لجنة ال24.. سانت فنسنت وجزر غرينادين: الحكم الذاتي هو الحل الوحيد لقضية الصحراء المغربية    المغرب يُسلم النسخة الثامنة لجائزة الحسن الثاني العالمية الكبرى للماء لمنظمة "فاو"    طلبة الطب يقررون اللجوء للقضاء ويتهمون ميراوي بجرهم لسنة بيضاء    أخنوش وبركة يكرمان الفاو بجائزة الحسن الثاني الكبرى للماء في إندونيسيا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    خامنئي يعلن خمسة أيام حداد في إيران على وفاة رئيسي ويكلف نائبه بمهام الرئاسة    الدرهم يتراجع ب 0,39 في المائة مقابل الأورو    ربط تطوان وطنجة بالقطار عبر المدينة الجديدة الشرافات    تواصل عملية ترقيم الأغنام والماعز الموجهة للذبح خلال عيد الأضحى    أيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني.. استعراض التجربة المغربية في تدبير التظاهرات الكبرى    وفاة الرئيس الإيراني في حادث تحطم مروحية كانت تقله    كاس الكنفدرالية الافريقية لكرة القدم: الزمالك المصري يتوج باللقب    طقس الإثنين ممطر في هذه المناطق    مع قرب الامتحانات.. ما السبب وراء ارتفاع الطلب على "الساعات الإضافية"؟    أنّك هنا… في الرباط    «ذهبنا إلى الصين .. وعدنا من المستقبل»    في لحظة استثنائية كرمت المفكر كمال عبد اللطيف: صراع التأويلات ضرورة, ومغادرة الأزمنة القديمة بوابة الحداثة    الصين: سفارة المغرب ببكين تضع رقم هاتفي رهن إشارة الجالية المغربية    العثور على جثامين رئيسي والوفد المرافق    الإعلان عن وفاة الرئيس الإيراني ووزير خارجيته والوفد المرافق لهما في تحطم مروحية (فيديو)    الحكومة تعلن الزيادة في سعر "البوطا"    من سيخلف رئيس الجمهورية في إيران بعد مصرعه في حادث مروحية؟    تصنيف المغرب فيما يسمى مؤشر التعليم العالمي.. حتى لا ننساق وراء القردة    مصرع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    "كلما طال أمد الحرب، كلما زادت عزلة إسرائيل عن أصدقائها الإقليميين وحلفائها الدوليين"- الإندبندنت    مبادرة لانقاذ السنة الجامعية الطبية.. مناظرة وطنية وأجندة للحوار واستئناف فوري للدراسة    إيران تعلن رسميا وفاة رئيسها ووزير خارجيتها وهذه أول صورة لحطام الطائرة    مؤلف "البصمة الموريسكية" يدعو إلى استثمار الأندلس في رؤية مستقبلية    حضور مميز واختتام ناجح لمهرجان 'ماطا' للفروسية في إقليم العرائش    ماكرون يرمم شعبيته في فرنسا    رغم خسارة اللقب.. منحة دسمة من "الكاف" لنهضة بركان    زياش وأمرابط قد يجتمعان في غلطة سراي الموسم المقبل    ردود أفعال متباينة حول اتفاق حمدوك مع فصيلين مسلحين على تقرير المصير وعلمانية الدولة    بغلاف مالي يقدر ب4 مليون درهم.. عامل إقليم الدريوش يتفقد مشروع مركز ذوي الاحتياجات الخاصة ببودينار    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تستعد للاستحواذ الكامل على قناة "ميدي1"    أزيد من 310 ألف شخص زاروا المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط    الملتقى الدولي محمد السادس لألعاب القوى (العصبة الماسية): العداء المغربي سفيان البقالي يفوز بسباق 3000 م موانع    الشروع في التقليص الجزئي من دعم "البوطا" غداً الإثنين    طقس الإثنين.. أمطار متفرقة ورياح قوية بهذه المناطق    بالفيديو.. أمواج بشرية تتوافد على الأبواب المفتوحة للأمن بأكادير    نهضة بركان يفشل في التتويج بكأس ال "كاف"    مانشستر سيتي يحرز لقب الدوري الإنجليزي للعام الرابع على التوالي في إنجاز غير مسبوق    برشلونة يستضيف فاليكانو لحسم وصافة الدوري    معرفة النفس الإنسانية بين الاستبطان ووسوسة الشيطان    المعرض الدولي للنشر والكتاب.. إبراز تجليات مساهمة رئاسة النيابة العامة في تعزيز جودة العدالة    شركة تسحب رقائق البطاطس الحارة بعد فاة مراهق تناوله هذا المنتج    أخبار الساحة    شبيبة الأحرار تستنكر "التشويش" على الحكومة    البطاقة البيضاء تحتفي بالإبداع السينمائي الشبابي خلال مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة    المغرب وفرنسا يعززان التعاون السينمائي باتفاق جديد    لماذا النسيان مفيد؟    كمال عبد اللطيف: التحديث والحداثة ضرورة.. و"جميع الأمور نسبية"    أطعمة غنية بالحديد تناسب الصيف    الأمثال العامية بتطوان... (602)    المغرب يسجل 35 إصابة جديدة ب"كوفيد"    السعودية تطلق هوية رقمية للقادمين بتأشيرة الحج    وزارة "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    العسري يدخل على خط حملة "تزوجني بدون صداق"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دين العقل
نشر في هسبريس يوم 11 - 12 - 2018

على غرار هوبز، أفترض «أن أي إصلاح مفتاحه الفكر الديني»، ولا يمكن إصلاح الفكر الديني دون إصلاح الفكر السياسي والبيئة السياسية الحاضنة، وحين يتم إصلاح الفكر سيقود بالضرورة إلى «إصلاح الخطاب»، فمن يقرأ الدين أو التاريخ الديني والسياسي بطريقة خاطئة، لايتوصل إلى حاضر خاطئ فحسب؛ بل إلى مستقبل خاطئ أيضاً، والقيم الإنسانية النبيلة هي هدف الفلسفات والأديان وجوهر الرسالات التي جاء بها الأنبياء.
فالدين هو دين العقل، والعقل أساس الدين، أما الاجتهاد فهو أساس العقل، والأديان تعلّم الحب وحسب الإمام جعفر الصادق «وما الدين سوى الحب»، أو حسبما ورد على لسان السيد المسيح «أحبّوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم»، وهكذا علينا الذهاب إلى الحقيقة بكل ما نملك من معرفة وعقل وروح وبهذا المعنى، فالدين ليس دين الخرافة والجهل والأنانية.
لكن الدين في وجهه الآخر، يُستخدم ذريعة للقتل والإرهاب والتسلّط من جانب الجماعات التكفيرية والإرهابية التي تستند إلى نصوص ماضوية تحاول توظيفها بما يخدم توجهاتها السياسية، ولهذا نقول إن ليس هناك فهم واحد وموحّد للدين، بل إن لكل مجموعة فكرية وثقافية ودينية «تدينّها» (طريقتها في التديّن)، حسب درجة تطوّرها وتفسيراتها الخاصة وتأويلاتها للنصوص الدينية، وهذا ما ستشمله خارطة التديّن من خلفيات متباينة، بل متناقضة، خصوصاً حين يتم ربطه بالسياسة والمصالح والإيديولوجيات. فهناك الدين الرسمي والدين الشعبي والدين السياسي والدين الاجتماعي ودين الأغنياء ودين الفقراء ودين المستغِلين ودين المستغَلين، وذلك حسب القراءات المختلفة.
وإذا كان الدين يمثّل قيماً عادلة وإنسانية، لكن سلوك بعض المتدينين والعامة من ورائهم وفهمهم الخاطئ للدين، يجعل البعض يراه «ظالماً» أو لا «إنسانياً»، بل وعنفياً وقاسياً كما تحاول بعض القراءات الغربية أن تصنّف الدين الإسلامي، باعتباره يحضّ على العنف والإرهاب، ولكن لنتأمل دعوة الأديان إلى التكافل الاجتماعي والمادي، والأخذ بيد الفقير والمريض والضعيف وإلى السلام والطمأنينة والتعايش، فحينها ندرك أن الكرامة الإنسانية والعدل هما الأساس في الدين، وليس من الدين في شيء إن امتلأت الجوامع والمساجد والكنائس والكُنس والمعابد بالمصلين أم فرغت، في الوقت الذي تزدحم فيه الشوارع بالأطفال المشردين والمتسولين وتكتظ الأحياء باليتامى والأرامل، لاسيّما تلك التي شهدت الحروب والنزاعات الأهلية، وتتفشى الأمية وينتشر المرض ويستشري الجهل على نحو مريع، ويعاني الملايين من شظف العيش وشحّ المياه الصافية للشرب ونقص الكهرباء والفقر المدقع. فأيّهما سيكون أسلم للدين؟.
لقد جرى استغلال ملايين البشر باسم الدين واستُلبت حقوقهم الأساسية، في حين أن الدين رسالة وأمانة، هدفه إنساني قبل كل اعتبار. وهكذا ترى من يشنّ «الحرب باسم الله» في الماضي والحاضر، وقد شهدت منطقتنا محاولة إخضاعها وفرض الاستتباع عليها، فيما أطلق على حروب الفرنجة مجازاً «الحروب الصليبية» وعانت أوروبا حروباً دينية وطائفية وما عُرف بحرب ال 100 عام وحرب الثلاثين عاماً والتي لم تنتهِ إلّا بإبرام صلح ويستفاليا العام 1648، واليوم فإن الحروب الناعمة أو الخشنة والتي تشن تارة باسم مكافحة الإرهاب من جانب القوى المتنفّذة وأخرى ضد الغرب «الصليبي» من جانب الجماعات التكفيرية، تبرّر استخدام جميع أنواع العنف والإرهاب، منطلقة من خلفيات التعصّب والتطرّف وعدم الاعتراف بالآخر وحقه بالاختلاف.
وهكذا تتمسك القوى «الإسلاموية» بقشور الدين وتهمل لبّه، وتستند في ذلك إلى قراءات ماضوية للنصوص الدينية التي عفا عليها الزمن متشبثة بالمظهر وتاركة الجوهر، مختزلة الدين: إلى الحلال والحرام والكفر والإيمان والحق والباطل والنجس والطاهر، وغير ذلك من الثنائيات، في حين أن جوهره يمثل قيماً إنسانية للمساواة والعدل والإخاء والسلام والتنوّع والتعددية، وحسب جلال الدين الرومي: إنك رأيت الصورة ولكنك غفلت عن المعنى.
وثمة فوارق كبيرة بين الدين، الذي هو منظومة قيمية إنسانية، وبين التديّن الذي هو ممارسات وشعائر وعادات بعضها أقرب إلى ميثولوجيات وخرافات يشترك فيها الكثير من الأديان، مثلما هناك فوارق بين القيم ومن يدعو إليها، وأحياناً يقف هو بالضد منها سرّاً أو علناً وتحت ذرائع مختلفة وطبقاً لقراءات مختلفة أيضاً، بعضها بحجة ما جاء به السلف وبعضها الآخر لحماية مصالحه، سواء كان في الحكم أم في خارجه، وأحياناً أخرى مجاملة للجمهور أو للعامة حتى وإن كان بعض الحكّام أو علماء الدين أو ما يطلق عليهم مجازاً «رجال الدين» غير مؤمنين بها، لكنهم يضطرون إلى المسايرة وعدم خدش ما استقر في الأذهان باعتباره طقوساً دينية أو من حيثيات الدين، وهي ليست كذلك.
لذلك أقول إن العلاقة مركّبة ومزدوجة ومتناقضة أحياناً بالحديث عن الإصلاح الديني، خصوصاً في ظل مفاهيم الحداثة ونقض القديم والتقليدي وغير الصالح لعصرنا، وكذلك إطلاق حرية التفكير وحرية العقل في إطار التقليل من سلطات المقدس وحسب الإمام الشافعي «رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأيك خطأ يحتمل الصواب»، بمعنى الاحتكام للعقل، ولا دين إلّا بالعقل.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.