وشأنها .. إذ تعتبر قطاع التعليم قطاعا حيويا منتجا للعقول والأدمغة مساعدا على الرفعة والرقي والازدهار ... بينما الساهرون على شأننا التربوي التعليمي ومن دون خجل ، يعتبرونه قطاعا استهلاكيا مكلفا غير منتج ، لذا لا يولونه ما يستحقه من تكريم وتقدير وأهمية ...