كان من الفاجئات التي كشف عنها مؤتمر حزب "الأصالة والمعاصرة"، الذي اختتم مساء السبت فعالياته، بإنتخب قيادة جماعية، هي صعود صلاح الدين أبو الغالي ضمن هذا القيادة إلى جانب فاطمة الزهراء المنصوري والمهدي بنسعيد. ورغم أن الرجل لم يكن معروفا خارج أروقة الحزب، إلا أنه يعتبر من أقدم قياداته الحالية، التحق به منذ عام 2009، وهو تاريخ تأسيس "الأصالة والمعاصرة".
ويبدو أن هذا الرجل الخمسيني، هو المرشح لقيادة الحزب مستقبلا في أفق التحضير لإنتخابات 2026. وهو لا يخفي ذلك لأنه عندما سئل هل سيرشح نفسه لمنصب الأمين العام كان رده واضحا: "لا شيء مستبعد". وبالعودة إلى حوار أجراه مع مجلة "ماروك إيبدو" أسبوعا قبل إنعقاد المؤتمر، كان الرجل واضحا في الحسم بأن عبد اللطيف وهبي، الأمين العام السايق، ليس هو "رجل المرحلة"، وبأن استمراره على رأس الحزب فيه ضرر للحزب ومستقبله. وكما قدمته مجلة "ماروك إيبدو"، فهو يعرّف نفسه بأنه ممثل السياسيين الشباب الذين رافقوا عهد الملك محمد السادس. وهو أستاذ غير متفرغ للعلاقات الدولية بكلية الحقوق بالدارالبيضاء عين الشق، جامعة الحسن الثاني، حائز على الإجازة في العلوم السياسية من جامعة ماساتشوستس لويل، بوسطن، الولاياتالمتحدةالأمريكية، سنة 1999، ويرأس جماعة مديونة بالدارالبيضاء. جهة الدارالبيضاء منذ عام 2018 بعد أن كان رئيسا للمجلس الإقليمي لمديونة بين عامي 2009 و 2015. انتخب محليا عام 2009 تحت ألوان حزب الأصالة والمعاصرة، وهو نائب منذ عام 2011. وفي هذا الحوار يفصح أبو الغالي عن هدفه المتمثل في التركيز على انتخابات 2026 ، قائلا "علينا أن نفعل كل شيء لكسب دعم المغاربة لحزبنا في 2026". وقبل ذلك يقر بأن قضية إسكوبار في الصحراء والتي اعتقل على خلفيتها عضوين مهمين من الحزب، "أحدثت صدعًا خطيرًا في حزبنا. وعلينا أن نقول ذلك ونعلنه بصوت عال. نحن بحاجة إلى إعادة هيكلة حزبنا بالكامل لأن أسسنا قوية للغاية، وإذا كان علينا أن نخسر مقاعد في البرلمان أو السلطات المحلية، فليكن". وبالنسبة للقيادة الجديدة للحزب يطرح أبو الغالي تصوره لبرنامجها قائلا "ستكون مهمتها الأساسية إعادة بناء الحزب من الأعلى إلى الأسفل بعد الزلزال الذي سببته هذه القضية التي هي الآن في المحكمة والتي سيكون تأثيرها كبيرا على حزبنا". وفي نفس الحوار ، الذي يبدو أن صاحبه كان يحمل رسالة من جهة جهة مّا، تحدث بلغة واضحة وحازمة عندما قال عن وهبي "سيظل الأمين العام الحالي دائمًا عضوًا في حزبنا السياسي، وأنا أقول ببساطة إنه ليس رجل اللحظة، وإذا سعى لولاية ثانية، فإن مشروعنا وحزبنا سيصابان بالضعف الشديد.. "، قبل أن يحمل أمينه العام السابق مسؤولية هذا الضعف بالقول: "إن رد فعلنا وخاصة رد أميننا العام، مع كل الاحترام الواجب، هو الذي يضعفنا بشكل خطير. إذا أردنا أن نرتقي إلى مستوى توقعات المغاربة الذين يراقبوننا، فلنحترم ذكائهم، ولنكن صريحين، ولنعترف بمسؤوليتنا السياسية، ولنتخذ إجراءات صارمة ضد أولئك الذين يشوهون مشروعنا من خلال ارتداء ألوان حزب الأصالة والمعاصرة لارتكاب الجرائم. وإساءة استخدام الأموال العامة والإثراء بطرق غير مشروعة. دعونا نتوقف فورًا عن اعتماد المسؤولين المنتخبين الذين يخضعون لحكم من محكمة الاستئناف بتهمة إهدار الأموال العامة دون انتظار النقض.." محاربة آفة الاصولية وفي إشارات تحمل الكثير من الرسائل قال أبو الغالي في نفس الحوار إنه انضم إلى "الأصالة والمعاصرة" عام 2009، وعندما انتخب بإسم الحزب في نفس العام على رأس مجلس ولاية مديونة بضواحي الدارالبيضاء. في مساء ينفس اليوم استقبله فؤاد علي الهمة، مؤسس الحزب في منزله، وفي تلك الليلة "أدركت أن شيئًا عظيمًا كان يبرز أمام عيني"، حسب تعبيره! وسيرا على نهج قيادات الحزب الأولى، يعود أبو الغالي في حواره للتذكير بأن خصم حزبه الأساسي هم الإسلاميين، خاصة حزب "العدالة والتنمية" الذي وصفه ب "المتغطرس"، لأنه حسب قوله كان يقدم نفسه على أنه "هدية من السماء للمغاربة"، وبأنه "لولاه لإتجهت البلاد نحو المجهول"، كما كان يصرح بذلك قادته. وحسب أبو الغالي فإن الهدف من هذه التصريحات هي "جعل المغاربة يعتقدون أن شرعية الإسلاميين تكمن أولاً وقبل كل شيء في الدعم الذي يقدمونه للملكية، كما لو أن القصر يحتاج إلى وجود حزب العدالة والتنمية وجناحه الدعوي. يا لها من غطرسة!" وبحسب زعم القيادي الصاعد في حزب "الجرار"، فإن حزبهم نجح طيلة 15 سنة الماضية في "محاربة آفة أصولية كانت تسعى إلى احتكار المجال السياسي برمته، بل ووضع حد للتعددية السياسية المغربية"! وعندما سئل القيادي الجديد في حزب "الأصالة والمعاصرة" عن رأيه في الدعم المالي المباشر الذي بدأت الحكومة تصرفه للشرائح الهشة داخل المجتمع، اعتبر ذلك بأنه ليس سوى "علاقة تبادل زبائنية مع السكان المحرومين"، وواصفا إياه بأنه حالة شعبوية تحرض السكان الفقراء على التسامح مع فساد المسؤولين المنتخبين!