الضمان الاجتماعي الإسباني يتحاوز عتبة 21 مليون منتسب    أداء سلبي في تداولات بورصة الدار البيضاء    قفزة تاريخية للمنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة في تصنيف الفيفا    صادرات قطاع الطيران تحقق أكثر من 5.8 مليار درهم    "حماس" تواصل المفاوضات مع إسرائيل    عرض وثائقي حول الذكرى ال 50 لتأسيس منظمة التعاون الإسلامي ودور لجنة القدس برئاسة جلالة الملك    اختتام القمة ال15 لمنظمة التعاون الإسلامي باعتماد إعلان بانجول    تطوان : إطلاق طلب عروض لإنجاز منطقة الأنشطة الاقتصادية والحرفية "كويلمة"    القضاء الإداري فكازا عزل بودريقة من رئاسة المقاطعة    هذه تفاصيل موجة الحرارة المرتقبة في المغرب ابتداء من يوم غد الثلاثاء    وثائقي فريد من وزارة الثقافة والتواصل يبرز 6 ألوان فنية شعبية على ضفاف وادي درعة    بوريل يحث إسرائيل على عدم المضي في اجتياح رفح    البوليساريو كتلمح لعدم رضاها على دي ميستورا و كتبرر عدم انخراطها فالعملية السياسية بعامل الوقت    مرصد: انفراد الحكومة بصياغة قانون الإضراب وإصلاح التقاعد قد يعصف بالاتفاق الاجتماعي ويزيد من منسوب الاحتقان    اللي كيمشي لطريفة وعزيز عليه الطون والسربيسة والسينما: ها مهرجان وها الافلام المغربية المعروضة فيه    إضراب جديد يشل محاكم المملكة    ألمانيا تنتقد إغلاق إسرائيل قناة "الجزيرة"    تسجيل بقوة 2.5 درجات على سلم ريشتر بإقليم تاونات    مبادرة التنمية البشرية تمول 4174 مشروعا بأكثر من ملياري درهم بجهة طنجة    رحلة شحنة كوكايين قادمة من البرازيل تنتهي بميناء طنجة    لأول مرة.. تاعرابت يحكي قصة خلافه مع البرازيلي "كاكا"    بسبب الهلال.. لجنة الانضباط تعاقب فريق الاتحاد السعودي وحمد الله    فيلم "أبي الثاني" يحصد جل جوائز مسابقة إبداعات سينما التلميذ بالدار البيضاء    حماة المال العام: "حفظ طلبات التبليغ عن الجرائم من شأنه أن يوفر الحصانة لمتهمين متورطين في مخالفات جنائية خطيرة"    المنسق الوطني للجنة الوطنية لطلبة الطب ل"رسالة24″: لم نتلق أي دعوة رسمية من رئيس الحكومة بعد …    المغرب يحتضن الدورة 16 للبطولة الإفريقية للدراجات الجبلية    أسعار النفط العالمية تعود إلى الارتفاع    الذهب يصعد وسط توترات الشرق الأوسط وآمال خفض الفائدة في أمريكا    منيب: المجال الفلاحي بالمغرب بحاجة لمراجعة شاملة ودعم "الكسابة" الكبار غير مقبول    وفاة مدرب الأرجنتين السابق لويس مينوتي بطل مونديال 1978    تفاصيل جديدة حول عملية نقل "درب عمر" إلى مديونة    الدوري الإسباني .. النصيري يواصل تألقه    بعشرات الصواريخ.. حزب الله يستهدف قاعدة إسرائيلية في الجولان    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    الدورة الأولى من مهرجان مشرع بلقصيري للسينما    مهرجان الجونة السينمائي يفتح باب التسجيل للدورة السابعة من "منصة الجونة السينمائية"    "الثّلث الخالي" في القاعات السينمائية المغربية إبتداء من 15 ماي الجاري    دراسة: السجائر الإلكترونية قد تسبب ضررا في نمو الدماغ    المشاهد الجنسية في أفلام هوليوود تراجعات بنسبة 40% وها علاش    فيدرالية ارباب المقاهي تنفي الاتفاق على زيادة اثمان المشروبات وتشكو ارتفاع الأسعار    يهم نهضة بركان.. الزمالك المصري ينهزم قبل مباراة نهائي كأس "الكاف"    عنف المستوطنين يضيق الخناق على الفلسطينيين في الضفة الغربية، و دول غربية تتصدى بالعقوبات    باحثة: الضحك يقدر يكون وسيلة واعرة لعلاج الناس    دعوة من بيت الذاكرة لترسيخ التنوع الثقافي من أجل إشاعة قيم السلام    العفو الملكي    سيدات مجد طنجة لكرة السلة يتأهلن لنهائي كأس العرش.. وإقصاء مخيب لسيدات اتحاد طنجة    اعتصامات طلاب أمريكا...جيل أمريكي جديد مساند لفلسطين    رأي حداثي في تيار الحداثة    دراسة مواقف وسلوكيات الشعوب الأوروبية تجاه اللاجئين المسلمين التجريد الصارخ من الإنسانية    الأرشيف المستدام    دراسة حديثة تحذر المراهقين من تأثير السجائر الإلكترونية على أدمغتهم    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    جواد مبروكي: الحمل والدور الحاسم للأب    منظمة تدعو لفتح تحقيق في مصرع عامل بمعمل تصبير السمك بآسفي    الأمثال العامية بتطوان... (589)    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمير بندر عراب 'المشروع الأمريكي السعودي الجديد' في الشرق الأوسط: كسر محور إيران وتحطيم الإخوان وإفشال 'الربيع العربي'
نشر في لكم يوم 29 - 07 - 2013

- السعودية اكبر دول الخليج واكبر اقتصاد عربي واكبر مصدر نفط في العالم ترى أن دورها العربي والاقليمي قد تراجع لصالح دول خليجية اصغر مثل قطر لا تمتلك لا التاريخ ولا الوزن الذي تمتلكه السعودية ، بسبب تداعيات داخلية أهمها هرم ومرض الملك وأولياء العهد (مات اثنان منهم في حياة الملك عبدالله ) وعدد كبير من الأمراء من أبناء عبد العزيز بن سعود المباشرين الماسكين بأهم المناصب السياسية الحساسة الداخلية والخارجية . في وقت تعاني السعودية من مشاكل جدية بسبب تعاظم الحراك الداخلي المطالب بالتغيير وتحرك الشيعة في المنطقة الشرقية بسبب التهميش ، ومشاكل الفقر وفساد أعضاء العائلة المالكة المهيمنين على الاقتصاد والحياة العامة حيث تخطى عددهم ال 10000 ومطالبة الأجيال الجديدة منهم بمزيد من السلطة. ويتزامن ذلك مع وضع عربي وإقليمي بالغ التعقيد. من هنا برزت ضرورة إجراء تغييرات لضخ دماء جديدة في الهرم الحاكم .
كان استدعاء الأمير بندر بن سلطان لتولي منصب أمين عام مجلس الأمن الوطني وتلاها تعيين سلمان كولي للعهد بعد تخطي بعض الأمراء الأكبر منه عمرا ، وتنحية الأمير خالد من وزارة الدفاع بسبب فشله في قتال الحوثيين اليمنيين ، تبعها إبعاد مقرن بن عبد العزيز من رئاسة المخابرات وتعيين بندر محله في تموز 2012 وتسليمه الملف السوري رسميا بعد أن كان الملك وابنه متعب مسؤولان عنه ، حيث عين متعب وكيلا لوزير الخارجية سعود الفيصل المريض بالرعاش وشبه الخرف ( وزير خارجية من أكثر من 45 سنة) . .
من هو بندر بن سلطان
ولد عام 1949 ابنا للأمير سلطان (...) التحق بكلية سلاح الجو البريطانية في كرونول عام 1972 وتخرج منها طيارا وتدرب هناك على الطائرات المقاتلة قبل أن تتحطم طائرته أثناء هبوط تدريبي ويصاب بكسور في الظهر عام 1979 فكانت تلك نهاية حياته العسكرية ليبدأ فصلا طويلا من الحياة الدبلوماسية ، بدأها كمبعوث خاص للملك فهد في 1979 لتكوين لوبي أميركي يساند السعودية في عقد صفقة طائرات اف 15 ونجح في ذلك بفضل ذكائه وعلاقاته العامة المدعومة ماليا ولغته الانكليزية الطليقة . ثم عمل ملحقا عسكريا في واشنطن لفترة قصيرة قبل أن يعين سفيرا 1983 ولغاية 2005 حيث استقال لأسباب شخصية .
عمل بندر كسفير مع5 رؤساء أميركيين و11 وزير خارجية و10 مستشارين امن قومي... ونسج علاقة خاصة مع بوش الاب والابن حتى انه كان واحدا من العائلة ( حسب توصيف بوش الابن )... كما كان صديقا مقربا من وزير الدفاع الأسبق ديك تشيني عراب غزو العراق. ومن خلال علاقاته الراسخة البعيدة مع السي آي أي ورجال السياسة الاميركيين وحتى مع اللوبي الصهيوني ، والتي نسجها من خلال عمله في واشنطن طوال 40 سنة فانه يوصف بالأمير الذهبي لمنزلته العالية ونفوذه الكبير محليا و أميركيا ( فهو رجل أميركا في السعودية وممثل السعودية لدى الأميركيين) .
درس العلوم السياسية في جامعة جون هوبكنز ونال درجة الماجستير.. وفي أطروحته لا يخفي بندر اعتناقه لنظرية ميكافيللي (حسب ما يقول وليام سمبسون مؤلف كتاب "الأمير بندر بن سلطان ") ، ويتوقف عند وجهة النظر الأخلاقية ويبدي تقبله لفكرة أن الأعمال التي تنفذ للصالح العام لا يمكن أن تخضع للمسائلة وفقا للمقياس الأخلاقي ... وبدأ رسالته بقوله "الأمير لا يفكر قط بسوء السمعة الذي سيلحق به جراء هذه السياسة التي دونها لا يمكن أن ينقذ الدولة...فأتبّاع شيء يبدو صالحا قد يجر عليه الخراب ، وإتباع شيء آخر يبدو آثما يجلب له ( للأمير) الأمن والرخاء. وقد دلت كل مواقفه وسلوكياته انه أمير يفتقد للأخلاق السياسية وتحكمه النفعية فقط .
ومن هذا المنطلق استطاع بندر أن يفهم العقلية الأميركية البراغماتية المنفعية وان يتعايش معها وينسج مع إداراتها أفضل الصلات الشخصية التي كان لها دور في تعزيز العلاقات السعودية الأميركية . لم تخلو حياة بندر الخاصة من فضائح شخصية مثل تقديمه الرشا لمسؤولين اميركيين بحجة تبرعات خيرية مثل مساندته كلينتون ماديا لتأسيس مركز لدراسات الشرق الأوسط في جامعة اركنساس عندما كان حاكما عليها ومساندة حملات انتخاب بوش ماديا ... لكن اخطر الفضائح هي ما يتعلق بصفقة اليمامة مع بريطانيا ( 80 مليار دولار ) والتي أثبتت التحقيقات البريطانية انه استلم رشوة من الشركات بقيمة 130 مليون دولار، بضمنها طائرته الخاصة من نوع ايرباص 389 أي ... وفي معرض تعليقه على ذلك يقول "إن الفساد في العالم موجود من عهد ادم وحواء"...
عراب الحرب على العراق
وهو كما يوصف في عدة كتب تتناول سيرته معجب بالحياة الأميركية (...) ويشارك الأميركيين وجهات نظرهم تجاه سياستهم في الشرق الأوسط... وكان يرى في عراق صدام اكسر خطرا من إسرائيل فكان عراب الحرب على العراق في 1991 بعد أن اقنع الملك فهد بتلفيقات الصور الفضائية الأميركية بنية العراق غزو السعودية ... واستغل علاقته المميزة مع بوش الابن ليحفزه ويشجعه على غزو العراق عام 2003 بحجة دعم صدام الإرهاب ومساندة القاعدة... وهي الادعاءات التي لم تثبت وبدلا منها فتحت العراق لغزو القاعدة ومشتقاتها إلى بلاد الرافدين مع جحافل الغزو لتبدأ حرب التكفير والتهجير والقتل وتدمير وتقسيم العراق .. المستمرة إلى يومنا هذا ، . لذا كان إدخال بندر في الكيان السياسي السعودي هدفه إحداث تغيير لاستعادة الدور القيادي للمملكة من الباب الأميركي الذي يبرع فيه بندر.
تولي المخابرات السعودية
تولى بعد عودته إلى السعودية في 2005 الأمانة العامة لمجلس الأمن الوطني الذي يرأسه الملك ( المسؤول عن رسم السياسات الأمنية وتحديد أهدافها) وعضوا في مجلس القوات المسلحة ، لكنه اضطر إلى مغادرة المملكة لمدة سنة ونصف السنة أجرى فيها 5 عمليات جراحية ليعود إلى نفس منصبه في 2009. عينه الملك في تموز 2012 في منصب مدير وكالة المخابرات السعودية ( تقدر ميزانيتها ب 20 مليار دولار) بدلا من الأمير مقرن بن عبد العزيز ( ربما لفشله في الملف السوري ) وهو الأمر الذي يجعله الآمر الناهي في المملكة الهرمة . وذلك يجعله مسؤولا مباشرا عن تنفيذ أهداف السياسة السعودية الخارجية ومسؤولا مباشرا عن الملف العراقي –الايراني – السوري –اللبناني – الفلسطيني .
تقطيع أوصال المحور الشيعي
خطة عمل بندر تتلخص بأن على المملكة العمل على محاربة المحور الممتد من إيران الى لبنان مرورا بالعراق وسوريا ، ويرى أن سوريا هي الحلقة الأضعف في هذا المحور لأسباب جغرافية وديموغرافية ، وهكذا يجب إحكام العمل ضد سوريا لفك هذا المحور وتقطيع أوصاله . من اجل ذلك نسج بندر من وقت مبكر على التركيز على الملف السوري وملحقه اللبناني فأقام علاقات مع عبد الحليم خدام ومدير الأمن الداخلي اللبناني اشرف ريفي ومدير فرع المعلومات اللواء الحسن ( اغتيل في بيروت في 2012 مما اعتبر ضربة قوية للمخابرات السعودية ) ومع بعض السلفيين في لبنان وعشائر سورية وعراقية.
في 2005 اجتمع بند رمع عبد الحليم خدام أثناء زيارة الأخير للمملكة ، واتفق الاثنان على العمل على إسقاط النظام لان ذلك يضعف إيران ، رغم أن العلاقات السعودية السورية كانت في ذلك الوقت جيدة . ومنذ ذلك الوقت عمل على تمويل التنظيمات السلفية في لبنان وبضمنها فتح الإسلام الذي خاض معها الجيش اللبناني معارك طاحنة في نهر البارد ... وكل ذلك من اجل محاصرة خاصرة سوريا الرخوة بتنظيمات معادية ... كما ساند جماعة الحريري وحلفائهم في تحدي حزب الله ، وكان مجيئه على رأس المخابرات قد أعطى تيار المستقبل والسلفيين دعم معنوي ومادي من اجل تصعيد لهجة التحدي وكان لذلك تداعياته الواضحة على الأمن اللبناني (في 2007 كتب ميريال ميزل في مجلة (أي آي أر الاستخبارية) أن بندر وتشيني سعيا إلى تأسيس " فتح الإسلام" في مشروع متكامل لتسليح السّنة في مواجهة حزب الله والقوى الشيعية في المنطقة... والهدف احاطة المحور الإيراني السوري بمنظمات معادية بتمويل سعودي رصد له 2 مليار دولار ... كما تم دعم المجاهدين الأفغان سابقا ... وقامت حكومة الحريري بالإفراج عن العديد من أعضاء فتح الإسلام المعتقلين لهذه الغاية ) .
سرب موقع "فيلكا " الاستخباري الإسرائيلي خطة وضعها بندر مع جيفري فيلتمان سفير أميركا في لبنان حينها (عمل بعدها مساعدا لوزير الخارجية في الشرق الأوسط والآن مساعدا للامين العام للأمم المتحدة ) لإسقاط النظام السوري في 2008 (أي قبل وقت طويل من الحراك في سوريا ) باستغلال رغبة الناس بالحرية والتركيز على سلبيات النظام للصعود بالوضع من احتجاجات شعبية إلى الثورة ، وهي خطة تفصيلية تتضمن 5 جوانب رئيسية بشرية ( إعداد القاعدة البشرية للمعارضة السورية ) ، وتجنيد البلطجية والمجرمين في مناطق البلدات السورية النائية ودعمهم بعناصر من الخارج لبلبلة الأمن من خلال مهاجمة المراكز العسكرية ومخافر الشرطة والدوائر العامة وعمليات القتل والتهجير الطائفي ، وتأجيج الصراع الطائفي من خلال عمليات معينة لخلق الهوة بين الطوائف والأقليات يواكبها دعم إعلامي عربي وخارجي وإعلام داخلي بتهيئة كوادر سورية وتزويدها بمعدات الاتصال ونقل المعلومات وتأسيس مركز لإدارة عمليات الإعلام مقره الأردن بمساعدة خبراء اميركان ... والجانب السياسي للخطة تتضمن استغلال المعارضة السورية الموجودة في الخارج من العلمانيين والسلفيين والإخوان وربط تحركاتها بالعمل الميداني .
بندر يتولى الملف السوري
سعى بندر إلى تطبيق الخطة مع بعض التعديلات وفق ما يستجد . وبسبب تشويش الدور القطري على الخطة السعودية فقد عمل بندر على توظيف تأثيره الأميركي في الحد من هذا الدور بإقناع الأميركيين إن الدور القطري التركي بمسادتهم للإخوان كان سببا لصعود المتشددين وسيطرتهم على المعارضة المسلحة على مجريات الأمور في سوريا بما يهدد المصالح الأميركية ، وهي النقطة التي يستفيد منها النظام في تسويق مقاومته للإرهاب التكفيري . تزامن ذلك مع إخفاقات قطر في ليبيا ما بعد إسقاط القذافي وتأزم وضع الإخوان في مصر ، فكان أن حدث التغيير في قطر بإزاحة الأمير وسحب يد قطر وتسليم الملف السوري اللبناني من جديد إلى السعودية لتديره وفق النظرة الشمولية لها لمحاربة المحور الإيراني العراقي الذي يشكل الملف السوري اليوم عنصر المواجهة الأساسي . وقد صرح رئيس الأركان الأميركي ( ديمبسي) مؤخرا
" أن التدخل الأميركي الحاسم قد فات أوانه وأي تدخل جديد لن يحمل تغييرا حاسما في الوضع " ... وبالتالي كان لابد إزاحة قطر عن الطريق لصالح السعودية بأوامر أميركية بدأت بتسلم بندر للملف السوري وتشعباته الايرانية -العراقية- حزب الله ، ثم انكفاء تركيا على داخلها بسبب المعارضة التي يواجهها عراب الأزمة السورية اردوغان.
يستند بندر في الداخل إلى دعم سعود الفيصل له ( وذلك جزء من الصراع الملكي الداخلي حيث يسعى اولاد عمه سلمان ولي العهد لتسلم وزارة الخارجية بسبب مرض سعود ) ...وتفويض الملك شبه الغائب عن الوعي ...خاصة وان بندر سجل عدة انتصارات للخط السعودي في الفترة الخيرة ...أهمها استعادة السعودية لادراة الملف السوري اللبناني من جديد، كما تقدم ، وبمباركة وتسليم اميركي على أن تتولى السعودية الدعم المالي، بعد إبعاد قطر وتهميش الدور التركي الحليف لقطر.. ونجاحه في وضع الجناح العسكري لحزب الله في قائمة الإرهاب بعد إقناعه الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني في زيارته الأخيرة لهما للامعان في محاصرة حزب الله .. نجاح السعودية في فرض رجلها (...) احمد عاصي الجربا (من عشيرة شمر في الحسكة ) على رأس الائتلاف السوري المعارض وإفشال مرشح الإخوان وقطر، رياض الشقفة، لتبدأ الحقبة السعودية في عمل الائتلاف ... تدفق الاسلحة من جديد على المعارضة عن طريق لبنان والأردن بالأساس ... وبراغماتية بندر ولا أخلاقيته السياسية دفعته لابرام صفقة عبر وسطاء لشراء أسلحة إسرائيلية متطورة ب 50 مليون دولار لصالح المعارضة ( واغلب الظن سيتم إدخالها عبر الأردن ) .
كما يقال إن الاشتباكات بين الأكراد وجبهة النصرة وطرد الأخيرة من مناطق الحدود التركية تتم بمساعدة أميركية سعودية ( من خلال برزاني ) بهدف تحقيق مطلب غربي بان تسعى المعارضة المعتدلة على محاربة المتشددين ولخلق وضع محرج لتركيا على الحدود يحد من دعمها للإسلاميين المتشددين ، ويساعد أيضا على إقامة مناطق آمنة أو حظر طيران في المستقبل بحجة عدم وجود المعارضة المتشددة في هذه المناطق (وهو مطلب أميركي غربي أساسي ).
في تموز 2012 دبر بندر زيارة للعميد السوري المنشق مناف طلاس ، ويأتي ذلك ضن جهود تهيئة شخصيات مقبولة سوريا وأميركيا وداخليا لتولي أوضاع سوريا مستقبلا ، ولبحث التأثير على بعض الضباط الكبار لحثهم على الانشقاق .
على الصعيد السياسي أحرزت السعودية نقاط أخرى بعد إسقاط حكم الإخوان ( الأعداء التقليديون للوهابيين السعوديين ) في مصر ومسارعتها لإسناد الوضع الجديد ماديا مع الإمارات (وقد يكون للسعودية يد ولو من بعيد في أحداث ما حصل في مصر ) . والسعودية تشدد الضغوط على الأردن باستخدام العصا والجزرة مع النظام ( تحركات السلفيين المعادية للملك من جهة وحاجة الأردن إلى الأموال) لاستثمار الموقع الجغرافي الأردني المهم في عملية إسقاط النظام في سوريا رغم تداعيات ذلك السلبية على الأردن.
العراق في خطة بندر
يحتل العراق مكانة كبيرة في الخطة السعودية لمحاربة المحور الإيراني، رغم ان التركيز الحالي هو على سوريا أولا وحزب الله ، ذلك أن سقوط سوريا سيفتح الطريق إلى سقوط العراق . فالعراق بسبب تركيبته الديموغرافية وثقله الاقتصادي والدعم الغربي الأميركي الذي يتمتع به ومجاورته لإيران هو الحلقة الأصعب في المحور الذي تتوجس منه السعودية وحلفائها ، لذا فان سقوط الحلقة السورية سيساهم في تضييق جبهة المواجهة ويفتح أفاقا جديدة للتأثير على كل من إيران والعراق ومحاصرتهما في حدودهما الجغرافية بعد قص الجناح الغربي الذي كانا يطيران به .
لذا فان مضمون الخطة فيما يخص العراق حاليا هو ما يمكن أن نطلق عليه " تسخين الأوضاع " لحين سقوط النظام في سوريا الذي تتنبأ به المخابرات السعودية بعد 6 – 12 شهرا (وقد سمعنا الكثير من هذه التنبؤات الغربية والأميركية وحتى الإسرائيلية وثبت خطاها لان الوضع في سوريا مركب وشديد التعقيد بشكل يصعب وضع تنبؤات دقيقة ) . وتسخين الأوضاع بنظرنا ووفق تحليلنا للوضع الحالي في العراق يكون بإدامة وضع امني غير مستقر ومتوتر ويأخذ منحى التصاعد في خطورته بشكل يؤدي إلى فقدان ثقة المواطن بالدولة واجتزنها الأمنية ( عبر زيادة الدعم للجماعات الإرهابية والمتشددة والجماعات السلفية وهذا ما تحقق في الأشهر الثلاثة آو الأربعة الأخيرة) ، وخلق وضع سياسي مربك لحلفاء إيران في السلطة (عبر الدعم المباشر وغير المباشر لبعض التيارات والأحزاب والشخصيات الدينية ورؤساء العشائر وغيرهم ، وتأجيج الوضع الطائفي من جديد ، وتركيز الإعلام العربي الموالي على سلبيات الحكومة وتردي الوضع الأمني ....ثم الاستعداد للانتخابات النيابية القادمة التي ستسعى السعودية إلى دعم شخصيات قديمة وجديدة موالية لها ) ..
والمشكلة فيما يخص العلاقات السعودية العراقية تكمن في أن السعودية تملك الكثير من أوراق الضغط الأمنية والسياسية على العراق في حين تغيب أية ورقة بيد الحكومة العراقية سوى المناورة بالتقرب من السعودية وذلك لا يتم إلا على حساب إيران وهو مالا تسمح به الأخيرة ، لذا لا تعده السعودية خطوات التقرب هذه جدية ( حتى وان تم إعفاء المعتقلين السعوديين في العراق وإطلاق سراحهم ). فملف العلاقات بين العراق والسعودية تحكمه الايولوجيات والسياسات الإقليمية، وهي متباينة ومتعارضة في ظل الوضع الحالي، ولا يمكن تجاوزها بخطوات وسياسات قصيرة المدى. كما أن الثقة بالسياسيين العراقيين في السلطة مفقودة خاصة في ظل وجود رأي عام خليجي معارض لطائفية السلطة... والدور السعودي في العراق مرشح للتصاعد مستقبلا ، لان الملف السوري لا ينفصم عن الملف العراقي وان جرى التركيز حاليا على الملف السوري فليست سوريا هي الجائزة الكبرى بل حلقة مهمة يجب فكها لتسقط الجائزة الاكبر وهي سقوط كل المحور الإيراني وتوابعه .
حددت المخابرات السعودية فترة 6 – 12 شهرا لإسقاط النظام عسكريا واقتصاديا ( سبق ذلك كثير من تكهنات المخابرات العربية والغربية والإسرائيلية بسقوط النظام في توقيتات مختلفة أثبتت كلها فشلها في التنبؤ) .لكن تحديد هذه الفترة له دلالاته: حيث تجري جهود محمومة من اجل توحيد المعارضة وتنشيط دور الجيش الحر ودعمها بأسلحة كرواتية وإسرائيلية وأميركية لإيجاد مايسمى ( التوازن على الأرض ) وإعداد المسرح الشمالي السوري للتدخل الخارجي.. بعدها يجري إقحام حزب الله بمعارك جانبية في لبنان مع السنة المتشددين الذين يجري تسليحهم وتمويلهم من فترة ليصار نزع الصفة الرسمية عن الحزب كممثل لشريحة كبيرة من الشعب اللبناني وتحجيم دوره المساند للنظام.. وحشره في مواجهة مع إسرائيل مدعومة عربيا ومحليا وغربيا ) .
المخطط الأمريكي السعودي الجديد
وفي الوقت الذي يتم فيه تسخين ساحة العراق وإعادة ترتيب الأوضاع العربية في مصر خاصة وتونس وليبيا ومحاصرة حماس الاخوانية في غزة لصالح المخطط السعودي الأميركي الجديد: من جهة تفعيل المسار التفاوضي العربي الإسرائيلي بجهود العراب الأميركي في غياب كامل لكل القوى العربية المعارضة لسير المفاوضات بوضعها شبه الاستسلامي الجديد بانتهاز الظروف الحالية لإنهاء هذا الملف لصالح تسوية تفرض على الفلسطينيين وتراعي أهداف إسرائيل ، ومن ناحية أخرى يتم إحكام الحصار الاقتصادي والسياسي على إيران والضغط على أصدقائها الصينيين والروس للتنازل مقابل امتيازات في مناطق أخرى، وبالتنسيق مع أطراف غربية وخليجية لاختراق الساحة الإيرانية من بوابة الإصلاحيين (بعد أن جاء انتخاب روحاني مثبطا لهذه الخطة ) لإضعاف قدرة إيران وبعثرة جهودها واستنزافها اقتصاديا من خلال إجبارها على المواجهة في مسرح صراع كبير يمتد من الخليج إلى العراق فسوريا فلبنان... وان إضعاف حلفاء إيران الشيعة في العراق ولبنان وتأجيج الصراع الطائفي في المنطقة هو بند أساسي في خطة بندر التي ترمي إلى تصوير الصراع مع المحور الإيراني بأنه ليس صراع سياسي فقط وإنما بالأساس مذهبي لاستعداء الأغلبية العربية السنية ضد ذلك المحور .
هذا كله يجعلنا نتوقع أن تشهد المنطقة ومنها العراق صيفا حارا وشتاءا قد يكون أكثر حرارة لان جميع القوى المتصارعة تشعر أن الوقت بدأ يستنزفها ولا يصب في مصلحتها لذا فلا بد من الحسم السريع .
---
- المصدر: كتابات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.