كشف الباحث المغربي عبد الله ساعف كواليس علاقته بالمحيط الملكي خلال فترة تقلده منصب وزير التربية الوطنية إبان حكومة التناوب التوافقي، وقال إنه كان يرفض تلقي التعليمات بشأن تدبير القطاع الذي كان يشرف عليه أحد مستشاري الملك محمد السادس آنذاك. وقال ساعف، خلال مشاركته في ندوة نظمتها الجمعية المغربية للعلوم السياسية، بشراكة مع منتدى المواطنة ومجلة السياسات العمومية، اليوم الخميس بكلية الحقوق أكدال بالرباط، إنه كان يرفض "تلقي التعليمات ممن ليست له المسؤولية السياسية ولا يقدم الحساب"، حسب تعبيره، مضيفا: "المشاركة في الانتخابات والحكومة كانت عن قناعة، ومن غير المفهوم أن يملي علينا أحد ما نقوم به..لسنا طالبي مواقع حكومية، بل نحن مقتنعون بالمشاركة السياسية". وذكر الوزير السابق ذاته حادثة رفضه مشاركة موظفين في الوزارة التي كان على رأسها في إحدى فعاليات البنك الدولي بباريس، بعدما كانوا يخططون لذلك، مضيفا: "كانت هذه المسألة بالنسبة لهم طبيعية دون الرجوع إلى الوزير، ما جعلني أصدر تعليماتي بعدم المشاركة؛ في حين كان رد البنك الدولي عندما جاء رئيسه إلى المغرب قوله للملك محمد السادس إن وزارة التربية الوطنية في صيغتها الثانية لا تتعامل معه، وذلك يشكل مشكلا كبيرا". وفي تحليله للنسق السياسي المغربي، قال عبد الله ساعف إن "السلطات أصبحت شبكات مهيكلة، وأصبحت للقرار مصادر متعددة؛ كما أن مسألة المقرر الرئيسي أصبحت ذكرى، وبات من الصعب الحديث عمن يقرر في كل شيء، خاصة مع تطور وتعقد الحياة السياسية"، على حد قوله، مضيفا: "كما أن عددا من القطاعات لا تعرف تموقع القرار السياسي، ما يحتم تجاوز القراءات المبسطة". وفي السياق ذاته أورد المتحدث نفسه: "الخريطة معقدة وفيها تشتيت للسلط؛ وذلك يمليه تعقد المجتمع. كما أن القيادة الممركزة صعب تحديدها، وفيها جانب أسطوري"، مستشهدا على صحة رأيه بالرئيس الروسي إبان الحرب العالمية الثانية، "الذي كان يوصف بأنه يقود أكثر الأنظمة الفردانية، في حين كانت مجموعات تقوم بمفاوضات شاقة من أجل اتخاذ القرار، كالجيش الأحمر والمخابرات الروسية وغيرها"، حسب تعبيره.