في البداية وقبل الحديث عن الاسمين البارزين المؤهلين والمرشحين بقوة لخلافة الركراكي في المرحلة المقبلة، دعوني أوضح لكم لماذا أضم صوتي للمطالبين بإنهاء مهمة وليد على رأس منتخبنا الوطني: أولا: الركراكي بات ورقة محروقة لأن أسلوبه في التدريب وإدارة أطوار المباريات المعتمد بشكل أساسي على الاختراق من الأطراف في التنشيط الهجومي أصبح مكشوفا للعيان ومعروفا لدى جميع الخصوم سواءً الذين واجهناهم سابقا أو الذين سنواجههم مستقبلا قاريا ودوليا، وهو نهج أثبت عدم نجاعته وفعاليته والدليل هو حصيلة الأهداف الهزيلة التي سجلناها منذ التحاقه بالمنتخب الوطني. ثانيا: الركراكي لم يستطع التجرد من العاطفة ومن المجاملات، وكان صعبا جدا عليه فك الارتباط الروحي ببعض اللاعبين الذين ساهموا في صنع مجده الكروي خلال "مونديال" قطر، ولذلك عليه أن يترك مكانه لمن هو قادر على فك هذا الارتباط بهؤلاء اللاعبين الذين تقدموا في العمر أو الذين لم يعد بمقدورهم تقديم ما هو مطلوب منهم على الميدان رغم صغر سنهم، وأن يفسح المجال لمن يستطيع بكل جرأة وتجرد ضخ دماء جديدة في شرايين منتخبنا الوطني. سأضرب هنا مثالا فقط باللاعب رومان سايس الذي كان يتعين على الركراكي في المقابلة الأخيرة ضد منتخب جنوب إفريقيا على الأقل إيجاد مكان له بالقرب منه وبجانبه في دكة البدلاء بصفته قيدوما و"كابتن" الفريق، ينادي عليه من حين لآخر ويتظاهر بأنه يستشيره في أمور تقنية كطريقة ذكية لحفظ ماء وجهه حتى يضمن له خروجا سلسا ومشرفا من المنتخب ومن الباب الواسع لتاريخ كرة القدم المغربية، بدل إحراجه أمام الجماهير المغربية والعربية بالزج به في مقابلة قوية ومصيرية تتطلب الفتوة والسرعة واللياقة البدنية العالية، في مقابلة أجريت في ظروف مناخية غير عادية وب"ريتم" عال جدا أمام منتخب منسجم وسريع يتقن عملية التحول من الدفاع إلى الهجوم وإنهاء المرتدات الهجومية بتسجيل الأهداف ببراعة ودقة متناهية. ولكنه لم يفعل ما كان يتعين عليه مع اللاعب رومان سايس، وهو ما ينطبق تماما على نصير المزراوي الذي لم يكن هو كذلك جاهزا ذهنيا وبدنيا لمباراة جنوب إفريقيا ومع ذلك أشركه الركراكي أساسيا في الوقت الذي كان هناك لاعبان جاهزين يحترقان حزنا وألما في لحظات صعبة من المباراة على الخروج المبكر من دورة كنا من بين أبرز المنتخبات المرشحة للفوز فيها بالكأس القارية للمرة الثانية في تاريخ المغرب. ثالثا: من مصلحة منتخبنا الوطني تغيير وليد الركراكي رغم حبنا له وتقديرنا لكفاءته وروحه الوطنية العالية لأن مستقبل هذا المنتخب القريب والبعيد سيكون حتما بيد أولئك اللاعبين الشباب الذين كانوا يستحقون الذهاب لكأس أمم إفريقيا 2023 بالكوت ديفوار وأقصاهم وليد الركراكي، وبيد أولئك اللاعبين الذين ذهب بهم وليد إلى الكوت ديفوار لكنهم ظلوا حبيسي دكة الاحتياط ولم يمنحهم الفرصة ولو لبضع دقائق لإثبات كفاءتهم وجدارتهم وأحقيتهم بحمل قميص المنتخب الوطني. هؤلاء اللاعبون الشباب عماد منتخبنا الوطني في الحاضر والمستقبل قد يكونون ربما يحملون في صدورهم شيئا من الكره حتى لا أقول نوعا من الحقد على الركراكي، الذي حرمهم من فرصة إبراز مواهبهم وعلو كعبهم ومساعدة منتخب بلادهم على تحقيق النتائج المرضية، ولن يكون بمقدورهم التناغم والتجاوب معه بنسبة مائة بالمائة المفترضة بين مدرب ولاعب إن هو بقي في مكانه. لهذه الأسباب وغيرها وجب فك الارتباط بوليد الركراكي إما وديا أو قانونيا، ما دام هناك بند في عقده مع الجامعة يفرض عليه تقديم استقالته في حالة إخفاقه في بلوغ نصف نهائي دورة كان 2023 حسب ما سمعنا فقط ولسنا متأكدين من ذلك، لأن العقود التي تبرمها عادة الجامعة الملكية لكرة القدم سواء مع المدربين المغاربة أو الأجانب تبقى سرا من أسرار الدولة. وبعد وضع حد لمشوار الركراكي الذي انتهت مدة صلاحيته مع منتخبنا الوطني حسب تقدير العديد من المحللين الرياضيين والمهتمين بشأن كرة القدم ببلادنا، سيتعين على مكتبنا الجامعي الاختيار ما بين اسمين لإطارين مغربيين من جيل ما بعد جيل وليد الركراكي ويتعلق الأمر هنا بكل من عادل رمزي وطارق السكيتيوي. هذين المدربين الناجحين هما كذلك مع معظم الأندية التي أشرفا على تأطيرها وتدريبها يمتلك كل منهما عقلية احترافية ورصيدا تاريخيا من البطولات والألقاب مع العديد من الأندية والمنتخبات الوطنية، ويحملان معا شواهد عليا في التدريب. وهما ليسا أقل خبرة وتجربة وحنكة ودهاء من وليد الركراكي، ولا أقل منه من حيث الروح الوطنية والجدية في العمل والحماس والقدرة على تحفيز اللاعبين لتقديم أفضل ما لديهما لمصلحة الفريق الوطني بطرق أخرى أفضل ربما وأقوى من السحر المزيف لهاشتاغ "ديروا النية" الذي أطلقه على الهواء مباشرة وليد الركراكي في إحدى ندواته الصحفية. أما رئيس الجامعة المحترم سي فوزي لقجع -وبعد هذا الإخفاق المدوي والمخيب للآمال بالنظر إلى حجم ما تم صرفه من أموال طائلة على المنتخب الوطني من جيوب دافعي الضرائب استعدادا لهذه الدورة- إذا لم يتمكن هو بدوره من فك الارتباط العاطفي بوليد الركراكي وإعطاء الفرصة لجيل آخر من المدربين المغاربة، فيتعين عليه أن يرحل هو كذلك ويفسح المجال لمن هو قادر على تحمل مسؤولية اتخاذ قرار التغيير الجذري والحتمي، لأننا نريد أن نستعد لكأس الأمم الإفريقية القادمة ببلادنا ولإقصائيات كأس العالم المقبلة بثوب جديد وبنفس جديد، بمنتخب جديد وطاقم تدريبي جديد من أبناء البلد طبعا وبسقف طموحات عال جدا ليس أقل من الظفر بكأس إفريقيا للأمم لعام 2025 والمرور للدور الثاني على الأقل من بطولة كأس العالم 2026 بحول الله وقوته.