بنفس النبرات، وبالإحساس ذاته المسكون بالحزن، وبالصوت الرخيم عينه الذي كان يردد أغاني ملتزمة أغلبها ذو حمولة سياسية، تنتقد الأوضاع السياسية في البلاد وتناصر المظلومين والمقهورين، ما زال الفنان سعيد المغربي يشدو على نغمات عوده، وإن اختلفت الأزمنة وجرت مياه كثيرة تحت جسور المملكة. في ختام سلسلة "مؤانسات فكرية"، التي نظمتها مؤسسة "المشروع للفكر والتكوين" منذ بداية رمضان، عاد الفنان سعيد المغربي بجيل "سنوات الرصاص" إلى تلك "الفترة السوداء"، يوم كانت الكلمة الواحدة تكلف صاحبها غاليا، و"يوم كان طلاب الجامعات يتبعون سعيد أينما حلّ، بينما كان هو متبوعا من طرف جهات أخرى"، كما قال إدريس لشكر. في الحفل أدّى سعيد المغربي أغاني من ريبرتواره القديم، غنّاها في "زمن صعب"، كما وصف تلك المرحلة من القرن الماضي، يوم ضاقت به نفوس من تعنيهم كلماتُ أغانيه، فاضطر إلى حمل عوده قصد منفاه الاضطراري بفرنسا، حيث قضّى أربعة عشر عاما، قبل أن يفتح له الوطن أحضانه عام 94 من القرن الماضي، بعد عفو من طرف الملك الراحل الحسن الثاني. "هو واحد من مؤسسي الإبداع الفني في سبعينات القرن الماضي؛ مغنٍّ التحق بالحركات الاحتجاجية والسياسية، غنى للشعب وللعدالة الاجتماعية، وغنى ضد الظلم والاستبداد، وساهم في تأطير الشباب المغربي لسنوات، وعاش في المنفى الاضطراري أربعة عشر عاما"، يقول محمد الدريوش، رئيس مؤسسة المشروع وهو يقدم ورقة تعريفية مقتضبة للفنان سعيد المغربي. وَإن كانت حنجرته تصدح بالكلمات التي نقشها "الاستبداد" في الذاكرة، إلا أن سعيد المغربي يرى أن الوضع السياسي الحالي، مقارنة مع الأوضاع السابقة، "جد متقدم، على صعيد مجموعة من المكتسبات التي تحققت، بفضل نضالات المنظمات والشعب، ومقارنة مع ما يحدث في العالم العربي فإن المغرب أطر لنفسه مسارا أفضى لخلق توازنات أدت إلى نوع من الاستقرار السياسي والاجتماعي". وعن رأيه في الأغنية الشبابية الحالية قال الأستاذ الباحث في كلية الآداب المحمدية،إنها "تعيش زمانها؛ أحيانا يكون فيها عمق، وإن كانت تُستهلك بطريقة سريعة، وبالتالي يكون مفعولها محدود جدا، وزمنيا بشكل مقتضب جدا، ولئن كانت تنتشر بسرعة، وعلى نطاق واسع، لكن انتشارها سرعان ما يخفت".