باحثة: الضحك يقدر يكون وسيلة واعرة لعلاج الناس    عندها الزهر لي كيهرس الحجر.. مرا ربحات 2 مرات فالقمر فقل من 3 شهر    دعوة من بيت الذاكرة لترسيخ التنوع الثقافي من أجل إشاعة قيم السلام    الإنتحار أزمة نفسية أم تنموية    سيدات مجد طنجة لكرة السلة يتأهلن لنهائي كأس العرش.. وإقصاء مخيب لسيدات اتحاد طنجة    الأرشيف المستدام    اعتصامات طلاب أمريكا...جيل أمريكي جديد مساند لفلسطين    العفو الملكي    شحنة كبيرة من الكوكايين تستنفر أمن طنجة    رأي حداثي في تيار الحداثة    دراسة مواقف وسلوكيات الشعوب الأوروبية تجاه اللاجئين المسلمين التجريد الصارخ من الإنسانية    دراسة أمريكية: السجائر الإلكترونية قد تسبب ضررا في نمو الدماغ    طقس الإثنين.. أجواء حارة وأمطار خفيفة ببعض مناطق المملكة    التضامن يعلو مجددا في طنجة .. مسيرة للتذكير بمأساة غ.زة    دراسة حديثة تحذر المراهقين من تأثير السجائر الإلكترونية على أدمغتهم    يوسف النصيري دخل تاريخ إشبيلية مع أحسن 10 هدافين دازو عندهم    النصيري يعاقب "غرناطة" بهدف جديد    رئيس جمهورية غامبيا يستقبل المدير العام للإيسيسكو في بانجول    الفيدرالية المغربية لناشري الصحف تنتقد تدبير قطاع الاتصال..وتنبه لوضعية المقاولات الصغرى والجهوية    الزمالك يحدد موعد الوصول إلى بركان    "عكاشة" يكذب محاولة "تصفية سجين"    حسنية أكادير تنفي حصولها على منحة 15 مليون من الرجاء    المغربي اسماعيل الصيباري يتوج بلقب الدوري الهولندي رفقة إيندهوفن    البرتغالي گيريرو غايب على البايرن فماتشها ضد الريال    نتانياهو سد "الجزيرة" فإسرائيل    النقابة الوطنية للعدل تدعو إلى إضراب وطني بالمحاكم لثلاثة أيام    نتنياهو يريد بقاء حماس في السلطة، "ودوافعه الخفية كُشفت" – جيروزاليم بوست    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    "فنون شعبية على ضفاف درعة".. وثائقي يسلط الضوء على التحولات التي شهدتها فنون زاكورة (فيديو)    وزارة الثقافة تسعى لحماية "شباب التيكتوك" من الانحلال الأخلاقي    فيلم "من عبدول إلى ليلى" يفوز بالجائزة الكبرى لمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط        مؤتمر القمة الإسلامي يؤكد رفضه التام للمخططات الانفصالية التي تستهدف المس بسيادة الدول    وصل لأعلى مستوياته التاريخية.. التداول النقدي فات 400 مليار درهم    موجة حر مرتقبة بمناطق في المغرب    المغربية آية العوني تتوج ببطولة أنطاليا لكرة المضرب    جواد مبروكي: الحمل والدور الحاسم للأب    منظمة تدعو لفتح تحقيق في مصرع عامل بمعمل تصبير السمك بآسفي    لشكر زعيم الاتحاد الاشتراكي: الشعب الجزائري يؤدي الثمن على دفاع نظامه على قضية خاسرة والعالم كله يناصر مغربية الصحراء    قتلى ومفقودون جراء فيضانات البرازيل    المغرب يسحب أول دفعة من قرض 1.3 مليار دولار من صندوق النقد الدولي    المكتب الوطني المغربي للسياحة غيربط غران كاناريا بورزازات مع شركة بينتر للطيران    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    نشرة إنذارية.. موجة حر مرتقبة من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المملكة    "نوستالجيا" تحصد جائزة الجم للمسرح    حقيبة يد فاخرة بسعر سيارة .. استثمار ذو وزن    برنامج دعم السكن ومشاريع المونديال تنعش قطاع البناء خلال اوائل 2024    برلماني يسائل وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات..    هل زيادة 1000 درهم في الأجور قادرة على مواكبة نفقات الأسر المغربية؟    ڤيديوهات    الفنان الجم يكشف حقيقة إشاعة وفاته    وضعية الماء فالمغرب باقا فمرحلة "الإنعاش".. نسبة ملء السدود وصلت ل32 فالمية وبدات فالتراجع    قلعة مكونة تحتضن الدورة 59 للمعرض الدولي للورد العطري    طنجة.. مهرجان "هاوس أوف بيوتيفول بيزنيس" يرفع شعار الإبداع والتلاقح الفني    الأمثال العامية بتطوان... (589)    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اختراق الشيعة لوسائل الإعلام العربية..أسلوب جديد لـ " تصدير الثورة "
نشر في هسبريس يوم 02 - 02 - 2010


مقدمة:
لا يخفى على أحد اليوم، كم هو خطير دور الإعلام في عصرنا الحديث، خاصة مع التطور الهائل الذي عرفته وسائل الاتصال والتواصل في وقت أضحى معه العالم قرية صغيرة، فقد كانت لوسائل الإعلام والتواصل دوار فعالا منذ بداية القرن العشرين في نقل الأفكار من مجتمع لآخر، والتأثير على آراء الجماعات والمجتمعات، بهدف تغيير قناعاتها، ودفعها لتبني وجهة نظر تخدم هذه الجهة أو تلك.
ومنذ الحرب العالمية الثانية، عرفت الأنظمة السياسة أهمية الإعلام، والدعاية الإعلامية، ودروها في خدمة الأهداف والقضايا الوطنية، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، خاصة مع احتدام الصراع الثنائي بين المعسكر الرأسمالي، بزعامة الولايات المتحدة الأميركية، والمعسكر الاشتراكي، بزعامة الاتحاد السوفيتي المندثر، الأمر الذي دفع كل طرف إلى التفكير في أنجع السبل لتوظيف جهاز الدعاية الوطنية، وأيضا أنجع السبل لاختراق جهاز دعاية العود بهدف التأثير عليه ولم لا، جعله يخدم الأهداف الوطنية خاصة خلال ما كان يسمى ب " الحرب الباردة " بين المعسكرين الغربي والشرقي.
وعلى نفس المنوال، سارت أغلب دول العالم، خاصة تلك التي عرفت انقلابات عسكرية، وثورات أدت إلى تغيير أنظمة سياسية كانت قائمة، وأنشأت بدلها أنظمة ثورية، تؤمن بنظرية"الثورة المستمرة"، وتصدير أفكار ثورتها للخارج، كي تبقي مجتمعها الداخلي في أهبة الاستعداد للتضحية الدائمة من أجل الثورة وزعماء الثورة، فلم تخرج الثورة الإيرانية بزعامة " الولي الفقيه " الخميني عن القاعدة، وتم تأسيس نظام" ثيولوجي ثوري" يؤمن بنظرية "الثورة المستمرة" و "تصدير الثورة" إلى كل بلدان العالم الإسلامي ، حيث لا يوجد "حكم إسلامي" بزعامة "ولي الفقيه" على النمط الشيعي.
تشكل فكرة "الولي الفقيه" التي أتى بها (( آية الله )) مصطفى الخميني ذو الجذور الهندية، الوجه المقابل لفكرة "تصدير الثورة" و"الثورة المستمرة" التي كانت عند "تروتسكي" أحد زعماء الفكر الشيوعي في الاتحاد السوفيتي سابقا، حيث هناك من يعتقد أن ثورة الخميني قد تبنت نفس الشعار الذي رفعه "تروتسكي"، غير انه يمكن القول أن مصطلح تصدير الثورة يقدم دلالات تمويهية نوعا ما، فهو ليس من قبيل نشر الفكر الثوري كما في زمن الشيوعية أو القومية الناصرية، ولكن المصطلح في حقيقته مرادف لمصطلح " الفتح " في المفهوم الإسلامي، أي إعادة فتح بلاد الإسلام وإخضاعها (( لزوما وليس اختيارا )) لحكم الولي الفقيه ، ففي إحدى خطب الجمعة والتي يكلف بها الخطيب مباشرة من المرشد خامنئي ـ خطب (( آية الله )) مصباح يزدي ـ مرجع التقليد للرئيس نجاد ـ وهو متكئ على مدفع رشاش بجانبه، فقال إن : ( الشيعة يعتقدون أن دار الإسلام كلها يجب أن تنضوي تحت قيادة وزعامة إمام معصوم واحد... إذا كان هناك بلد إسلامي واحد يحكمه نظام الولي الفقيه، هل يجب على المسلمين الذين يعيشون في بلدان غير إسلامية إطاعة أوامره أم لا؟.. طاعة الولي الفقيه واجبة أيضا حتى على المسلمين في دول غير إسلامية، سواء بايعوا أم لم يبايعوا، لأن البيعة حسب نظرية (( ولاية الفقيه )) المطلقة لا دور لها في شرعية الولي الفقيه ) ( د. مصطفى اللباد، حدائق الأحزان، ص 133-134، نقلا عن حزب الله وسقط القناع، ص 33/34).
إن مبدأ ( تصدير الثورة من الأهداف التي يتفق عليها المحافظون في إيران وفريق كبير من الإصلاحيين، وقد صنف الباحث الإيراني حجت مرتجي ست تيارات سياسية رئيسية في إيران، أربعة منها تؤيد هدف تصدير الثورة، وهي: تيار الزعامة الدينية المحافظ، تيار رجال الدين الإصلاحي، تيار الدفاع عن القيم المحافظ، وتيار حزب الله المحافظ.. والتياران الآخران: رسالة الطالب، والعمال، لا ينفيان أهمية تصدير الثورة ولكنهما لا يجعلان له الأولوية دائما ) ( التيارات السياسية في إيران، ص 160/190).
وبناء على هذا، فتصدير الثورة أمر لا زم لنظرية "ولي الفقيه" الخمينية، ولا مناص من العمل على "إخضاع كل الدول الإسلامية وجوبا" لسلطة "الولي الفقيه" بكل الوسائل الممكنة، وبطبيعة الحال يشكل الإعلام وأجهزة الدعاية المنطلق ل (( غزو )) العقول، قبل (( غزو )) البلدان حسب منظور القائمين على النظام في إيران، حيث تفنن نظام الثورة في استغلال وسائل الإعلام الوطنية، وعمل أيضا على اختراق كثير من أجهزة الدعاية والإعلام، خاصة في الوطن العربي و البلاد الإسلامية الأخرى، لأجل التطبيع مع أفكار "الثورة الخمينية" والترويج للأطروحات العقدية والسياسية للولي الفقيه، ولبلوغ تلك الغاية يعمل الساسة الإيرانيون وعملاءهم في العالمين العربي والإسلامي على توظيف مختلف وسائل الاتصال والإعلام بجميع أنواعها المكتوبة والمرئية، من مجلات وجرائد وقنوات فضائية شيعية، بما في ذلك استئجار بعض الأقلام والكتاب الصحفيين، وكذا مراسلين في العديد من القنوات الفضائية المحسوبة على أهل السنة.
وعليه، سنحاول بيان ورصد اختراق الشيعة لوسائل الإعلام من خلال تناول ثلاث محاور
1- وسائل الإعلام المكتوبة ذات التوجه والتأثر الشيعي تتغلغل بين الأوساط السنية؛
2- القنوات الفضائية الشيعية؛
3-اختراق المنابر و القنوات الفضائية المحسوبة على أهل السنة.
وسائل الإعلام المكتوبة ذات التوجه والتأثر الشيعي تتغلغل بين الأوساط السنية
منذ نهاية الحرب العراقية – الإيرانية، وفي بداية التسعينيات من القرن الماضي انتقل نظام الحكم الملالي في إيران، إلى اعتماد أسلوب التغلغل الناعم عوض الحرب كوسيلة بديلة لتصدير"مبادئ الثورة الخمينية"، والترويج ل "المشروع الثوري الشيعي " بين الأوساط السنية في العالم العربي، وذلك عن طريق استعمال جهاز الدعاية المتعدد الأذرع، فتم إنشاء العديد من المنابر الإعلامية، والمجلات الصحفية، والدوريات الفكرية والسياسية وتركيز توجيهها لمخاطبة السنة في بلدانهم على طول العالم العربي وعرضه، فمثلا على مستوى المغرب تعد كل من ( "المنطلق الجديد"، "قضايا إسلامية معاصرة"، "المنهاج"، "البصائر"، "المحجة"، "الكلمة"، "الحياة الطيبة"، "الوعي المعاصر"، "فقه آل البيت"... غيض من فيض المجلات الفكرية المشرقية التي يعج بها السوق المغربي، تمول من قبل معاهد ومراكز أبحاث شيعية المذهب أو موالية للشيعة، ولكنها لا تنشر للشيعة فقط، على اعتبار أن العديد من الأسماء السنية تنشر بها، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، يوسف القرضاوي، محمد عمارة، أحمد كمال أبو المجد، أبو يعرب المرزوقي، خالص جلبي، أحمد صدقي الدجاني..
ولأسباب موضوعية مرتبطة بقلة المنابر الفكرية السنية، خاصة وأن المجلات الإسلامية السنية يطغى عليها الطابع الصحفي الصرف، مقارنة مع الطابع الفكري الذي يميز المنابر السالفة الذكر ويمكن أن نقارن أساسا بين تلك المنابر ومجلات مثل "الوعي الإسلامي"،" منار الإسلام"، "الفرقان".. وكلها من دول الخليج العربي.
مجرد استعراض الأسماء المشرفة على إدارة تحرير هذه المنابر يحيل على المرجعية الشيعية الصريحة، ونذكر منهم على الخصوص، عبد الجبار الرفاعي، السيد محمد الهاشمي الشاهرودي، حيدر حب الله، هاني عبد الله، الشيخ أسد الله حسني (عن فصلية المنهاج)، محمد رضا نور اللهيان المهاجر، نجف علي ميرزائي (الحياة الطيبة)، السيد جعفر الشيرازي، مرتضى معاش، عبد الله الفريجي، حيدر الجراح (النبأ)، الشيخ مهدي العطار، علي المؤمن، زينب شوربا، محسن الموسوي (المستقبلية) أو جعفر حسين، متوكل علي، حسن علي (البصائر).
بالنسبة لموضوعات هذه المجلات، فتتيمز بالتنوع والانفتاح على ملفات تجديد علم الكلام، التأويل، التعريف بفقه آل البيت، تمرير ملفات حول المشروع الشيعي العقدي والفكري (كما هو الشأن على الخصوص مع فصلية البصائر التي تروج بين المتتبعين لأطروحات شيعية متشددة).
حتى نستوعب مدى خصوبة الأرضية التي تقتات عليها هذه المجلات، مما يسهل بالتالي فعل الاختراق البطيئ والفعال، نأخذ الحالة المغربية نموذجا، حيث تواضع منتوج المنابر الإسلامية، منها مثلا مجلة "دعوة الحق" الصادرة عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وفي المقابل، نجد فصلية فكرية رصينة تحمل إسم "المنعطف" التي يشرف عليها عدة أسماء لامعة وشابة في وجدة والتي تعاني الأمرين قبل الصدور بحدود أدنى من الإمكانيات المادية، دون أن يمنعها ذلك من أن تنشر لأسماء فكرية تكاد تصنف ضمن خانة "أعلى عليين" (من طينة الفيلسوف المجدد طه عبد الرحمن، المفكر الموسوعي عبد الوهاب المسيري أو المرحوم علي عزت بيغوفيتش)، وطبيعي أن الأفق المعرفي والتنظيري لمثل هذه ((القمم المعرفية ))لا يمكن أن تستوعبه مجلة مثل "دعوة الحق"، ومعها المنابر الإسلامية الحركية.
فطبيعي، في ظل هذا الفارق الصارخ بين أفق "المنعطف" بإمكانيات جد محدودة و"دعوة الحق" بتبني رسمي من لدن الوزارة الوصية، أن تبتهج المنابر الشيعية التمويل لتبعات هذا الخلل، من أجل كسب شريحة لا يستهان بها من القراء، إسلاميين حركيين كانوا، أو باحثين متتبعين ومهتمين بطبيعة الملفات الدينية والفكرية والسياسية التي تنشر في تلك المنابر.
هذا عن الحالة المغربية، ولا يختلف الأمر كثيرا مع باقي الدول العربية ذات الأغلبية السنية، وكل هذه مقدمات ميدانية تكرس تغلغل هذه المنابر، في إطار منظور استراتيجي يندرج بصيغة أو بأخرى ضمن خانة "تصدير المعرفة الإيرانية"، بعد تواضع نتائج "تصدير الثورة الإيرانية". ( منتصر حمادة، موقع الشهاب، مقال بعنوان: التغلغل الشيعي في جسم الحركات الإسلامية).
القنوات الفضائية الشيعية تغزو الفضاء السمعي البصري السني
بعد سقوط نظام الحكم في العراق، بقيادة الشهيد صدام حسين، بواسطة الغزو الأنغلو-أمريكي لبلاد الرافدين وتواطئ الكثير من الخونة العرب والإيرانيين، وتولي قيادة وحكم العراق قوى شيعية متشددة ـ كانت إلى أمس القريب في خانة المعارضة ـ تحت إشراف سلطات الاحتلال الأمريكية، ظهرت إلى الوجود العديد من المنابر والفضائيات الإعلامية والدينية الشيعية تميز خطابها بالتحامل على كل ما هو عقائدي وتاريخي سني، ويجمع العديد من المراقبين والمتتبعين على طغيان الجانب الطائفي في تناول تلك الفضائيات لمختلف القضايا المعروضة، السياسية والعقائدية والفكرية، يروم خدمة المشروع الثوري والتوسعي الإيراني في المنطقة العربية، ويمكن حصر تلك القنوات الفضائية الشيعية التي سخرت لخدمة الأهداف الشيعية بشكل عام والأهداف الإيرانية بشكل خاص على الشكل التالي:
أهم القنوات الشيعية:
من الممكن حصر أشهر القنوات الشيعية التي تحظى بنسب مشاهدة ليست بقليلة في أوساط الشيعة العرب، في الآتي: قناة (أهل البيت الفضائية) وهي تعد من أكثر القنوات الشيعية انتشارا، ومكان بثها من كربلاء بالعراق، وهي مدعومة من (آية الله السيد هادي المدرسي)، وهو من آيات الله المعروفين في العراق، ولدى الشيعة بشكل عام، والقناة تقدم برامجها بثلاث لغات العربية، والإنجليزية، والأوردية، ويليها قناة (الأنوار، الأولى والثانية)، ومركز بثها من الكويت، على الأقمار الثلاثة الرئيسية، الأولى متخصصة في الحوارات والدراسات المذهبية، والثانية تعمل على نشر الطقوس الشيعية مثل اللطميات والأدعية والبكائيات، وكلاهما مملوك لأحد النواب الكويتيين.
وكذلك قناة (المنار) اللبنانية والمملوكة لحزب الله، وإن كانت ذات أبعاد سياسية من حيث الموضوعات والأهداف، ولكن هذا لا يمنع بثها للعديد من البرامج الدينية المذهبية بشكل مباشر.
وقناة (المعارف)، وتُبث من البحرين، وتعود ملكيتها للشيخ حبيب الكاظمي، وهو ممن لهم تواجدهم الخاص في العديد من البلدان ذات الكثافة الشيعية مثل العراق وقُم ولبنان.
والعديد من القنوات الأخرى مثل (الزهراء) وهي تبث من لندن، وعلى القمر الأوروبي (الهوت بيرد) فقط، و(الفرات) وهي تبث من العراق، وتابعة لمجلس الثورة الإسلامية بالعراق، وكذلك قناة (الكوثر) وهي قناة إيرانية ناطقة باللغة العربية، تتبع بشكل مباشر حكومة الجمهورية الإيرانية.
والملاحظة الجديرة بالذكر أن معظم تلك القنوات حديثة العهد فلم يتجاوز أقدمها، وهي قناة أهل البيت عام 2005، وأحدثها قناة (فورتين) أو الأربعة عشر -إشارة إلى الأربعة عشر معصوما، وهم الإثنا عشر إماما والنبي وفاطمة- عدة أشهر، فهذه القنوات وإن كانت الأكثر حضورا لكنها لا تشكل العد الحصري فهناك غيرها قنوات كثيرة تقف معها على ذات الأرضية (أحمد لاشين، موقع الإسلاميون: القنوات الشيعية.. "حسينيات" فضائية تشعل حمى الإعلام الطائفي).
ويبدو أن تأثير هذه القنوات في تصاعد، حيث أضحت تحظى بنسب مشاهدة ليست بالقليلة في الأوساط السنية ، وذلك لعدة عوامل، أبرزها الدعاية الممنهجة التي يقوم بها جهاز الدعاية الإيراني الرسمي على المستوى السياسي في الترويج للمشروع الشيعي عموما، والمشروع الإيراني على وجه الخصوص، عبر عرضه النظام الإيراني على انه القادر على (( التصدي )) للأطماع الأمريكية والصهيونية في المنطقة، وانه المساند الفعلي والقوي للقضية الفلسطينية، وهو نفس الأمر الذي تقوم به قناة المنار التابعة لحزب الله الشيعي في لبنان، حيث يعمل الحزب وجهازه الإعلامي جاهدا على تزيين صورة التشيع في ذهنية المتلقي السني، في سعي حثيث لاحتلال مساحات شاسعة على مستوى الفضاء الإعلامي المطروح على المستوى العربي.
غير أننا يمكن قياس نسب التأثير الذي تقوم به القنوات الفضائية الشيعية عبر( وسيلتين اثنتين: أولاهما متابعة ردة الفعل في القنوات السنية، خاصة القنوات التي تتبنى الخطاب السياسي البديل، فنلاحظ أن تلك القنوات النقيضة تمثل نقدا للخطاب الشيعي المعلن في قنواته، ويتم ذلك بكثافة متزامنة مع حمى النقد الشيعي للمذهب السني، فيتم نقد الفكر الشيعي في قضايا مثل الشفاعة والإمامة وسب الصحابة، وغيرها من الأفكار الخلافية؛ مما يعطي مساحة للمشاهد العادي أن يشتبك في الفكرة ويتقاطع معها سلبا وإيجابا، بواسطة متابعة القنوات الشيعية، والتفاعل معها بشكل أو بآخر، وهذا ينقلنا للوسيلة الثانية.
أغلب القنوات الشيعية التي تمارس أدوارا نقدية للآخر السني، تعمد إلى فتح حوارات مباشرة مع الجمهور بشكل عام، فيكون أغلب المتصلين بتلك القنوات من السنة الذين يدافعون أو يسألون، وبديهي أن يتم هذا خاصة في سياق برنامج يعرض لأفكار ضد عقيدة أو مذهبية المتصل، ولكن الكثافة تبدو ملفتة، خاصة مع قناة مثل أهل البيت، والتي تحقق نسبة مشاهدة عالية بين الشيعة، أو غيرها من القنوات، مما يشير إلى أن هذه القنوات تحقق نسبتها كذلك بين السنة) (أحمد لاشين، موقع الإسلاميون: القنوات الشيعية.. "حسينيات" فضائية تشعل حمى الإعلام الطائفي ).
قناة المنار نموذج القنوات الشيعية المكلفة بنشر عقيدة التشيع وفق منهج"المظلومية"
نقول للذين يحسنون الظن بجهاز الدعاية الشيعي ـ التابع ل "حزب الله" في لبنان ـ أن لا يكونوا ( ملوكا أكثر من الملك ) حين يقللون من الدور "التبشيري العقائدي" لقناة المنار، ويعتبرونها قناة تعبر عن وجهة نظر المقاومة ضد الكيان الصهيوني ليس إلا، نقول أنهم يغفلون عن تحول قناة المنار إلى منبر لنشر العقيدة الجعفرية، وهذا بشهادة الشيعة أنفسهم، وليس تجنيا عليهم، يقول أحد المثقفين الشيعة: ( فكرة فضائية ومحطة المنار التي يتبناها حزب الله في لبنان مثالا لمحطة أعطت الفرصة للفكر الجعفري في الانتشار والوصول للمشاهد الإسلامي الذي لم يشهد محطة يبدي فيها نظر هذا المذهب الإسلامي بحرية )، ويقول أيضا: ( التجربة اللبنانية خير دليل على أن الدور الإعلامي يمكن أن تقوم به مؤسسة إعلامية فضائية في التأثير على المجتمعات ونشر الوعي الديني ومذهب أهل البيت إلى كل بيت في العالم الإسلامي ) ( مقال: المشروع الفضائي الشيعي هل هو ضرورة؟ جمال حسين، موقع منتدى القرآن).
وتتبع المنار أسلوب (( المظلومية )) بسياق إعلامي، فتجعل حزب الله مستهدفا بالمؤامرات والتآمرات من جهات عديدة داخلية و خارجية، وتستدعي خطاب النصرة باعتبار أن المظلوم للتآمر يجب تأييده ودعمه، وتقدم قناة المنار هذا الخطاب من خلال برامج الصحافة الغربية والعربية، والتي يتم انتقاؤها بعناية شديدة لتأثيرها في تواصل التعبئة الجماهيرية داخل وخارج لبنان.
اختراق المنابر و القنوات الفضائية المحسوبة على أهل السنة
نموذج الجزيرة
منذ انطلاقة فضائية قناة الجزيرة الإخبارية المتميزة في خريف عام 1996م، وهي تلعب دورا كبيرا في كسر الاحتكار الإعلامي التي كانت تقوم به القنوات الإخبارية الغربية، مثل CNN الأمريكية و BBC البريطانية، في تغطية الأحداث والوقائع الكبرى والمصيرية التي تهم العالمين العربي والإسلامي، خاصة إبان حرب الخليج الثانية، حيث كانت تلك القنوات الغربية، عبر تغطياتها المختلفة للحرب، تقدم وجهة نظر الغرب وفق ما تمليه عليها مراكز القرار السياسي والاستراتيجي في كل من واشنطن ولندن، فصارت قناة الجزيرة، نتيجة مهنيتها العالية واحترافيتها الكبيرة، تحتل مركز الصدارة عند المشاهد العربي، والمصدر الأول للكثير من وكالات الأنباء المحلية و العالمية، خصوصا فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط، فاسترعت بذلك انتباه الكثير من الأنظمة السياسية في المنطقة، وكان من بينها نظام ملالي إيران الذي انتبه للدور المهم الذي يمكن أن تلعبه القناة في الترويج له إن هو عرف كيف يوظفها، ولو بطريقة غير مباشرة، عن طريق إحداث اختراقات، بالدفع بمهنيين شيعة آو متعاطفين معهم، من فئة المتشيعين سياسيا ، لشغل مناصب يكون لها الأثر في توجيه الرأي العام العربي والإسلامي، للتعاطف مع نبرة التشيع الفارسي المتصاعدة في السنوات العشرين الأخيرة بعد حرب الخليج الثانية وانهيار نظام صدام حسين في العراق.
يمكن الإشارة على سبيل المثال إلى وجود زمرة من المراسلين لقناة الجزيرة لا يخفى على المتتبع النبيه تشيعهم أو تعاطفهم مع التيار الشيعي، مثل "غسان بن جدو" مدير مكتب الجزيرة في لبنان ـ ومدير مكتب طهران سابقا ـ المتزوج من شيعية، وعباس ناصر ذو الهوى الشيعي، وابن الضاحية الجنوبية لبيروت ذات الأغلبية الشيعية، حيث لا تمر مناسبة إعلامية لها علاقة بقضايا شيعية، إلا ويشنفون أسماع المشاهدين بسيل من عبارات المديح على إيران وحزب الله المحسوبين على (( تيار الممانعة )) زعموا، وتنقيصا من جهات سنية محسوبة على (( تيار الاعتدال ))، وإلا فمن وجهة نظرنا فإن الجميع في المصائب سواء، الممانعة والاعتدال معا، إضافة إلى استضافة كثير من "الكتاب الصحفيين" و"المحللين السياسيين" الذين لهم مصلحة، من قريب أو من بعيد، في تلميع صورة الوجه الشيعي وترويجها عند المشاهد العربي، ناهيك عن المساحة الإعلامية الواسعة ، واللقاءات المطولة التي يحظى بها زعيم "حزب الله" حسن نصر الله على شاشة الجزيرة.
في إحدى اللقاءات الصحفية المطولة التي أجرتها قناة الجزيرة، بواسطة مدير مكتبها في بيروت غسان بن جدوا، عقب أحداث الصيف المدمر والدامي الذي تعرض له لبنان في حرب تموز 2006م قال حسن نصر الله ما يلي: ( أولا يجب أن أتقدم من جنابك ومن قناة الجزيرة؛ الإدارة والعاملين صحفيين وإداريين وكل العاملين /في هذه القناة على الدور الكبير الذي قمتم به أثناء ما سميتموه الحرب السادسة)، بهذه العبارات العاطفية والمجاملة الكبيرة بدأ زعيم "حزب الله " لقاءه الخاص مع مضيفه غسان بن جدو، الأمر الذي اضطر معه هذا الأخير (( دفعا لأي شبهة ))، كي يقول لحسن نصر الله : ( نحن سماحة السيد قمنا بواجبنا المهني والإعلامي .. لم نكن جزءا من آلة تحريضية عليكم ولكن أيضا لم نكن جزءا من ( Propaganda ) لحسابكم، نقلنا الواقع كما هو )( برنامج " لقاء خاص"، الجزيرة،12/9/2006م، الجزيرة نت).
وكما سبق الذكر، فإن حسن نصر الله يحظى بلقاءات مطولة ومنفردة في قناة الجزيرة يقدمها غالبا غسان بن جدو، الذي يحرص على إبراز مكانة زعيم حزب الله بوصفه زعيما عابرا للحدود اللبنانية، وفي إحدى لقاءاتهما الكثيرة، قال غسان بن جدو: ( السيد حسن نصر الله إذا تحدث الآن حير، وإذا صمت ايضا حير، لكنه آثر الكلام كي لا يحيرنا فنحتار، فنحن الرأي العام إذا احترنا حيرنا )( برنامج " لقاء خاص"، الجزيرة،8/5/2003م، الجزيرة نت).
أثناء حرب يوليو من عام 2006م، بثت قناة الجزيرة تقريا إخباريا لمراسلها عباس ناص قال فيه : إن القوات الإسرائيلية دخلت كل القرى السنية والمسيحية ولم تتمكن من دخول القرى الشيعية ( مفكرة الإسلام، 13/8/2006م)، وعباس ناصر شيعي قريب من حزب الله، وكان مراسلا للجزيرة في طهران، وزوجته (( فاطمة )) تعمل في قناة العالم الإيرانية، وقد انتقل ناصر في حياته الإعلامية دوما بين جهات ذات طابع شيعي من طهران إلى إذاعة البحرين وهو لا يخفي مشاعره في تقاريره ولا ينكر وجودها في حديثه، فيقول: ( الانفعالات والتحليل ووضع الخبر في سياق معين أعتقد أنها مساحة مشروعة للمراسل ) ( حوار مع موقع إسلام أن لاين، نقلا عن حزب الله وسقط القناع، ص 384).
وبعد انتهاء الحرب العسكرية وبدء الحرب السياسية، استمرت تغطية الجزيرة للشأن اللبناني متعاطفة بصورة واضحة من تيار حزب الله، ومحدثة خرقا شيعيا في الرأي العام السني المتابع للقناة، حتى أن بعض المحللين وصفها بأنها " المنار 2"، كيف لا يكون ذلك ومدير مكتبها في لبنان هو غسان بن جدو،ومراسلها الرئيسي هو عباس ناصر وهما على الوصف الذي ذكرناه سابقا؟؟ !!!.
وقد أثارت تغطية القناة لحادثة اغتيال الوزير الماروني بيير جميل ملاحظات كثيرة حول موالاتها الواضحة للحزب وحلفائه، والدلائل متعددة، ومنها:
- كان غسان بن جدو وهو المعلق الرئيس على الأحداث والضيف الدائم لعدة ساعات، وتولى (( توليف )) كلام الضيوف الآخرين بحسب توجه القناة.
- عقد رموز في كلا التيارين المعارضة والأكثرية مؤتمرات صحفية، وكانت مؤتمرات رموز المعارضة منقولة مباشرة بكاميرات الجزيرة حتى وإن كانت خارج بيروت، وأما مؤتمرات رموز الأكثرية فأغلبها نقل من قنوات أخرى ولفترات أقل وإن كانت من بيروت.
-حرصت الجزيرة في ذلك اليوم وبعده على استضافة رموز مسيحية من تيار الأكثرية بتركيز واضح لسحب (( السمة السنية ))التي تميز التيار، بينما كان رموز حزب الله أغلب من يتكلم باسم المعارضة.
- وفي إحدى حلقات برنامج (( حوار مفتوح )) تقديم: بن جدو، وكان التوقيت في بداية الاعتصامات، حرص غسان على استضافة وزيرين محاصرين داخل ( مبنى ) الحكومة، وشخصين يمثلان المعارضة من الخارج، ومع تنقل الكاميرا بينهما يصل الانطباع إلى المشاهد بأن المعارضة تحاصر الحكومة الضعيفة.
-تمتلك قناة الجزيرة مستوى عال من الحرفية والمهنية يجعلها قادرة على تمرير رسائل إعلامية كثيرة جدا دون أن يشعر المشاهد السني الذي لا يملك قدرة نقدية كافية، ولا شك أن مكانة حزب الله تعززت في أوساط الرأي العام السني منذ عملية اختطاف الجنديين ثم الحرب، للجزيرة فضل كبير في بلوغها، هذه المكانة جعلت طلال سلمان رئيس تحرير صحيفة السفير اللبنانية المؤيدة للحزب، يسأل حسن نصر الله بعد الحرب: (( هل يمكن القول: إن حزب الله الشيعي صار زعيما للعرب السنة في المعركة مع إسرائيل؟؟)) ( موقع وعد التابع لحزب الله ، 15/9/2006م).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.