تفكيك خلية إرهابية موالية ل"داعش" بكل من تطوان ومرتيل وطنجة    السيد بوريطة يتباحث ببانجول مع وزيرة الاندماج الإفريقي والشؤون الخارجية السنغالية    برقية تعزية من الملك محمد السادس إلى رئيس دولة الإمارات إثر وفاة سمو الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان    بنك المغرب…66 في المائة من أرباب المقاولات الصناعية المغاربة يعتبرون الولوج إلى التمويل "عاديا"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    المكسيك.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في البلاد    حركة حماس تقول إنها تدرس "بروح إيجابية" مقترح الهدنة في قطاع غزة    برنامج مباريات المنتخب المغربي الأولمبي بأولمبياد باريس 2024    شمس الضحى أطاع الله الفني والإنساني في مسارها التشكيلي    أوريد: العالم لن يعود كما كان قبل "طوفان الأقصى"    تركيا تعلن وقفا كاملا للتعاملات التجارية مع إسرائيل    "حرية الصحافة"..المغرب يرتقي في التصنيف والصحافة المستقلة مهددة بالانقراض بالجزائر    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    ال BCIJ يُوقف 5 عناصر موالين لداعش كانوا يُخططون لأعمال إرهابية    المرة اللولى منذ 2009.. واحد من الحزب الإسلامي المعارض كيترشح للانتخابات الرئاسية ف موريتانيا    فيديو: هاتريك أيوب الكعبي في مرمى أستون فيلا    الفرقة الجهوية دالجندارم طيحات ريزو ديال الفراقشية فمدينة سطات    زلزال جديد يضرب دولة عربية    "تقدم إيجابي" فمفاوضات الهدنة.. محادثات غزة غتستمر وحماس راجعة للقاهرة    ريم فكري تفاجئ الجمهور بأغنية "تنتقد" عائلة زوجها "المغدور"    تكريم حار للفنان نعمان لحلو في وزان    انهيار طريق سريع جنوب الصين: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 48 شخصا    الدوري الأوربي: ليفركوزن يعود بالفوز من ميدان روما وتعادل مرسيليا واتالانتا    بلاغ هام من وزارة الداخلية بخصوص الشباب المدعوين للخدمة العسكرية    ماذا قال أمين عدلي بعد فوز ليفركوزن على روما؟    هل ما يزال مكيافيلي ملهما بالنسبة للسياسيين؟    رسالة هامة من وليد الركراكي ل"أسود" الدوريات الخليجية    مناهل العتيبي: ما تفاصيل الحكم على الناشطة الحقوقية السعودية بالسجن 11 عاماً؟    عقب قرارات لجنة الأندية بالاتحاد الإفريقي.. "نهضة بركان" إلى نهائي الكونفدرالية الإفريقية    إقليم الصويرة: تسليط الضوء على التدابير الهادفة لضمان تنمية مستدامة لسلسلة شجر الأركان    مهرجان أيت عتاب يروج للثقافة المحلية    تطوان: إحالة "أبو المهالك" عل سجن الصومال    الإبقاء على مستشار وزير العدل السابق رهن الاعتقال بعد نقله إلى محكمة تطوان بسبب فضيحة "الوظيفة مقابل المال"    عمور.. مونديال 2030: وزارة السياحة معبأة من أجل استضافة الفرق والجمهور في أحسن الظروف    تفكيك مخيّم يثير حسرة طلبة أمريكيين    العقائد النصرانية    تنفيذ قانون المالية يظهر فائضا في الميزانية بلغ 16,8 مليار درهم    الأمثال العامية بتطوان... (588)    أوروبا تصدم المغرب مرة أخرى بسبب خضر غير صالحة للاستهلاك    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة    بايتاس رد على لشكر والبي جي دي: الاتفاق مع النقابات ماشي مقايضة وحنا أسسنا لمنطق جديد فالحوار الاجتماعي    المخزون المائي بسدود الشمال يناهز مليار و100 مليون متر مكعب    مجلس النواب يعقد الأربعاء المقبل جلسة عمومية لمناقشة الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة    ها التعيينات الجديدة فمناصب عليا لي دازت اليوم فمجلس الحكومة    باحثون يكتشفون آليات تحسّن فهم تشكّل الجنين البشري في أولى مراحله    بذور مقاومة للجفاف تزرع الأمل في المغرب رغم انتشارها المحدود    النفط يتراجع لليوم الرابع عالمياً        رسميا.. جامعة الكرة تتوصل بقرار "الكاف" النهائي بشأن تأهل نهضة بركان    الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    مسؤولة في يونيسكو تشيد بزليج المغرب    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" يعلن عن أسماء الفائزات والفائزين بجائزة "الشاعر محمد الجيدي" الإقليمية في الشعر    "دراسة": زيادة لياقة القلب تقلل خطر الوفاة بنحو 20 في المائة    عبد الجبّار السحيمي في كل الأيام!    دراسة: مجموع السجائر المستهلكة "يلتزم بالثبات" في إنجلترا    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الأمثال العامية بتطوان... (586)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذاكرة المقهى
نشر في هسبريس يوم 29 - 07 - 2013

الحديث عن المقهى حديث ذو شجون حقا، يثير في عواطف قديمة مدفونة في الذاكرة، وسأقتصر هنا فقط على تلك المرتبطة بالثقافة والقراءة.
لا أتذكر كم كان سني وقتها حينما كنت رفقة والدي نتسوق في السوق الداخل بطنجة، فجأة أوقفني وأشار إلى رجل يجلس بمقهى( أخمن الآن انه كان مقهى سينطرال) ثم قال لي : انظر انه "محمد شكري" يقولون عنه انه أديب عصامي، كون نفسه بنفسه، تنشر كتبه بالفرنسية والانجليزية والاسبانية قبل العربية، فرأيت رجلا منهمكا في استهلاك سيجارة، وغارقا في التأمل العميق!
كان يستعصي علي وقتها مفهوم " أديب" أو "كاتب" ومنذئذ ارتبط اسم الكاتب لدي بالسيجارة والمقهى.
لم اجبر يوما نفسي على الجلوس في مقهى ثقافي محدد، فقط كنت في فترة ما زبونا وفيا لأحد المقاهي الشعبية، استوحيت من فضائه نصا كتبته في مقهى آخر، وأسميته قصة قصيرة، وحاولت نشره في إحدى المجلات المتخصصة لكنهم اعتذروا عن نشره، وخيرا فعلوا لان نصي لم يكن ناضجا كفاية حتى يقرأه العرب من المحيط إلى الخليج!
مرت سنوات عديدة على أول مرة رأيت فيها محمد شكري، ثم قدر لي أن أحضر حفلة توقيع مجموعة 'بائعة الورد' لمحمد زفزاف، ووقتها عرضت عليه أن يطلع على احد نصوصي المبكرة، فضرب لي موعدا بمقهى "نيكريسكو" لكنني تهيبت من لقائه هناك، لأنني كنت أتصور ذلك المقهى على "قد" مقهى سينطرال الذي رأيته فيه مبكرا، لكن الفرق بين المقهيين كان شاسعا لحد الصدمة، فمقهى "نيكريسكو" كان من طراز آخر، يقدم فيه الطعام والشراب وكل شيء.. أما المقاهي التي نرتادها نحن فلا تقدم إلا الشاي المنعنع والقهوة والمشروبات الغازية..وأنا حقيقة لحد الآن لا أتقن الجلوس إلا في المقاهي الشعبية، تلك التي يجبرك فيها "القهواجي" على شرب الشاي على انه قهوة! وإياك أن تحتج، فلكل مقهى قانونه الداخلي الخاص!.
في طنجة مقاه لها تاريخ مع الكتاب والمثقفين، الذين شكلت لهم في يوم ما فضاء للقاء والنقاش وتبادل الآراء وحتى الإبداع الرصين.. فإذا كانت المقاهي تظهر في كتابة محمد شكري بشكل كثيف، فان الكاتب الأمريكي "بول بولز" الذي اختار طنجة كمستقر له وعزلة امتدت لعقود، كان يحرص على الجلوس في مقهى باريس، حينما كان يستطيع أن يشنف سمعه بهذيل اليمام الواصل إليه من الجبل الكبير، أما بعدما اكتسح العمران طنجة فقد هاله الأمر واعتزل في غرفته شبه المظلمة بعمارة" سوق البقر"..
مقهى الحافة، الذي يمكن الجالس فيه من مراقبة البوغاز ومد عينيه إلى أراضي أوربا شكل في وقت ما فضاء محبوبا للمثقفين المقيمين والعابرين لطنجة، هو مقهى غارق في شعبيته، يلبي حاجيات البوهيميين خصوصا.
لم يعد في طنجة اليوم مقهى يعكف على زيارته المثقفون، وإنما فقط أصبحت تلكم المقاهي مزارات يأتي الكتاب لتفقدها كفضاءات لكتابات قرؤوها، ولا اعرف إن كان صحيحا ما قاله لي صديق بأن الكاتب الفرنسي الشهير" ألبير كامو" كتب أجزاء من رواية "الغريب" في مقهى "مدام بورط"، الآن لم تعد تلك المقاهي إلا محطات للنميمة وتتبع مباريات كرة القدم، كرة القدم التي طغت على كل حديث وحدث!
كنت في فترة من عمري ارتاد مقهى شعبيا جدا، بحي شعبي جدا، وكنت احرص على اقتناء جريدة على الأقل كل يوم لقراءتها بذات المقهى، وبمجرد ما كنت ادخل حاملا الجريدة في يدي حتى يهرع مجموعة من الزبائن يطلبون مني صفحة من الجريدة لقراءتها، فتوزع الجريدة على الحاضرين بعدد الصفحات، وكانوا يفضلون على الخصوص الصفحة الرياضية والكلمات المتقاطعة، وأصبحت عادة القوم أن "يشندلوا" جريدتي كل صباح، كنت في أول الأمر استمتع بهذا المشهد: عدد من الناس بعدد صفحات الجريدة منهمكون في القراءة في وقت واحد، من قال إن العرب لا يقرؤون؟! ولما ضقت بهذا السلوك الذي أصبح يستفزني، اقتنيت ذات صباح جريدة باللغة الفرنسية نكاية فيهم، وما إن دخلت المقهى حتى اقبلوا كعادتهم يطلبون الصفحات لمطالعتها، لكنهم سرعان ما أعادوا لي الصفحات، والخيبة تملآ عيونهم، ولما سألت أحدهم- الذي كان شرها في قراءة الجريدة- أجابني انه ليس أحمق حتى ينفق ثمن خبزتين على جرائد لا تنشر إلا الأكاذيب! إذن ربما كنت أنا الأحمق الوحيد بذلك المقهى!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.