خصصت الصحف الأوروبية، الصادرة اليوم الاثنين، أبرز مواضيعها لتداعيات اختبار القوة بين الغرب وروسيا بعد ضم هذه الأخيرة لشبه جزيرة القرم، ولنتائج الدور الأول من الانتخابات البلدية الفرنسية، التي تميزت بصعود مثير لحزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف، إلى جانب وفاة أدولفو سواريث، أول رئيس حكومة ديمقراطية باسبانيا أمس الأحد عن سن ناهز 81 سنة بعد صراع طويل مع المرض. ففي روسيا، أجرت صحيفة (روسيسكايا غازيتا) مقارنة بين تحريض رئيس الوزراء البريطاني، وليام هيغ، على فرض عقوبات على روسيا على إثر ضمها شبه جزيرة القرم، وحرب القرم التي استمرت من 1853 إلى 1856 من جانب آخر، مذكرا بأنه قبل اندلاع هذه الحرب قال رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، لورد بالمرستون، جملته الشهيرة إنه "من الصعب أن تعيش في الدنيا، عندما لا يحارب روسيا أحد". وذكرت الصحيفة أن رئيس الوزراء البريطاني، وليام هيغ، دعا، في مقال نشرته صحيفة (صنداي تلغراف) السبت الماضي، إلى "استبعاد روسيا من عدد من المنظمات الدولية وفرض قيود طويلة الأمد على الشراكة العسكرية وبيع الأسلحة والحد من النفوذ الروسي في سائر البلدان الأوروبية". وتحت عنوان "واشنطن تبذل جهودا لعزل روسيا من مجموعة الدول الثمانية"، كتبت صحيفة (كومرسانت) أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ينوي لهذه الغاية استغلال قمة الأمن النووي، التي ستفتتح اليوم الاثنين بلاهاي، من أجل استبعاد روسيا من مجموعة الدول الثمانية" جي 8 " . وأشارت الصحيفة إلى أن الخطوة الأولى في هذا الاتجاه قد اتخذت، حيث سيجري لقاء زعماء سبع دول فقط منذ 16 عاما من دون روسيا، مضيفة أن هذه القمة سيشارك فيها زعماء 53 دولة وممثلون عن المنظمات الدولية. نفس الصحيفة، أشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي لن يكتفي بفرض عقوبات على كبار المسؤولين الروس فحسب، بل يرغب في تخفيض مدى اعتماده على توريدات موارد الطاقة الروسية، موضحة أن رئيس الاتحاد الأوروبي، هيرمان فان رومبوي، أدلى بتصريح في هذا الاتجاه بعد اختتام اجتماع القمة الذي جرى مؤخرا في بروكسيل. وقالت الصحيفة إن الزعماء الأوروبيين يخططون لتعويض موارد الطاقة الروسية على حساب استيراد الغاز الصخري من الولاياتالمتحدة. ذات المنحى سارت عليه الصحف البريطانية التي ألقت الضوء على التطورات الأخيرة التي شهدتها الأزمة الأوكرانية وارتفاع حدة التوتر بين موسكو والبلدان الغربية بسبب المخاوف من اجتياح روسي جديد للجزء الشرقي من أوكرانيا. وهكذا، كتبت صحيفة (التايمز) عن عزم الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، دعوة حلفائه الأوروبيين، خلال انعقاد القمة النووية بلاهاي، إلى فرض عقوبات صارمة على موسكو التي شرعت في نشر تعزيزات كبيرة على طول الحدود الشرقية مع أوكرانيا، ما أثار حفيظة البلدان الغربية. وأضافت الصحيفة أن البيت الأبيض يتهم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بالرغبة في التحرش بالأوكرانيين في وقت حذر فيه حلف شمال الأطلسي روسيا من مغبة إطلاق عملية عسكرية جديدة على أوكرانيا. واعتبرت صحيفة (الديلي تلغراف) أنه يتعين على المملكة المتحدة توظيف عدد أكبر من الجنود وإرسال قوات إلى أوروبا، وذلك خلافا للخطط الحالية لوزارة الدفاع والتي تسير في اتجاه تقليص ميزانية الوزارة. ونقلت الصحيفة عن القائد السابق للقوات البريطانية، الجنرال لورد دانيت، قوله إنه يتعين على بريطانيا توظيف 3000 جندي إضافي من أجل تعزيز قوات حلف شمال الأطلسي، مبرزا أن هذه التعزيزات ستشكل رسالة قوية للكرملين. ومن جانبها، تطرقت صحيفة (الغارديان) إلى قمة مجموعة الدول السبع الأكثر تقدما، والتي ستنعقد اليوم الاثنين في لاهاي لبحث تطورات الأزمة الأوكرانية. وأشارت إلى أن هذا الاجتماع الطارئ سيخصص لدراسة التدابير المزمع اتخاذها في مواجهة التدخل الروسي بشبه جزيرة القرم وإلحاقها بها. وأبرزت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي سيعبر خلال الاجتماع، الذي يكرس طرد روسيا من حظيرة نادي مجموعة الثمانية وعزلتها السياسية، عن الأمل في الحصول على دعم أوروبي لمخطط أمريكي يروم تشديد العقوبات على روسيا. في هذا الصدد، كتبت صحيفة (فرانكفورتر تسايتونغ) الألمانية أنه بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، فقد أصبح من الصعب تصور إمكانية تراجع روسيا عن هذا القرار، مبرزة أن الرئيس الروسي بوتين يمارس سلطاته كاملة في الوقت الحاضر بشبه الجزيرة، محذرة في نفس الوقت من استعداد موسكو للتدخل في أي مكان ترى فيه تهديدا لمصالحها. ومن جانبها، أشارت صحيفة (هانوفريشة غينيرال) إلى بروز أولى علامات المرونة من الجانب الروسي بعد أن وافقت موسكو، للمرة الأولى منذ اندلاع الأزمة في القرم، على إرسال مراقبين دوليين من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إلى تسعة أماكن بأوكرانيا باستثناء شبه جزيرة القرم. وتساءلت الصحيفة عما إذا كان هذا المؤشر دليلا على أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، سيكتفي بشبه جزيرة القرم وليست له نية الهجوم على مناطق أخرى في أوكرانيا. أما صحيفة (نيو أوسنايبروكة)، فشككت في حصول تطور إيجابي في الأزمة، خاصة بعد تصريح وزيرة الدفاع الألمانية، أورسولا فون دير لاين، التي دعت فيه حلف شمال الأطلسي (ناتو) إلى الوقوف إلى جانب أعضاء الحلف في شرق أوروبا على خلفية الأزمة الراهنة في أوكرانيا، في حين أن المستشارة، أنغيلا ميركل، ووزير الخارجية، فرانك فالتر شتاينماير، يسعيان جاهدين إلى حل دبلوماسي للخروج من أزمة القرم المهددة بالانفجار. وأشارت الصحيفة إلى أن وزيرة الدفاع أكدت على ضرورة قيام منظمة شمال حلف الأطلسي بدور قوي في سياق هذه الأزمة، معتبرة أن مجرد التمكن من إرسال بعثة مراقبين من منظمة الأمن والتعاون بعد موافقة الروس، يعد خطوة أولى على طريق الحد من التصعيد. ومن جهتها، أكدت صحيفة (دي فيلت) أن أزمة أوكرانيا ستكون لها تداعيات خطيرة على الاقتصاد الروسي، خاصة وأن الضغوط العالمية على موسكو تستهدف في المقام الأول اقتصاد روسيا، عبر وضع قيود على الاستيراد والتصدير والاستثمار. وفي موضوع آخر، ركزت الصحف الفرنسية اهتمامها على نتائج الانتخابات البلدية التي تميزت بصعود مثير لحزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرق، حيث كتبت صحيفة (ليبراسيون) أن هذا الأخير، الذي حقق نتائج جيدة تمكنه من الصمود في الدور الثاني في حوالي 200 مدينة، فرض نفسه بقوة في هذه الانتخابات، مما شكل "كارثة" بالنسبة لليسار. ومن جهتها، اعتبرت صحيفة (لوفيغارو) أن استمرار التصويت بشكل قوي لفائدة الجبهة الوطنية، إلى جانب عزوف قوي ينضاف إلى تصويت احتجاجي، يشكل إنذارا، خاصة بالنسبة للحزب الاشتراكي وحزب الاتحاد من أجل حركة شعبية. ومن جانبها، قالت صحيفة (لاتريبون) إن الدور الأول لهذه الانتخابات سجل صعودا قويا لليمين، بعد أن كان الحزب الاشتراكي قد فاز في انتخابات 2008 ب30 مدينة تفوق ساكنتها 30 ألف نسمة، مشيرة إلى أن الجديد في هذا الاستحقاق يتمثل في الحضور القوي للجبهة الوطنية في الدور الثاني. وفي نفس السياق، كتبت صحيفة (لوسوار) البلجيكية أن حزب الجبهة الوطنية حقق تقدما مذهلا، الأحد الماضي في الدور الأول من الانتخابات المحلية الفرنسية، التي تميزت بمعاقبة اليسار الحاكم مع تقدم طفيف لليمين وتسجيل رقم قياسي في نسبة العزوف، مشيرة إلى أن هذه الانتخابات لم تأت بأية مفاجأة، ذلك أن التخوفات المعبر عنها منذ أسابيع تأكدت من خلال العزوف عن المشاركة وصعود اليمين المتطرف. وأضافت الصحيفة أنه يمكن استنباط درسين من هذه الانتخابات: أولهما تنامي نسبة العزوف وتقدم مرشحي الجبهة الوطنية، معتبرة أن سلوك الناخبين الفرنسيين يجب أن يفتح أعين المرشحين البلجيكيين في الانتخابات الفيدرالية والجهوية والأوروبية. وأكدت أن المقلق في هذا الأمر يكمن في عدم اهتمام المواطنين الفرنسيين بالسياسة واتساع الفجوة بين الحاكمين والمحكومين، مشيرة إلى أنه يتعين على الأحزاب البلجيكية أخذ هذا المعطى بعين الاعتبار خلال الحملة الانتخابية. وفي نفس الإطار، كتبت صحيفة (ايل ميساجيرو) الإيطالية أنه على الرغم من تسجيل رقم قياسي في نسبة العزوف (38 في المائة) في الانتخابات المحلية الفرنسية، فإنه ليس هناك أدنى شك في أن النتائج تؤكد تقدم اليمين المتطرف. أما صحيفة (لاريبوبليكا)، فكتبت، من جهتها، أن مارين لوبين غيرت الاستراتيجية مقارنة بوالدها الذي يركز كل طاقته على التحديات الوطنية، معتبرة أن "المرأة الحديدية" لليمين المتطرف، التي تتزعم الجبهة الوطنية منذ 2011 ، فضلت "التجذر في فرنسا من أجل تحقيق صعود سياسي". أما صحيفة (لاتريبون دو جنيف) السويسرية، فأكدت بدورها بأن انعدام ثقة الفرنسيين في الحكومة انعكس على صناديق الاقتراع، مشيرة إلى أن نسبة العزوف بين ناخبي اليسار سهل الصعود المذهل لليمين المتطرف. وفي المقابل، رأت صحيفة (لوتون) أن الحكومة الاشتراكية عوقبت بشكل واضح لكن الأغلبية تطمح إلى التحلي أكثر بالصرامة عبر التكتل في الدور الثاني. أما في إسبانيا، فأشادت الصحف بالإجماع بأدولفو سواريث، أول رئيس حكومة ديمقراطية بالبلاد، والذي توفي أمس الأحد عن سن يناهز81 سنة بعد صراع طويل مع المرض. وبدورها، تطرقت صحيفة (إلباييس)، الواسعة الانتشار، إلى "رحيل الشخصية السياسية الأكثر تضامنا في تاريخ إسبانيا"، مشيرة إلى أن أدولفو سواريث يعد إحدى الشخصيات الأكثر شهرة لقيادته البلاد إلى الديمقراطية والحريات بعد فترة تميزت بالدكتاتورية. وأضافت اليومية أن الرئيس الأسبق للحكومة جسد "شجاعة رجل الدولة وصرامة المدافع عن الحقوق والحريات". أما بالنسبة لصحيفة (إلموندو) فقد اعتبرت بأن سواريث كان أحد مهندسي التحول الديمقراطي بإسبانيا، الذي عرف، بتبصره وقدرته على التفاوض، كيف يقود البلاد إلى بر الأمان. وكتبت اليومية أن الأمر يتعلق برجل "الحوار والتوافقات" الذي فضل دوما التوافق والتضامن وتجنب التوترات والخلافات، مضيفة أنه يتعين أن يكون سواريث قدوة لجميع سياسيي البلاد. ومن جهتها كتبت صحيفة (أ بي سي)، تحت عنوان "رحيل زعيم الحرية"، أن سواريث حرر إسبانيا من الدكتاتورية وقاد البلاد نحو طريق المصالحة والتضامن والوئام.