توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    المؤسسة السجنية العيون 2 خلدات الذكرى 16 لتأسيس المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج (صور)    أسماء المدير تُشارك في تقييم أفلام فئة "نظرة ما" بمهرجان كان    مطار الصويرة موكادور: ارتفاع بنسبة 38 في المائة في حركة النقل الجوي خلال الربع الأول من 2024    الجيش الملكي يرد على شكاية الرجاء: محاولة للتشويش وإخفاء إخفاقاته التسييرية    سكوري : المغرب استطاع بناء نموذج للحوار الاجتماعي حظي بإشادة دولية    ميارة يجري مباحثات مع رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا    إسبانيا تُطارد مغربيا متهما في جريمة قتل ضابطين بالحرس المدني    وزارة الفلاحة: عدد رؤوس المواشي المعدة للذبح خلال عيد الأضحى المقبل يبلغ 3 ملايين رأس    مشروبات تساعد في تقليل آلام المفاصل والعضلات    الزمالك المصري يتلقى ضربة قوية قبل مواجهة نهضة بركان    خمري ل"الأيام24″: الإستقلال مطالب بإيجاد صيغة جديدة للتنافس الديمقراطي بين تياراته    تحديات تواجه نستله.. لهذا تقرر سحب مياه "البيرييه" من الاسواق    أمن فاس يلقي القبض على قاتل تلميذة    بلينكن: التطبيع الإسرائيلي السعودي قرب يكتمل والرياض ربطاتو بوضع مسار واضح لإقامة دولة فلسطينية    رسميا.. عادل رمزي مدربا جديدا للمنتخب الهولندي لأقل من 18 سنة    مجلس النواب يطلق الدورة الرابعة لجائزة الصحافة البرلمانية    برواية "قناع بلون السماء".. أسير فلسطيني يظفر بجائزة البوكر العربية 2024    عملية جراحية لبرقوق بعد تعرضه لاعتداء خطير قد ينهي مستقبله الكروي    المحكمة تدين صاحب أغنية "شر كبي أتاي" بالسجن لهذه المدة    المديرية العامة للأمن الوطني تنظم ندوة حول "مكافحة الجرائم الماسة بالمجال الغابوي"    هذا هو موعد مباراة المنتخب المغربي ونظيره الجزائري    الشرطة الفرنسية تفض اعتصاما طلابيا مناصرا لفلسطين بجامعة "السوربون"    غامبيا جددات دعمها الكامل للوحدة الترابية للمغرب وأكدات أهمية المبادرة الملكية الأطلسية    الملك يهنئ بركة على "ثقة الاستقلاليين"    تحرير ما معدله 12 ألف محضر بشأن الجرائم الغابوية سنويا    "التنسيق الميداني للتعليم" يؤجل احتجاجاته    الرئاسيات الأمريكية.. ترامب يواصل تصدر استطلاعات الرأي في مواجهة بايدن    يوسف يتنحى من رئاسة حكومة اسكتلندا    الدورة السادسة من "ربيعيات أصيلة".. مشغل فني بديع لصقل المواهب والاحتكاك بألمع رواد الريشة الثقافة والإعلام    المكتب الوطني للسياحة يضع كرة القدم في قلب إستراتيجيته الترويجية لوجهة المغرب    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    الفنان الجزائري عبد القادر السيكتور.. لهذا نحن "خاوة" والناظور تغير بشكل جذري    اتفاق بين الحكومة والنقابات.. زيادة في الأجور وتخفيض الضريبة على الدخل والرفع من الحد الأدنى للأجور        أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    وزارة الفلاحة…الدورة ال 16 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب تكللت بنجاح كبير    إدارة السجن المحلي بوجدة تنفي ما نقل عن والدة سجين بخصوص وجود آثار ضرب وجرح على وجهه    فيلم أنوال…عمل سينمائي كبير نحو مصير مجهول !    المغرب التطواني يتعادل مع ضيفه يوسفية برشيد    رسمياً.. رئيس الحكومة الإسبانية يعلن عن قراره بعد توجيه اتهامات بالفساد لزوجته    غزة تسجل سقوط 34 قتيلا في يوم واحد    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الإثنين بأداء إيجابي    أسعار الذهب تتراجع اليوم الإثنين    إليسا متهمة ب"الافتراء والكذب"    رئيس ريال مدريد يهاتف مبابي عقب التتويج بالدوري الفرنسي        المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل مرحلتها الأخيرة    المنتخب المغربي يتأهل إلى نهائي البطولة العربية على حساب تونس    حكواتيون من جامع الفنا يروون التاريخ المشترك بين المغرب وبريطانيا    "عشر دقائق فقط، لو تأخرت لما تمكنت من إخباركم قصتي اليوم" مراسل بي بي سي في غزة    بعد كورونا .. جائحة جديدة تهدد العالم في المستقبل القريب    دراسة: الكرياتين يحفز الدماغ عند الحرمان من النوم    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    الأمثال العامية بتطوان... (583)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجار وسماسرة الأزمات.. لصوص بلا قلوب
نشر في هوية بريس يوم 20 - 09 - 2023

لعل أسوأ أنواع التجارة هي تجارة الأزمات، ففي المآسي هناك مستفيدون وتجار، كما هو الحال في الحروب، تظهر الفئات المستفيدة من استغلال نتائج الحروب سلبية كانت أو إيجابية، الحال ذاته في الأزمات البشرية. فقد عانت شعوب العالم من هؤلاء التجار الذين لا يختلفون في أطماعهم عن تجار السلاح، فالمهم هو تحقيق المكاسب حتى لو كان الثمن هو أرواح البشر. فبائع السلاح لا يعنيه، من سيستخدمه، ومن ستسيل دماؤه به، المهم، هو استلام المال، ويموت من يموت، وتدمر بلاد هنا أو هناك. وتجلى هذا بوضوح في الزلزال المدمر الذي ضرب المغرب. وقد زادت حدة الظاهرة في الأيام الأولى لوقوع الزلزال، وسط انشغال الجميع بجهود الإنقاذ وتقديم المساعدات وإرسال الفرق المدربة لإنقاذ الضحايا. وبينما تتضافر الجهود ويتسابق الجميع لإغاثة المتضررين من كارثة الزلزال التي وصفت بكونها الأشد منذ قرون، طفا هؤلاء على السطح كالبقع السوداء، يشوشون على المشاهد الكثيرة التي عبّرت عن تلاحم المغاربة وتآزرهم في المحنة، وعنوانهم «حقق أكبر مكسب قبل أن تنتهي الأزمة». وهؤلاء التجار المزورون لا يعنيهم شيء، سوى مصالحهم. وهم أشخاص يتقمصون ثوب العفة، ومنهم من يلبس جبة بعض جمعيات المجتمع المدني من أجل استغلال الوضع الطارئ، لتحقيق أرباح شخصية على حساب ضحايا الزلزال.
المضاربة في السلع ورفع الأسعار
وفي هذا الصدد، عرفت حملات التضامن الواسعة التي يقودها المغاربة لدعم إخوانهم ضحايا الزلزال المدمر نوعا من المضاربة في أسعار السلع والمواد التي يتم الإقبال عليها بكثرة، حيث استغل بعض المضاربين هذه الظرفية من أجل القيام بزيادات غير معلنة في السلع والمواد المطلوبة في هذه الفاجعة لجني المزيد من الأرباح على حساب جيوب المحسنين. كما ارتفع سعر طقم الحليب المكون من 6 لترات، حيث وصل إلى 68.70 درهما بعد أن كان لا يتجاوز 58 درهما. فيما تجردت مشاعر آخرين من الرحمة ونفوسهم من الإنسانية ليكدسوا تلك السلع ويحجبونها بعد أن اشتدت حاجة الناس إليها، ليخرجوها أو القليل منها بأسعار غير منطقية متأكدين أنه لا بديل أمام الناس عن الدفع رغماً عنهم، متجاهلين أنات ودعوات هؤلاء التي تخرج من قلوبهم الموجعة.
وأدان نشطاء في مواقع التواصل هرولة بعض المتاجر الكبرى إلى رفع الأسعار تزامنا مع الإقبال الكبير للمحسنين على شراء المساعدات وتوجهيها للمناطق المتضررة. وطالبوا السلطات باتخاذ إجراءات صارمة ضد المضاربين، بعد أن ارتفعت أسعار الأغطية بشكل صاروخي من قبل بعض تجار المآسي من أصحاب المحلات لبيع الأفرشة بالجملة، حيث وصل سعر الغطاء الواحد إلى 370 درهما بعد أن كان لا يتجاوز 170 درهما. وتفاجأ المحسنون والمتبرعون لضحايا الزلزال بالارتفاع الصاروخي في أثمنة البطانيات، حيث كان سعرها قبل الزلزال يوم الجمعة 170 درهم فأصبح سعرها بعد الزلزال يوم السبت 270 درهم، ومع بدء عملية جمع التبرعات قفزت إلى 370 درهم للبطانية الواحدة.
ونظرا للحاجة الكبيرة للخيام قصد إيواء الناجين وحمايتهم من قساوة الطقس بالمناطق المتضررة من الزلزال، حيث قام تجار المآسي باستغلال حاجة ضحايا الزلزال للخيام لرفع أثمنتها والمواد الأولية لصناعتها، كما ظهر وسطاء وسماسرة استغلوا ارتفاع الطلب تزامنا مع أزمة الزلزال، وأقبلوا على شراء عدد كبير من الخيام منهم كحرفيين ويعيدون بيعها بأثمنة مضاعفة تصل إلى 2000 و3000 درهم للخيمة، ناهيك عن أن شركات بيع المواد الأولية رفعت الأثمنة، حيث قررت زيادة 5 دراهم في المواد الأولية المخصصة لخياطة الخيام. كما اختار بعض سائقي الأجرة استغلال الظروف الطارئة للمواطنين في عدد من المناطق المتضررة، لتحقيق أرباح إضافية عبر الزيادة في أسعار نقل الركاب سواء بمراكش أو نواحيها بشكل مفاجئ وملحوظ.
السطو على التبرعات تحت ذريعة "تقديم يد العون"
وتحدث بعض النشطاء الذين يحظون بمتابعة الملايين على مواقع التواصل الاجتماعي، ممن يساهمون في نقل مساعدات نحو المناطق المتضررة من الزلزال، عن تعرضهم لعمليات نصب واحتيال من طرف "لصوص ومحتالين"، محذرين بذلك من "سماسرة" يسعون جاهدين لاستغلال الأزمة، والسطو على التبرعات تحت ذريعة "تقديم يد العون". وقد رصد مواطنون، مجموعة ممن وصفوا ب"تجار الأزمة" مجهزين بمختلف وسائل النقل من دراجات ثلاثية العجلات، وعربات، وحافلات. وحذر آخرون، عبر مقاطع مصورة، أن هؤلاء يَدَّعون المساعدة في حملات التبرع، ونقل المساهمات للمناطق المتضررة، غير أنهم في حقيقة الأمر يعملون على جمع التبرعات بشكل مشبوه، ويختفون دون تقديم المساعدة المزعومة. وظهرت في مقطع فيديو ناشطة على موقع "الانستغرام" تقول إن صاحب سيارة "بيكوب" سَطَا على جزء كبير من السلع التي كان من المقرر أن يوزعوها على بعض الدواوير المتضررة. وأضافت، إنها حين اتصلت بالسارق المزعوم تفاجأت بنكرانه لهم، وأنهم استعادوا بعض السلع بعد مناوشات معه.
ورصد المغاربة عددا من النداءات الوهمية لجمع التبرعات، وحذروا متابعيهم من النصب والاحتيال باسم الزلزال، ونصحوا كل وثق لأي خرق أن يتصل بالرقم الأخضر الذي تم وضعه رهن إشارة العموم للتبليغ عن تجار وسماسرة الأزمات أو التبليغ عن الضحايا المحتملين للاتجار بالبشر، بعد أن ولج حملة جمع المساعدات كل من هب ودب، داعين إلى تدخل السلطات المعنية بحزم من أجل تتبع هذه العمليات بشكل دقيق وإخضاعها إلى مراقبة خاصة للتأكد من هوية الجهات التي تقوم بها، ومعرفة الوجهة الحقيقية التي توجه إليها تلك الأطنان من المساعدات التي يتم جمعها والحسابات البنكية المفتوحة، مشيرين، إلى أن المغرب خصص صندوقا للمساهمة في مواجهة الآثار المترتبة عن الزلزال لوضع حد لاستغلال تجار الكوارث.
وكشفت مصادر مطلعة تعدد حسابات بنكية أجنبية، وبمنشورات تدعو إلى التبرع، تتضمن حسابات بنكية وأرقام الهواتف المحمولة، في مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة في "تيك توك" و"فيسبوك"، يدعو أصحابها الأجانب إلى دعم المغرب، مستغلين الهبة التضامنية مع فاجعة الزلزال. ويزعم المحتالون أنهم يجمعون الأموال للناجين من الزلزال، لكن بدلا من مساعدة المحتاجين، يعمدون إلى تحويل التبرعات المالية أو العينية، بعيدا عن المؤسسات الخيرية، إلى حساباتهم على تطبيق "بايبال"، ومحافظ العملات المشفرة التي يملكونها.
وكشفت جريدة "الصباح" أن من بين المحتالين جمعيات أجنبية، يوجد مقرها في إسبانيا وفرنسا، إضافة إلى أشخاص من جنسية مغربية يستقرون في أوربا يتلقون أموالا من متبرعين، من أفراد الجالية المغربية، بدعوى مساعدة أسر الضحايا في المغرب، وهو ما دفع في كثير من الأحيان، إلى مواجهات مع "نشطاء" يرفضون استغلال الزلزال والفاجعة للثراء، على حساب الضحايا، بل إن إحدى الناشطات على الفايسبوك هددت بتقديم شكاية بالنصب والاحتيال، لأن فتاة طلبت من متابعيها تحويل الأموال إليها، على أن تتكلف بنقلها إلى الضحايا، مشيرة إلى أن القانون المغربي ينص على أنه من الواجب على الجمعية التي تدعو إلى التبرع أن تكون حاصلة على الترخيص من الأمانة العامة للحكومة، خاصة بعد تورط "جمعويين" في شبهة فساد جمع تبرعات مالية خارج القانون، ودون موافقة السلطات، مستغلين الظروف القاهرة التي فرضها الزلزال، وهو ما يحتم على المتبرعين الاحتياط والانتباه، إلى مثل هذه الممارسات المشبوهة، التي ينشط أصحابها في ظل بروز الأزمات والمآسي.
وحذر محامون مغاربة جامعي التبرعات عبر فتح حسابات شخصية، لكون هذا الأمر يتعارض مع ما تنص عليه مقتضيات القانون رقم 18/18الصادر بتاريخ 13 دجنبر 2022 المتعلق بتنظيم عملية جمع التبرعات من العموم وتوزيع المساعدات لأغراض خيرية، والذي يجرم جمع التبرعات من العموم إلا من طرف الجمعيات المؤسسة بصفة قانونية. وأوضحوا أن القانون منح استثناء للأفراد والأشخاص الذاتيين إمكانية جميع التبرعات إذا كان الغرض منها تقديم مساعدات عاجلة في حالة الكوارث، لكنه قيده بضرورة التوفر على شروط، منها الحصول على ترخيص مسبق من قبل الإدارة، مع الإشارة لمرجع الترخيص في الإعلانات، وفتح حساب بنكي بالمغرب خاص بهذه العملية حيث تودع به لزوما جميع الأموال المحصل عليه.
ويشترط في هؤلاء انعدام السوابق القضائية بشأن جنايات أو جنح ضد أمن الدولة أو جريمة إرهابية أو جرائم الأموال والنصب والاحتيال والاتجار في البشر، أو الغدر أو الاختلاس أو التزوير، فضلا عن ضرورة إخبار العموم بحصيلة التبرعات المحصل عليها حيث يحق لكل متبرع الاطلاع على جميع التبرعات المحصل عليها، وأوجه إنفاقها في الأغراض المخصصة لها، إضافة إلى الاحتفاظ إلزاميا بجميع الوثائق والمستندات والسجلات والبيانات المالية لهذه العملية لمدة لا تقل عن خمس سنوات، إضافة إلى إخضاع التبرعات العينية لنفس الشروط الصحية المطبقة على المنتوجات والمواد الموجهة للعموم، وموافاة الإدارة بتقرير حول عملية سير التبرعات مرفق بكشف الحساب البنكي وجميع المستندات المتعلقة بأوجه توزيعها . ويعاقب القانون يكل شخص خرق هذه الشروط بغرامة من 50.000 إلى 100.000درهم عن الإخلال بالشروط المحددة، وغرامة من 100.000 إلى 500.000 درهم كل من نشر أو بث إعلانا يدعو العموم لجمع التبرعات خلافا لأحكام هذا القانون.
جلسات تصوير" فوق الأنقاض، و "سيلفيات" مع الأطفال والنساء
وحذرت مجموعة من الجمعيات الحقوقية من المتربصين بالأطفال ويتامى الزلزال، وقالت الجمعيات المنخرطة في مساعدة ضحايا الزلزال، في بلاغ مشترك وقعته أكثر من 80 جمعية وشبكة، إنه "تمت ملاحظة ممارسات خطيرة مهينة للكرامة الإنسانية ولأخلاقيات المساعدات الإنسانية، ومنافية للالتزامات المغرب في مجال حقوق الإنسان، حيث راجت عدة صور وفيديوهات لأطفال وطفلات يتامى ويتيمات وهم يتلقون المساعدات الأولية، وأخطر من ذلك صور تكاد تكون إباحية مع طفلات قاصرات".
ونبهت الجمعيات السلطات المحلية والنيابة العامة إلى الانتهاكات التي يمكن أن تطال الطفلات والأطفال في هذه الفاجعة الإنسانية التي تكتسي روح التضامن والإنسانية الجميلة لكن يمكن أن يخترقها سلوك من أشخاص غير عاديين أو "بيدوفيليين" يلتقطون صورا مع الأطفال، في الوقت الذي يجب فيه حمايتهم نفسيا وجسديا من التشهير بهم. وطالبت الجمعيات، بعدم نشر صور الأطفال على مواقع التواصل الاجتماعي، وتأطير تقديم المساعدات للأطفال اليتامى من طرف جمعيات المجتمع المدني المختصة، وضبط دينامية المساعدة من طرف السلطات المحلية من أجل حماية الساكنة المتضررة من كل المتربصين، وأخذ الحيطة والحذر من الأشخاص الذين يرغبون في كفالة الأطفال اليتامى، والتبليغ عن الصفحات التشهيرية بالأطفال في مناطق زلزال الحوز.
وركب عدد من الأشخاص المعروفين في "الويب" على الفاجعة، وتهافتوا إلى التقاط الصور فيما يشبه "جلسات تصوير" فوق الأنقاض، و "سيلفيات" مع الأطفال، مستغلين براءتهم لخلق "البوز" على حساب كرامتهم. والتي رصدتها مواقع التواصل الاجتماعي عبر مشاهد وصور ومقاطع فيديو لاستغلال الأطفال ضحايا الزلزال، أبطالها بعض ما يطلق عليهم ب "المؤثرين" من رواد «البوز» وممن وثقوا لحظات تقديمهم للمساعدات بالصوت والصورة، وذلك بهدف رفع نسب المشاهدة وكسب تعاطف المغاربة والأجانب لاستدرار العطف ولرفع نسب الأرباح من عائدات تجارة المأساة، دون أي احترام لأعراف المنطقة ولا لخصوصية الأفراد خاصة الأطفال والنساء.
مراكمة التبرعات والباحثون عن الكنوز
وأمام الهبة الشعبية والانخراط منقطع النظير في جمع التبرعات والمساعدات لفائدة منكوبي الزلزال، بدأ بعض المهتمين يثيرون المخاوف بشأن حدوث تلاعبات في المساعدات الكبيرة التي جاد بها المغاربة على إخوانهم في المناطق المتضررة، خصوصا مع تواتر النداءات التي تؤكد عدم توصل جميع القرى النائية بالمساعدات. وأوضحوا أنهم وجدوا بعض الدواوير تُراكم التبرعات على حساب مناطق تحتاج فعلا للدعم، والسبب في ذلك يرجع لنداءات يطلقها بعض "المخادعين" على مواقع التواصل الاجتماعي. وأثارت الدواوير التي ذهب ضحيتها جميع القاطنين بها "شهية" الباحثين عن الكنوز، كما أن السلطات الترابية دخلوا على الخط، لتعقب الغرباء الوافدين إلى أماكن الزلزال، حيث لوحظ أن بعض المنقبين يستغلون كارثة الزلزال للبحث عن المجوهرات والأشياء الثمينة، معززين بآليات البحث عن اكتشاف المجوهرات، من أجل استخراجها والاتجار فيها.
التصدي لتجار المآسي
ونظرا لخطورة هذه الأفعال، صدرت تعليمات إلى النيابات العامة لدى مختلف محاكم المملكة من أجل التفاعل الجدي والفوري مع البلاغات المسجلة بخصوص استيلاء بعض الأشخاص على مواد استهلاكية وسلع تموينية مقدمة في إطار المبادرات التطوعية والعمليات التضامنية مع ضحايا الزلزال. وذكر بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني أن مصالح ولاية أمن فاس كانت قد فتحت، يوم الجمعة المنصرم، بحثا معمقا على خلفية تسجيل سرقة التبرعات الكثيرة الموجهة لضحايا زلزال الحوز من داخل شاحنة .وأضاف أن الأبحاث والتحريات المنجزة في هذه القضية أسفرت عن تحديد هويات المشتبه فيهم وتوقيف أربعة من بينهم، وهم من ذوي السوابق القضائية في الجرائم الماسة بالأشخاص والممتلكات، كما أسفر التفتيش من حجز واسترجاع جميع المسروقات المتحصلة من هذا الجرم واسترجاعه كاملا مع الاحتفاظ بالمشتبه فيهم تحت تدبير الحراسة النظرية .
كما وجهت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بمراكش، والنيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بأكادير تعليماتهما، منذ صباح السبت الماضي، إلى مختلف المراكز الترابية والقضائية العاملة بسرية الحوز وضواحي المدينة الحمراء، وإلى مختلف المراكز الترابية والقضائية العاملة بسرية تارودانت وضواحيها، لتشديد المراقبة على غير القاطنين بالمناطق التي عرفت الزلزال المدمر، والراغبين في التوجه إلى المناطق الجبلية المنكوبة، تفاديا لوقوع أعمال سرقات وتنقيب عن الذهب والأموال، بمسرح المنازل المهدمة لأخذ الحيطة والحذر، لتفادي استغلال الوضعية الإنسانية الكارثية، من قبل بعض الوافدين على المناطق المتضررة، للبحث عن المجوهرات والأموال والأغراض الثمينة، بعد رواج أخبار عن توجه العديد من الباحثين عن الكنوز إلى المناطق المنكوبة معززين بآليات اكتشاف المعادن والمجوهرات الثمينة.
وفي هذا الإطار، منعت عناصر الدرك وصول بعض الزائرين للمناطق المتضررة والجماعات التي شهدت انهيارات شاملة للمباني منذ الساعات الأولى من صباح السبت الماضي، كما جرى التحقق من هويات المشتبه فيهم. كما توعدت رئاسة النيابة العامة كل من يتورط في الاستيلاء على المساعدات التضامنية مع ضحايا الزلزال، ومن ينشر الاخبار الزائفة حول الموضوع بالتطبيق الصارم للقانون.
وتفاعلت رئاسة النيابة العامة في بلاغ لها مع التقارير الإعلامية والمواد الإخبارية المنشورة في مواقع التواصل الاجتماعي حول تسجيل استيلاء بعض الأشخاص على مواد استهلاكية وسلع تموينية مقدمة في إطار المبادرات التطوعية والعمليات التضامنية مع ضحايا الزلزال، متوعدة كل من يتورط في هذه الجرائم ذات طابع التشديد. وأوضحت النيابة العامة أن هذا التشديد، يأتي أيضا حرصا منها على تحصين جميع المبادرات التضامنية والأعمال التطوعية النبيلة الموجهة لمستحقيها، وزجر كافة الجرائم التي تستهدفها.
وبمدينة سطات، ألقت عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية، القبض على سائق مركبة نفعية يشتبه في تورطه في محاولة الاستيلاء على كمية من المواد الاستهلاكية المقدمة في إطار الدعم التضامني لضحايا الزلزال. وأوضح بلاغ للأمن الوطني أن إلقاء القبض على المتهم جاء بناء على بلاغ تقدم به سائق سيارة أجرة، أوضح فيه أن المشتبه فيه عرَض عليه اقتناء مواد استهلاكية بثمن تفضيلي، وهو ما جعله يشك في مصدر وطبيعة السلع المعروضة للبيع. وقد مكنت الأبحاث والتحريات المنجزة من توقيف المشتبه فيه، وحجز السلع التي كانت مسلمة له من إحدى الجمعيات المدنية بالرباط على أساس نقلها على متن مركبته النفعية بمقابل مادي، نحو المناطق التي ضربها الزلزال. كما اعتقل بوليس تمارة سائق شاحنة ومساعده وحجز سلع وبضائع بمنطقة المرس بضواحي تمارة، كانت موجهة لضحايا الزلزال، وذلك بعد توصل مصالح الأمن الوطني ببلاغ من ناشطة جمعوية، يشير إلى قيام سائق شاحنة ومساعده بتغيير وجهة مواد استهلاكية قدّمها متطوعون لفائدة ضحايا الزلزال، وإيداعها بمحل تجاري كائن بمدينة تمارة.
ولا تزال الأبحاث التقنية والميدانية متواصلة لضبط كل من ثبت تورطه في نشر محتويات تحرض على ارتكاب جنايات وجنح ضد الأشخاص والممتلكات، كما تم وضع رقم أخضر للتبليغ عن الضحايا المحتملين للاتجار بالبشر، حيث أوقفت عناصر المصلحة الجهوية للشرطة القضائية بمدينة الرشيدية طالبا بأحد المعاهد الجامعية، للاشتباه بتورطه في نشر محتوى تحريضي يهدد فيه بارتكاب أفعال جنسية.
وأحدث نادي المحامين في المغرب خلية لرصد وتتبع المخالفات المتعلقة بضحايا الزلزال أطلقوا عليها "حماية"، بشراكة مع مؤسسة "عطاء"، تتلقى فيها الشهادات وتبليغات المواطنين المتعلقة بمحاولات "الاحتيال والتلاعب بالمساعدات وشبهة الاستغلال الجنسي للأطفال القصّر". وأكد نادي المحامين في المغرب تلقي ما يزيد عن 200 رسالة، أغلبها يتعلق بشبهات الاعتداءات الجنسية على القصّر المنشورة في وسائل التواصل الاجتماعي، وأن المبادرة بصدد إعداد تقرير حول هذه المخالفات ستقدمه إلى النيابة العامة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.