الحوار الاجتماعي المركزي بالمغرب..    الحراك الطلابي لمساندة قطاع غزة يمتد إلى جامعات جديدة حول العالم    بعد محاولة أولى فاشلة بمقر الشرطة.. وفاة مواطن منتحرا في تزنيت إثر شكاية قضائية من زوجته    الدكتور التازي ما خرجش براءة.. تحكم ب3 سنين وها وقتاش ياخد مجلس هيئة الاطباء قرار فملفو وها اش كيقول القانون    ارتفاع حركة النقل الجوي بمطار الداخلة خلال الربع الأول من 2024    صديقي يزور مشاريع تنموية لقطاع الورد العطري بإقليم تنغير    اقتطاعات جديدة وغير معهودة تثير قلق زبائن الوكالات البنكية    صناديق الإيداع والتدبير فالمغرب وفرنسا وإيطاليا وتونس كتعزز تعاونها    صناديق الإيداع والتدبير في المغرب وفرنسا وإيطاليا وتونس تعزز تعاونها استجابة للتحديات الكبرى التي تواجه الحوض المتوسطي    المفاوضات لإقرار هدنة في قطاع غزة "تشهد تقدما ملحوظا"    بونو يقترب من تحقيق رقم تاريخي    تنظيم لحاق "الأطلس للفروسية" من 6 إلى 12 ماي الجاري بمدينة الحاجب    ندوة بطنجة تبرز التحديات المتزايدة امام مكافحة غسيل الاموال في عصر التكنلوجيا    وزير العدل طير رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية فتاونات بعد فضيحة اختلاس 350 مليون من الصندوق    مثول أكثر من 200 أستاذ موقوف عن العمل أمام المجالس التأديبية    مطالب برلمانية بالكشف عن نتائج دراسة الحكومة لآثار الساعة الإضافية    لقجع: "الوداد والرجاء والجيش أقطاب الكرة المغربية .. وعلى الأندية الأخرى كنهضة بركان الاشتغال أكثر لتلتحق بهم"    رؤى متقاطعة حول المساواة والعدالة والاستدامة خلال مهرجان "هاوس أوف بيوتيفول بيزنيس"    إجلاء قسري لمئات المهاجرين من مخيمات في العاصمة التونسية    طقس حار نسبيا اليوم السبت    انتهى الموضوع.. طبيب التجميل التازي يغادر سجن عكاشة    تطوان تحتضن ورشة تكوينية حول تسوية البنايات غير القانونية    "موج أزرق" للتشكيلي يوسف سعدون يغرق رواق محمد الدريسي بطنجة    وفد من حماس إلى القاهرة لبحث مقترح الهدنة في قطاع غزة    فقدان 157 ألف منصب شغل خلال 3 اشعر يضع وعود الحكومة على المحك    لقجع يكشف سبب إقالة خليلوزيتش قبل أشهر من انطلاق كأس العالم 2022 وتعيين الركراكي    نفي وتنديد بتزوير باسم " الأيام24″    إصابة حمد الله تزيد من متاعب اتحاد جدة السعودي    حسابات الصعود تجمع الكوكب المراكشي وسطاد المغربي في قمة نارية    بمشاركة مجموعة من الفنانين.. انطلاق الدورة الأولى لمهرجان البهجة للموسيقى    مؤجل الدورة 26.. المغرب التطواني في مواجهة قوية أمام نهضة بركان    وزيرة المالية تجري مباحثات مع أمين عام منظمة "OECD"    الصين تطلق المركبة الفضائية "تشانغ آه-6" لجمع عينات من الجانب البعيد من القمر    إلغاء الزيادات الجمركية في موريتانيا: تأثيرات متوقعة على الأسواق المغربية    هيئة حقوقية تطالب عامل إقليم الجديدة بوقف سراء سيارتين جماعيتين بقيمة 60 مليون سنتيم    تقرير أمريكي يكشف قوة العلاقات التي تجمع بين المغرب والولايات المتحدة        كيف تساعد الصين إيران في الالتفاف على العقوبات الدولية؟    إعدام أشجار يخلف استياء بالقصر الكبير    وفرة المنتجات في الأسواق تعيق طيّ "صفحة الدلاح" بإقليم طاطا    أزيلال.. افتتاح المهرجان الوطني الثالث للمسرح وفنون الشارع لإثران آيت عتاب    خبير تغذية يوصي بتناول هذا الخضار قبل النوم: فوائده مذهلة    الأمثال العامية بتطوان... (589)    بالصور والفيديو: شعلة الحراك الطلابي الأمريكي تمتد إلى جامعات حول العالم    دراسة… الأطفال المولودون بعد حمل بمساعدة طبية لا يواجهون خطر الإصابة بالسرطان    باستعراضات فنية وحضور عازفين موهوبين.. الصويرة تحتضن الدورة ال25 لمهرجان كناوة    المغرب يسجل 13 إصابة جديدة بكورونا    عكس برنامج حكومة أخنوش.. مندوبية التخطيط تكشف عن ارتفاع معدل البطالة في المغرب    ريم فكري تكشف عن معاناتها مع اغتيال زوجها والخلاف مع والديه    المغرب يفكك خلية كانت تحضر لتنفيذ اعمال إرهابية    دراسة تربط الغضب المتكرر بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب    اختتام الدورة الثانية لملتقى المعتمد الدولي للشعر    مهرجان أيت عتاب يروج للثقافة المحلية    العقائد النصرانية    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليس الموقف والرأي سواء
نشر في هسبريس يوم 02 - 07 - 2019

لا شك أن الفرق واضح تماما بين الموقف والرأي، ولا يحتاج إلى كبير عناء لإيضاح دقته حتى للأطفال والمراهقين، إذ الفرق يميل إلى الشبه مثلا بين الشخص والشخصية لدى الممثل على خشبة المسرح، فالشخصية قد تمثل رأيا معينا قابلا للنقاش والأخذ والرد، والشخص (الذاتي) يفترض أن له موقفا في جوانب ما يحيط بحياته تبعا لتوجه أو اختيار أو معتقد أو فلسفة...، والرأي يعتريه النقص غالبا، بينما الموقف يتأسس على التأني وعلى المعرفة، فيبدو مقنعاً ومطمئناً ومريحاً، وفي حالات معينة ملزماً، بل إنه يبلغ درجة الكمال حين يتصل بالروح والإيمان والمعتقد.
ولقد كان الموقف في ما مضى يرادف الإيمان حقيقة، ويعني الالتزام ويحيل إليه، وكان الرأي جزءاً من الموقف وعنوانا له، وامتداداً للإيمان بما يسكن المرء ويقلقه أو يطمئن إليه، كما أن الرأي المبني على دماثة الخلق ورجاحة العقل وحسن التأمل يجعل من صاحبه متبوئاً لمكانة الوقار ومنصة الحكمة، وقد روي عن سفيان الثوري، وقد كان عالما متزنا متواضعا، قوله: "إذا أدبرت الفتنة عرفها كل الناس، وإذا أقبلت لم يعرفها إلا الحكيم".
وهناك من يقول أن بعض التصادم من نتائج الخلط الكبير بين الموقف والرأي، كما أن من أسباب تخلفنا كثرة اختلافنا، ومرده للتعصب لأفكارنا - والمتعصب لفكرته هو صاحب موقف لا صاحب رأي، أو ربما لا يرى فرقا بينهما - فنستميت في الدفاع عن مواقفنا، ونعبر عنها كقناعات وليست كأفكار وآراء، وقد كان أولى بأصحاب المذاهب أن يتصادموا، لكن ذلك أبداً لم يحدث - ليحدث لاحقا فيما بين أتباعهم.. !-، بل أوتوا الحكمة حقيقة، إلى جانب ما عرفوا به من علم وحلم وأمانة (...) وانتبهوا إلى حسن تقدير الآخر والاعتراف بمكانته وفضله، لذلك ورد عن الإمام الشافعي قوله في أبي حنيفة: "لقد زان البلاد ومن عليها إمام المسلمين أبي حنيفة".
لكن الموقف والرأي كلاهما يظلان أيضا شاسعين شساعة الحالات والظروف، فالرأي التوجيهي الصادر عن الخبراء باختلاف التخصص والحالة والنازلة قابل بالطبع للمراجعة في حالات عديدة - حتى لا أقول في أغلب الحالات - ويظل "رأيا" حتى وإن كان أصحابه - بحكم التخصص - يرونه "موقفا" على اعتبار أنه صادر عن دراسة أو خبرة وغير ذلك، ويبقى ما يصدر عن الهيأة القضائية هو الموقف الذي يزكي ذاك الرأي أو يعدله، وهنا "الموقف".
على أن الجدل ليس هاهنا، بل حين يتسلط البعض برأيهم ليضعوه - بمنتهى البساطة - موضع الموقف بغير وجه حق، فيُفرضُ فرضاً على أنه "حكم" و "كلمة فصل"، ليدوسوا على القانون وحتى على الدستور و الحق، لذلك بات الرأي اليوم - لدى الكثيرين - أداة و"عصا" في مواقف عديدة لفرض الزور والتستر عليه، وترسيخ الظلم والانحياز إليه، بدلا عن الحق ومبادئه وقيمه وروافده أيضا !.. بينما أحيلت المرجعيات وأصول التوافق وحسن التعايش على الهامش لتعتمد "وقت الحاجة" أو تستغل ضد "قليلي الحيلة" أو "لِتُحَلَّ عَاماً وتُحَرَّمَ عَاماً"...
فإذا كان من المشين أن يعتبر البعض (وهم في الواقع قلة قليلة) الإفطار العلني في رمضان حرية شخصية، أي انعكاسا لرأي خاص ينبغي أن "يحترم"، وإذا كانت بعض السلوكات العدوانية في الشارع العام تراها فئة من الناس "سلوكا عاديا"، وإذا كان التضييق على الآخر واستفزازه وتعليل ذلك بأنه "رأي"، فما الحاجة إلى القوانين وإلى المواثيق والنظم الهادفة إلى التوافق، وإلى الاحتكام إلى منطق الحق والعدل والحكم الوسط، واللجوء إلى أساليب الزجر.. ؟
ولكم يبدو سيئا وسخيفا في آن ذلكم الاختباء والتستر وراء "التشبث بالحفاظ على التراث"، وعلى ضرورة تمجيده وتقدير قدسيته (...) بينما يتضح الفشل - كل الفشل - في إخفاء الفضائح، والأخطاء الجسيمة (بلغة رقيقة)، والتي أساءت لأوجه التراث بموازاة إساءاتها الفظيعة للتدبير القانوني والإداري المؤسسي، فبات العقوق والتمرد واضحين على الأصالة، كما أضحى الإخلال والاستخفاف بنظم ومزايا الحداثة يمثل تراجعاً عما سطرته مبادئ فصل السلط ، والمؤسسات المنبثقة عنها بشكل مؤسف إلى حد الألم أحيانا !
وتظل الصورة والواقع الحاليين الامتحان الحقيقي لمن يتهافتون ويراهنون كل من جانبه على الفوز في الانتخابات المقبلة وتحقيق التفوق فيها ببلادنا، ولم نشهد يوما منافسة قيمة شريفة حول الابتكار النزيه والبرامج الحية الجريئة، ولا حول إبراز الإبداع الخلاق في السياسة أو القضايا الاجتماعية الوطنية المتصلة بالمبادرات الاقتصادية والثقافية التنموية، كما لم نشهد قبولا طويل النفس بالرأي الآخر وارتضائه لجماليته أو لتوافقه ومصلحة الأمة والبلد.
لذلكم لا مجال لإبداء رأي مزعوم بهدف بلوغ مصالح ومنافع ذاتية ظرفية، في غياب الموقف الصريح النزيه الموافق للعلم الجيد والمعرفة الواضحة المتصلة بالاطلاع والمتابعة الصادقة والموافقة للإيمان بالواجب، ولقيم الطاعة المنزلة منها والمؤسسة على بيان الفقه بالنصوص والمصلحة العامة المشتركة.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.