قصة غزلان بنونة، مغربية تنحدر من الدارالبيضاء وتقيم في إقليم مورسيا جنوب شرق اسبانيا، تستحق أن تُروى لما فيها من مشاهد التحدي والصبر، والشكيمة القوية على الحصول على حقها، رغم تثبيط المثبطين، ومعاداة المعادين، ورغم الرياح التي كانت تواجهها. وتحمل قصة غزلان كل "التوابل والبهارات" التي تجعل منها حكاية جديرة باحترام صاحبتها، كما تصلح لنسج فيلم عن صبر وإرادة المرأة المغربية، خاصة عندما تكون أما تعرضت لأخذ طفلها من حضنها، بسبب اتهامات واهية من زوج أجنبي "ظالم"، وقانون اسباني "جامد". ذلك ما حدث لغزلان التي استطاعت، بعد مرور سنتين بالتمام والكمال، حاربت خلالها على كل الواجهات بأعصاب من فولاذ، خاصة في الجلسات الماراطونية التي كانت تحتضنها دهاليز المحاكم الاسبانية، قبل أن تحصل بالقانون نفسه على حضانة طفلها الذي أُخذ منها عنوة. حكاية غزلان انطلقت قبل سنوات لما تزوجت برجل اسباني، ما كانت تعتقد أنه سيكون احد الأسباب في مأساتها وصراعها مع العالم الذي يحيط بها، فقد رافقته على بلده حيث يقطن، ورزقا هناك بعد ست سنوات من الزواج بطفل، يبلغ اليوم السابعة من عمره. غزلان كانت تحلم بأن تعيش حياة كريمة أفضل في الديار الاسبانية، غير أنه بتوالي السنوات، وبتأثير من الأزمة الاقتصادية العالمية التي ضربت هذا البلد الأوربي، وجدت هذه المهاجرة نفسها وقد فقدت عملها، وصارت عاطلة عن العمل، فبدأت المشاكل تنهال على رأسها من كل حدب وصوب. وكانت كل المشاكل والعراقيل لتهون على غزلان، باستثناء القضية التي قالت المهاجرة المغربية إنها مفبركة من طرف زوجها، الذي تقدم لإحدى محاكم مورسية، استنادا إلى "تسجيل صوتي" قدمه للشرطة زعم من خلاله أنها تعامل طفلهما بسوء، فمنعها القضاء الإسباني من الحصول على حضانة طفلها. القاضي الاسباني لم ينتظر طويلا للبث في هذا الملف، حيث أصدر حكمه بحرمان الأم المغربية من حضانة طفلها، بناء على تسجيل صوتي زعم من خلاله زوجها أنها طلبت فيه الطلاق، وعلى تشخيص نفسي أظهر أنها كانت تعنف ابنها، فيما تنفي غزلان هذه التهم جملة وتفصيلا. وباتت غزلان ليس فقط محرومة من حضانة طفلها الصغير، بل أيضا مطرودة من بيت الأسرة، ومطالبة بدفع مبلغ 100 أورو شهريا لفائدة زوجها كتعويض على رعاية وتعليم طفلهما، وهي الأحكام التي اعتبرتها غزلان بنونة "تعسفية" وفق تعبيرها. وشكلت هذه الأحكام حافزا قويا لدى المهاجرة المغربية الشابة، حيث دفعتها إلى طرق كل الأبواب، بدءا من تنظيم احتجاجات بمدينة مورسية، وإدانة هذا الظلم عبر وسائل الإعلام المحلية، خاصة القنوات التلفزيونية والإذاعية المحلية بمورسية، وكذا بعض وسائل الإعلام المغربية. ولجأت غزلان إلى الموقع المتخصص في تقديم الشكايات "شانج.أورغ"، حيث تمكنت من جمع آلاف التوقيعات المتضامنة والداعمة لقضيتها الإنسانية والعائلية، كما توجهت الأم كذلك إلى السلطات المغربية والإسبانية طالبة مساعدتهما في استعادة حضانة ابنها. وتوجت مجهودات غزلان، ومعاركها القانونية والإعلامية الطاحنة أخيرا بأن حكمت المحكمة، أمس، بحقها في حضانة طفلها، وتبرئتها من جميع التهم الموجهة لها من قبل زوجها، حيث تنتظر وفق ما ذكرته لوكالة المغرب العربي للأنباء استعادة جواز سفره، ليسافرا سويا إلى المغرب في العطل المدرسية القادمة.